الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: التدوين في القرن الرابع الهجري
أولا: دراسة موجزة لنماذج مختارة من كتب السنة المدونة في القرن الرابع
…
الفصل الأول: التدوين في القرن الرابع الهجري
أولاً: هذه دراسة موجزة لنماذج مختارة من كتب السُّنَّة المدونة في القرن الرابع:
1-
صحيح الإمام ابن خربمة:
المؤلِّف:
أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة النيسابورى الحافظ إمام الأئمة، شيخ الاسلام صاحب المصنفات الكثيرة، ولد سنة (223 هـ) ، وتوفي سنة (ت 311 هـ) . 1
تسمية كتابه:
اشتهر بين الناس باسم: صحيح ابن خزيمة، وقد ذكر الدكتور محمد مصطفى الأعظمي- محقق الجزء الموجود من ابن خزيمة - أن اسمه كما وضعه مؤلفه: مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه مختصر من كتابه "المسند الصحيح". 2
وقال الحافظ ابن حجر: وسمَّى ابن خزيمة كتابه: "المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطعٍ في السند، ولا جرحٍ في النقلة". 3
1 انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2 / 720 730، سير أعلام النبلاء 14 / 365 – 382.
2 انظر: مقدمة صحيح ابن خزيمة 1/16 – 17 بقلم المحقق.
3 النكت 1 / 291.
شرطه في كتابه:
اشترط ابن خزيمة رحمه الله في هذا الكتاب ألا يُخرِّج إلا الحديث الصحيح، وقد نص على ذلك في عنوان كتابه حيث قال:"مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطعٍ في أثناء الإسناد، ولا جرحٍ في ناقلي الأخبار التي نذكرها بمشيئة الله تعالى". 1
منهجه في الصحيح:
أ- رتبه على الكتب والأبواب فبدأه بكتاب الوضوء ثم كتاب
الصلاة. وهكذا.
ثم يورد تحت كل كتاب مجموعة من الأبواب، يقول: باب كذا
…
وتارة يقول: أبواب كذا.
ب- يورد الأحاديث مسندة منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان للحديث أكثر من طريق يذكرها. 2
ج- يعقب على الحديث – غالباً - بالكلام على سنده ومتنه، ويعتني بضبط الألفاظ ومخالفة كل راوٍ للآخر في لفظه، وغالباً ما يبدأ كلامه بقوله: قال أبو بكر: 3
1 انظر: صحيح ابن خزيمة 1 / 3 ابتداء كتاب الوضوء.
2 انظر: كتاب الوضوء من صحيح ابن خزيمة 1 / 6 ح 5 – 6 و 1 / 10 ح 13 – 14.
3 انظر مثلاً: كتاب الوضوء 1 / 11 ح 15 – 16.
د- كثيراً ما يذكر الراجح عنده في المسألة في تراجم الأبواب
على طريقة فقهاء المحدثين كالبخاري وأبى داود وغيرهما. 1
مكانة صحيح ابن خزيمة من كتب السُّنَّة:
قال الحافظ ابن الصلاح: "ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الصحيحين يتلقَّاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة
…
ويكفى كونه موجوداً في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه، ككتاب ابن خزيمة.... 2
وقال الحافظ السيوطى: "صحيح ابن خزيمة أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحرِّيه، حيث إنه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد، فيقول مثلا: باب كراهة كذا إن صح الخبر، أو إن ثبت كذا". 3
وقال الإمام الذهي: "وقد كان هذا الإمام جهبذاً بصيراً بالرجال"، ثم ذكر عنه أنه قال:"لست أحتج بشهر بن حوشب، ولا بحُرَيز بن عثمان، ولا بعبد الله بن عمرو، ولا ببقية، ولا بمقاتل بن حيان"، ثم سمَّى خلقاً من الرواة الذين حصل في الاحتجاج بروايتهم خلافٌ بين الأئمة مما يدل على شدة تحري ابن خزيمة وتوقيه في الرواية
1 انظر مثلاً: كتاب الوضوء 1 / 18.
2 أبو عمر ابن الصلاح علوم الحديث ص: 17.
3 جلال الدين لسيوطي: تدريب الراوي 1 / 109، وانظر الأمثلة على ما ذكره السيوطي من تحري ابن خزيمة في صحيحه 1 / 75، 228، 2
في صحيحه رحمه الله. 1
عناية العلماء بصحيح ابن خربمة:
اعتنى العلماء بصحيح ابن خزيمة روايةً وإسماعاً ونسخاً، وممن اعتنى به من المتأخرين:
1-
الحافظ سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن (ت 804 هـ) حيث اختصر "تهذيب الكمال" للمزي مع التذييل عليه برجال ستة كتب هى: المسند للإمام أحمد، صحيح ابن خزيمة، صحيح ابن حبان، مستدرك الحاكم، السنن للدارقطني، السنن الكبرى للبيهقي، وسمَّاه:"إكمال تهذيب الكمال".
