المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: جهود التابعين في تدوين السنة المشرفة: - تدوين السنة النبوية نشأته وتطوره من القرن الأول إلى نهاية القرن التاسع الهجري

[محمد بن مطر الزهراني]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة:

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: مكانة السنة في الإسلام وعناية السلف بها

- ‌الفصل الأول: ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله وحكم سُّنَّة

- ‌الفصل الثاني: عناية السلف بالسنة

- ‌أولا: العناية بالسنة في عصر الصحابة

- ‌ثانياً: العناية بالسُّنَّة المطهَّرة في عصر التابعين فمن بعدهم

- ‌ثالثاً: الرحلة في طلب الحديث:

- ‌الفصل الثالث: أصحاب الأهواء والفرق وموقفهم من حجية السنة

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: رد السُّنَّة مطلقاً:

- ‌ثانياً: رد خبر الآحاد:

- ‌ثالثاً: رد الزيادة على النص:

- ‌الباب الثاني: تدوين السنة في القرنين الأول والثاني الهجريين

- ‌الفصل الأول: التدوين في القرن الأول

- ‌أولا: تدوين السنة بدأ في حياة النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانياً: جهود الصحابة رضي الله عنهم في تدوين السُّنَّة المطهَّرة ونقلها إلى الأمَّة

- ‌ثالثاً: جهود التابعين في تدوين السُّنَّة المشرفة:

- ‌الفصل الثاني: التدوين في القرن الثاني الهجري

- ‌نمهيد

- ‌أولاً: تطور التدوين في هذا القرن عما سبق:

- ‌ثانياً: ممن اشتهر بوضع المصنفات في الحديث في هذا القرن:

- ‌ثالثاً: دراسة موجزة عن نموذج مما دون في هذا القرن:

- ‌الباب الثالث: التدوين في القرن الثالث الهجري

- ‌تعريف موجز عن جهود علماء السنة في هذا القرن ومميزات التدوين فيه

- ‌الفصل الأول: كتب المسانيد

- ‌الفصل الثاني: الكتب الستة

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: صحيح الإمام البخاري

- ‌ثانياً: صحيح الإمام مسلم

- ‌ثالثاً: سنن أبي داود السجستاني

- ‌رابعاً: جامع أبي عيسى الترمذي

- ‌خامساً: كتاب السنن لأبي عبد الرحمن النسائي

- ‌سادساً: السنن للحافظ أبي عبد الله ابن ماجه

- ‌الباب الرابع: التدوين في القرنين الرابع والخامس

- ‌تمهيد في بيان جهود علماء السنة إجمالا

- ‌الفصل الأول: التدوين في القرن الرابع الهجري

- ‌أولا: دراسة موجزة لنماذج مختارة من كتب السنة المدونة في القرن الرابع

- ‌ثانياً: كتب المستخرجات

- ‌الفصل الثاني: التدوين في القرن الخامس الهجري

- ‌أولاً: أهم المؤلفات في الجمع بين الكتب الستة جميعها أو بعضها:

- ‌ثانياً: دراسة موجزة لنماذج مما أُلِّف في هذا القرن

- ‌الباب الخامس: اتجاه تدوين السنة بعد القرن الخامس إلى نهاية القرن التاسع

- ‌تعريف موجز بأحوال المسلمين في تلك القرون الأربعة

- ‌الفصل الأول: كتب في موضوعات خاصة ومحدودة

- ‌أولاً:- كتب الموضوعات:

- ‌ثانياً: كتب الأحكام:

- ‌ثالثاً: كتب غريب الحديث:

- ‌الفصل الثاني: كتب في موضوعات عامة وشاملة

- ‌أولاً: كتب الأطراف:

- ‌ثانياً: كتب التخريج

- ‌ثالثاً: كتب الزوائد

- ‌رابعاً: كتب الجوامع

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ثالثا: جهود التابعين في تدوين السنة المشرفة:

‌ثالثاً: جهود التابعين في تدوين السُّنَّة المشرفة:

تلقى التابعون رحمهم الله – السُّنَّة، بل الدِّين كله عن الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم – فقاموا بمهمة تبليغ الرسالة من بعد شيوخهم إلى الناس كافة، فكانوا خير جيل بعد ذلك الجيل، وقد بذل جيل التابعين في خدمة السُّنَّة وتدوينها وحفظها جهوداً كبيرة، وفيما يلي نماذج من تلك الجهود:

1-

الحث على التزام السُّنَّة وحفظها وكتابتها والتثبت في روايتها وسماعها:

سبق أن ذكرت طائفة من الأمثلة على ذلك في الفصل الثاني من الباب الأول عند الكلام عن عناية التابعين ومن بعدهم بالسُّنَّة النبوية، وأضيف هنا أمثلة مما لم أمثل له هناك وهو حثُّهم على كتابة السُّنَّة:

أ- روى الخطيب بسنده من عدة طرق عن الإمام عامر الشعبي

أنه كان يقول: "إذا سمعت شيئاً فاكتبه ولو في الحائط فهو خيرٌ لك من موضعه من الصحيفة فإنك تحتاج إليه يوماً ما". 1

ب- عن الحسن البصري قال: "ما قُيِّد العلم بمثل الكتاب، إنما نكتبه لنتعاهده". 2

1 تقييد العلم ص: 100.

2 ذكره الخطيب من عدة طرق عن الحسن: تقييد العلم ص: 101.

ص: 81

ج- وعن سعيد بن جبير قال: "كنت أكتب عند ابن عباس في صحيفتي حتى أملأها، ثم أكتب في ظهر نعلي، ثم أكتب في كَفِّي". 1

د- وعن صالح بن كيسان قال: "اجتمعت أنا والزهري - ونحن نطلب العلم - فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنَّه سُّنَّة، فقلت: أنا ليس بسُنَّة فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت". 2

هـ- وعن ابن شهاب الزهرى قال: "لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق نُنْكِرها لا نعرفها، ما كتبت حديثاً ولا أَذِنْتُ في كتابه". 3

و روى الخطيب من عدة طرق عن معاوية بن قرة قال: "كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علماً". 4

2-

تدوينهم للسُّنَّة في الصحف:

انتشرت كتابة الحديث في جيل التابعين على نطاق أوسع مما كان في زمن الصحابة، إذ أصبحت الكتابة ملازمة لحلقات العلم المنتشرة في الأمصار الإسلامية آنذاك.

ولعل من أسباب ذلك التوسع ما يلي:

1 ذكره الخطيب من عدة طرق عن سعيد بن جبير: تقييد العلم ص: 102 –103

2 تقييد العلم ص: 107، جامع بيان العلم وفضله 1 / 76.

3 تقييد العلم ص: 107 – 108.

4 المصدر السابق ص: 109.

ص: 82

أ- انتشار الروايات، وطول الأسانيد، وكثرة أسماء الرواة وكناهم وأنسابهم.

ب- موت كثير من حفَّاظ السُّنَّة من الصحابة وكبار التابعين فخِيف بذهابهم أن يذهب كثير من السُّنَّة.

ج- ضعف ملكة الحفظ مع انتشار الكتابة بين الناس وكثرة العلوم المختلفة.

د- ظهور البدع والأهواء وفشوِّ الكذب، فحفاظاً على السُّنَّة وحمايةً لها من أن يدخل فيها ما ليس منها شُرِع في تدوينها.

هـ- زوال كثيرٍ من أسباب الكراهة.

وقد كتب في هذا العصر من الصحف ما يفوق الحصر، وقد ذكر الدكتور مصطفى الأعظمي عدداً كبيراً منها وذلك في كتابه:"دراسات في الحديث النبوى". 1

وأكتفي هنا بذكر نماذج من تلك الصحف التى كتبت في هذا العصر:

1-

صحيفة أو صحف سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس. 2

2-

صحيفة بشير بن نهيك كتبها عن أبى هريرة وغيره. 3

1 انظر: الفصلين الثاني والثالث من الباب الرابع 1 / 143 – 220.

2 تقييد العلم ص: 102 – 103، سنن الدارمي – باب من رخص في كتابة العلم.

3 تقييد العلم ص: 101، سنن الدارمي – باب من رخص من كتابة العلم.

ص: 83

3-

صحف مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس، قال أبو يحيى الكناسي:"كان مجاهد يصعد بي إلى غرفته فيخرج إليَّ كتبه فأنسخ منها". 1

4-

صحيفة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي تلميذ جابر بن عبد الله، يروي نسخة عنه وعن غيره أيضاً. 2

5-

صحيفة زيد بن أبي أُنيسة الرُّهَاوي. 3

6-

صحيفة أبي قِلابة التي أوصى بها عند موته لأيوب السختياني. 4

7-

صحيفة أيوب بن أبى تميمة السختياني. 5

8-

صحيفة هشام بن عروة بن الزبير. 6

وغير ذلك من الصحف الكثيرة التي رويت عن التابعين، والتي كانت هي الأساس الثاني بعد صحائف الصحابة رضي الله عنهم أجمعين - لما أُلِّف وصُنِّف في القرنين الثانى والثالث.

1 تقييد العلم ص: 105.

2 انظر: بحوث في تاريخ السنة للدكتور أكرم العمري ص: 230، دراسات في الحديث النبوي 1 / 203.

3 يوجد منها 16 ق في المكتبة الظاهرية في دمشق: بحوث في تاريخ السنَّة ص: 230.

4 انظر: دراسات في الحديث النبوي 1 / 144.

5 يوجد منها 15 ق في الظاهرية بدمشق: بحوث في تاريخ السنة ص: 230.

6 يوجد منها 16 ق في الظاهرية بدمشق: بحوث في تاريخ السنة ص: 230.

ص: 84

3-

جهود الإمامين عمر بن عبد العزيز وابن شهاب الزهري في تدوين السُّنَّة:

1-

جهودهما رحمهما الله تعالى ورضي الله عنهما في نشر السُّنَّة وقمع البدعة - قولاً وفعلاً - أشهر من أن تذكر في هذا المقام، ولتراجع ترجمتيهما في "سير أعلام النبلاء" وغيره.

2-

أخرج البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن دينار قال: "كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإنى خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لايهلك حتى يكون سراً". 1

3-

وعن ابن شهاب الزهري قال: "أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرضٍ له عليها سلطان دفتراً". 2

4-

روى الدارمي بسنده أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المدينة: "انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه،

1 كتاب العلم – باب كيف يقبض العلم.

2 جامع بيان العلم وفضله 1 / 76.

ص: 85

فإنى خفت دروس العلم وذهاب أهله". 1

5-

روى الخطيب بسنده إلى الزهري أنه قال: "لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لانعرفها؛ ما كتبت حديثاً ولا أذنت في كتابه". 2

6-

قال صالح بن كيسان: "اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سُّنَّة، فقلت أنا: ليس بسُنَّة فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت". 3

7-

أخرج الحافظ ابن عبد البر بسنده إلى الإمام مالك قال: "أول ما دون العلم: ابن شهاب الزهري". 4

ولعل المراد بهذا التدوين الشامل الذي بدأه فعلاً الزهري بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز، وقد سبق أن ذكرنا أن الحافظ الخطيب البغدادي قد حرَّر هذا الموضوع في كتابه "تقييد العلم"، وأثبت بالأدلة أن التدوين قد بدأ من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة والتابعين 5 أيضاً، لكن لم يكن ذلك بشمول واستقصاء.

1 سنن الدارمي 1 / 104 باب من رخص في كتابة العلم، تقييد العلم للخطيب ص:106.

2 تقييد العلم ص: 107 – 108.

3 تقييد العلم ص: 106 – 107، جامع بيان العلم 1 / 76 – 77

4 جامع بيان العلم 1: 76.

5 انظر: الفصل الأول من هذا الباب، الفقرة الأولى.

ص: 86