الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُصْلِحُ شَيْئًا فَأَعَنَّاهُ، فَقَالَ «لَا تَيْأَسَا مِنَ الرزق ما تهززت رؤوسكما، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ تَلِدُهُ أُمُّهُ أَحْمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ قِشْرَةٌ، ثُمَّ يَرْزُقُهُ اللَّهُ عز وجل» .
وَقَوْلُهُ تعالى: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ أَيْ بَعْدَ هَذِهِ الْحَيَاةِ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ أي يوم القيامة. وقوله تعالى: هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ أَيِ الَّذِينَ تَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ أَيْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، بَلِ اللَّهُ سبحانه وتعالى هُوَ الْمُسْتَقِلُّ بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، ثُمَّ يَبْعَثُ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ أَيْ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ وَتَعَاظَمَ وَجَلَّ وَعَزَّ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ نَظِيرٌ أَوْ مُسَاوٍ أَوْ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ، بَلْ هُوَ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.
[سورة الروم (30) : الآيات 41 الى 42]
ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْبَرِّ هَاهُنَا الْفَيَافِي، وَبِالْبَحْرِ الْأَمْصَارُ وَالْقُرَى. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ: البحر الأمصار، والقرى ما كان منهما عَلَى جَانِبِ نَهْرٍ. وَقَالَ آخَرُونَ بَلِ الْمُرَادُ بالبر هو البر المعروف، وبالبحر هو الْبَحْرُ الْمَعْرُوفُ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ ظَهَرَ الْفَسادُ يَعْنِي انْقِطَاعَ الْمَطَرِ عَنِ الْبَرِّ يُعْقِبُهُ الْقَحْطُ، وَعَنِ الْبَحْرِ تَعْمَى دَوَابُّهُ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمَقْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَالَ: فَسَادُ الْبَرِّ قَتْلُ ابْنِ آدَمَ، وَفَسَادُ الْبَحْرِ أَخْذُ السَّفِينَةِ غَصْبًا.
وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: الْمُرَادُ بِالْبَرِّ مَا فِيهِ مِنَ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى، وَبِالْبَحْرِ جَزَائِرُهُ. وَالْقَوْلُ الأول أظهر وعليه الأكثرون، ويؤيده ما قاله مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ مَلِكَ أَيْلَةَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِبَحْرِهِ، يَعْنِي بِبَلَدِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ أي بان النقص في الزروع والثمار بِسَبَبِ الْمَعَاصِي.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: مَنْ عَصَى اللَّهَ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ، لِأَنَّ صَلَاحَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِالطَّاعَةِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ «لَحَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَى أَهْلِهَا مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا» «1» وَالسَّبَبُ فِي هَذَا أَنَّ الْحُدُودَ إِذَا أُقِيمَتْ انْكَفَّ النَّاسُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَنْ تَعَاطِي الْمُحَرَّمَاتِ، وإذا تركت المعاصي كان سببا في حصول
(1) لم نجد الحديث بهذا اللفظ في سنن أبي داود، والحديث بلفظ: «حدّ يعمل في الأرض خير لأهل الأرض من مطر
…
» أخرجه النسائي في السارق باب 7، وابن ماجة في الحدود باب 3، وأحمد في المسند 2/ 362، 402.