2-
والحافظ ابن حجر العسقلانى (ت 852 هـ) حيث صنف كتاب "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة" 2، وهي: موطأ الإمام مالك، ومسند الشافعي، ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارمى، وصحيح ابن خزيمة، والمنتقى لابن الجارود، وصحيح ابن حبان، والمستخرج لأبى عوانة، والمستدرك للحاكم، وشرح معانى الآثار للطحاوي، والسنن للدار قطني.
قال الحافظ: "وإنما زاد العدد واحداً لأن صحيح ابن خزيمة لم يوجد منه سوى قدر ربعه". 3
1 أبو عبد الله الذهبي: سير أعلام النبلاء 14 / 373.
2 طبع في مركز خدمة السنة والسيرة النبوية في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
3 انظر: مقدمة صحيح ابن خزيمة لمحققه الدكتور محمد مصطفى الأعظمي 1 / 22 – 23.
2-
صحيح ابن حبان 1:
المؤلف:
الإمام العلامة الحافظ شيخ خراسان أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ بن معبد التميمي الدارمي البستي صاحب الكتب الشضهورة والمصنفات الغزيرة، ولد سنة بضع وسبعين ومائتين، وتوفي سنة (354 هـ) . 2
تسمية صحيح ابن حبان:
اشتهر بين العلماء باسم صحيح ابن حبان، واسمه كما ذكره المؤلِّف في مقدمته:"المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود قَطْعٍ في سندها، ولا ثبوت جرحٍ قي ناقليها". 3
شرط ابن حبان في صحيحه:
قال رحمه الله في مقدمته: "وأما شرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن فإنا لم نحتجّ فيه إلا بحديثٍ اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
1-
العدالة في الدين بالستر الجميل.
2-
الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
3-
العقل بما يحدِّث من الحديث.
4-
العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
1 طبع ترتيبه لابن بلبان الفارسي في ثمانية عشر مجلداً مع فهارسه بتحقيق الأستاذ شعيب الأرناؤوط، وهي أجود طبعة لهذا الكتاب فيما أعلم. 2 انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3 / 920 – 924، سير أعلام النبلاء 16 / 92.
3 انظر: مقدمة محقق صحيح ابن حبان: شعيب الأرناؤوط 1 / 32 – 33
5-
المتعري خبره عن التدليس.
فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرَّى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به". 1
سبب تأليف ابن حبان لصحيحه:
قال في مقدمته:
1-
وإنى لما رأيت الأخبار طرقها كثرت، ومعرفة الناس بالصحيح منها قَلَّتْ لاشتغالهم بكتب الموضوعات، وحفظ الخطأ والمقلوبات، حتى صار الخبر الصحيح مهجوراً لا يكتب، والمنكر المقلوب عزيزاً يُستغرب.
2-
وأن من جمع السنن من الأئمة المرضيين وتكلم عليها من أهل الفقه والدين أمعنوا في ذكر الطرق للأخبار، وأكثروا من تكرار المعاد للآثار قصداً منهم لتحصيل الألفاظ على من رام حفظها من الحفَّاظ، فكان ذلك سبب اعتماد المتعلم على ما في الكتاب. 2
ثم قال رحمه الله: "فتدبرت الصحاح لأسهِّل حفظها على المتعلِّمين، وأمعنت الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين".
منهج ابن حبان في صحيحه:
وقال رحمه الله في بيان منهجه: "..فتد برت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين، وأمعنت الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين فرأيتها تنقسم خمسة أقسام متساوية متفقة التقسيم غير متنافية:
1 الحافظ ابن حبان: مقدمة الصحيح 1 / 139 – 141.
2 المصدر نفسه 1 / 86 – 87.
فأولها: الأوامر التي أمر الله عباده بها (وهي تدور على مائة نوع وعشرة أنواع) .
والثاني: النواهى التي نهى الله عباده عنها (وهي تدور على مائة نوع وعشرة أنواع) .
والثالث: إخباره عما احتيج إلى معرفتها (وتدور على ثمانين نوعاً) .
والرابع: الإباحات التي أبيح ارتكابها (وتدور على خمسين نوعاً) .
والخامس: أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي انفرد بفعلها (وتدور على خمسين نوعاً) .
ثم قال: "فجميع أنواع السنن أربع مائة نوع على حسب ما ذكر ناها".اه ملخَّصاً 1
وقال في آخر الكتاب: "فهذا آخر أنواع السنن، قد فصلناها على حسب ما أصَّلنا الكتاب عليه من تقاسيمها، وليس في الأنواع التي ذكرناها من أول الكتاب إلى آخره نوع يستقصى، لأنَّا لو ذكرنا كل نوع بما فيه من السنن، لصار الكتاب أكثره معاداً"، إلى أن قال: "وكشفنا عما أُشكل من ألفاظها، وفصلنا عما يجب أن يوقف
1 انظر: تفصيل هذه الأقسام والأنواع في الفصل الثاني من مقدمة علاء الدين علي بن بلبان الفارسي لترتيبه لصحيح ابن حبان 1 / 104 – 137.
على معانيها على حسب ما سهل الله ويسره وله الحمد على ذلك". 1
أما طريقة ترتيبه فقد وصفها السيوطي بقوله: "صحيح ابن حبان ترتيبه مَخْتَرَعٌ ليس على الأبواب، وليس على المسانيد، ولهذا سمَّاه: التقاسيم والأنواع". 2
ويعتبر صحيح ابن حبان موسوعة كبيرة في الفقه على طريقة أهل الحديث، حيث توَّج كل حديثٍ بعنوانٍ يتضمن المعنى الذي استنبطه من نص الحديث الذي يدرجه تحته، ثم يعقب على كثير من الأحاديث بتعليقات نفيسة، بعضها في الكلام على الرجال وبعضها تفسير دقيق للمعنى، وبعضها في رفع الإشكال المتوهم في الخبر، أو التعارض بين خبر وآخر، وغير ذلك من النفائس والطرائف.
ثناء العلماء على صحيح ابن حبان:
1-
قال الأمير علاء الدين الفارسي (ت 739 هـ) الذي رتب صحيح ابن حبان على أبواب الفقه: "إنه من أجمع المصنفات في الأخبار النبوية، وأنفع المؤلفات في الآثار المحمدية". 3
2-
وقال السخاوي: "قال الحازمى: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم، وقال ابن كثير: قد التزم ابن خزيمة وابن حبان الصحة، وهما خيرٌ من "المستدرك" بكثير وأنظف أسانيداً ومتوناً". 4
1 أبو حاتم ابن حبان: صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 1 / 154.
2 السيوطي: تدريب الراوي 1 / 109.
3 انظر: صحيح ابن حبان 1 / 79.
4 شمس الدين السخاوي: فتح المغيث 1 / 33.
3-
وقال الشيخ أحمد بن محمد بن شاكر - في مقدمة الجزء الذي حققه من صحيح ابن حبان -: "صحيح ابن حبان كتاب نفيس جليل القدر، وعظيم الفائدة، حرره مؤلفه أدق تحرير، وجوَّده أحسن تجويد، وحقق أسانيده ورجاله، وعلل ما احتاج إلى تعليل من نصوص الأحاديث وأسانيدها، وتوثق من صحة كل حديث اختاره على شرطه، وما أظنه أخلَّ بشيء مما التزم إلا ما يخطيء فيه البشر وما لا يخلو منه محقق".
آراء العلماء في منهج ابن حبان في الصحيح:
1-
قال أبو عمرو بن الصلاح - عن مستدرك الحاكم -: "وهو واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به، ويقاربه في حكمه صحيح ابن حبان البستي رحمهما الله جميعاً. 1
2-
وقال الحافظ السخاوي: "قوله – أي العراقي -: "يدانى الحاكم أي يقاربه في التساهل، وذلك يقتضي النظر في أحاديثه أيضاً لأنه غير متقيد بالمعدَّلين، بل ربما يخرج للمجهولين، لا سيما ومذهبه إدراج الحسن في الصحيح مع أن شيخنا - ابن حجر - قد نازع في نسبته للتساهل إلا من هذه الحيثية". 2
3-
وقال الحافظ ابن حجر: "حكم الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها لكونها دائرة بين الصحيح والحسن ما لم يظهر في بعضها علةٌ قادحةٌ". 3
4-
وقال السيوطي: "قيل: وما ذكر من تساهل ابن حبان ليس بصحيح، فإن غايته أنه يسمى الحسن صحيحاً، فإن كانت نسبته إلى
1 أبو عمرو ابن الصلاح: علوم الحديث ص: 18.
2 السخاوي: فتح المغيث 1 / 33.
3 النكت 1 / 291.
التساهل باعتبار وجدان الحسن في كتابه، فهى مشاحَّة في الإصطلاح، وإن كانت في اعتبار خفة شروطه، فإنه يخرج في الصحيح ما كان راويه ثقة غير مدلس، سمع من شيخه وسمع منه الآخذ عنه، ولا يكون هناك إرسال ولا انقطاع، وإذا لم يكن في الراوي جرحٌ ولا تعديلٌ وكان كلٌّ من شيخه والراوي عنه ثقة.
وفي كتابه "الثقات" كثير ممن هذه حاله، ولأجل هذا ربما اعترض عليه في جعلهم ثقات من لم يعرف حاله، ولا اعتراض عليه فإنه لا مشاحَّة في ذلك". 1
عناية العلماء بصحيح ابن حبان:
لم أقف على من اعتنى بصحيح ابن حبان قبل القرن الثامن فيما أعلم، ولعل عسر ترتيب الكتاب وصعوبة الكشف فيه كان سبباً رئيساً في هجر العلماء له، والله تعالى أعلم.
1-
وأول من علمته أنه اعتنى بابن حبان هو الأمير علاء الدين
علي بن بلبان الفارسي (ت 739 هـ) – رحمه الله – حيث قام بترتيبه على الكتب والأبواب، ليسهل على طلبة العلم الانتفاع به، فجزاه الله عن العلم وأهله خيراً.
2-
ترجم لرجال ابن حبان في صحيحه الحافظ أبو يعلى سراج
الدين عمر بن على بن الملقن (ت 804 هـ) في كتابه "إكمال تهذيب الكمال" حيث ذيل على كتاب المزِّيِّ برجال ستة كتب منها "صحيح ابن حبان"، وقد سبق ذكر هذه الستة في الكلام عن "صحيح ابن
1 السيوطي: تدريب الراوي 1 / 108.
خزيمة" فراجعه هناك.
3-
قام الحافظ أبو بكر نور الدين الهيثمي (ت 807 هـ) بإخراج زوائد "صحيح ابن حبان" على الصحيحين في كتاب سمَّاه "موارد الظمآن إلى زوائد صحيح ابن حبان" وهو مطبوع.
4-
رتبه الحافظ ابن حجر على الأطراف ضمن كتابه "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة" الذي مر ذكره عند الكلام عن عناية العلماء ب "صحيح ابن خزيمة".
3-
المستدرك لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري:
المؤلف:
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبي الحافظ الناقد، المعروف بابن البيع الحاكم النيسابوري صاحب التصانيف، ولد سنة (321 هـ) ، وتوفي سنة (405 هـ) .
تسمية كتابه:
المستدرك على الصحيحين.
شرط المؤلف ومنهجه في كتابه:
قال رحمه الله في مقدمته: "وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتاباً يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن حجاج بمثلها - إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له - فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما"، ثم قال:"وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان رضى الله عنهما، أو أحدهما". 1
وقال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح: "واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين مما رآه على شرط الشيخين، وقد أخرجا عن رواته في كتابيهما أو على شرط البخاري وحده، أو شرط مسلم وحده، أو ما أدى اجتهاده إلى تصحيحه وإن لم يكن على شرط واحد منهما". 2
1 أبو عبد الله الحاكم: مقدمة المستدرك 1 / 2 – 3.
2 أبو عمرو بن الصلاح: علوم الحديث ص: 18.
آراء العلماء في المستدرك ومنهج الحاكم فيه:
قال ابن الصلاح: "وهو – أي الحاكم - متساهل في التصحيح، واسع الخطو في شرط الصحيح، متساهلٌ في القضاء به، فالأولى أن نتوسط في أمره فنقول: ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به، إلا أن تظهر فيه علَّة توجب ضعفه". 1
وقال الحافظ زين الدين العراقى - تعليقاً على كلام ابن الصلاح -: "قوله: وقد اعتنى الحاكم..إلى آخره فيه أمران:
أحدهما: أن قوله: أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين ليس كذلك، فقد أودعه أحاديث في الصحيح وهماً منه في ذلك، وهى كثيرة منها: حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً: لا تكتبوا عني سوى القرآن الحديث، رواه الحاكم في مناقب أبي سعيد الخدري، وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" في كتاب الزهد وقد بيَّن الحافظ الذهبي في "مختصر المستدرك" كثيراً من الأحاديث التي أخرجها في "المستدرك" وهي في الصحيح.
الثاني: أن قوله: مما رواه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما، فيه بيان أن ما هو على شرطهما هو ما أخرجا عن رواته في كتابيهما، ولم يرد الحاكم ذلك فقوله بمثلها أي بمثل رواتها لا بهم أنفسهم، ويحتمل أن يراد بمثل تلك الأحاديث، وفيه نظر". 2
1 أبو عمرو ابن الصلاح: علوم الحديث ص:18.
2 الحافظ العراقي: التقييد والإيضاح ص: 17 – 18.
قال الحافظ ابن حجر - معلقاً على شيخه العراقي -: "لكن تصرف الحاكم يقوي أحد الاحتمالين اللذين ذكرهما شيخنا - رحمه الله تعالى - فإنه إذا كان عنده الحديث قد أخرجا - أو أحدهما - لرواته قال: صحيح على شرط الشيخين أو أحدهما، وإذا كان بعض رواته لم يخرجا له قال: صحيح الاسناد حسب، يوضح ذلك قوله - في باب التوبة - لما أورد حديث أبي عثمان عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "لا تنزع الرحمة إلا من شقي" قال: هذا حديث صحيح الإسناد، وأبو عثمان هذا ليس هو النهدي، ولو كان هو النهدي لحكمت بالحديث على شرط الشيخين.
فدل هذا على أنه إذا لم يُخْرِّجا لأحد رواة الحديث لا يحكم به على شرطهما وإن كان الحاكم قد يغفل عن هذا في بعض الأحيان فيصحِّح على شرطهما بعض مالم يخرجا لبعض رواته، فيحمل ذلك على السهو والنسيان، ويتوجه به حينئذ عليه الاعتراض، والله أعلم". 1
آراء العلماء في أحاديث المستدرك:
1-
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: "عن المظفر بن حمزة قال: سمعت أبا سعد الماليني يقول: طالعت كتاب "المستدرك" على الشيخين الذي صنَّفه الحاكم من أوله إلى آخره فلم أر فيه حديثاً على شرطهما". 2
1 أبو الفضل ابن حجر: النكت 1 / 320 – 321.
2 أبو عبد الله الذهبي: سير أعلام النبلاء 17 / 175 – 176.
