المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسند{أنس بن مالك} - تحبير الوريقات بشرح الثلاثيات

[وليد الصعيدي]

الفصل: ‌مسند{أنس بن مالك}

قال ابن بطال: قال الطبرىُّ: لا خلاف بين سلف الأمة وخلفها أن المضحى غير حرج بتركه الأكل من أضحيته ولا آثم، فدل إجماعهم على ذلك أن الأمر بالأكل منها بمعنى الإذن والإطلاق، لا بمعنى الإيجاب، فيستحب له الأكل منها كما فعل النبىُّ (صلى الله عليه وسلم).

وسئل مجاهد وعطاء عن الذى لا يأكل من أضحيته قالا: إن شاء لم يأكل منها، قال الله تعالى:

(وإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) أرأيت إن لم يصطد؟. وقال إبراهيم: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم، فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل ".

وقال النووى كما نقل ابن حجر:" مذهب الجمهور أنه لا يجب الأكل من الأضحية وإنما الأمر فيه للإذن، وذهب بعض السلف إلى الأخذ بظاهر الأمر، وحكاه الماوردىُّ عن أبى الطيب بن سلمة من الشافعية.

الخامسة: هل قول النبىِّ " وَأَطْعِمُوا " يوجب الصدقة من الأضحية؟

قال النووى كما نقل ابن حجر: أما الصدقة منها فالصحيح أنه يجب التصدق من الأضحية بما يقع عليه الاسم، والأكمل أن يتصدق بمعظمها.

من فوائد الحديث:

1 -

للإمام والعالم أن يراعى مصالح الناس فيما ليس فيه مخالفةٌ للشرع، فله أن يأمر بمثل ما أمر به النبىُّ، ويحض عليه إذا نزل بالناس حاجة.

2 -

وفيه المواساة.

3 -

وفيه كراهية أن يبيت المرء شبعان وجاره جائع.

4 -

وفيه جواز ادخار الأقوات، وليس فيه منافاةٌ مع التوكل، فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يدخر لأهله قوت سنة

‌مُسْنَدُ

{أنَسِ بنِ مَالِك}

التراجم

أنس بن مالك

أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم الأنصاري ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. الإمام، المفتي، المقرئ، المحدث، راوية الإسلام، أبو حمزة الأنصاري، الخزرجي، النجاري، المدني، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته من النساء، وتلميذه، وتبعه، وآخر أصحابه موتا.

ص: 120

روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم علما جما، وعن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وغيرهم، وعنه كثير: كالحسن، وابن سيرين، والشعبي، وأبو قلابة، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز، وثابت البناني، وحميد الطويل، وعيسى بن طهمان، وقد سرد صاحب (التهذيب) نحو مائتي نفس من الرواة عن أنس.

وكان أنس يقول: " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين"

وقال: كناني النبي صلى الله عليه وسلم أبا حمزة ببقلة اجتنيتها.

وقال: جاءت بي أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أزرتني بنصف خمارها، وردتني ببعضه، فقالت:

يا رسول الله هذا أنيس ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له، فقال:(اللهم أكثر ماله وولده). فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو من مائة اليوم.

قال الذهبى: لم يعدُّه أصحاب المغازي في البدريين؛ لكونه حضرها صبيا ما قاتل، بل بقي في رحال الجيش، وقال: وغزا معه غير مرة، وبايع تحت الشجرة.

قال أبو هريرة: ما رأيت أحدا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم -يعني: أنسا -.

وقال أنس بن سيرين: كان أنس بن مالك أحسن الناس صلاة في الحضر والسفر.

ومن كراماته:

فعن ثابت البناني، قال: جاء قيَّمُ أرض أنس، فقال: عطشت أرضوك.

فتردى أنس، ثم خرج إلى البرية، ثم صلى، ودعا، فثارت سحابة، وغشيت أرضه، ومطرت، حتى ملأت صهريجه، وذلك في الصيف، فأرسل بعض أهله، فقال: انظر أين بلغت؟

فإذا هي لم تعد أرضه إلا يسيرا.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصه ببعض العلم.

قال المثنى بن سعيد: سمعت أنسا يقول: ما من ليلة إلا وأنا أرى فيها حبيبي. ثم يبكي.

