الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ لا يُجْزِئُ غَيْرهَا. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهُمْ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ) . قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الشَّوَاهِد وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَا تَقْصُرُ عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى وُجُوبِ قُرْآنٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ كُلِّ الصَّلَوَاتِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَادَّعَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْفَاتِحَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِثُبُوتِهِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ وَإِنْصَاتِهِ إذَا سَمِعَ إمَامَهُ
896-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: هُوَ صَحِيحٌ.
897-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: «هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا» ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«فَإِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» . قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ
عَنْ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الصَّلَوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
898-
وَعَنْ عُبَادَةَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ:«إنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ إمَامِكُمْ» ؟ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْ وَاَللَّهِ، قَالَ:«لَا تَفْعَلُوا إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.
899-
وَفِي لَفْظٍ: «فَلَا تَقْرَءُوا مِنْ الْقُرْآنِ - إذَا جَهَرْت بِهِ - إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.
900-
وَعَنْ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَقْرَأَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ
الْقُرْآنِ - إذَا جَهَرْت بِالْقِرَاءَةِ - إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.
901-
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» . وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ طُرُقٍ كُلِّهَا ضِعَافٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ.
902-
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقْرَأُ خَلْفَهُ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى} فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «أَيُّكُمْ قَرَأَ» . أَوْ:
…
«أَيُّكُمْ الْقَارِئُ» ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، فَقَالَ:«لَقَدْ ظَنَنْت أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا» . مُتَّفَق عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّارِحُ: قَوْلُهُ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» . احْتَجَّ بِذَلِكَ الْقَائِلُونَ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةَ: لَا يُقْرَأُ خَلْفَ
الْإِمَامِ لَا فِي سِرِّيَّةٍ وَلَا فِي جَهْرِيَّةٍ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الْآتِي وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ إلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمُؤْتَمِّ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَهْرِيَّةِ وَالسِّرِّيَّةِ سَوَاءٌ سَمِعَ الْمُؤْتَمُّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَمْ لا. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَأَجَابُوا عَنْ أَدِلَّةِ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا عُمُومَاتٌ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ خَاصٌّ وَبِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَاجِبٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. وَهَذَا لَا مَحِيصَ عَنْهُ. وَيُؤَيِّدُهُ الْأَحَادِيثُ الْقَاضِيَةُ بِوُجُوبِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ عدتِهَا إنَّمَا تَحْصُلُ بِنَاقِلٍ صَحِيحٍ لَا بِمِثْلِ هَذِهِ الْعُمُومَاتِ الَّتِي اقْتَرَنَتْ بِمَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ:«إنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ إمَامِكُمْ» . قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْ وَاَللَّهِ، قَالَ:«لَا تَفْعَلُوا إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» . قَالَ الشَّارِحُ: قَوْلُهُ: «لَا تَفْعَلُوا» هَذَا النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِلَفْظِ: «إذَا جَهَرْت بِه» . وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ قِرَاءَةِ