الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: جهود الصحابة رضي الله عنهم في تدوين السُّنَّة المطهَّرة ونقلها إلى الأمَّة
.
لقد كانت جهود هذا الجيل المبارك هي الأساس الأول في تدوين السُّنَّة وحفظها ونقلها إلى الأمة، كما كانت جهودهم - رضوان الله عليهم - هى الأساس في نشر الدين وترسيخ العقيدة وحماية السُّنَّة من كل مايشوبها.
وفيما يلي نماذج من تلك الجهود، وأكتفي بالنماذج هنا مشيراً إلى المصادر التي استوعبت أو حاولت الاستيعاب 1 وذلك لأن المقام هنا لا يتسع لأكثر من هذه النماذج:
1-
الحث على حفظ الحديث وثثبيت ذلك الحفظ، حتى كان كثير منهم يأمر تلاميذه بالكتابة لتثبيت حفظهم ثم محو ما كتبوه حتى لا يتكل على الكتاب.
قال الخطيب البغدادي: "وكان غير واحد من السلف يستعين على حفظ الحديث بأن يكتبه، ويدرسه من كتابه، فإذا اتقنه محا الكتاب، خوفاً من أن يتَّكل القلب عليه فيؤدي إلى نقصان الحفظ وترك العناية بالمحفوظ". 2
1 مثل: تقييد العلم للخطيب، وجامع بيان العلم وفضله لأبي عمر بن عبد البر، ودراسات في الحديث النبوي لمحمد مصطفى الأعظمي.
2 تقييد العلم للخطيب ص: 58.
2-
الكتابة بالسُّنَّة بعضهم إلى بعض، ومن أمثلة ذلك ما يلي: 1
أ- كتب أسيد بن حضير الأنصاري رضي الله عنه بعض الأحاديث النبوية، وقضاء أبي بكر وعمر وعثمان، وأرسله إلى مروان بن الحكم. 2
ب- وكتب جابر بن سمرة رضي الله عنه بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث بها إلى عامر بن سعد بن أبى وقاص بناء على طلبه ذلك منه. 3
ج- وكتب زيد بن أرقم رضي الله عنه بعض الأحاديث النبوية وأرسل بها إلى أنس بن مالك رضي الله عنه. 4
د- وكتب زيد بن ثابت في أمر الجَدِّ إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك بناء على طلب عمر نفسه. 5
هـ- جمع سمرة بن جندب ما عنده من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث به إلى ابنه سليمان، وقد أثنى الإمام محمد بن سيرين على هذه الرسالة فقال: "في رسالة سمرة إلى ابنه علمٌ
1 قد أتى على ذكر كثير من ذلك الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في كتابه: دراسات في الحديث النبوي 1 / 92 – 142 الفصل الأول من الباب الرابع.
2 انظر: مسند الإمام أحمد 4 / 226.
3 أخرج ذلك الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الإمارة ح 10، والإمام أحمد في المسند 5 / 89.
4 انظر: مسند الإمام أحمد 4 / 370 – 374، وتهذيب التهذيب لابن حجر 3 / 394.
5 سنن الدارقطني 4 /93 – 94.
كثير". 1
و كتب عبد الله بن أبي أوفى بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر بن عبيد الله. 2
3-
حث تلاميذهم على كتابة الحديث وتقييده، ومن أمثلة ذلك:
أ- كان أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنه يحثُّ أولاده على كتابة العلم فيقول: "يابني قيدوا العلم بالكتاب"، وكان يقول رحمه الله ورضي عنه -:"كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علماً" 3
ب- روى الخطيب بسنده عن عدة من تلاميذ عبد الله بن عباس حَبر الأمَّة أنه كان يقول: "قيدوا العلم بالكتاب، خير ما قُيِّد به العلم الكتاب". 4
ج- وروى أيضاً بأسانيده من عدة طرق إلى عمر بن الخطاب
رضي الله عنه أنه قال: "قيدوا العلم بالكتاب". 5
د- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "من يشتري مني علماً بدرهم"، قال أبو خيثمة: "يقول: يشتري صحيفةً
1 تهذيب التهذيب 4 / 236 – 237، وانظر: سنن أبي داود 1 / 314 – 315 ح 456.