2-
قال الذهبي - تعليقاً على كلام الماليني: "هذه مكابرة وغلو، وليست رتبة أبي سعد أن يحكم بهذا، بل في "المستدرك" شيءٌ كثير على شرطهما، وشيءٌ كثيرٌ على شرط أحدهما، بل لعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقل، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها عللٌ خفيَّةٌ مؤثِّرةٌ، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيِّد وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب كنت قد أفردت منها جزءاً، وبكل حال فهو كتاب مفيد قد اختصرته، ويعوزه عملاً وتحريراً". 1
3-
وقال الحافظ ابن حجر - تعقيباً على كلام الذهبي -: "وهو كلام مجمل يحتاج إلى إيضاح وتبيين، فنقول: ينقسم المستدرك أقساماً، كل قسم منها يمكن تقسيمه:
القسم الأول: أن يكون إسناد الحديث الذي يخرجه محتجاً برواته في الصحيحين أو أحدهما على صورة الاجتماع سالماً من العلل.
واحترزنا بقولنا: على صورة الإجتماع، عما احتجا برواته على صورة الإنفراد، كسفيان بن حسين عن الزهري، فإنهما احتجا بكل منهما على الإنفراد، ولم يحتجا برواية سفيان بن حسين عن الزهرى؛ لأن سماعه من الزهري ضعيف دون بقية مشايخه.
وكذا إذا كان الإسناد قد احتج كل منهما برجل منه ولم يحتج
1 المصدر السابق.
بآخر منه، كالحديث الذي يروى عن طريق شعبة مثلاً عن سماك ابن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما فإن مسلماً احتج بحديث سماك إذا كان من رواية الثقات عنه، ولم يحتج بعكرمة، واحتج البخاري بعكرمة دون سماك، فلا يكون الإسناد والحالة هذه على شرطهما، حتى يجتمع فيه صورة الاجتماع، وقد صرح بذلك الإمام أبو الفتح القشيري وغيره.
واحترزتُ بقولي: أن يكون سالما من العلل، بما إذا احتجا بجميع رواته على صورة الاجتماع إلا أن فيه من وُصِف بالتدليس أو اختلط في آخر عمره، فإنا نعلم في الجملة أن الشيخين لم يخرجا من رواية المدلسين بالعنعنة إلا ما تحققا أنه مسموع لهم من جهة أخرى، وكذلك لم يخرجا من حديث المختلطين عمن سمع منهم بعد الاختلاط إلا ما تحققا أنه من صحيح حديثهم قبل الاختلاط، فإذا كان كذلك لم يجز الحكم للحديث الذي فيه مدلس قد عنعنه، أو شيخ سمع ممن اختلط بعد اختلاطه بأنه على شرطهما وإن كانا قد أخرجا ذلك الإسناد بعينه، إلا إذا صرح المدلس من جهة أخرى بالسماع، وصح أن الراوي سمع من شيخه قبل اختلاطه، فهذا القسم يوصف بكونه على شرطهما أو شرط أحدهما.
ولا يوجد حديث في "المستدرك" بهذه الشروط لم يخرجا له نظيراً أو أصلاً إلا القليل كما قدمناه، نعم فيه جملة مستكثرة بهذه الشروط لكنها مما أخرجها الشيخان أو أحدهما، استدركها الحاكم واهماً في
ذلك ظاناً أنهما لم يخرجاها. 1
القسم الثاني: أن يكون إسناد الحديث قد أخرجا لجميع رواته لا على سبيل الاحتجاج بل في الشواهد والمتابعات والتعليق أو مقروناً بغيره، ويلتحق بذلك ما إذا أخرجا لرجلٍ وتجنبا ما تفرد به أو ما خالف فيه، كما أخرج مسلم من نسخة العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه مالم يتفرد به، فلا يحسن أن يقال: إن باقي النسخة على شرط مسلم؛ لأنه ما خرَّج بعضها إلا بعد أن تبيَّن أن ذلك مما لم ينفرد به، فما كان بهذه المثابة لا يلتحق أفراده بشرطهما.
وقد عقد الحاكم في كتاب "المدخل" باباً مستقلاً ذكر فيه من أخرج له الشيخان في المتابعات، وعدد ما أخرجا من ذلك، ثم أنه مع هذا الاطلاع يخرج أحاديث هؤلاء في "المستدرك" زاعماً أنها على شرطهما، ولا شك في نزول أحاديثهم عن درجة الصحيح بل ربما كان فيها الشاذ والضعيف، لكن أكثرها لا ينزل عن درجة الحسن.
والحاكم وإن كان لا يفرق بين الصحيح والحسن، بل يجعل الجميع صحيحاً تبعاً لمشايخه كما قدمناه عن ابن خزيمة وابن حبان، فإنما يناقش في دعواه أن أحاديث هؤلاء على شرط الشيخين أو أحدهما، وهذا القسم هو عمدة الكتاب.
1 ابن حجر: النكت على ابن الصلاح 1 / 314 – 316.
