الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسعود ما في الآية بما يعتري رؤوس الكِبَاشِ إذا شيطت بالنار فإنَّها تكلح، ومنه كلوح الكلب والأسد «1» .
قلت: وفي «الترمذيِّ» عن أبي سعيد الخدريّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَهُمْ فِيها كالِحُونَ قال: تَشْوِيهِ النَّارُ، فَتَقْلُصُ شَفَتُهُ العُلْيَا حَتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ، وَتَسْتَرْخِي شَفَتُهُ السُّفْلَى حَتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ
…
» «2» الحديث قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، انتهى.
وهذا هو المُعَوَّلُ عليه في فهم الآية، وأَمَّا قول البخاريِّ: كالِحُونَ «3» معناه:
عابسون- فغيرُ ظاهر، ولَعَلَّهُ لم يقف على الحديث.
[سورة المؤمنون (23) : الآيات 105 الى 108]
أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (105) قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (106) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (107) قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (108)
وقوله سبحانه: أَلَمْ تَكُنْ آياتِي أي: يقال لهم، والآياتُ هنا القرآن، وقرأ حمزة:
«شَقَاوَتُنَا» ثم وقع جواب رغبتهِم بحسب ما حتمه الله من عذابهم بقوله: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ويقال: إنَّ هذه الكلمة إذا سمعُوها يئسوا من كل خير، فتنطبق عليهم جَهَنَّمُ، ويقع اليأسُ- عافانا الله من عذابه بمنّه وكرمه-! وقوله: اخْسَؤُا زجر، وهو مستعمل في زجر الكلاب.
[سورة المؤمنون (23) : الآيات 109 الى 118]
إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (111) قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (113)
قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)
(1) أخرجه الطبريّ (9/ 246) برقم (25675) ، وذكره ابن عطية (4/ 157) ، والسيوطي (5/ 31) وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وهناد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود.
(2)
أخرجه الترمذي (4/ 708) كتاب صفة جهنم: باب ما جاء في صفة طعام أهل النار، حديث (2587)، وفي (5/ 328) كتاب التفسير: باب ومن سورة المؤمنين، حديث (3176) ، وأحمد (3/ 8) ، والحاكم (2/ 395)، وأبو يعلى (2/ 516) رقم (1367) كلهم من طريق ابن المبارك عن سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
وصححه الحاكم.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 31) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في «صفة النار» ، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم في «الحلية» .
(3)
ينظر: «صحيح البخاري» (8/ 299) كتاب التفسير: باب سورة المؤمنين.
وقوله عز وجل: إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا
…
الآية الهاء في إِنَّهُ: مُبْهَمَةٌ: وهي ضمير الأمر والشأن، والفريقُ المُشَارُ إليه: كُلُّ مُسْتَضْعَفٍ من المؤمنين يَتَّفِقُ أنْ تكون حالُه مع كُفَّارٍ مِثلَ هذه الحال، ونزلت الآية في كُفَّارِ قريشِ مع صُهَيْبٍ، وعَمَّار، وبلال، ونظرائهم، ثم هي عامة فيمَنْ جرى مجراهم قديماً وبقيةَ الدهر، وقرأ نافع وحمزة والكسائي:«سُخْرِيّاً» بضم السين «1» ، والباقون بكسرها فقيل هما بمعنى واحد ذكر ذلك الطبريُّ «2» .
وقال ذلك أبو زيد الأنصاريُّ: إنهما بمعنى الهُزْءِ «3» ، وقال أبو عبيدَة وغيره: إنَّ ضم السين من السخرة والاستخدام، وكسرها من السخر وهو الاستهزاء»
، ومعنى الاستهزاء هنا أليق أَلَا ترى إلى قوله: وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ.
وقوله سبحانه: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ
…
الآية قوله: فِي الْأَرْضِ قال الطبريُّ «5» معناه: في الدنيا أحياءَ، وعن هذا وقع السؤال، ونَسُوا لفرط هول العذاب حَتَّى قالوا: يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، والغرضُ توقيفهم على أَنَّ أعمارهم قصيرة أَدَّاهُمُ الكُفْرُ فيها إلى عذاب طويل، عافانا الله من ذلك بِمَنِّهِ وكرمه!.
