المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إلى من يهمه الأمر - تاريخ الزواوة

[أبو يعلى الزواوي]

الفصل: ‌إلى من يهمه الأمر

‌إلى من يهمه الأمر

رغم أن بعض تعليقاتي على كتاب تاريخ الزواوة هذا نشرت في بعض اليوميات الجزائرية في ذروة الفتنة التي شهدتها الجزائر لا أنني أود -أولا- أن أوضح خاصة "للأشخاص حسني النوايا" لأني هنا أعلق على هذا الكتاب، كما يعلق صحفي قارئ يسجل تعليقه على هامش الصفحة. ويجب أن يكون واضحا بأني لا أحقق ولا أدقق ولا شيء من ذلك الذي له علاقة بالعمل الأكاديمي الباحثين الأفاضل.

وأما اعتمادي في تعليقي على بعض الكتب الأخرى وبعض المراجع وأحيانا تلك المراجع التي لها قيمة المصدر، فما ذاك إلا لإنعاش الذاكرة، كما يجدر بمعلق يحترم كلمته، وليس كما يليق باحث أو مدقق بضيف إلى الاحترام، الدقة والتمحيص والتوثيق.

ومن بين الكتب التي اعتمدتها في هذا التعليق: رحلة ابن جبير، رحلة ابن بطوطة، العرب واليهود في التاريخ، أعلام الجزائر، عروبة البربر والحقيقة المغمورة، عروبة الجزائر عبر التاريخ، الحركة التبشيرية الفرنسية في الجزائر، تأملات في مسألة الأقليات، أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، لسان العرب الأمازيغ، التكوين التاريخي للأمة العربية، الحضارة الفينيقية، الأمازيغ وقضيتهم في المغرب الكبير، سطور من الرسالة.

ص: 4

وهناك كتب أخرى رجعت إليها بعضها ذكرته وبعضها لم أذكره إضافة إلى أوراقي الخاصة ومخطوطاتي التي لم تنشر بعد، ومنها مخطوط بتاريخ الحرف العربي الجريح، ومخطوط شخصيات جزائرية في المشرق العربي، وغيرهما

ولم أشأ أن أخصص ثبتا أو هوامش لهذه المراجع حتى لا يختلط على البعض أن ما أقوم به هو شيء غير التعليق.

ولأن هناك بعضا من سيئي النوايا في مجتمعنا الجزائري خاصة دعاة التفتيت والتشتيت والحروب المجانية، ممن يكتبون في بعض صحفنا، هم على سوء نواياهم -يتمتعون- بمجهولات واسعة، فبعضهم يدعي أنه وحده الذي يفهم الرسالة المحمدية، وبعض آخر يدعي أنه هو الذي علم ماركس وبعض ثالث يدعي أنه ألهم فولتير، والبعض الرابع ولعله الأخطر، يدعي أنه الطبيب الذي أشرف على ولادة أول بربري في جبال الأطلس، فجعل من نفسه وصيا سياسيا وناطقا باسم الأمازيغ والأمازيغية ولأن ذلك كذلك، أقول:

لا يهمني في قليل أو كثير أن أمازيغ له أو ليس له علاقة بيعرب، فلا أعتقد أن أحدا في هذا الكون متأكد من نقاء عرقه، فالذين يشتغلون في تصنيف أعراق البشر وأنسابهم، إنما يضحكون على السذج من البشر فهؤلاء المشتغلون أنفسهم لا يستطيعون الادعاء بنقاوة نسبهم الشخصي فضلا عن القومي.

ص: 5

وهنا لست أزعم بأني من أهل السياسة وأحزابها وأن لي معرفة بأهلها، غير أني أؤكد اهتمامي بالحضارة والثقافة ولا أنكر ما بينهما وبين السياسة من علاقه، وهي كعلاقه النجار بالخشب ..

