الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الثلاث (الثامن عشر والتاسع عشر والعشرون)
18 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا الْأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا فَقَالَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ " زَادَ الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الْأَرْشَ. (2703)
19 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ. (4499)
20 -
حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ. (6894)
الشرح:
الحديث الأول قال فيه الكرمانىُّ فى "شرح البخارى": " وهذا عاشر ثلاثيات البخارى "
وقد أخرجه البخارى فى كتاب الصلح فى الباب الثامن من الكتاب، باب" الصلح فى الدية " ولم يذكر غيره، وفى الجهاد والسير " رضوا بالأرش وتركوا القصاص "
والحديث الثاني قال الكرمانىُّ عنه: " هذا هو الحديث السادس عشر من الثلاثيات "
وأخرجه البخارى فى كتاب التفسير، سورة البقرة، باب " يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر- إلى قوله تعالى:" عذاب أليم " ثم رواه بسند آخر فى نفس الباب فى الحديث الذى يليه.
أما الحديث الثالث فقد قال الكرمانىُّ فى "شرح البخارى": " وهذا هو الحديث الموفى للعشرين من الثلاثيات "
وقد أخرجه البخارى فى كتاب الديات بَاب {السِّنَّ بِالسِّنِّ}
والرُّبَيِّع: هى أخت أنس بن النضر وعمة أنس بن مالك.
والأَرْشُ: دِيَةُ الجِراحة (كما قال الفراهيدى) وقال صاحب اللسان: وسُمِّي أَرْشاً لأَنه من أَسباب النزاع يقال أَرَّشْتُ بين القوم إِذا أَوقعت بينهم.
ورواية الفزارى هذه رواها البخارى فى كتاب التفسير (سورة المائدة) باب "والجروح قصاص" برقم (4611) والفزارى اسمه مروان بن معاوية، روى عنه البخارى بواسطة وقد وثقه أحمد وبن معين -وهو من شيوخهما-، والعجلى وغيرهم ومعدود من المدلسين.
وفى رواية " فعجب النبى صلى الله عليه وسلم وقال
…
الحديث " قال ابن حجر: ووجه تعجبه أن أنس بن النضر أقسم على نفي فعل غيره مع إصرار ذلك الغير على إيقاع ذلك الفعل فكان قضية ذلك في العادة أن يحنث في يمينه، فألهم الله الغير العفو فبر قسم أنس.
وفيه سبع مسائل:
الأولى: ضبط قوله صلى الله عليه وسلم " كتاب الله القصاص "
قال ابن حجر: "واختلف في ضبط قوله صلى الله عليه وسلم " كتاب الله القصاص " فالمشهور أنهما مرفوعان على أنهما مبتدأ وخبر، وقيل منصوبان على أنه مما وضع فيه المصدر موضع الفعل أي كتب الله القصاص أو على الإغراء، والقصاص بدل منه فينصب، أو ينصب بفعل محذوف، ويجوز رفعه بأن يكون خبر مبتدأ محذوف."
الثانية: المعنى المراد من قوله " كتاب الله القصاص"
قال ابن حجر: " واختلف في المعنى فقيل: المراد حكم كتاب الله القصاص فهو على تقدير حذف مضاف، وقيل المراد بالكتاب الحُكْم أي حكم الله القصاص، وقيل أشار إلى قوله (والجروح قصاص، فعاقبوا) وقيل إلى قوله (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) وقيل إلى قوله (والسن بالسن) في قوله:
(وكتبنا عليهم فيها) بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يرفعه.
الثالثة: كيفية توجيه إنكار أنس لأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنه خلافٌ لما عَلِمْناهُ من الصحابة من سرعة الاستجابة؟
قال ابن حجر: " وقد استشكل إنكار أنس بن النضر كسر سن الرُّبَيِّع مع سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالقصاص ثم قال " أتكسر سن الربيع "؟ ثم أقسم أنها لا تكسر "
ثم ذكر لذلك ثلاث أجوبة (1):
ا- قيل أشار بذلك إلى التأكيد على النبي صلى الله عليه وسلم في طلب الشفاعة إليهم أن يعفوا عنها.
