الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي
بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى إذَا صَعِدْنَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (تَدُورُ بِهِ إزَارُهُ) . فِي لَفْظٍ آخَرَ: (وَإِنَّ مِئْزَرَهُ لَيَدُورُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ) . وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِهِ، يَرْجِعُ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَيْ: تَدُورُ إزَارُهُ بِرُكْبَتَيْهِ.
قَوْلُهُ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» . اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ السَّعْيَ فَرْضٌ وَهُمْ الْجُمْهُورُ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْعُمْدَةُ فِي الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» .
وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي النَّاسِي خِلَافَ الْعَامِدِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ وَعَنْهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ لَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ شَيْءٌ وَبِهِ قَالَ أَنَسٌ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَاختلف عَنْ أَحْمَدَ كَهَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ أَغْرَبَ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ: قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَجَّ وَلَمْ يَطُفْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنَّ حَجَّهُ قَدْ تَمَّ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ صَاحِبُ الْفَتْحِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ رُكْنٌ لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَلَا يَتِمُّ الْحَجُّ بِدُونِهِ وَأَغْرَبَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَحَكَى أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحَجِّ وَأَغْرَبَ أَيْضًا الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ فَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى الْوُجُوبِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنْ ثَبَتَ يَعْنِي: حَدِيثَ حَبِيبَةَ فَهُوَ حُجَّةٌ فِي الْوُجُوبِ.
قُلْت: وَأَظْهَرُ مِنْ هَذَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوُجُوبِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: «مَا
…
أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلَا عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» .
قَوْلُهُ: (فَعَلَا عَلَيْهِ) . اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ صُعُودَ الصَّفَا وَاجِبٌ وَهُوَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْوَكِيلِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
فَقَالُوا: هُوَ سُنَّةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم بَيَانٌ لِمُجْمَلٍ وَاجِبٍ قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو مَا شَاءَ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْحَمْدِ وَالدُّعَاءِ عَلَى الصَّفَا قَوْلُهُ:
…
(طَافَ وَسَعَى رَمَلَ ثَلَاثًا) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمُلَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ وَيَمْشِيَ فِي الْبَاقِي قَوْلُهُ: وَاتَّخِذُوا الْآيَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ إحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشَّعَائِرُ أَعْمَالُ الْحَجِّ وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: «فَابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» . بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ أَبْدَأُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَابْنُ الْجَارُودِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا نَبْدَأُ بِالنُّونِ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيِّ: مَخْرَجُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ وَقَدْ اجْتَمَعَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَلَى رِوَايَةِ نَبْدَأُ بِالنُّونِ الَّتِي لِلْجَمْعِ قَالَ الْحَافِظُ: وَهُمْ أَحْفَظُ مِنْ الْبَاقِينَ وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالصَّفَا وَالْخَتْمَ بِالْمَرْوَةِ شَرْطٌ. وَقَالَ عَطَاءُ: يُجْزِئُ الْجَاهِلَ الْعَكْسُ وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ شَوْطٌ وَمِنْهَا إلَيْهِ شَوْطٌ آخَرُ وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ وَابْنُ خَيْرَانَ وَابْنُ جَرِيرٍ: بَلْ مِنْ الصَّفَا إلَى الصَّفَا شَوْطٌ وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَرَغَ مِنْ آخِرِ سَعْيِهِ بِالْمَرْوَةِ. قَوْلُهُ: لَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ إلَى آخِرِهِ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ الدُّنُوِّ مِنْ الصَّفَا وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صُعُودُ الصَّفَا وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالتَّوْحِيدُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَتَكْرِيرُ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ بَيْنَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يُكَرِّرُ الذِّكْرَ ثَلَاثًا وَالدُّعَاءَ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: (
وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ) مَعْنَاهُ هَزَمَهُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَلَا سَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِمْ وَالْمُرَادُ بِالْأَحْزَابِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَكَانَ الْخَنْدَقُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ
قَوْلُهُ: (حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي) . قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِي الْمُوَطَّأِ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ. قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ السَّعْيِ فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى يَصْعَدَ ثُمَّ يَمْشِيَ بَاقِيَ الْمَسَافَةِ إلَى الْمَرْوَةِ عَلَى عَادَةِ مَشْيِهِ، وَهَذَا السَّعْيُ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الْمَرَّاتِ السَّبْعِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْمَشْيُ مُسْتَحَبٌّ فِيمَا قَبْلَ الْوَادِي وَبَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عَلَيْهَا مَا يُسْتَحَبُّ عَلَى الصَّفَا مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصُّعُودِ.
بَابُ النَّهْيِ عَنْ التَّحَلُّلِ بَعْدَ السَّعْيِ إلَّا لِلمُتَمَتُّعِ إذَا لَمْ يَسُقْ هَدْيًا
وَبَيَانِ مَتَى يَتَوَجَّهُ الْمُتَمَتِّعُ إلَى مِنًى، وَمَتَى يُحْرِمُ بِالْحَجِّ
2576-
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ
بِالْحَجِّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فَأَحَلُّوا حِينَ طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، أَوْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَلَمْ يُحِلُّوا إلَى يَوْمِ النَّحْرِ.
2577-
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ:«أَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً» . فَقَالُوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا
الْحَجَّ، فَقَالَ:«افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» . فَفَعَلُوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
هُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْفَسْخِ وَعَلَى وُجُوبِ السَّعْيِ وَأَخْذِ الشَّعْرِ لِلتَّحَلُّلِ فِي الْعُمْرَةِ.
2578-
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا إلَى مِنًى فَأَهْلَلْنَا مِنْ الْأَبْطَحِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
2579-
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2580-
وَلَفْظُ أَحْمَدَ: أَخَذْتُ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ بِمِشْقَصٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
2581-
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ إذَا اسْتَطَاعَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِمِنًى مِنْ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
2582-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْفَجْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
2583-
وَلِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ: قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى خَمْسَ صَلَوَاتٍ.
2584-
وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقِلْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالْأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2585-
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، وَقَالَ:«إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» . مُخْتَصَرٌ مِنْ مُسْلِمٍ.
قَوْلُهُ: (فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فَأَحَلُّوا حِينَ طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ: أَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ) . قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ: اجْعَلُوا حَجَّكُمْ عُمْرَةً وَتَحَلَّلُوا مِنْهَا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ.
قَوْلُهُ: (قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ) أَيْ: قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ أَوْ الْجِعْرَانَةِ.
قَوْلُهُ: (صَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلِّيَ الْحَاجُّ الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: أَنْ يَبِيتَ بِمِنًى هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَهِيَ لَيْلَةُ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ وَهَذَا الْمَبِيتُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا وَاجِبٍ فَلَوْ تَرَكَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ.