الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَحْوه أَوْ عَنْ مَيِّتٍ وَهُمَا مُعْسِرَانِ تَوَجَّهَ جَوَازُهُ لأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمُمَاثَلَةِ مِنَ
الْمَالِ. وَحَكَى الْقَاضِي فِي صَوْمِ النَّذْرِ فِي حَيَاةِ النَّاذِرِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ نَذْرٍ أَجْزَأَ عَنْهُ بِلا كَفَّارَة. انْتَهَى.
بَابُ صَوْمُ النَّذْرِ عَنْ الْمَيِّتِ
2198-
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ فَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ أَكَانَ يُؤَدَّى ذَلِكَ عَنْهَا» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ» . أَخْرَجَاهُ.
2199-
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتْ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ إنْ اللَّهُ نَجَّاهَا أَنْ تَصُومَ شَهْرًا، فَأَنْجَاهَا اللَّهُ فَلَمْ تَصُمْ حَتَّى مَاتَتْ، فَجَاءَتْ قَرَابَةٌ لَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ، فَقَالَ:«صُومِي عَنْهَا» . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
2200-
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2201-
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ: «وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ» . قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «صُومِي عَنْهَا» . قَالَتْ: إنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «حُجِّي عَنْهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
2202-
وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ: صَوْمُ شَهْرَيْنِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ» . هَذِهِ الصِّيغَةُ عَامَّةٌ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ، وَقَوْلُهُ:«صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» . خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ تَقْدِيرُهُ فَلْيَصُمْ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَصُومُ الْوَلِيُّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، أَيُّ صَوْمٍ كَانَ. وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَنَقَلَ
الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ صَحَّ، وَبِهِ قَالَ الصَّادِقُ وَالنَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ: هَذِهِ السُّنَّةُ ثَابِتَةٌ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهَا، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ صَوْمَ الْوَلِيِّ عَنْ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ إلَى أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا، وَبِهِ قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: إنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْهُ إلَّا النَّذْرُ.