ب- وقيل كان حَلِفُه قبل أن يعلم أن القصاص حتمٌ، فظن أنه على التخيير بينه وبين الدية أو العفو
حـ- وقيل لم يرد الإنكار المحض والرد، بل قاله توقعاً ورجاءً من فضل الله أن يلهم الخصوم الرضا حتى يعفوا أو يقبلوا الأرش، وبهذا جزم الطيبي فقال: لم يقله رداً للحكم، بل نفى وقوعه لما كان له عند الله من اللطف به في أموره والثقة بفضله أن لا يخيبه فيما حلف به ولا يخيب ظنه فيما أراده بأن يلهمهم العفو، وقد وقع الأمر على ما أراد.
الرابعة: حكم القصاص فى السن؟
(1) الفتح، حـ 12،كتاب الديات باب " السن بالسن " صـ269
قال تعالى " والسن بالسن " بناءً على أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يرد فى شرعنا ما يرفعه. قال ابن حجر: " قال ابن بطال: أجمعوا على قلع السن بالسن فى العمد واختلفوا فى سائر عظام الجسد، فقال مالك فيها القَوَد (1)، وقال الشافعى والليث والحنفية: لا قصاص فى العظم غير السن "ا. هـ
الخامسة: كم قيمة الأرش فى السن؟
قال القرطبى: " قال ابن المنذر ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه أقاد من سن، وجاء الحديث عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه قال:"فى السن خمسٌ من الإبل " (2) ا. هـ
السادسة: هل الدية فى الأسنان كلها سواء؟
وفيه قولان لأهل العلم، نقلها القرطبى عن ابن المنذر (3):
الأول: لا فضل للثنايا منها على الأنياب والأضراس والرباعيات، لدخولها كلها في ظاهر الحديث،
وبه يقول الأكثر من أهل العلم. منهم عروة بن الزبير وطاوس والزهري وقتادة ومالك والثوري
والشافعي وأحمد وإسحق، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس ومعاوية."
الثانى - عن عمر بن الخطاب أنه قضى فيما أقبل من الفم بخمس فرائض خمس فرائض، وذلك خمسون دينارا، قيمة كل فريضة عشرة دنانير. وفي الأضراس ببعير بعير.، وكان عطاء يفرق أيضاً.
والراجح قول الجمهور لما ثبت عن النبى (صلى الله عليه وسلم) عند أبى داود من حديث ابن عباس وصححه الألبانى قال (صلى الله عليه وسلم): " الأصابع سواء والأسنان سواء الثنية والضرس سواء هذه وهذه سواء ".
السابعة: هل هناك فرقٌ بين أسنان الصغير وأسنان الكبير؟
قال القرطبى فى التفسير (4): بالنسبة للصغير:
(1) القَوَدُ القِصاصُ وأَقَدْتُ القاتِلَ بالقتيل أَي قَتَلْتُه به يقال أَقاده السلطان من أَخيه
(2)
أخرجه أبو داود وبن ماجه فى الديات، وصححه الشيخ الألبانى
(3)
تفسير للقرآن للقرطبى، حـ3، صـ550 (سورة المائدة /آيه 45)(بتصرف)
(4)
تفسير للقرآن للقرطبى، حـ3، صـ551 (سورة المائدة /آيه 45)
اختلفوا في سن الصبي يقلع قبل أن يثغر (1)، فكان مالك والشافعي وأصحاب الرأي يقولون: إذا قلعت سن الصبي فنبتت فلا شئ على القالع، إلا أن مالكا والشافعي قالا: إذا نبتت ناقصة الطول عن التي تقاربها أخذ له من أرشها بقدر نقصها.
وقالت طائفة: فيها حكومة (2)، وروي ذلك عن الشعبي، وبه قال النعمان.
وقال ابن المنذر: يستأنى بها إلى الوقت الذي يقول أهل المعرفة إنها لا تنبت، فإذا كان ذلك كان فيها قدرها تاما، على ظاهر الحديث، وإن نبتت رد الأرش.
وأكثر من يحفظ عنه من أهل العلم يقولون: يستأنى بها سنة، روي ذلك عن علي وزيد وعمر بن عبد العزيز وشريح والنخعي وقتادة ومالك وأصحاب الرأي. ولم يجعل الشافعى لهذا مدة معلومة.
