الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضَّعْفُ بَعْدَ الْقُوَّةِ، فَتَضْعُفُ الْهِمَّةُ وَالْحَرَكَةُ وَالْبَطْشُ، وَتَشِيبُ اللُّمَّةُ، وَتَتَغَيَّرُ الصِّفَاتُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ، وَلِهَذَا قال تعالى: ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشاءُ أَيْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَتَصَرَّفُ فِي عَبِيدِهِ بِمَا يُرِيدُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ»
: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ فُضَيْلٍ وَيَزِيدَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ «2» ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً فَقَالَ «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ «3» ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا» ثُمَّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَرَأْتَ عَلَيَّ، فَأَخَذَ عَلَيَّ كَمَا أَخَذْتُ عَلَيْكَ «4» ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والترمذي وحسنه من حديث فضيل، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بنحوه.
[سورة الروم (30) : الآيات 55 الى 57]
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ جَهْلِ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ففي الدنيا فَعَلُوا مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَفِي الْآخِرَةِ يَكُونُ مِنْهُمْ جَهْلٌ عَظِيمٌ أَيْضًا، فَمِنْهُ إِقْسَامُهُمْ بِاللَّهِ أنهم ما لبثوا غير ساعة واحدة في الدنيا، ومقصودهم بِذَلِكَ عَدَمُ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ لَمْ يُنْظَرُوا حَتَّى يُعْذَرَ إِلَيْهِمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ أَيْ فَيَرُدُّ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ الْعُلَمَاءُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا أَقَامُوا عَلَيْهِمْ حُجَّةَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ لَهُمْ حِينَ يَحْلِفُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ أَيْ فِي كِتَابِ الْأَعْمَالِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ أَيْ مِنْ يَوْمِ خُلِقْتُمْ إِلَى أَنْ بُعِثْتُمْ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
فَيَوْمَئِذٍ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ أي اعْتِذَارُهُمْ عَمَّا فَعَلُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أَيْ وَلَا هُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ.
[سورة الروم (30) : الآيات 58 الى 60]
وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَاّ مُبْطِلُونَ (58) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (60)
(1) المسند 2/ 58، 59.
(2)
ضعف: بفتح الضاد.
(3)
ضعف: بضم الضاد. [.....]
(4)
أخرجه أبو داود في الحروف باب 10، 11، والترمذي في القرآن باب 4.