الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
قبل أن أشرع في بيان أبواب وفصول هذا الكتاب أحب أن أمهِّد بين يدي أبحاثه وموضوعاته بشرح عنوانه:
فالتدوين في اللغة: تقييد المتفرق وجمع المتشتت في ديوان؛ ومنه جمع الصحف في كتاب، وهو فارسي معرَّب. 1
وفي الاصطلاح: يستعمل التدوين بمعنى التصنيف والتأليف.
أما السُّنَّة في اللغة: فهي السيرة والطريقة حسنة كانت أو قبيحة.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ في الاسلام سُنِّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئأ، ومن سنَّ في الإسلام سُّنَّة سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً". 2
ومنه قول خالد بن زهير الهذلي:
فلا تجزعن من سُّنَّةٍ أنت سرتها
…
فأول راضٍ سُّنَّةً من يسيرها
1 انظر: مادة "دون" في الصحاح للجوهري، والقاموس المحيط للفيروزآبادي، وتاج العروس للزبيدي.
2 رواه مسلم في كتاب العلم من صحيحه ح: 15.
ومن معانيها في اللغة أيضاً: حسن الرعاية والقيام على الشيء، وذلك من قول العرب:"سنَّ الرجل إبله إذا أحسن رعايتها والقيام عليها". 1
وفي الاصطلاح: تطلق السُّنَّة ويراد بها عدة اصطلاحات: -
1-
قال ابن منظور: "وقد تكرر في الحديث ذكر السُّنَّة وما تصرف منها والأصل فيه: الطريقة والسيرة، وإذا أطلقت في الشرع، فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه وندب إليه قولاً وفعلاً مما لم ينطق به الكتاب العزيز، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب والسُّنَّة، أي القرآن والحديث". 2
2-
وقال الإمام الشاطبي: "ويطلق لفظ السُّنَّة أيضاً في مقابلة البدعة، فيقال: فلان على سُّنَّةٍ، إذا عمل على وفق ما عمل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: فلان على بدعةٍ، إذا عمل على خلاف ذلك". 3
ثم قال أيضاً: "ويطلق لفظ السُّنَّة على ما عمل عليه الصحابة، وُجد ذلك في الكتاب أو لم يوجد، لكونه اتِّباعاً لسُنَّةٍ ثبتت عندهم لم تُنقل إلينا أو اجتهاداً مجتمعاً عليه منهم أو من
1 انظر: مادة "سنن" في الصحاح ولسان العرب لابن منظور.
2 انظر: مادة "سنن" في لسان العرب.
3 انظر: الموافقات للشاطبي 4 / 3 – 4.
خلفائهم لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديين". 1
وبعد أن استقرت المصطلحات، وقعدت العلوم الاسلامية، أصبح للفظ السُّنَّة مفهومات ومصطلحات جديدة منها:
1-
ما يذكره المحدثون في كتبهم: "كل ما أُثِر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ". 2
2-
ما يذكره علماء أصول الفقه: "كل ما صدر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ مما يصلح أن يكون دليلاً لحكمٍ شرعى". 3
3-
ما يذكره الفقهاء في كتبهم: "ما في فعله ثوابٌ وفي تركه ملامةٌ وعتابٌ لا عقاب". 4
1 رواه أحمد في المسند 4 / 126 – 127، وأبو داود في السنة من سننه 5 / 13 ح: 4607، وأبو عيسى الترمذي في كتاب العلم من جامعه 5 / 44 ح: 2676 وقال: "حسن صحيح"، ورواه أيضاً ابن ماجه في سننه 1 / 43 ح:96.
2 فتح المغيث للسخاوي 1 / 6.
3 ابن النجار: شرح الكوكب المنير 2 / 159 – 160، ومذكرة أصول الفقه للأمين الشنقيطي ص:95.
4 قاسم القونوي: أنيس الفقهاء ص: 106.