الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَوَابُهُ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَذْرَ الْكَافِرِ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ لَا يَلْزَمُ إذَا مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ. وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ نَذْرٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ لِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم:«أَوْفِ بِنَذْرِكَ» .
قَوْلُهُ: (نَفَعَهُ ذَلِكَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْوَلَدُ لِأَبِيهِ الْمُسْلِمِ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ يَلْحَقُهُ ثَوَابُهُ.
قَوْلُهُ: (سَقْيُ الْمَاءِ) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَقْيَ الْمَاءِ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ. وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: (فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْمَاءُ» . فَحَفَرَ بِئْرًا وَقَالَ: هَذِهِ لِأُمِّ سَعْدٍ) . وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ مِنْ الْوَلَدِ تَلْحَقُ الْوَالِدَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا بِدُونِ وَصِيَّةٍ مِنْهُمَا وَيَصِلُ إلَيْهِمَا ثَوَابُهَا. إِلِى أَنْ قَالَ: وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَجَمَاعَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لا يَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ ثَوَابَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَذَهَبَ أَحْمَدُ بن حَنْبَل وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ يَصِلُ. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الإِجْمَاعَ عَلَى وُصُولِ الدُّعَاءِ إِلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ عَنِ الْمَيِّتِ وَيَصِلَهُ ثَوَابَهَا، وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالْوَلَدِ.
بَابُ تَعْزِيَةِ الْمُصَابِ
وَثَوَابِ صَبْرِهِ وَأَمْرِهِ بِهِ وَمَا يَقُولُ لِذَلِكَ
1926-
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
1927-
وَعَنْ الْأَسْوَدِ بنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ.
1928-
وَعَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلَمٍ وَلَا مُسْلِمَةٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَذْكُرُهَا وَإِنْ قَدُمَ عَهْدُهَا فَيُحْدِثُ لِذَلِكَ اسْتِرْجَاعًا
إلَّا جَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَأَعْطَاهُ مِثْلَ أَجْرِهَا يَوْمَ أُصِيبَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
1929-
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
1930-
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ
…
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَتْ التَّعْزِيَةُ سَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.
1931-
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ مِن مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَتْ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
قَالَتْ: ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ لِي فَقُلْتُهَا، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، قَالَتْ: فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ أْجُرْنِي) قَالَ الْقَاضِي: يُقَالُ: أْجُرْنِي بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْأَفْعَالِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ: قَالُوا: هُوَ مَقْصُورٌ لَا يُمَدُّ، وَمَعْنَى أَجَرَهُ اللَّهُ: أَعْطَاهُ أَجْرَهُ وَجَزَاهُ صَبْرَهُ وَهَمَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَأَخْلِفْ لِي) قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَة وَكَسْرِ اللَّامِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ مَالٌ أَوْ وَلَدٌ أَوْ قَرِيبٌ أَوْ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُ مِثْلِهِ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك: أَيْ رَدَّ عَلَيْك مِثْلَهُ، فَإِنْ ذَهَبَ مَا لَا يُتَوَقَّعُ مِثْلُهُ بِأَنْ ذَهَبَ وَالِدٌ أَوْ عَمٌّ قِيلَ لَهُ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْك بِغَيْرِ أَلِفٍ: أَيْ كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً مِنْهُ عَلَيْك.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِقَصْرِ الْهَمْزَةِ وَمَدِّهَا، وَالْقَصْرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ.