الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تركزت جهود هؤلاء الأعداء في محاربة السُّنَّة في النقاط التالية:
1-
ردّ السُّنَّة بمجرد عقولهم.
2-
الطعن في رواتها بالهوى.
3-
وضع أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلصاقها بالسُّنَّة، وهذه الأحاديث إما تناقض السُّنَّة نفسها، أو تناقض المعقول أو المعلوم بالضرورة، وذلك ليُعَادَ باللائمة على السُّنَّة أو رواتها وهما بَرَاءٌ من ذلك. وقد تنوع رفض السُّنَّة بمجرد العقل إلى:
1-
الرد المطلق.
2-
رد خبر الآحاد.
3-
ويمكن أن يلحق برد خبر الآحاد، رد الزيادة على النص باعتبار أن السبب في ردَّها لكونها خبر آحاد.
وسأوجز القول فيما يلي عن كل نقطة من هذه النقاط
أولاً: رد السُّنَّة مطلقاً:
وخلاصة قول أهل هذا الرأي: أن القرآن وحده يكفي وهو الإسلام وحده، ولا حاجة إلى السُّنَّة، إلا أن بعض القائلين بهذا يستثنون السُّنَّة العملية كتفاصيل الصلاة والزكاة ونحوهما.
وقد بدأت بذور هذا الرأي في أواخر عصر الصحابة وذلك
من خلال مواقف بعض الأفراد كما تدل على ذلك النصوص التالية:
1-
عن الحسن البصري أن عمران بن الحصين كان جالساً ومعه أصحابه فقال رجل من القوم: لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال: فقال له: أدن فدنا، فقال:"أرأيت لو وُكِلتَ أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تَجِدُ فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعاً والمغرب ثلاثاً تقرأ في اثنتين". 1
2-
وعن أيوب السختياني: أن رجلاً قال لمطرف بن عبد الله ابن الشخير: لا تحدثونا إلا بما في القرآن، فقال له مطرف:"إنَّا والله ما نريد بالقرآن بدلاً، ولكنا نريد من هو أعلم بالقرآن منا". 2
3-
وعن أبي عمرو الأوزاعى قال: "قال أيوب السختيانى: إذا حدثت الرجل بالسُّنَّة، فقال: دعنا من هذا، وحدثنا بالقرآن فاعلم أنه ضالٌّ مضلٌّ". 3
ويبدو أن هذه حالات فردية، ولم تتخذ طابعاً جماعياً إلا أواخر القرن الثاني، لكننا لم نقف على معلومات كافية عن هذه الطائفة إلا ما ورد في كتاب "جماع العلم" من كتاب "الأم" للإمام الشافعي حيث قال:"باب حكاية قول الطائفة التي ردَّت الأخبار كلها". 4 ثم شرع في الردِّ عليهم رحمه الله تعالى.
1تقدم تخريجه في الفصل الأول.
2 تقدم تخريجه في الفصل الأول.
3 تقدم تخريجه في الفصل الأول.
4 الأم للشافعي 7 / 273.
وتعتبر الرافضة ممن ردَّ السُّنَّة مطلقاً لأن من معتقدهم الحكم بالردَّة على الصحابة رضي الله عنهم إلا نفر يسير، وعلى ذلك فكل ما جاء من طريقهم من السُّنَّة فهو مردود لاسيما وهم يتَّهمونهم أيضاً بالكذب والخيانة في تبليغ الرسالة، وأنهم كتموا تسعة أعشار القرآن، وأما ما يعملون به مما يسمونه حديثاً أو سُّنَّة فهو في الحقيقة دين جديد اختلقه عبد الله بن سبأ اليهودي، ولفَّقه من اليهودية والاسلام، ثم وضعوا له فيما بعد أسانيد من طريق آل البيت وهى كذب وزور، وآل البيت منهم ومن دينهم برآء برآءة الذئب من دم يوسف.
والإسلام كله - كتاباً وسنَّة - ليس للأمَّة طريق لمعرفته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الصحابة، فمن ردَّ ما جاء من طريقهم فمن أين له طريق آخر يعرف به ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمزيد تفصيلٍ عن موقف الرافضة من السُّنَّة المطهَّرة فليراجع "منهاج السُّنَّة النبويَّة" للإمام شيخ الإسلام الحافظ ابن تيمية، أو "مختصره" للشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان، وما كتبه الحافظ السيوطي في كتابه "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسُّنَّة" و "الروض الباسم في الذب عن سُّنَّة أبي القاسم" للحافظ ابن الوزير اليمني المتوفى سنة (840 هـ) .
هذا بالنسبة للعصور الماضية، أما في العصر الحاضر فإن الاستعمار الغربى لم يكد ينتهي من إتمام وإحكام سيطرته على بلاد المسلمين حتى شرع – وذلك عبر طلائعه من المبشرين والمستشرقين -
في إحياء ما اندثر من البدع والآراء المنحرفة والفرق والطوائف المعادية للإسلام والتي كان قد غرسها من قَبْلَهم أسلافهم من أعداء الإسلام من يهود ونصارى ومجوس وصابئة.
وكان من تلك البدع والآراء المنحرفة التي أحياها الاستعمار - عن طريق من باعوا ذممهم من جهلة المسلمين للاستعمار نظير حفنة من الجنيهات - تلك المقولة التي تنادى برفض السُّنَّة والاكتفاء بالقرآن وحده، فهو كاف بزعمهم، وهم في الحقيقة يقصدون ردَّ الدين كلِّه كتاباً وسنة.
ففي شبه القارة الهندية استطاع الإنجليز أن يشتروا مجموعة ممن يزعمون أنفسهم من علماء المسلمين ثم اتخذوهم مطية لإنكار الجهاد بالسيف وإقناع المسلمين بذلك، وكان ذلك بعد أن عانى الانجليز الأمرَّين على يد الحركات الجهادية التي كانت تخرج ضدهم في أنحاء الهند.
وكان من أبرز المنادين بإبطال الجهاد "جراغ على" و "ميرزا غلام أحمد القاديانى".
ثم تطور الأمر إلى إيجاد مجموعة أخرى تنادي برد السُّنَّة مطلقاً والاقتصار على القرآن، وكان على رأس هذه المدرسة "سيد أحمد خان" و "عبد الله جكرألوي" و "أحمد الدين الآمرتسري" وآخرين، ثم جاء "غلام أحمد برويز" فأسس جمعية باسم أهل القرآن، كما أصدر مجلة شهرية،
ونشر عدة كتب في هذا الصدد. 1
أما في بلاد العرب فقد تولَّى كِبر الدعوة إلى رد السُّنَّة والاقتصار على القرآن وحده طائفتان:
الطائفة الأولى:
من يزعمون أنفسهم من اتباع المدرسة الاصلاحية التي نشأت وترعرعت في أرض الكنانة مصر على يد كل من: محمد عبده وشيخه المتسمي بالأفغاني، وقد نشرت آراء هذه المدرسة من خلال وسيلتين:
الوسيلة الأولى: مجلة المنار التي كان يرأس تحريرها ومؤسسها الشيخ محمد رشيد رضا أحد أقطاب المدرسة الإصلاحية، فقد نشرت هذه المجلة سلسلة من المقالات بعنوان: الإسلام هو القرآن وحده 2 بقلم الدكتور توفيق صدقى، وقد أيَّد الشيخ رشيد رضا هذه المقالات إلا أنه زاد الطين بلة حين قسَّم السُّنَّة إلى دين عام - السُّنَّة العملية - يجب قبوله، ودين خاص - وهو ماعدا ذلك - لسنا ملزمين بالأخذ به. 3
1 كتب في الردِّ على هذه الجمعية كتبٌ كثيرة، وأغلبها باللغة الأردية، ومن أجود ما كتب في الرد على هذه الطائفة – فيما وقفت عليه – "القرآنيون وسبهاتهم حول السنَّة" رسالة ماجستير تقدم بها خادم حسين بخش إلى قسم العقيدة في جامعة أم القرى، وطبعتها مكتبة الصديق بالطائف.
2 مجلة المنار – السنة التاسعة – العددان 7 – 12.
3 انظر: دراسات في الحديث النبوي للأعظمي 1 / 26 –27 ويذكر الأستاذ السباعي أن رشيد رضا قد رجع عن ذلك في آخر حياته، نقل ذلك عنه الدكتور الأعظمي في: دراسات في الحديث النبوي 1/ 27.