2 أخرجه البخاري في كتاب الجهاد من صحيحه – الباب 22، ومسلم في الجهاد أيضاً ح 20.
3 تقييد العلم ص: 96، طبقات ابن سعد 7 / 14.
4 تقييد العلم ص: 92، جامع بيان العلم 1 / 72.
5 المصدر السابق.
بدرهمٍ يكتب فيها العلم". 1
4-
تدوين الحديث في الصحف وتناقلها بين الشيوخ والتلاميذ:
ولقد كانت هذه الصحف هى النواة الأولى لما صنف في القرنين الثاني والثالث من الجوامع والمسانيد والسنن وغيرها، ومن أمثلة هذه الصحف ما يلى: 2
أ- صحيفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيها فرائض الصدقة.
روى الخطيب بسنده إلى أنس بن مالك: "إن أبا بكر الصديق بعثه مصدِّقاً، وكتب له كتاباً فيه فرائض الصدقة، وعليه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: "هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين" الحديث بطوله. 3
ب- صحيفة علي بن أبى طالب رضي الله عنه.
أخرج الخطيب وابن عبد البر من عدة طرق عن علي بن أبى طالب أنه خطب الناس فقال: "من زعم أن عندنا شيئاً نقرأه ليس في كتاب الله تعالى وهذه الصحيفة فقد كذب".
1 طبقات ابن سعد 6 /116 تقييد العلم ص: 90.
2 ذكر الحافظ الخطيب في "تقييد العلم" في الفصل الأول والثاني من القسم الثالث كثيراً من هذه الصحف، وكذلك الدكتور الأعظمي ذكر في الفصل الأول من الباب الرابع من "دراسات في الحديث النبوي" كثيراً من هذه الصحف التي كتبت في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته.
3 انظر: صحيح البخاري – كتاب الزكاة – باب زكاة الغنم الفتح 3 / 317 ح 1454، تقييد العلم ص:87.
قال الراوي عنه: "وكانت الصحيفة معلقة في سيفه، وفيها أسنان الإبل، وشيء من الجراحات، وقوله صلى الله عليه وسلم: "المدينة حرمٌ ما بين عيرٍ إلى ثورٍ، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" الحديث بطوله. 1
ج- صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، المعروفة بالصحيفة الصادقة.
عن مجاهد قال: "أتيت عبد الله بن عمرو فتناولت صحيفة من تحت مفرشه، فمنعي، قلت: ما كنت تمنعني شيئاً، قال: هذه الصادقة، هذه ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحد". 2
هذه الصحف الثلاث كلها كتبت في حياته صلى الله عليه وسلم وهناك غيرها كثير مما كتب في حياته صلى الله عليه وسلم.
د- صحيفة عبد الله بن أبي أوفى، ذكرها الإمام البخاري في كتاب الجهاد من "صحيحه" باب الصبر عند القتال. 3
هـ- صحيفة أبي موسى الأشعري. 4
1 البخاري – كتاب العلم من صحيحه – باب كتابة العلم الفتح 1 / 204 ح 111، وانظر: تقييد العلم ص: 88، وابن عبد البر: جامع بيان العلم وفضله 1 / 71.
2 تقييد العلم ص: 84، جامع بيان العلم وفضله 1 / 73، وهي صحيفة مشهورة أخرجها الإمام أحمد في مسنده 2 / 158 – 226.
3 انظر: فتح الباري لابن حجر 6 / 45 ح 2833.
4 نصَّ على ذكرها الدكتور أكرم العمري في "البحوث" ص: 228 وذكر أنها موجودة في مكتبة شهيد علي بتركيا.
و صحيفة جابر بن عبد الله. 1
ز- الصحيفة الصحيحة التي يرويها همام عن أبي هريرة من حديثه. 2
1 ذكرها الحافظ ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار ص: 11، والإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ 1 / 43، وأشار الدكتور أكرم العمري أنها محفوظة في مكتبة شهيد علي، وذلك نقلاً من مقدمة الخلاصة بقلم: صبحي السامرائي. البحوث ص: 228.
2 تضم 138 حديثاً، رواها الإمام أحمد في مسنده، وقد طبعت بتحقيق محمد حميد الله.