القسم الثالث: أن يكون الإسناد لم يخرحا له لا في الاحتجاج
ولا في المتابعات، وهذا قد أكثر منه الحاكم، فيخرج أحاديث عن خَلْقٍ ليسوا في الكتابين ويصححها، لكن لا يدعي أنها على شرط واحد منهما، ربما ادعى ذلك على سبيل الوهم، وكثير منها يعلق القول بصحَّتها على سلامتها من بعض رواتها، كالحديث الذى أخرجه من طريق الليث، عن إسحاق بن بزرج - بالموحدة بعدها زاي ثم راء فجيم - عن الحسن بن علي (في التزين للعيد) قال في إثره: لولا جهالة إسحاق لحكمت بصحته، وكثيراً منها لا يتعرض للكلام عليه أصلاً، من هنا دخلت الآفة كثيراً فيما صححه، وقلَّ أن تجد في هذا القسم حديثاً يلتحق بدرجة الصحيح فضلاً عن أن يرتفع إلى درجة الشيخين، والله أعلم". 1
اعتذار العلماء عن الحاكم في تساهله وغفلته:
قال الحافظ ابن حجر: "إنما وقع للحاكم التساهل لأنه سوَّد الكتاب لينقِّحه، فعاجلته المنيَّة ولم يتيسر له تحريره وتنقيحه"، قال:"وقد وجدت في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من "المستدرك": إلى هنا انتهى إملاء الحاكم"، قال: "وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ عنه إلا بطريق الإجازة، والتساهل في القدر المملى
1 ابن حجر العسقلاني: النكت على ابن الصلاح 1 / 316 – 318.
قليلٌ بالنسبة لما بعده". 1
وقال طاهر بن صالح الجزائري الدمشقي: "ويقال: إن السبب في ذلك أنه صنفه في أواخر عمره وقد اعترته غفلة، وكان ميلاده في سنة (321 هـ) ووفاته في سنة (405 هـ) فيكون عمره أربعاً وثمانين سنة". 2
عناية العلماء بمستدرك الحاكم:
1-
اعتنى به العلماء رواية وسماعاً كغيره من كتب الحديث المسندة، كذلك اعتنو بدراسة منهجه فيه.
2-
لخصه الإمام أبوعبد الله الذهبي في كتابه "تلخيص المستدرك" مع تعقبه في أحكامه على الأحاديث.
3-
ألَّف أبو عبد الله الذهبي أيضاً جزءاً في الأحاديث المناكير والواهيات والموضوعات التي في "المستدرك".
4-
ترجم لرجاله الحافظ سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن ضمن كتابه "إكمال تهذيب الكمال".
5-
رتبه الحافظ ابن حجر على الأطراف ضمن كتابه "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة".
6-
وللحافظ ابن الملقن تلخيصٌ للمستدرك، طبع في سبع مجلدات.
1 طاهر بن صالح الجزائري: توجيه النظر ص: 138.
2 المصدر السابق.
4-
شرح مشكل الآثار 1 لأبي جعفر الطحاوي:
المؤلف:
الإمام الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة ابن سلمة الأزدى المصري الطحاوي، صاحب التصانيف الكثيرة، ولد سنة (239 هـ) وتوفي رحمه الله سنة (321 هـ) . 2
موضوع الكتاب وسبب تأليفه:
أوضح ذلك المؤلف في مقدمته رحمه الله فقال: "وإني نظرت في الآثار المروية عنه صلى الله عليه وسلم بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذوو التثبت والأمانة عليها، وحسن الأداء لها، فوجدت فيها أشياء مما يسقط معرفتها والعلم بها عن أكثر الناس فمال قلبي إلى تأملها وتبيين ما قدرت عليه من مشكلها، ومن استخراج الأحكام التي فيها، ومن نفي الإحالات عنها، وأن أجعل ذلك أبواباً أذكر في كل باب منها ما يهب الله عز وجل لي من ذلك، حتى أبيِّن ما قدرت عليه منها، كذلك ملتمساً ثواب الله عز وجل عليها، والله أسأله التوفيق لذلك والمعونة عليه، فإنه جواد كريم، وهو حسبي ونعم الوكيل". 3
1 طبع قريباً من نصف الكتاب في الهند في أربع مجلدات، ثم طبع في بيروت المجلَّد الأول منه بتحقيق شعيب الأرناؤوط، وذكر في مقدمته أنه حقَّقه على نسخة كاملة وسيخرج في ثمان مجلدات، ثم طبع عام 1415 هـ في ستة عشر مجلداً.
2 انظر تفصيل ترجمته في: سير أعلام النبلاء 15 / 27 – 33.
3 الطحاوي: مشكل الآثار 1 / 6.
منهج الطحاوي في كتابه:
لم يرتِّب المؤلف رحمه الله كتابه على طريقة معينة، بل يورد الأبواب كما اتفقت له، فنجد أحاديث الوضوء فيه متفرقة من أول الكتاب إلى آخره، وكذلك أحاديث الصلاة والصيام وسائر الشرائع والأحكام. والطريقة التي اتبعها المؤلف في كتابه هذا هي أنه يدرج تحت كل باب حديثين ظاهرهما التعارض مما يتضمنهما العنوان الذي وضعه لهما، فيورد أسانيدهما ويسرد طرقهما وألفاظهما، ثم يبسط القول في مواضع الخلاف فيهما، ثم يتناولهما بالشرح والبيان والتحليل حتى تأتلف معانيهما وينتفى عنهما الاختلاف ويزول التعارض، وقد اشترط في التوفيق بين الحدثين المتعارضين أن يكون كل منهما في مرتبة واحدة من الصحة والسلامة، فإذا كان أحدهما ضعيفاً اطَّرحه وأخذ بالقوي، لأن القوي لا يؤثر فيه معارضة الضعيف. أما إذا كانا في مرتبة واحدة من الصحة والسلامة، فهو لا يألوا جهداً في البحث عن معنى يوفق بينهما ويزيل تعارضهما، وإذا تضادَّا ولا سبيل إلى الجمع بينهما؛ فإن علم تاريخ كل واحد منهما حكم على المتقدم بالنسخ وصار إلى الناسخ المتأخر، وإذا جهل تاريخهما، فإنه يلجأ إلى ترجيح أحدهما بما يٌعتَدُّ به من وجوه الترجيح وهي كثيرة، بسطها المؤلف في أكثر من موضع في كتابه هذا. 1
1 انظر: مقدمة تحقيق مشكل الآثار بقلم شعيب الأرناؤوط 1 / 3 – 4 ومن الأمثلة على ذلك: 1 / 82 – 83 باب بيان مشكل ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في الأعداد من الزمان التي لو وقفها من مرَّ بين يدي المصلي كانت خيراً له 1 / 85 – 91 باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: "إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم".
عناية العلماء بهذا الكتاب:
1-
اختصره الحافظ الفقيه القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت 474 هـ) الأندلسي اختصاراً بديعاً ضمَّ كل ما فيه إلى نوعه، وألحق كل شكل منه بشكله، ورتبه ترتيباً حسناً، حذف الأسانيد واختصر الطرق واختصر بعض ألفاظ المصنِّف التي عقب بها على الأحاديث من غير أن يخلَّ بشيءٍ من معانيه وفقهه ليسهل على طالب العلم حفظه وييسر عليه فهمه وفقهه.
2-
وقد اختصر هذا المختصر القاضي أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي وسمَّاه: "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار". 1
1 مقدمة المعتصر من المختصر 1 / 3 ط: حيدر آباد، عام1362 هـ.
5-
المعجم الكبير للطبراني: 1
المؤلف:
أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني، المولود سنة (260 هـ) والمتوفى سنة (360 هـ) صاحب المصنفات الكثيرة المشهورة. 2
موضوع الكتاب:
جمع عدد ما انتهى إلى المؤلف رحمه الله ممن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء مع التخريج عن كل واحد منهم حديثاً أو حديثين أو ثلاثة أو أكثر حسب كثرة رواياتهم وقلَّتها ومن كان من المقلِّين خرج جميع حديثه. 3
منهج الإمام الطبراني في المعجم الكبير:
رتبه المؤلف رحمه الله على مسانيد الصحابة مرتباً أسماءهم على حروف المعجم (أب ت ث) إلا أنه بدأه بالعشرة المبشَّرين بالجنة، وعلَّل ذلك بقوله:"لئلا يتقدمهم أحدٌ غيرهم" ثم قال: "وسنخرج مسندهم بالاستقصاء على ترتيب القبائل بعون الله وقوته".
ويرتب أبناء كل قبيلة على حروف المعجم (أب ت ث) . 4
1 للطبراني ثلاثة معاجم: الصغير، والأوسط، الكبير، وقد رتَّب الصغير والأوسط على أسماء شيوخه وفق حروف المعجم أب ت ث.
2 انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ 3 / 912.
3 مقدمة المعجم الكبير 1 / 3.
4 مقدمة المعجم الكبير 1 / 3.
ثم يخرج عن كل واحد حديثاً أو حديثين أو ثلاثة أو أكثر من
ذلك على حسب كثرة روايتهم وقلَّتها، ومن كان من المقلِّين خرج جميع حديثه.
عدد أحاديث المعجم الكبير:
ذكر حاجى خليفة أن أحاديث "المعجم الكبير" للطبرانى يبلغ عددها خمسة وعشرين ألف حديث. 1
والمطبوع من "المعجم" بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي بلغ عدد أحاديثه (21547 حديثاً) حسب ترقيم المحقق وهو ناقص حيث سقط من أصل مخطوطته الأجزاء من 13 إلى 16 وكذلك الجزء الحادي والعشرين، والله تعالى أعلم.
ونص الامامان أبو عبد الله الذهبي وأبو الفداء ابن كثير على أن الطبراني لم يخرج مسند أبي هريرة في "المعجم الكبير" ولعله أفرده بمصنفٍ مستقلٍ والعلم عند الله. 2
عناية العلماء بالمعجم الكبير:
جمع الحافظ أبو بكر الهيثمي - بإشارة من شيخه العراقي - زوائد "المعجم" على الكتب الستة في كتاب سمَّاه: "البدر المنير في زواثد المعجم الكبير"، ثم حذف أسانيده وضمه إلى زوائد المعجمين الصغير
1 حاجي خليفة: كشف الظنون ص: 1737.
2 انظر: تذكرة الحفاظ 3 / 912، المصعد الأحمد لابن الجزري المطبوع في مقدمة مسند أحمد بتحقيق الشيخ أحمد شاكر.
والأوسط ومسانيد أحمد، والبزار، والموصلي، وجمعها في كتابه "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد"، وذلك بإشارة أيضاً من شيخه العراقي.
