الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الشعراء (26) : الآيات 176 الى 180]
كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (180)
هؤلاء- يعني أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ- هُمْ أَهْلُ مَدْيَنَ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ شُعَيْبٌ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَإِنَّمَا لم يقل هاهنا أَخُوهُمْ شُعَيْبٌ لِأَنَّهُمْ نُسِبُوا إِلَى عِبَادَةِ الْأَيْكَةِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ، وَقِيلَ شَجَرٌ مُلْتَفٌّ كَالْغَيْضَةِ كَانُوا يعبدونها، فلهذا لما قال: كذب أصحاب الآية الْمُرْسَلِينَ لَمْ يَقِلْ:
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ شُعَيْبٌ، وَإِنَّمَا قَالَ إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ فقطع نسب الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمْ لِلْمَعْنَى الَّذِي نُسِبُوا إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُمْ نَسَبًا. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَمْ يفطن لِهَذِهِ النُّكْتَةِ، فَظَنَّ أَنَّ أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ غَيْرُ أَهْلِ مَدْيَنَ، فَزَعَمَ أَنَّ شُعَيْبًا عليه السلام بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أُمَّتَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ثَلَاثِ أُمَمٍ.
وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ الْكَاهِلِيُّ- وَهُوَ ضَعِيفٌ- حَدَّثَنِي ابْنُ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَزَكَرِيَّا بْنُ عُمَرَ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَا: مَا بَعَثَ اللَّهُ نبيًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا شُعَيْبًا، مَرَّةً إِلَى مَدْيَنَ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالصَّيْحَةِ، وَمَرَّةً إِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ تعالى بِعَذَابِ يَوْمِ الظُّلَّةِ، وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ عَنْ هُدْبَةَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قوله تعالى: وَأَصْحابَ الرَّسِّ قوم شعيب.
وقوله أَصْحابُ الْأَيْكَةِ قوم شعيب، وقاله إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ. وَقَالَ غَيْرُ جُوَيْبِرٍ:
أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَمَدْيَنُ هُمَا وَاحِدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ شُعَيْبٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ قَوْمَ مَدْيَنَ وَأَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أُمَّتَانِ، بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا شُعَيْبًا النَّبِيَّ عليه السلام» وَهَذَا غَرِيبٌ، وَفِي رَفْعِهِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ وُصِفُوا فِي كُلِّ مَقَامٍ بِشَيْءٍ، وَلِهَذَا وَعَظَ هَؤُلَاءِ وَأَمْرَهُمْ بِوَفَاءِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، كَمَا فِي قِصَّةِ مَدْيَنَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، فدل ذلك على أنهما أمة واحدة.
[سورة الشعراء (26) : الآيات 181 الى 184]
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184)
يأمرهم الله تَعَالَى بِإِيفَاءِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ التَّطْفِيفِ فِيهِمَا، فَقَالَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ أي إذا دفعتم للناس فكملوا الكيل لهم، ولا تبخسوا الْكَيْلَ فَتُعْطُوهُ نَاقِصًا، وَتَأْخُذُوهُ إِذَا كَانَ لَكُمْ تَامًّا وَافِيًا، وَلَكِنْ خُذُوا كَمَا تُعْطُونَ، وَأَعْطُوا كَمَا تَأْخُذُونَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْقِسْطَاسُ هُوَ الميزان، وقيل هو الْقَبَّانُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُعَرَّبٌ مِنَ الرُّومِيَّةِ. قال مجاهد: القسطاس المستقيم هو الْعَدْلُ بِالرُّومِيَّةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ الْقِسْطَاسُ الْعَدْلُ. وَقَوْلُهُ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ أي لا تُنْقِصُوهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