الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
مشروعية الذب عن أعراض المسلمين، فالنبى (صلى الله عليه وسلم) لما نيل من عامر، وقف مدافعاً عنه وقال:
" كذب من قالها ".
الحديث الثالث عشر
13 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ فَقَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ. (4206)
الشرح:
قال الكرمانىُّ: " وهذا هو الرابع عشر من الثلاثيات، وكذا نص عليه العينى فى " عمدة القارى"
وأخرج البخارىُّ الحديث فى كتاب المغازى، باب " غزوة خيبر " وقد ذكر البخارى فى هذا الباب ثلاثين حديثاً يخص هذه الغزوة المباركة، وكان غزوها في آخر المحرم سنة سبع، فحاصرها (صلى الله عليه وسلم) بضع عشرة ليلة إلى أن فتحها في صفر، وهذا هو الراجح، كما قال ابن حجر.
ومن ضمن الأحداث التى وقعت فى هذه الغزوة إصابة سلمة فى ركبته، فتكلم الناس فى ذلك فقدم على النبى (صلى الله عليه وسلم) يشكو جرحه فأيده الله بأن أراه معجزةً من معجزات النبى (صلى الله عليه وسلم) وعلامةً من علامات نبوته؛ وهى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) نفث فى جرحه فبرأ فلم يشكه بعد ذلك.
وينقل الحديث لنا هذه الخصوصية لسلمة، وقد حَدَثَ مثلُها لعلىٍّ (رضي الله عنه) فى نفس الغزوة، لما قال (صلى الله عليه وسلم): لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله .. الحديث " وكان قد اشتكى عينه فتفل النبىُّ (صلى الله عليه وسلم) فى عينيه ثلاثاً فكانت كأنه لم يشتكى منها.
والنفثات: جمع نَفْثَة، وهي فوق النفخ ودون التفل، وقد يكون بغير ريق بخلاف التفل، وقد يكون بريق خفيف بخلاف النفخ.
وفيه مسألة:
غزوة خيبر (1):
كانت خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على بعد ثمانين ميلا من المدينة في جهة الشمال، وهي الآن قرية في مناخها بعض الوخامة.
كانت خيبر محل نظر النبىِّ (صلى الله عليه وسلم) بعد أن فرغ من أمر قريش بعد صلح الحديبية، فإن خيبر كانت حجر عثرة أمام تبليغ دين الله، حيث أنها كانت السبب فى تأليب الأحزاب على المسلمين، حتى وصل بهم الأمر لوضع خطةٍ لاغتيال النبى (صلى الله عليه وسلم) فتوجه إليها النبىُّ (صلى الله عليه وسلم) فى المُحرَّم، وأعلن ألا يَخرج معه إلا راغبٌ في الجهاد، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة. وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين، شطر فيها خمسة حصون:
1 ـ حصن ناعم. 2 ـ حصن الصَّعْب بن معاذ.
3 ـ حصن قلعة الزبير. 4 ـ حصن أُبَيّ.
5 ـ حصن النِّزَار.
والحصون الثلاثة الأولي منها كانت تقع في منطقة يقال لها: (النَّطاة) وأما الحصنان الآخران فيقعان في منطقة تسمي بالشَّقِّ.
أما الشطر الثاني، ويعرف بـ " الكُتَيْبة " - مُصغرة -، ففيه ثلاثة حصون فقط:
1 ـ حصن القَمُوص [وكان حصن بني أبي الحقيق من بني النضير].
2 ـ حصن الوَطِيح.
3 ـ حصن السُّلالم (2).
وفي خيبر حصون وقلاع غير هذه الثمانية، إلا أنها كانت صغيرة، لا تبلغ إلى درجة هذه القلاع في مناعتها وقوتها.
والقتال المرير إنما دار في الشطر الأول منها، أما الشطر الثاني فحصونها الثلاثة مع كثرة المحاربين فيها سلمت دونما قتال.
