الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة السجده (32) : الآيات 15 الى 17]
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (17)
يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا أَيْ إِنَّمَا يُصَدِّقُ بِهَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً أَيِ اسْتَمَعُوا لَهَا وَأَطَاعُوهَا قَوْلًا وَفِعْلًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ أي عن أتباعهم وَالِانْقِيَادِ لَهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ مِنَ الْكَفَرَةِ الفجرة، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غَافِرٍ: 60] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَعْنِي بِذَلِكَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَتَرْكَ النَّوْمِ وَالِاضْطِجَاعِ عَلَى الْفُرَشِ الْوَطِيئَةِ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَعْنِي بِذَلِكَ قِيَامَ اللَّيْلِ.
وَعَنْ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي حَازِمٍ وَقَتَادَةَ: هُوَ الصَّلَاةُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَعَنْ أَنَسٍ أَيْضًا: هُوَ انْتِظَارُ صَلَاةِ الْعَتَمَةِ. ورواه ابْنُ جَرِيرٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ فِي جَمَاعَةٍ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً أَيْ خَوْفًا مِنْ وَبَالِ عِقَابِهِ وَطَمَعًا فِي جَزِيلِ ثَوَابِهِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ فِعْلِ الْقُرُبَاتِ اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ، وَمُقَدَّمُ هَؤُلَاءِ وَسَيِّدُهُمْ وَفَخْرُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رضي الله عنه:[الطويل]
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ
…
إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الصُّبْحِ سَاطِعُ «1»
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى، فَقُلُوبُنَا
…
بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ
…
إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَعَفَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أخبرنا عطاء بن السائب عن مرة الهمذاني عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رجل ثار من وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إِلَى صَلَاتِهِ فَيَقُولُ: رَبُّنَا أَيَا مَلَائِكَتِي انْظُرُوا إلى عبدي، ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تعالى فَانْهَزَمُوا، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْفِرَارِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لِلْمَلَائِكَةِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَرَهْبَةً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ» . وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ «3» فِي الْجِهَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سلمة به بنحوه.
(1) البيت الثالث لعبد الله بن رواحة في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 15/ 36، وروح المعاني 23/ 48، وتفسير البحر المحيط 7/ 330.
(2)
المسند 1/ 416.
(3)
كتاب الجهاد باب 36. [.....]
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ- ثُمَّ قَالَ: - أَلَا أَدُلَّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ- ثُمَّ قَرَأَ- تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ حَتَّى بَلَغَ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ثُمَّ قَالَ- أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ - فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: - رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ-: أَلَّا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» فَقُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ثُمَّ قَالَ «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» . فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ، فَقَالَ «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ- أَوْ قَالَ: عَلَى مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم» «2» ورواه التِّرْمِذِيُّ وَالنِّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَعْمَرٍ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «3» مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عن الحكم قال: سمعت عروة بن الزبير يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ «أَلَا أَدُلَّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَقِيَامُ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ» وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ. وَمِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَالْحَكَمِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ. وَمِنْ حَدِيثِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ شَهْرٍ، عن معاذ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ قال «قيام العبد من الليل» «4» .
وروى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ والحكم وحكيم بن جرير عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ مُعَاذٍ بن
(1) المسند 5/ 231.
(2)
أخرجه الترمذي في الإيمان باب 8، وابن ماجة في الفتن باب 12.
(3)
تفسير الطبري 10/ 240.
(4)
تفسير الطبري 10/ 241.
جبل قال: كنت مع النبي لله فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ «إِنْ شِئْتَ أَنْبَأَتُكَ بِأَبْوَابِ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَقِيَامُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ» ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ الآية، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَاءَ مُنَادٍ فَنَادَى بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الْخَلَائِقَ: سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مَنْ أَوْلَى بِالْكَرَمِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُنَادِي: لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانَتْ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ- الْآيَةَ- فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ» .
وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ العطاء بْنِ الْأَغَرِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي مُصْعَبٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ بِلَالٌ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ الْآيَةَ، كُنَّا نَجْلِسُ فِي الْمَجْلِسِ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلُّونَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعَشَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَى أَسْلَمُ عَنْ بِلَالٍ سِوَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ عَنْ بِلَالٍ غَيْرَ هَذِهِ الطَّرِيقِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ الآية، أَيْ فَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ عَظَمَةَ مَا أَخْفَى اللَّهُ لَهُمْ فِي الْجَنَّاتِ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَاللَّذَّاتِ الَّتِي لَمْ يَطَّلِعُ عَلَى مِثْلِهَا أَحَدٌ، لما أخفوا أعمالهم كذلك أَخْفَى اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ، جَزَاءً وِفَاقًا، فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَخْفَى قَوْمٌ عَمَلَهُمْ، فَأَخْفَى اللَّهُ لَهُمْ مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
قَالَ البخاري «1» قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ الْآيَةِ، حَدَّثَنَا.
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» قَالَ أبو هريرة: اقرءوا إِنْ شِئْتُمْ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ اللَّهُ مِثْلَهُ. قِيلَ لِسُفْيَانَ رِوَايَةً، قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ «2» ؟ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ «3» : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأعمش، حدثنا أبو
(1) كتاب التفسير، تفسير سورة 32، باب 1.
(2)
أخرجه مسلم في الجنة حديث 2، 4، 5، والترمذي في تفسير سورة 32، باب 2.
(3)
كتاب التفسير، تفسير سورة 32، باب 1.
صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خطر عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا مِنْ بَلْهَ مَا أُطْلَعْتُمْ عَلَيْهِ» ثُمَّ قَرَأَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ: قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُرَّاتِ أَعْيُنٍ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إن الله تَعَالَى قَالَ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خطر عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» «2» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رواية عبد الرزاق، قال: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ حَمَّادُ بن سلمة عن ثابت بن أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ حَمَّادٌ:
أَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ، فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خطر على قَلْبِ بَشَرٌ» «3» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ «4» : حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ أَنَّ أَبَا حَازِمٍ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه يَقُولُ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ «فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ- إِلَى قَوْلِهِ- يَعْمَلُونَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ «5» فِي صَحِيحِهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ وَهَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «6» : حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خطر
(1) المسند 2/ 313.
(2)
أخرجه البخاري في التوحيد باب 35، وبدء الخلق باب 8، ومسلم في الإيمان حديث 312، والترمذي في تفسير سورة 32، باب 2.
(3)
أخرجه الطبري في تفسيره 10/ 244، ومسلم في الجنة حديث 2.
(4)
المسند 5/ 334.
(5)
كتاب الجنة حديث 3، 4.
(6)
تفسير الطبري 10/ 243.
عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ لَمْ يُخَرِّجُوهُ.
وَقَالَ مُسْلِمٌ «1» أَيْضًا فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُطَرَّفُ بْنُ طَرِيفٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعَا الشَّعْبِيَّ يُخْبِرُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَأَلَ مُوسَى عليه السلام رَبَّهُ عز وجل: مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ:
أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلَ مُلْكِ مَلِكٍ مَنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ فَقَالَ فِي الخامسة، رضيت رضيت ربي، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، قَالَ: رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ، غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ مِنْ كِتَابِ الله عز وجل فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ الآية، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «2» عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَالْمَرْفُوعُ أَصَحُّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُنِيرٍ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ، بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَلْتَفِتُ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَ فِيهِ، فَتَقُولُ: قد ان لَكَ أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنْكَ نَصِيبٌ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ الْمَزِيدِ، فَيَمْكُثُ مَعَهَا سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَلْتَفِتُ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَ فِيهِ، فَتَقُولُ لَهُ: قد آن لَكَ أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنْكَ نَصِيبٌ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا الَّتِي قَالَ اللَّهُ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ.
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: تَدْخُلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ فِي مِقْدَارِ كَلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، مَعَهُمُ التُّحَفُ مِنَ اللَّهِ مِنْ جَنَّاتِ عَدْنٍ مَا لَيْسَ في جناتهم، وذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ وَيُخْبَرُونَ أَنَّ اللَّهَ عنهم راض. وروى ابْنُ جَرِيرٍ «3» : حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الْهَوْزَنِيِّ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ: الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، أَوَّلُهَا دَرَجَةُ فِضَّةٍ، وَأَرْضُهَا فِضَّةٌ، وَمَسَاكِنُهَا فِضَّةٌ، وَآنِيَتُهَا فِضَّةٌ، وَتُرَابُهَا الْمِسْكُ، وَالثَّانِيَةُ ذَهَبٌ، وَأَرْضُهَا ذَهَبٌ، وَمَسَاكِنُهَا ذَهَبٌ، وَآنِيَتُهَا ذَهَبٌ، وَتُرَابُهَا الْمِسْكُ، وَالثَّالِثَةُ لُؤْلُؤٌ، وَأَرْضُهَا لؤلؤ، ومساكنها
(1) كتاب الإيمان حديث 312. [.....]
(2)
كتاب التفسير، تفسير سورة 32، باب 2.
(3)
تفسير الطبري 10/ 243.