الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في «صحيحه» بلفظ واحد، ورواه الحاكم في «المستدرك» ، وقال: صحيح الإسناد، انتهى من «السلاح» .
[سورة الفرقان (25) : آية 67]
وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (67)
وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا
…
الآية: عبارة أكثر المفسرين أَنَّ الذي لا يُسْرِفُ هو المُنْفِقُ في الطاعة وإنْ أفرط، والمُسْرِفَ هو المُنْفِقُ في المعصية وإنْ قَلَّ إنفاقهُ، وإنَّ الْمُقتِرَ هو الذي يمنع حَقّاً عليه وهذا قول ابن عباس «1» وغيره، والوجه أَنْ يقال: إنَّ النفقة في المعصية أمر قد حَظَرَتِ الشريعةُ قليلَه وكثيره، وهؤلاءِ الموصوفون مُنَزَّهُونَ عن ذلك، وإنَّما التأديب بهذه الآية هو في نفقة الطاعات والمُبَاحَاتِ، فأدب الشريعة فيها إلَاّ يفرط الإنسانِ حتى يُضَيِّعَ حَقّاً آخر أو عيالا ونحو هذا، وألّا يضيّق أيضا ويقتر حتى يجمع العيالَ ويفرط في الشُّحِّ، والحَسَنُ في ذلك هو القوام، أي: المعتدل، والقوام في كل واحد بحسب عياله وحاله، وخير الأمور أوساطها ولهذا ترك النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبا بكْرٍ الصِّدِّيقَ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ مَالِهِ لأَنَّ ذلك وَسَطٌ بنسبة جَلَدِهِ وَصَبْرِهِ في الدِّينِ، ومنع غيره من ذلك.
وقال عبد الملك بن مروان لعمرَ بن عبد العزيز حين زَوَّجَه ابنته فاطمة: مَا نَفَقَتُكَ؟
فقال له عمر: الحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ، ثم تلا الآية «2» ، وقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه: كفى بالمرء سَرَفاً أَلَاّ يشتهيَ شيئاً إلَاّ اشتراه فأكله «3» . وقَواماً: خبر كانَ واسمها مقدّر، أي: الإنفاق.
[سورة الفرقان (25) : الآيات 68 الى 72]
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (68) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (69) إِلَاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الآية: في نحو هذه الآية قَال اْبنُ مسعود:
(1) أخرجه الطبريّ (9/ 411) نحوه، وذكره البغوي (3/ 376) نحوه، وابن عطية (4/ 220) والسيوطي (5/ 142) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(2)
ذكره ابن عطية (4/ 220) . [.....]
(3)
ذكره البغوي (3/ 376) ، وابن عطية (4/ 220) ، والسيوطي (5/ 143) ، وعزاه لعبد الرزاق عن الحسن.
قَلْتُ يَوْماً: يا رَسُولَ اللهِ، أيُّ الذَّنْبِ أَعْظمُ؟ قال: «أنْ تَجْعَلَ للَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قْلتُ:
ثُمَّ أَي قال: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تَزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» ثُمَّ قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه «1» الآية والأثام في كلام العرب: العِقَابُ، وبه فَسَّرَ ابن زيد وقتادة هذه الآية.
قال ع «2» : يُضاعَفْ: بالجزم بدل من يَلْقَ قال سيبويه: مضاعفة العذاب هو لقي الأثام.
وقوله تعالى: إِلَّا مَنْ تابَ: لا خلاف بين العلماء أَن الاستثناء عام في الكافر والزاني، واختلفوا في القاتل، وقد تقدم بيان ذلك في «سورة النساء» .
وقوله سبحانه: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ أي: بأنْ يجعلَ أعمالهم بَدَل معاصيهم الأُولَى طاعةً قاله ابن عباس «3» وغيره، ويحتمل أنْ يكونَ ذلك في يوم القيامة، يجعل بدل السيئات الحسنات تَكَرُّماً منه سبحانه وتعالى كما جاء في «صحيح مسلم» «4» ، وهو تأويل ابن المُسَيِّبِ.
ص: والأَوْلَى: ويحتمل أنْ يكون الاستثناءُ هنا مُنْقَطِعاً، أي: لكن من تاب
(1) حديث: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» .
أخرجه البخاري (8/ 13) كتاب التفسير: باب قوله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً حديث (4477)، وفي (8/ 350- 351) . كتاب التفسير: باب والذين تدعون مع الله إلها آخر، حديث (4761)، وفي (10/ 448) كتاب الأدب: باب قتل الولد خشية أن يأكل معه، حديث (6001)، وفي (12/ 116) كتاب الحدود: باب إثم الزناة، حديث (6811) ، وفي (12/ 194)، كتاب الديات: باب قوله تعالى:
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً، حديث (6861)، وفي (13/ 499- 500) كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً، حديث (7520) ، وفي (13/ 512) ، حديث (7532) .
ومسلم (1/ 90- 91) كتاب الإيمان: باب كون الشرك أقبح الذنوب، حديث (141/ 86) ، وأبو داود (1/ 705)، كتاب الطلاق: باب في تعظيم الزنا، حديث (2310)، والترمذيّ (5/ 336) كتاب التفسير: باب «ومن سورة الفرقان» ، حديث (3182) والنسائي (7/ 89) كتاب تحريم الدم: باب ذكر أعظم الذنب، حديث (4013) . وأحمد (1/ 380، 431، 433، 462، 464) ، والطيالسي (3، 4- منحة) وأبو عوانة (1/ 56) ، وأبو نعيم (4/ 145)، والبيهقي (8/ 18) كتاب الجنايات: باب قتل الولدان، من حديث ابن مسعود.
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 221) .
(3)
أخرجه الطبريّ (9/ 418) ، برقم (26527) بنحوه، وذكره البغوي (3/ 377) وابن عطية (4/ 221) ، والسيوطي (5/ 146) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(4)
تقدم تخريجه.