لا أحد يستطيع أن يقرر قرارات قاطعة مانع، من منهما يعطي الكلمة للآخر أهو النجار أم الخشب، أهي الثقافة أم السياسة؟! إن الذي اعتقده وأؤمن به حتى الثبات هو أن شعبنا الأمازيغي خل التاريخ مع الفينيقيين (حضارة الشرق) وليس مع اليونان حضارة الغرب) .. ثم أبدع وصنع التاريخ مع الحضارة العربية حيث صار البربر عربا والعرب بربرا، فمن ذا الذي يؤكد لي أن عقبة بن نافع هو فعلا من صلب يعرب وليس من صلب أمازيغ! لذلك يؤلمني كمواطن أن أرى البعض من (أدعياء الثقافة السياسية) من الجزائريين وغير الجزائريين يلعبون بحضارة شعبنا عقله وثقافته ويصورون الأمازيغ على أنهم شعب انتهازي، ليس له كلمة في التاريخ. ففي نظرهم حين كان الرومان سادة العالم كان الأمازيغ روما نصارى، وحين ساد العرب العالم صار الأمازيغ عربا مسلمين. ولأن العرب اليوم في ضعف، ها هم لأمازيغ يبحثون عن "أرومة" أوروبية ينتمون إليها.

وهذا فضلا عن كونه إهانة لأمازيغيتنا هو تلاعب استعماري قح، وجهل "حضاري" مقيت

وسذاجة من بعض سياسيينا لأنه كذلك رفض الأمازيغ والعرب في الشام مقولة الدعاية الفرنسية وقبلها التركية. من أن الأمازيغ ليسوا عربا وجاءوا

ص: 6

مع الأمير عبد القادر ثم بعده المقراني، ليحتلوا الشام وليستعمروه، وقد تصدى الجزائريون الأمازيغ والعرب الشوام لهذه الدعايات وأسقطوها كما أسقطوا ويسقطون في الجزائر دعوى أن العرب جاءوا مستعمرين وغزاة. وهذا الكتاب الذي أعلق عليه هو أحد الكتب التي أسقطت دعايات الاستعمار تلك.

وبالتأكيد فإني على علم بأن عالمنا المعاصر تتنازع كتابة تاريخ الأمم فيه، مدرستان: المدرسة الاستعمارية التي تسعى لإلحاق حضارات البشر بروما، فالمسرح والغناء والرقص وحتى "الله" نفسه هو روماني أو إغريقي. والمدرسة الإنسانية التي تحترم جهد كل الشعوب وكل الأمم في كل مراحلها- في صنع التاريخ والحضارة البشرية، فكما لليونان جهد، للهنود جهد، وللصينيين جهد، وللعرب جهد، وللفرس جهد

ولعله من الواضح إنني من محبذي المدرسة الإنسانية هذه وبالتالي فأنا بالغ الاعتزاز بعروبتي وعلى رأسها الأمازيغ الذين أضافوا إليها وطوروها لأنهم منها ولها، بل لعلهم أصلها فكما أن الشيوعية وجدت قبل لينين فإن الإسلام وجد قبل محمد فإبراهيم كان مسلما حنيفا، وكما أن ألمانيا وجدت قبل بسمارك فإن العروبة لم تولد مع عقبة.

لذلك فأنا أنظر باحتقار لكل أولائك الذين يسعون إلى ضرب القبائلي بالشاوي والأمازيغي بالعربي والمسلم بالنصراني، والسني والشيعي، والآشوري والفينيقي فهذا النوع من "الصراعات

ص: 7

رديئة" لا يرقى بالحضارة البشرية، وقد تجاوزتها الشعوب على وجه هذا الكوكب منذ أزمان وأزمان

وقد وعى الشيخ أبو يعلى الزواوي مؤلف هذا الكتاب .. هذه الحقيقة منذ مطلع القرن فضل من بعض "مثقفينا السياسيين" في نهاية هذا القرن!. إذن فليكن واضحا كل الوضوح بأني المسؤول الوحيد عن تعليقي، فلا الناشر مسؤول ولا أبو يعلى الزواوي مسؤول، آمل أن لا يكون ذنبي عند البعض أني لم "أؤجر" عقلي للأكاديمية البربرية أو معهد العالم العربي، فالذين يؤجرون عقولهم يهون عليهم تأجير وطنهم، وأنا لا أؤجر حبة رمل واحدة من وطني الممتد من شنقيط حتى حضرموت إنه بيتي حتى ولو لم أمتلك فيه مساحة قبر!!

الجزائر 01/ 05/ 2005

مأوى المسنين/ باب الزوار سهيل

ص: 8