وعن جميلة مولاة أنس، قالت: كان ثابت إذا جاء إلى أنس قال: يا جميلة، ناولينى طيبا أمس به يدى، فإن ابن أبى ثابت، لا يرضى حتى يقبل يدى ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 121

وكان قد تعرض اليه الحَجَّاج وقال له كلاما شديدا، فكتب أنسُ إلى عبد الملك بن مروان، فكتب للحجاج بالذهاب إلى أنس والاعتذار إليه فجاءه وقال له: يا أبا حمزة غضبت؟

قال: نعم، تعرضني بحوكة البصرة؟ قال: إنما مثلي ومثلك كقول الذي قال: إياك أعني واسمعي يا جارة، أردت أن لا يكون لأحد عليَّ منطق.

الوفاة:

ثبت مولد أنس قبل عام الهجرة بعشر سنين. وأما موته: فاختلفوا فيه، فقيل: أنه مات سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين، وقال عدة - وهو الأصح -: مات سنة ثلاث وتسعين.

(مسنده):

ألفان ومائتان وستة وثمانون. اتفق له: البخاري، ومسلم على مائة وثمانين حديثا.

وانفرد البخاري: بثمانين حديثا، ومسلم: بتسعين، فيكون له فى الصحيحين 350 حديثا.

وروى عن أنس فى الثلاثيات راويان: حميد الطويل، وعيسى بن طهمان ..

الأول: حميد الطويل

اسمه والتعريف به:

هو حميد بن أبي حميد الطويل البصري، الإمام، الحافظ، أبو عبيدة البصري، مولى طلحة الطَلَحَات، ويقال: مولى سلمة واختلف فى اسم أبيه، وهو خال حماد بن سلمة.

وهو كثير التدليس عن أنس حتى قيل ان معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة ووصفه بالتدليس النسائي وغيره، وقد وقع تصريحه عن أنس بالسماع وبالتحديث في أحاديث كثيرة في البخاري وغيره، قال الذهبى:"لحميد عن أنس في كتب الإسلام شيء كثير، وأظن له في الكتب الستة عنه مائة حديث ".

مولده:

في سنة ثمان وستين، عام موت ابن عباس.

الشيوخ والتلاميذ:

روى عن أنس بن مالك، والحسن، وعكرمة، وثابتا البناني، وابن أبي مليكة، ويوسف بن ماهك، وطائفة. وكان صاحب حديث، ومعرفة، وصدق.

حدث عنه عاصم بن بهدلة، وشعبة، وزياد بن سعد، وابن جريج، والسفيانان، والحمادان، ومالك، والأنصارى - الذى معنا فى هذه الروايات - وغيرهم كثير ..

سبب تسميته بالطويل:

ص: 122

قال الأصمعي: رأيت حميداً ولم يكن بطويل، ولكن كان طويل اليدين، وكان قصيرا، لم يكن بذاك الطويل، ولكن كان له جار يقال له: حميد القصير. فقيل: حميد الطويل؛ ليعرف من الآخر.

الجرح والتعديل:

وثقه ابن معين والعجلى وأبو حاتم الرازي، وابن خراش.

قال يحيى القطان: مات حميد وهو قائم يصلي.

الوفاة: مات حميد سنة اثنتين، أو ثلاث وأربعين ومئة.

وقد روى عن حميد، محمد الأنصارى:

محمد بنُ عبدِ الله الأنصَارِي

اسمه والتعريف به:

هو محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصارى، أبو عبد الله البصرى القاضى (قضى بالبصرة وببغداد)

مولده:

وكان مولده فى السنة التى ولد فيها عبد الله بن المبارك وهى سنة ثمانى عشرة ومئة.

وهو من صغار أتباع التابعين.

الجرح والتعديل:

قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائى: ليس به بأس.

وذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات "، وقال ابن حجر: ثقة، روى له: الجماعة.

ومن أحواله:

قال الأنصارى عن نفسه: ما أتيت سلطانا قط إلا وأنا كاره.

وذكر عمر بن شبة فى " أخبار البصرة " أنه ذكر للقضاء أيام المهدى سنة ست وستين ومئة فقال عثمان بن الربيع الثقفى للفضل بن الربيع: إنه فقيه، وعفيف، ولكنه يأتمّ بقول أبى حنيفة، ولنا فى مصرنا أحكام تخالفه فلا يصلحنا إلا من أجاز أحكامنا. فتركوا ولايته إذ ذاك.

قال يحيى بن معين، قال: كان محمد بن عبد الله الأنصارى يليق به القضاء، فقيل له: يا أبا زكريا فالحديث؟ فقال: للحرب أقوامٌ لها خلقوا وللدواوين كتَّابٌ وحُسَّابُ

الوفاة:

لم يزل الأنصارى بالبصرة يحدث إلى أن مات بها فى رجب سنة خمس عشرة ومئتين.

ص: 123