الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ: «وَوَقَفْتُ هَا هُنَا» يَعْنِي عِنْدَ الصَّخَرَات وَعَرَفَةْ كُلُّهَا مَوْقف يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِيهَا وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ فِي أَيِّ جُزْءٍ كَانَ مِنْ عَرَفَاتٍ صَحَّ وُقُوفُه وَلَهَا أَرْبَعَةُ حُدُود: حَدُّ إِلَى جَادَةِ طَرِيقِ الْمَشْرِقْ. والثَّانِي: إِلَى حَافَاتِ الْجَبَلِ الَّذِي وَرَاء أَرْضِهَا. وَالثَّالِثُ: إِلَى الْبَسَاتِين الَّتِي تَلِي قَريتهَا عَلَى
يَسَارِ مُسْتَقْبِلْ الْكَعْبَةِ. وَالرَّابِعُ: وَادِي عُرْنَة وَلَيْسَتْ هِيَ وَلا نمرة مِنْ عَرَفَاتٍ وَلا مِنْ الْحرم.
قَوْلُهُ: (فَرَفَعَ يَدَيْهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَرَفَة مِن الْمَوَاطِنْ الَّتِي يُشْرَعُ فِيهَا رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاء.
بَاب الدَّفْعُ إِلَى الْمُزْدَلَفَةُ ثُمَّ مِنْهَا إِلَى مِنَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
2595-
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2596-
وَعَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَكَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: «عَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» . وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا وَهُوَ مِنْ مِنًى وَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
2597-
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَا حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
2598-
وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، فَخَالَفَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا.
2599-
لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ.
2600-
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَتْ سَوْدَةُ امْرَأَةً ضَخْمَةً ثَبِطَةً، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُفِيضَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ، فَأَذِنَ لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2601-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةِ.
2602-
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِضَعَفَةِ النَّاسِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
2603-
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (الْعَنَقُ) . بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي بَيْنَ الْإِبْطَاءِ وَالْإِسْرَاعِ.
قَوْلُهُ: (فَجْوَةً) . الْمَكَانُ الْمُتَّسَعُ. قَوْلُهُ: (نَصَّ) . أَيْ: أَسْرَعَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفِيَّةُ السَّيْرِ فِي الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مُزْدَلِفَةَ لِأَجْلِ الِاسْتِعْجَالِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُصَلَّى إلَّا مَعَ الْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ مِنْ الْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ، وَمِنْ الْإِسْرَاعِ عِنْدَ عَدَمِ الزِّحَامِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ) إلَى آخِرِهِ. هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الزِّحَامِ دُونَ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) إلَى آخِرِهِ. فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْوُقُوفِ بِهِ إلَى الْإِسْفَارِ وَالدَّفْعِ مِنْهُ