وفيها قال النبىُّ (صلى الله عليه وسلم) لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على
(1) الرحيق المختوم - المبارك فورى، صـ316: 325 (بتصرف)
(2)
بضم السين وقيل بفتحها حِصْنٌ من حصُون خَيْبَرَ ويقال فيه السُّلالِيمُ أَيضا (اللسان،12/ 289)
يديه، وكان ذلك علىٌّ (رضي الله عنه) وأول حصن هاجمه المسلمون من حصونهم الثمانية هو حصن ناعم. عرض علىٌّ عليهم الإسلام فأبوا فقاتلوهم، يقول صاحب الرحيق المختوم:" ويؤخذ من المصادر أن هذا القتال دام أيامًا، لاقي المسلمون فيها مقاومة شديدة، إلا أن اليهود يئسوا من مقاومة المسلمين، فتسللوا من هذا الحصن إلى حصن الصَّعْب، واقتحم المسلمون حصن ناعم "، ثم انتقل القتال إلى حصن الصعب وفرض المسلمون عليه الحصار ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث فتحه الله بدعوة النبىِّ (صلى الله عليه وسلم)، وما بخيبر حصن كان أكثر طعامًا وودكًا منه. ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات، وكان ذلك وقت نهى النبىِّ الصحابة عن أكل الحمر الإنسية، وبعد ذلك تحول اليهود إلى قلعة الزبير فحاصرهم النبىُّ (صلى الله عليه وسلم) وقطع ماءهم عليهم، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال، قتل فيه نفر من المسلمين، وأصيب نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبعد فتح قلعة الزبير انتقل اليهود إلى قلعة أبي وتحصنوا فيه، وفرض المسلمون عليهم الحصار، وقام أبو دجانة باقتحام القلعة، واقتحم معه الجيش الإسلامي، وجري قتال مرير ساعة داخل الحصن، ثم تسلل اليهود من القلعة، وتحولوا إلى حصن النزار آخر حصن في الشطر الأول. ثم كان حصن النَّزَار وكان أمنعهم لأنه كان على جبل مرتفع، ولا يستطيع المسلمون اقتحامه، يقول صاحب الرحيق المختوم:" ويبدو أن المسلمين قذفوا به القذائف، فأوقعوا الخلل في جدران الحصن، واقتحموه، ودار قتال مرير في داخل الحصن انهزم أمامه اليهود هزيمة منكرة، وذلك لأنهم لم يتمكنوا من التسلل من هذا الحصن كما تسللوا من الحصون الأخري، بل فروا من هذا الحصن تاركين للمسلمين نساءهم وذراريهم ".
ولما أتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتح ناحية النطاة والشق، تحول إلى أهل الكتيبة التي بها حصن القَمُوص: حصن بني أبي الحُقَيْق من بني النضير، وحصن الوَطِيح والسُّلالم، وجاءهم كل فَلِّ كان انهزم من النطاة والشق، وتحصن هؤلاء أشد التحصن. ولما أتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى هذه الناحية ـ الكتيبة ـ فرض على أهلها أشد الحصار، ودام الحصار أربعة عشر يومًا، واليهود لا يخرجون من حصونهم، حتى همّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينصب عليهم المنجنيق، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الصلح. ثم كانت المفاوضة بعد ذلك، حيث أرسل ابن أبي الحُقَيْق إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أنزل فأكلمك؟ قال: (نعم)، فنزل، وصالح على حقن دماء مَنْ في حصونهم من المقاتلة، وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبين ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء
ـ أي الذهب والفضة ـ والكُرَاع والْحَلْقَة إلا ثوبًا على ظهر إنسان، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
" وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا "، فصالحوه على ذلك، وبعد هذه المصالحة تم تسليم الحصون إلى المسلمين، وبذلك تم فتح خيبر. وبعد ذلك قُتل ابن أبى الحقيق لمالٍ أخفاه.
وفيها: سبي رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت تحت كنانة بن أبي الحقيق، وكانت عروسًا حديثة عهد بالدخول.
ولقد أعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع، ومن كل ثمر، ما بدا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يقرهم، وقسم أرض خيبر على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل سهم مائة سهم، فكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم، فكان لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين النصف من ذلك وهو ألف وثمانمائة سهم، لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) سهم كسهم أحد المسلمين، وعزل النصف الآخر، وهو ألف وثمانمائة سهم، لنوائبه وما يتنزل به من أمور المسلمين، وإنما قسمت على ألف وثمانمائة سهم لأنها كانت طعمة من الله لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب، وكانوا ألفا وأربعمائة، وكان معهم مائتا فرس، لكل فرس
سهمان، فقسمت على ألف وثمانمائة سهم، فصار للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم واحد، وكانت مغانمها كثيرة. وفيها دس السُّم للنبىِّ (صلى الله عليه وسلم) بعد اطمئنانه فى خيبر.
وقد اختُلف فى جملة من استشهد من المسلمين في معارك خيبر ما بين ستة عشر رجلاً إلى واحد وتسعين. أما قتلي اليهود فعددهم ثلاثة وتسعون قتيلاً.
من فوائد الحديث:
1 -
فيه تذكير بنعمة الله بفتح خيبر التى كانت تمثل حجر عثرة فى سبيل الدعوة.
2 -
وفيه التذكير بعزة الإسلام والمسلمين حيث أذاقوا اليهود أشد العذاب.
3 -
وفيه علامة من علامات نبوة النبىِّ صلى الله عليه وسلم، وذلك فى جرح سلمة، وعين علىِّ ? رضي الله عنهم
4 -
الحرص التام على التعلم، كما حدث من يزيد لما سأل سلمة عن الأثر الذى رآه فى ساقه.
5 -
على المرء إذا وقع فى ضائقة عليه أن يفزع إلى أهل العلم، كما حدث من سلمة مع النبى (صلى الله عليه وسلم)
6 -
الإفتخار بنعمة الله من باب " وأما بنعمة ربك فحدث " فإن سلمة افتخر بما خصه الله بإظهار علامة من علامات نبوة النبى (صلى الله عليه وسلم) على نفسه، فأخبر به يزيد رغم أنه لم يسأله عنه.