المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمازيغ في سوريا - تاريخ الزواوة

[أبو يعلى الزواوي]

الفصل: ‌الأمازيغ في سوريا

خاصة وأن العرب كانوا في ذلك الوقت وما زالوا حتى الوقت، لا يقدمون للباحثين والكتاب العطايا والهدايا من النساء والقصور والسيارات، والانتساب إليهم لا يخرج الإنسان من العوز، وإن كان يدخله في العزة!!

نجد المؤلف ينتقل للحديث عن الوضع السائد في منطقة القبائل ورأيه في طريق إصلاحها فيتحدث عن الإصلاح المطلوب، الإصلاح الإسلامي، لائحة نظام التعليم وبيان طريقة طرق التعليم الابتدائي، الكتب التي يدرسونها، الإدارة والتفتيش للزوايا، ويبدوا أن هذا القسم هو ملخصات لما ورد في كتب سابقة له واعتبارا من الصفحة 93 نجده يتدارك ما فاته في بعض الفصول فيعود لنسبهم ولأجوادهم ونوابغهم وإلى ذكر أسماء بعضهم ممن حموا تحت قيادة الأمير عبد القادر الجزائري نصارى دمشق في فتنة 1860 م ثم يفرد فصلا بعنوان "تقريظ الكتاب" يورد فيه نصوص ورسائل وردته مقرظة كتابه من مفتي مدينة الجزائر الشيخ بن زكري مؤرخة في ماي 1917 وأتبعها بأخرى مؤرخة في يونية من نفس السنة، ويقحم المؤلف رسالة ثالثة بجواب على تعزية لابن زكري ولا علاقة لها بموضوع الكتاب ولا يذكر تاريخها.

‌الأمازيغ في سوريا

لعله ليس معروفا على نطاق واسع بين الناس أن الأمير عبد القادر الجزائري حين أوقف مقاومته المسلحة للاحتلال الفرنسي عام 1847 م/ 1263 هـ، كان قد أمر علماء ورجال دولته وجيشه بالهجرة إلى الشام حتى لا تشن عليهم فرنسا حرب إبادة كما هي عادتها. وبالفعل فقد هاجر هؤلاء

ص: 21

مع عائلاتهم ويبلغ تعدادهم جميعا حوالي خمسمائة نفر وقد وصلوا إلى دمشق لشام فاسقبلهم الشوام استقبالا عظيما قلقت منه حكومة الباب العالي في استامبول. وعرفت هذه الدفعة بهجرة المشايخ "إذ أعقبتها دفعات أخرى ولم يسلم الأمير سلاحه إلا بعد أن تأكد من وصولهم إلى دمشق.

وكان معظم هؤلاء المهجرين الجزائريين سواء من هذه الدفعة الأولى أوالدفعات التي تلتهم من الأمازيغ أو البربر أو القبائل أو ما شئت من التسميات التي أطلقت على عرب جرجرة والأطلس وعلى رأس هؤلاء الشيخ المهدي السكلاوي شيخ الزاوية الرحمانية والشيخ محمد المبارك "دلس" والشيخ صالح السمعوني "بجاية" والشيخ أحمد بن سالم "البويرة"، واليعقوبي، وأعراب وغيرهم، وقد تطرقت إلى موضوع الهجرة في كتابي "الإشعاع المغربي في بلاد المشرق العربي" - دور الجالية الجزائرية في بلاد الشام، المنشور في الجزائر.

- وقد جلس هؤلاء العلماء على الفور في مجالس العلم في مدارس وزوايا ومساجد دمشق حيث أمن لهم إخوتهم عرب الشام كل سبل العيش والعمل، وأقطعتهم الحكومة البركية أجود الأراضي في غوطة دمشق وسهل حوران وأرض الجليل.

وبدأت بهم في الشام نهضة علمية حيث شهدت المدرسة الجقمقية ودار الحديث وجامع الغابة والزواية الأخضرية فضلا عن المسجد الأموي الكبير ومسجد السنانية دروسا واسعة لهؤلاء. وحتى الأمير عبد القادر الجزائري نفسه حين وصل دمشق عام 1856 أخذ مقعده على رأس هؤلاء مدرسا في الجامع الأموي والمدرسة الجقمقية ودار الحديث.

ص: 22

ولم يقل أحد من المشارقة أن هؤلاء أمازيغ أو بربر أو قبائل ليس لهم أن يحتلوا مكانة في المجتمع، بل على العكس تماما فإن هؤلاء هم الذين حمو النصارى في الفتنة التي أشعلتها الدول الكبرى في الشام عام 1860، وفي عام 1877 عرض المشارقة على الأمير عبد القادر الجزائري أن يكون ملكا على رأس الدولة العربية التي أرادوا استقلالها عن تركيا التي استبدت وابتعدت عن روح الإسلام.