6-
كتاب السنن للإمام الدارقطني:
المؤلف:
هو أبو الحسن علي بن عمر بن مهدي الشهير بالدارقطني، الإمام الحافظ الناقد، صاحب العلل والتصانيف الغزيرة، ولد سنة (306 هـ) وتوفي سنة (هـ38 هـ) . 1
موضوع كتاب السنن للدارقطنى:
جمع أحاديث السنن والأحكام مرتبة على أبواب الفقه مع بيان
حالها من الصحة والضعف.
وقد أثنى على موضوعه الخطيب البغدادي فقال: "وكتابه "السنن" يدل على معرفته التامة بمذاهب الفقهاء وعنايته بالفقه، لأنه لا يقدر على جمع ما تضمنه ذلك الكتاب إلا من تقدمت معرفته بالاختلاف في الأحكام". 2 منهج الدارقطني في كتاب السنن:
1-
رتبه على أبواب الفقه حيث بدأه بكتاب الطهارة ثم
1 راجع تفاصيل ترجمته في: سير أعلام النبلاء 16 / 449 – 460.
2 الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 12 / 34 – 40.
الصلاة وهكذا على منوال كتب السنن.
2-
أورد حديث كل باب بأسانيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلموغالباً يورد الحديث بأكثر من طريق.
3-
يعقب على كل حديث يورده – غالباً - ببيان ما فيه من العلل سنداً ومتناً ولذلك امتلأ كتابه بآرائه في جرح وتعديل الرجال.
4-
اشتمل كتابه على الصحيح والحسن والضعيف، وقَلَّ أن
يورد فيه الموضوع.
5-
كثيراً ما يورد الأحاديث أو الروايات التي ظاهرها التعارض ثم يرجح بينهما. 1
عناية العلماء بسنن الدارقطنى:
أ- ترجم لرجاله الحافظ سراج الدين ابن الملقن ضمن كتابه "إكمال تهذيب الكمال".
ب- رتبه الحافظ ابن حجر على الأطراف ضمن كتابه "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكروة من أطراف العشرة".
ج- شرحه وعلق عليه الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق
1 انظر مثلاً: 1 / 63 باب ولوغ الكلب في الإناء 1 / 97 باب ما روي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأذنان من الرأس".
العظيم آبادى في كتابه "التعليق المغني على سنن الدارقطني".
7-
السنن الكبرى للحافظ البيهقي: 1
المؤلف:
الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن على البيهقي، المولود سنة (384 هـ) والمتوفى سنة (458 هـ) ، صاحب المؤلفات الكثيرة. 2
موضوع كتاب السنن الكبرى:
جمع أحاديث السنن والأحكام مرتبة على أبواب الفقه مع بيان درجتها من الصحة والضعف، ويعتبر هذا الكتاب من أهم كتب البيهقي التي تشهد ببراعته وعظيم قدره عند العلماء.
منهج البيهقي في السنن الكبرى:
1-
رتبه على الأبواب الفقهية.
2-
يورد الأحاديث مسندة منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغالبها على طريقة الاستخراج على الكتب السابقة ك "الصحيحين" و "سنن أبي داود" وغيرها.
3-
يعقب على الروايات بالكلام عليها تصحيحاً وتضعيفاً مع بيان الراجح عند الاختلاف.
1 تأخرت وفاة البيهقي إلى سنة 458 هـ، وقُدِّم الكلام على سننه تجوُّزاً وإلحاقاً بسنن الدارقطني لتقارب المنهج.
2 راجع ترجمته في: سير أعلام النبلاء 18 / 163 – 170.
وقد قال رحمه الله في مقدمة "دلائل النبوة":
"وعادتى في كتبي المصنَّفة في الأصول والفروع الاقتصار من الأخبار على ما يصح منها دون ما لا يصح، أو التمييز بين ما يصح منها وما لا يصح ليكون الناظر فيها من أهل السُّنَّة على بصيرة مما يقع الاعتماد عليه، ولا يجد من زاغ قلبه من أهل البدع عن قبول الأخبار مغمزاً فيما اعتمد عليه أهل السُّنَّة من الآثار". 1
عناية العلماء بالسنن الكبرى للبيهقي:
1-
اختصره أبو عبد الله الذهبي (ت 748 هـ) في كتاب سمَّاه "المهذب" حيث حذف أسانيد الأحاديث واقتصر على ذكر من خرج الحديث، وبيان درجة الحديث من حيث الصحة والضعف، طبع منه مجلدان.
2-
اختصره أيضاً عبد الوهاب الشعرانى (ت 973 هـ) وسمَّاه "المنهج المبين في بيان أدلة المجتهدين". 2
3-
ترجم رجاله الحافظ ابن الملقن في كتابه "إكمال تهذيب الكمال".
4-
تعقبه علي بن عثمان المعروف بابن التركماني الحنفي (ت 747 هـ) في كتابه "الجوهر النقي في الرد على البيهقي" المطبوع بهامش "السنن الكبرى" للبيهقي.
1 البيهقي: دلائل النبوة 1 / 47.
2 انظر: المدخل إلى السنن الكبرى ص: 51 – 52 مقدمة الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي.