الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ- غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ومَنْ لَبِسَ ثَوْباً، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» «1» رواه أبو داود واللفظُ له، والترمذيُّ وابن ماجه والحاكم في «المستدرك» ، وقال: صحيح على شرط البخاريِّ، وقالَ الترمذيُّ:
حسنٌ غريب، انتهى من «السلاح» .
[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 28]
فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (28)
وقوله تعالى: فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ
…
الآية: في هذا الموضِع اختصارٌ يدلُّ عليه الظاهرُ، قدَّرَهُ ابنُ إسحاقٍ: فذهبتا إلى أبيهما فأخبرتاه بما كان من الرجل، فأمر إحدى ابنَتَيْه أنْ تدعوَه له، فجاءته، على ما في الآية/. وقوله: عَلَى 57 أاسْتِحْياءٍ أي: خَفِرَةٍ، قد سَتَرَتْ وَجْهَهَا بِكُمِّ دِرْعِها قاله عمر بن الخطاب «2» رضي الله عنه. وروى الترمذيُّ عن أبي هريرة قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحياء من الإيمان والإيمان فِي الجَنَّةِ، والبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ والجَفَاءُ فِي النّار» «3» قال أبو عيسى: هذا حديث
(1) أخرجه أبو داود (1/ 440) كتاب اللباس: باب ما جاء في اللباس، حديث (4023)، والترمذيّ (5/ 508) كتاب الدعوات: باب ما يقول إذا فرغ من الطعام، حديث (3458)، وابن ماجه (2/ 1093) كتاب الأطعمة: باب ما يقال إذا فرغ من الطعام، حديث (3285) ، وأحمد (3/ 439) ، والحاكم (1/ 507، 4/ 192) ، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» رقم (461) كلهم من طريق أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه به.
وقال الترمذيّ: حديث حسن غريب.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
(2)
أخرجه الطبريّ (10/ 58) رقم (27354) ، وذكره البغوي (3/ 442) بنحوه، وابن عطية (4/ 284) ، وابن كثير (3/ 384) ، والسيوطي (5/ 238) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب.
(3)
أخرجه الترمذيّ (4/ 365) كتاب البر والصلة: باب ما جاء في الحياء، حديث (2009) ، وأحمد (2/ 501) ، وابن حبان (1929- موارد) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 540، 541- بتحقيقنا) كلهم من طريق محمد بن عمرو.
حسن صحيح انتهى.
والجمهورُ أن الداعِيَ لموسَى- عليه السلام هو شُعَيْبُ عليه السلام وأن المرأتينْ ابنتَاه، ف قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ
…
الآية، فَقَام يَتْبعُهَا فَهَبَّتْ رِيحٌ ضَمَّتْ قَمِيصَها إلى بَدَنِهَا فَتَحَرَّجَ مُوسَى عليه السلام من النظر إليها فقال لها: امشي خلفي وأرشديني إلى الطريق، فَفَهِمَتْ عَنْهُ فذلك سَبَبُ وَصْفِهَا له بِالأَمَانَةِ قاله ابن عباس «1» . فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ فآنسَه بقَولهِ: لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فلما فَرَغ كلامُهُمَا قالت إحدى الابنتين يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ فقال لها أبوها: ومن أين عَرَفْتِ هذا منه؟ قالت: أَمّا قوتُه فَفِي رفعِ الصَّخْرَةِ، وأمّا أمَانَتُهُ فَفِي تَحَرُّجِه عَنِ النَّظَرِ إلَيَّ قاله ابن عباس «2» وقتادة وابن زيد وغيرهم، فقال له الأَبُ عند ذلك: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ
…
الآية، قال ابن العربي: فِي «أحْكَامِهِ» «3» قوله: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ يدلُّ على أنه عَرْضٌ لَا عَقْدٌ لأنه لو كان عَقْداً، لعَيَّن المعقودَ عَلَيْهَا لأن العلماءَ وإنْ اختلفوا في جواز البيع، إذا قَال له: بعتُكَ أَحَدَ عَبْدَيَّ هذينِ بثَمَنِ كذا، فإنهم اتَّفَقُوا على أن ذلكَ لَا يجُوزُ في النكاحَ لأنه خيارٌ وشَيْءٌ مِن الخيارِ لَا يُلْحَقَ بالنِّكَاحِ «4» . ورُوِي أنه قال شعيبٌ: أَيَّتُهما تُرِيد؟ قال:
الصغرى، انتهى. «وتَأجَر» معناه: تُثِيبُ وجَعَلَ شعيبُ الثمانيةَ الأعوامَ شَرْطاً وَوَكَلَ العَامَيْنِ إلى المُرُوءَةِ، ولما فَرَغَ كلامُ شُعَيْبٍ قَرَّره موسَى وكَرَّرَ معناه على جهة التوثقِ في أن الشَّرط إنما وقع في ثمان حجج، وأَيَّمَا استفهامٌ نُصِبَ ب قَضَيْتُ و «ما» صلةٌ للتّأكيد و «لا عدوان» لا تباعة عليّ، و «الوكيل» : الشاهد القائم بالأمر.
(1) أخرجه الطبريّ (10/ 61) رقم (27376) ، (27378) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 284) ، وابن كثير (3/ 385) بنحوه.
(2)
أخرجه الطبريّ (10/ 61) رقم (27376) ، وذكره ابن عطية (4/ 284- 285) ، وابن كثير (3/ 385) .
(3)
ينظر: «أحكام القرآن» (3/ 1469) . [.....]
(4)
لا يدخل الخيار شرعا إلا عقود المعاوضات اللازمة القابلة للفسخ بتراضي العاقدين، فغير المعاوضات كالصدقة والهبة بلا ثواب لا يدخلها أي نوع من أنواع الخيار لأنها شرعت لدفع الضرر، وهذه العقود نفع محض، لعدم المقابل فيها، وأما اشتراط اللزوم، فلأن المعاوضات الجائزة كالشركة والوكالة لكل من العاقدين أن يفسخها متى شاء بمتقضى العقد ذاته، فليست هناك من حاجة تدعو إلى إثبات الخيار فيها، وهو لم يشرع إلا تحت ضغط الحاجة. وأما اشتراط كونها قابلة للفسخ برضا الطرفين، كالبيع، والهبة بثواب، والصلح على مال، فلأنها لو لم تكن قابلة للفسخ بتراضيهما كالنكاح، والخلع، لكان اشتراط الخيار فيها أو ثبوته في أحوال مخصوصة مخالفا لمقتضاها، لأن الخيار يستلزم جواز الفسخ، وهي لا تقبله.