الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الحجّ
[وهي]«1» مكّيّة سوى ثلاث آيات وهي «2» : هذانِ خَصْمانِ إلى تمام ثلاث آيات، هذا قول ابن عباس، ومجاهد «3» .
وقال الجمهور: السورة مختلطة، منها مكّيّ ومنها مدنيّ، وهذا هو الأصحّ لأنّ الآيات تقتضي ذلك.
[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 2]
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الزلزلة:
التحريكُ العنيف، وذلك مع نفخة الفزع، ومع نفخة الصعق حسبما تضمنه حديثُ أبي هريرة من ثلاث نفخات، والجمهور على أَنَّ «زلزلة الساعة» هي كالمعهودة في الدنيا إلَاّ أَنَّهَا في غاية الشِّدَّةِ، واخْتَلَفَ المفسرون في الزلزلة المذكورة، هل هي في الدنيا على القوم الذين تقوم عليهم القيامة، أم هي في يوم القيامة على جميع العالم؟ فقال الجمهور: [هي في الدنيا، والضميرُ في تَرَوْنَها
عائِدٌ عندهم على الزلزلة، وقوى قولهم أَنَّ الرضاع] «4» والحملَ إنما هو في الدنيا، وقالت فرقة: الزلزلة في يوم القيامة، والضميرُ عندهم عائد على الساعة، والذهول: الغفلة عن الشيءِ بطريانِ ما يشغل عنه من همّ أو وجع أو غيره قال
(1) سقط في ج.
(2)
في ج: قوله.
(3)
ذكره ابن عطية (4/ 105) .
(4)
سقط في ج.
ابن زيد: المعنى: تترك وَلَدَهَا للكرب الذي نزل بها «1» .
/ قلت: وخَرَّجَ البخاريُّ وغيرُه عن أبي سعيد الخدريّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله 21 ب عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يا آدمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ:
يَا رَبِّ، وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعمَائةً وتِسْعَةً وتَسْعِينَ إلَى النَّارِ، وَوَاحِداً إلى الجَنَّةِ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سكارى، وَمَا هُمْ بسكارى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ» «2» الحديث. انتهى.
وهذا الحديث نَصٌّ صريح في أَنه يوم القيامة، وانظر قوله: يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً [المزمل: 17]، وقوله: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ [التكوير: 4] تجدْهُ موافقاً للحديث، وجاء في حديث أبي هريرة فيما ذكره علي بن معبد:«أنّ نفخة الْفَزَعِ تَمْتَدُّ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَيُسَيِّرُ اللهُ الجِبَالَ، فَتَمُرُّ مَرَّ السِّحَابِ، ثُمَّ تَكُونُ سَرَاباً، ثُمَّ تَرْتَجُّ الأَرْضُ بأَهْلِهَا رَجّاً، وَتَضَعُ الحَوَامِلُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَيَشِيبُ الْوُلْدَانُ، ويُوَلِّي النَّاسُ مُدْبِرِيْنَ، ثُمَّ يَنْظُرُونَ إلَى السَّمَاءِ، فَإذَا هِيَ كَالْمُهْلِ، ثمّ انشقّت» ، ثمّ قال النّبي صلى الله عليه وسلم:
«وَالْمَوْتَى لَا يَعْلَمُونَ شَيئاً مِنْ ذَلِكَ، قُلْتُ: يا رسول الله، فمن استثنى الله عز وجل حين يقول: فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ؟ قال: أولئك هم الشهداء» «3» . انتهى مختصراً، وهذا الحديث ذكره «4» الطبريّ، والثعلبي، وصححه ابن العربي في «سراج المريدين» .
(1) أخرجه الطبريّ (9/ 108) رقم (24913) ، وذكره ابن عطية (4/ 106) .
(2)
أخرجه البخاري (6/ 440) كتاب أحاديث الأنبياء: باب قصة يأجوج ومأجوج، حديث (3348)، وفي (8/ 295) كتاب التفسير: باب وَتَرَى النَّاسَ سُكارى حديث (4741) وفي (11/ 396) كتاب الرقاق: باب قوله عز وجل: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، حديث (6530) ، وفي (13/ 462) كتاب التوحيد، حديث (7483)، ومسلم كتاب الإيمان: باب قوله: يقول الله لآدم: «أخرج بعث النار» ، حديث (222/ 379) ، وأحمد (3/ 32- 33) ، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» رقم (917) والطبريّ (9/ 106) رقم (24907) ، والنسائي في «التفسير» (359) من حديث أبي سعيد، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 618) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في «الأسماء والصفات» .
(3)
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 634) مطولا، وعزاه إلى عبد بن حميد، وعلي بن سعيد في كتاب «الطاعة والعصيان» ، وأبي يعلى، وأبي الحسن القطان في «المطولات» ، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي موسى المديني كلاهما في «المطولات» ، وأبي الشيخ في «العظمة» ، والبيهقي في «البعث والنشور» .
(4)
ينظر: «الطبريّ» (9/ 105) .