الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَغَوْتَ» . قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِ النَّهْيِ بِحَالِ الْخُطْبَةِ، وقَالَ: وَقَدْ ذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ كُلِّ كَلَامٍ حَالَ الْخُطْبَةِ الْجُمْهُورُ. قَالُوا: وَإِذَا أَرَادَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ فَلْيَجْعَلْهُ بِالْإِشَارَةِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْإِنْصَاتِ فِي الْخُطْبَة مَا إذَا انْتَهَى الْخَطِيبُ إلَى كَلَامٍ لَمْ يُشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ مِثْلِ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ مَثَلًا، بَلْ جَزَمَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ بِأَنَّ الدُّعَاءَ لِلسُّلْطَانِ مَكْرُوهٌ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَحَلُّهُ إذَا جَاوَزَ وَإِلَّا فَالدُّعَاءُ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ مَطْلُوبٌ. قَالَ الْحَافِظُ: وَمَحَلُّ التَّرْكِ إذَا لَمْ يَخَفْ الضَّرَرَ وَإِلَّا فَيُبَاحُ لِلْخَطِيبِ إذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْزِلُ مِنْ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُكَلِّمُهُ الرَّجُلُ فِي الْحَاجَةِ) . الحديث. قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِالْكَلَامِ بَعْدَ فَرَاغِ الْخَطِيبِ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْرُم وَلَا يُكْرَهُ. قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ مُسْلِمًا قَدْ رَوَى أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هِيَ مِنْ حِينِ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَجَرَّد لِلذِّكْرِ وَالتَّضَرُّع. قَالَ الشَّارِحُ: وَاَلَّذِي فِي مُسْلِمٍ إنَّهَا مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ» . وَمِمَّا يُرَجِّحُ تَرْكَ الْكَلَامِ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْإِنْصَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ كَمَا عِنْدَ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ بِلَفْظِ: فَيُنْصِت حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ. وَيُجْمَع بَيْن الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْكَلَامَ الْجَائِزَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ هُوَ كَلَامُ الْإِمَامِ لِحَاجَةٍ، أَوْ كَلَامُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ لِحَاجَةِ.
بَابُ مَا يُقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَفِي صُبْحِ يَوْمِهَا
1630-
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ إلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ {إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} . فَقُلْتُ لَهُ حِينَ انْصَرَفَ: إنَّك قَرَأْتَ سُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْكُوفَةِ، قَالَ: إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْجُمُعَةِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالنَّسَائِيُّ.
1631-
وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: وَسَأَلَهُ الضَّحَّاكُ بن قيس: مَا كَانَ
النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَثَرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.
1632-
وَعَنْ النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ: بِـ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} . قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الصَّلَاتَيْنِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ.
1633-
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ: بِـ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
1634-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ {آلم تَنْزِيلُ} ، وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} . وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
1635-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ {آلم تَنْزِيلُ} ، {وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَأَبَا دَاوُد.
1636-
لَكِنَّهُ لَهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَقْرَأَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَة فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِالْجُمُعَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمُنَافِقِينَ، أَوْ فِي الْأُولَى بِـ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} . أَوْ فِي الْأُولَى بِالْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} .
قَوْلُهُ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ {آلم تَنْزِيلُ} . وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا مَشْرُوعِيَّة قِرَاءَةِ تَنْزِيلِ السَّجْدَةِ وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان} .