الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: سنن أبي داود السجستاني
1-
المؤلف:
أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي السجستاني الإمام، شيخ السُّنَّة، مقدم الحفاظ، ومحدث البصرة، المولود سنة (202 هـ) والمتوفى سنة (275 هـ) . 1
2-
اسم كتاب أبي داود:
اشتهر بين العلماء ب "السنن" 2، ويبدو أن المؤلِّف نفسه سمَّاه بهذا حيث قال في رسالته إلى أهل مكة:"فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب "السنن" أهي أصح ما عرفت في الباب"، وقال في موضع آخر من الرسالة أيضاً:"وإن من الأحاديث في كتابي "السنن" ما ليس بمتصل وهو مرسل".
3-
منهج أبي داود في كتاب السنن:
جاء في رسالته إلى أهل مكة قوله: "فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب "السنن" أهي أصح ما عرفت في الباب فاعلموا أنه كذك كله إلا أن يكون قد رُوي من وجهين صحيحين، أحدهما أقوم إسناداً والآخر صاحبه أقدم في الحفظ، فربما كتبت ذلك
1 انظر تفاصيل ترجمته في: سير أعلام النبلاء 13 / 203.
2 قال في الرسالة المستطرفة ص: 32: "كتب السنن التي تعرف في اصطلاحهم بالكتب المرتبة على الأبواب الفقهية من الإيمان والطهارة والصلاة إلى آخرها، وليس فيها شيءٌ من الموقوف لأن الموقوف لا يسمى في اصطلاحهم سنة، ويسمى حديثاً ".
- أي الأقدم حفظاً - ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث ولم أكتب في الباب إلا حديثاً أو حديثين، وإن كان في الباب أحاديث صحاح فإنه يكثر، وإنما أردت قرب منفعته، وإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين أو ثلاثة، فإنما هو من زيادة كلام فيه، وربما تكون فيه كلمة زيادة على الأحاديث، وربما اختصرت الحديث الطويل لأنى لو كتبته بطوله لم يعلم بعض من سمعه، ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك
…
وليس في كتاب "السنن" الذي صنَّفته عن رجل متروك الحديث شيء 1، وإذا كان فيه حديث منكرٌ بيَّنت أنَّه منكر وليس على نحوه في الباب غيره، وما كان في كتابي من حديث فيه وهنٌ شديدٌ فقد بيَّنته، ومنه ما لا يصح سنده، ومالم أذكر فيه شيئاً فهو صالحٌ، وبعضها أصح من بعض". 2
4-
شرط أبي داود وغيره من أصحاب السنن:
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر: "وأما أبو داود فمن بعده فإن كتبهم تنقسم على ثلائة أقسام:
الأول: صحيح، وهو جنس ما في الصحيحين.
الثاني: صحيح على شرطهم - أصحاب السنن – وقد حكى أبو عبد الله بن منده: إن شرط أبي داود والنسائي إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم إذا صح الحديث
1 لعل المراد المجمع على تركه، وإلا فقد وجد فيه بعض المتروكين ممن لم يجمع على تركه.
2 راجع رسالة أبي داود إلى أهل مكة وهي رسالة صغيرة، طبعت بتحقيق الدكتور محمد لطفي الصباغ.
باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال.
الثالث: أحاديث أخرجوها للضدِّيَّة في الباب المتقدم وأوردوها لا قطعاً منهم بصحتها، وربما أبان المخرِّج لها عن علتها بما يفهمه أهل المعرفة، فإن قيل: لما أودعوها كتبهم ولم تصح عندهم، فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: رواية قومٍ لها واحتجاجهم بها فأوردوها وبينوا سقمها لتزول الشبه.
الثاني: أنهم لم يشترطوا ما ترجمه البخاري ومسلم - رضى الله عنهما - على ظهر كتابيهما من التسمية بالصحة.
الثالث: أن يقال لقائل هذا الكلام: رأينا الفقهاء وسائر العلماء يوردون أدلة الخصم في كتبهم مع علمهم أن ذلك ليس بدليل فكان فعلهم هذا كفعل الفقهاء. 1
5-
آراء العلماء فيما سكت عنه أبو داود:
قال ابن الصلاح: "ما وجدناه في كتاب أبي داود مذكوراً مطلقاً وليس في واحد من الصحيحين، ولا نصَّ على صحَّته أحدٌ ممن يميز بين الصحيح والحسن عرفنا بأنه من الحسن عند أبي داود، وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند غيره". 2
ويرى الحافظ العراقى أن قوله: فهو صالح، يجوز أن يكون
1 محمد بن طاهر: شروط الأئمة الستة ص: 13 – 16.
2 ابن الصلاح: علوم الحديث ص: 33.
صحيحاً، ويجوز أن يكون حسناً عند من يرى الحسن رتبة متوسطة بين الصحيح والضعيف، ولم ينقل لنا عن أبي داود هل يقول بذلك، أيرى ما ليس بضعيف صحيحاً، فكان الأولى بل الصواب أن لا يرتفع بما سكت عنه إلى الصحة حتى يعلم أنَّ رأيه هو الثانى ويحتاج إلى نقل. 1
وقال الحافظ ابن حجر: "ومن هنا يتبين أن جميع ما سكت عليه أبو داود لا يكون من قبيل الحسن الاصطلاحى بل هو على أقسام:
1-
منه ما هو في الصحيحين أو على شرط الصحة.
2-
ومنه ما هو من قبيل الحسن لذاته.
3-
ومنه ما هو من قبيل الحسن إذا اعتضد، وهذان القسمان
كثيرٌ في كتابه جداً.
4-
ومنه ما هو ضعيف ولكنه من رواية من لم يجمع على تركه غالباً، وكل هذه الأقسام عنده تصلح للإحتجاج بها. 2
وقال الحافظ محي الدين النووي: "والحق أن ما وجدناه في سننه مالم يبيِّنه ولم ينص على صحته أو حسنه أحدٌ ممن يعتمد فهو حسن، وإن نصَّ على ضعفه من يعتمد، أو رأى العارف في سنده ما يقتضي الضعف ولا جابر له حكم بضعفه، ولم يلتفت إلى سكوت أبي داود".
1 الحافظ العراقي: التقييد والإيضاح ص: 40.
2 الحافظ ابن حجر: النكت 1 / 435.
قال ابن حجر - معقباً - على هذا الكلام: "وهذا هو التحقيق". 1
6-
عناية العلماء بسنن أبي داود:
اعتنى العلماء بهذا الكتاب كما اعتنوا بغيره من الكتب الستة وغيرها إلا أننا نجد أن عنايتهم به فاقت غيره من السنن، فجاء بعد مرتبة الصحيحين في العناية خاصة عند المشتغلين بالفقه لما حواه هذا الكتاب من السنن والأحاديث الصحيحة والحسنة، واختصروه وعلَّقوا عليه، كما ترجموا لرجاله ضمن رجال الكتب الستة.
هذا ومن أهم شروحه:
1-
شرح معالم السنن لأبي سليمان حَمْد بن محمد بن ابراهيم الخطابى (ت 388 هـ) .
2-
مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود للحافظ السيوطي (ت 911 هـ) .
3-
فتح الودود على سنن أبي داود لأبي الحسن محمد بن عبد الهادي السندي (ت 139 هـ) .
4-
عون المعبود شرح سنن أبي داود للشيخ شمس الحق العظيم أبادي (ت 329 هـ) .
5-
بذل المجهود في حلِّ أبي داود للشيخ خليل أحمد السهارنفوري (ت 1346 هـ) .
1 المصدر السابق 1 / 444.