وقال الجمهور: معناه: كم لَبِثْتُمْ في جوف التراب أمواتاً؟ قال ع «6» : وهذا هو
(1) وحجتهم: إجماع الجميع على الرفع في سورة الزخرف، فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.
ينظر: «السبعة» (448) ، و «الحجة» (5/ 302) ، و «إعراب القراءات» (2/ 95) ، و «شرح الطيبة» (5/ 80) ، و «العنوان» (137) ، و «حجة القراءات» (491) ، و «شرح شعلة» (510) ، و «إتحاف» (2/ 288) .
(2)
ينظر: الطبريّ (9/ 250) .
(3)
ذكره ابن عطية (4/ 158) .
(4)
ذكره ابن عطية (4/ 158) .
(5)
ينظر: «الطبريّ» (9/ 253) .
(6)
ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 158) .
34 ب الأصوب من حيث أنكروا البعث/. وكان قولهم: إنهم لا يقومون من التراب، وقوله آخراً: وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لَا تُرْجَعُونَ يقتضي ما قلناه.
قلت: الآيات محتملة للمعنيين، والله أعلم بما أراد سبحانه قال البخاريُّ «1» : قال ابن عباس: فَسْئَلِ الْعادِّينَ أي: الملائكة «2» ، انتهى.
ص: قرأ الجمهور: «العَادِّينَ» «3» - بتشديد الدال- اسم فاعل من «عدّ» ، وقرأ الحسن والكسائيّ في رواية:«العَادِينَ» «4» بتخفيف الدال، أي: الظَّلَمَةَ، و «إنْ» من قوله:
إِنْ لَبِثْتُمْ نافيةٌ، أي: ما لبثتم إلّا قليلا، اهـ. وعَبَثاً: معناه: باطلاً، لغير غَايَةٍ مُرَادَةٍ، وخَرَّجَ أبو نعيم الحافظ عن حنش الصنعانيِّ عن ابن مسعود «أنه قرأ في أذن مبتلى:
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً
…
إلى آخر السورة، فأفاق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قرأتَ في أذنه؟ قال: قرأت: أَفَحَسِبْتُمْ
…
إلى آخر السورة، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَنَّ رَجُلاً مُوقِناً قَرَأَهَا عَلَى جَبَلٍ لَزَال» ، انتهى «5» ، وخَرَّجَهُ ابن السُّنِّيُّ أيضاً، ذكره النووي.
وقوله سبحانه: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ: المعنى: فتعالى الله عن مقالتهم في دعوى الشريك والصاحبة والولد، ثم تَوَعَّدُ سبحانه عَبَدَةَ الأوثان بقوله: فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ، وفي حرف عبد الله:«عند ربك» ، وفي حرف «6» أُبَيِّ:«عند الله» ثم أَمر تعالى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بالدعاء والذكر له فقال: وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.
(1) ينظر: «صحيح البخاري» (8/ 299) كتاب التفسير: باب سورة المؤمنين.
(2)
أخرجه الطبريّ (9/ 252) برقم (25695) عن مجاهد، وذكره ابن عطية (4/ 159) عن مجاهد، والسيوطي (5/ 34) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(3)
ينظر: «البحر المحيط» (6/ 390) . [.....]
(4)
ينظر: «البحر المحيط» (6/ 390) ، و «الدر المصون» (5/ 205) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (2/ 289) .
(5)
أخرجه أبو يعلى (8/ 458) رقم (5045) ، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (631) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 7) .
كلهم من طريق الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة، عن حنش الصنعاني عن ابن مسعود به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/ 115)، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن اهـ. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 34) ، وزاد نسبته إلى الحكيم الترمذي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
(6)
في قراءة عبد الله، وقراءة أبي: ينظر «المحرر الوجيز» (4/ 159) .
ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 159) .