أما الكبير: قال: إذا قلع سن الكبير فأخذ ديتها ثم نبتت، فقال مالك لا يرد ما أخذ.
وقال الكوفيون: يرد إذا نبتت. وللشافعي قولان: يرد ولا يرد، لأن هذا نبات لم تجربه عادة، ولا يثبت الحكم بالنادر. وتمسك الكوفيون بأن عوضها قد نبت فيرد، أصله سن الصغير.
من فوائد الحديث:
1 -
وفيه جواز الحلف فيما يظن وقوعه. فقد قال أنس " والله لا تكسر ثنى الربيع "
2 -
الثناء على من وقع له ذلك عند أمن الفتنة بذلك عليه. فقد أثنى الرسول على أنس بقوله:
" إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ".
2 -
واستحباب العفو عن القصاص.
4 -
والشفاعة في العفو.
5 -
وأن الخيرة في القصاص أو الدية للمستحق على المستحق عليه.
6 -
وإثبات القصاص بين النساء في الجراحات وفي الأسنان.
7 -
وفيه الصلح على الدية، وجريان القصاص في كسر السن.
(1) أثغر الغلام: سقطت أسنانه الرواضع.
(2)
الحكومة في الجراح عند أهل العلم كلهم: أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم وهي به قد برئت، فما نقصته الجناية فله مثله من الدية، كأن تكون قيمته وهو عبدٌ صحيحٌ عشرة، وقيمته وهو عبد به الجناية تسعة، فيكون فيه عشر ديته.
8 -
وفيه أن ما وقع هو إكرامٌ من الله لأنس ليبر يمينه، وأنه من جملة عباد الله الذين يجيب دعاءهم.
9 -
وفيه عدل الإسلام والمساواه بين أتباعه فى الأحكام، ولا فضل لأحد على أحدٍ إلا بالتقوى.
الراوى الثانى عن أنس
عيسى بن طهمان
اسمه والتعريف به:
هو عيسى بن طهمان بن رامة الجشمى، أبو بكر البصرى (نزيل الكوفة) من صغار التابعين
الشيوخ والتلاميذ: ومن شيوخه انس بن مالك وثابت، ومن تلامذته خلاد بن يحيى، وعبد الله بن المبارك، والفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح، وغيرهم.
الجرح والتعديل: وثقه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، والنسائي، والدارقطنىُّ، وقال أبو حاتم: لا بأس به، يشبه حديثه حديث أهل الصدق، ما بحديثه بأس. وقال أبو داود: لا بأس به، أحاديثه مستقيمة. وقال مرة أخرى: ثقة وقال ابن حبان وحده لا يجوز الاحتجاج به.
الوفاة: قال الذهبى: مات قبل الستين ومئة.
وروى من الثلاثيات عن عيسى خلاد بن يحيى:
خلاد بن يحيى
اسمه والتعريف به:
هو خلاد بن يحيى بن صفوان السلمى، أبو محمد الكوفى (نزيل مكة)
قال الذهبى: الإمام، المحدث، الصدوق، أبو محمد السلمي، الكوفي، وهو من صغار أتباع التابعين.
الشيوخ والتلاميذ: روى عن سفيان الثورى وعيسى بن طهمان، وفطر بن خليفة، ومسعر بن كدام، وغيرهم، وحدث عنه: والبخاري، اسماعيل بن يزيد الرازى عم أبى زرعة، وأبو زرعة، وغيرهم كثير.
الجرح والتعديل: قال ووثقه أحمد ابن حنبل والدارقطنى والعجلى، وقال أبو داود: ليس به بأس، وقال ابن حجر صدوق، رمى بالإرجاء، وقال الذهبي: ثقة يهم ولكن كان يرى شيئا من الإرجاء، وذكره ابن حبان فى الثقات.
وقال الحاكم: قلت للدراقطنى: فخلاد بن يحيى؟ قال: ثقة، إنما أخطأ فى حديث واحد ; حديث:" لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا "، رفعه، ووقفه الناس.
وروى له أبو داود والترمذى.
الوفاة: وقال البخاري: سكن مكة، ومات بها، قريبا من سنة ثلاث عشرة ومائتين.