وكان هؤلاء الأمازيغ بمن فيهم الدفعات التي هجرت إثر ثورة المقراني عام 1871 ومجموعة الشيخ محمد بن يلس التي هاجرت إثر قانون التجنيد الإجباري عام 1911 يوجهون المجتمع الشامي ضد كل الاستعمار الغربي، والفرنسي منه خصوما، وضد الاستبداد التركي، ويثيرون في هذا المجتمع الشامي روح القومية العربية والثقافة العربية الإسلامية ويحيون الأمجاد العربية، فاستجاب لهم المجتمع وعمل تحت رايتهم وقد تأسست نتيجة هذه الحركة "جمعية النهضة العربية" عام 1904 بقيادة الشيخ طاهر السمعنوي الجزائري ابن الشيخ صالح السمعوني الذي هاجر كما أشرنا عام 1847 من بجاية تحديدا من وغليس بلدية سيدي عيش دائرة أقبو في واد الصومام وقبيلة بني سمعون التي عند أهلها الخبر اليقين.

ومن جمعية النهضة العربية انبثفت جمعيات القومية العربية كالجمعية القحطانية وجمعية العهد وجمعية العربية للفتاة التي أعلنت الثورة العربية على تركيا عام 1916 - 1918 بالاتفاق مع شريف مكة الحسين بن علي وولده فيصل. وقد أعدم الأتراك خيرة رجال هذه الجمعيات وفي طليعتهم ذلك

ص: 23

الضابط الفيلسوف "سليم الجزائري" وهو ابن أخ الشيخ طاهر وتلميذه، والأمير عمر نجل الأمير عبد القادر وغيرهما من الجزائريين فضلا عن الشوام، وكان الشيخ الطيب العقبي هو الناطق الإعلامي باسم الشريف حسين حيث يرأس تحرير جريدة "القبلة" لسان حال الثورة العربية.

وهكذا قاد البربر الأمازيغ "القبائل" حركة القومية العربية من منتصف القرن التاسع عشر حتى الآن، قادوها مغربا ومشرقا وكانوا سيوفا بتارة ضد المستعمرين الأوروبين والمستبدين الأتراك هؤلاء الذين بدأوا -معا- يشيعون بين الشوام أن القبائل والأمازيغ ليسوا عربا بل عملاء الفرنسيين لاحتلال الشام.

- وفي عام 1920 احتلت فرنسا دمشق إثر معركة ميسلون البطولية وكانت تخشى أول ما تخشى أولئك الجزائريين الذين يقودون المجتمع الشامي دينا وفكرا وسياسة فسعت إلى فصلهم عن هذا المجتمع، فلجأت إلى ذات الحيلة التي لجأ إيها المستبد التركي القائم والتي طبقها في الجزائر.

فكما قالت لهؤلاء الأمازيغ في الجزائر أنكم لستم عربا وأن العرب جاؤوكم مستعمرين مع بني هلال

إلى آخر هذه الأسطوانة، قالت لأهل الشام أن هؤلاء الأمازيغ ليسوا أكثر من برابرة غير عرب جاؤوا إلى بلادكم بقصد احتلالها واستعماركم وأن فرسا نفسها تساعدهم في ذلك وبدأت أجهزة الدعاية في جيشها المحتل الذي فيه جزائريون مجندون إجباريا، بث هذه الأقوال والدعايات في صفوف الشوام إشعالا منها للفتنة بينهم وبين الجزائريين

غير أن الذي حدث أن الجزائريين والشوام جميعا أعلنوا الثورة

ص: 24

الكبرى ضد فرنسا عام 1925 - 1927 بقيادة سلطان الأطرش والأمبر عز الدين الجزائري، وكان الجزائريون في الجيش الفرنسي وعلى رأسهم الضابط عطاف يساعدون الثورة السورية بالسلاح وغيره.

ولم يعد سرا أن الأمازيغ في سوريا كانوا جزءا أساسيا ومحركا قويا للنضال القومي العربي، سواء ضد الأتراك أو ضد الفرنسيين أو الإنجليز أو الصهيونية والإمبريالية العالمية، بل إن حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يكرهه "الفرانكوفون" وأدعياء الأمازيغية، كان يقوم على أكتاف الكثير من هؤلاء الزواوة المهجرين إلى دمشق بل وصلوا إلى أعلى المراتب في قيادة الحزب والدولة، ومنهم على سبيل المثال رئيس وزراء سوريا في سبعينيات القرن العشرين "عبد الرحمان أحمد خليفاوي" أصيل الأربعاء بني إيراثن كما كان منهم قيادات في الأحزاب الإسلامية ومنهم محمد المبارك أصيل دلس ومن أبناء عمومه الشيخ أبو يعلى الزواوي كما ذكر في كتابه هذا الذي بين أيدينا كما ليس سرا ما قدمته سوريا ومصر والسعودية وكل العرب للثورة الجزائرية 1962 - 1954 وهو أمر لم يفعله العرب دولهم وشعوبهم مع الثورة الفيتنامية مثلا!!.

ص: 25