الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة القصص
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أبهى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مَعْدِ يكَرِبَ قَالَ: أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْنَا طسم الْمِائَتَيْنِ، فَقَالَ: مَا هِيَ مَعِي، وَلَكِنْ عليكم بمن أَخَذَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ، قَالَ: فَأَتَيْنَا خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رضي الله عنه.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 6]
بسم الله الرحمن الرحيم
طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ مَا كانُوا يَحْذَرُونَ (6)
فقد تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، وَقَوْلُهُ: تِلْكَ أَيْ هَذِهِ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ أَيْ الْوَاضِحِ الْجَلِيِّ الْكَاشِفِ عَنْ حَقَائِقِ الْأُمُورِ، وَعِلْمِ مَا قد كان وما هو كائن. وقوله: نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ الآية، كَمَا قَالَ تَعَالَى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يُوسُفَ: 3] أَيْ نَذْكُرُ لَكَ الْأَمْرَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ كَأَنَّكَ تُشَاهِدُ وَكَأَنَّكَ حَاضِرٌ، ثم قال تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ أَيْ تَكَبَّرَ وَتَجَبَّرَ وَطَغَى وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً أَيْ أَصْنَافًا قَدْ صَرَّفَ كُلَّ صِنْفٍ فِيمَا يُرِيدُ مِنْ أمور دولته.
وقوله تعالى: يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يَعْنِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خِيَارَ أَهْلِ زَمَانِهِمْ، هَذَا وقد سلط عليهم هذا الملك الجبار العتيد يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي أَخَسِّ الْأَعْمَالِ، وَيُكِدُّهُمْ لَيْلًا وَنَهَارًا فِي أَشْغَالِهِ وَأَشْغَالِ رَعِيَّتِهِ، وَيَقْتُلُ مَعَ هَذَا أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ، إِهَانَةً.
لَهُمْ وَاحْتِقَارًا وَخَوْفًا مِنْ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُمُ الْغُلَامُ الَّذِي كَانَ قد تخوف هو وأهل مملكته منه أَنْ يُوجَدَ مِنْهُمْ غُلَامٌ، يَكُونُ سَبَبُ هَلَاكِهِ وَذَهَابُ دَوْلَتِهِ عَلَى يَدَيْهِ. وَكَانَتِ الْقِبْطُ قَدْ تَلَقَّوْا هَذَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِيمَا كَانُوا يدرسونه من قول إبراهيم الخليل عليه السلام، حين ورد الديار
(1) المسند 1/ 419.