الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو حيان «1» : والظاهر تعلق به فَسْئَلْ وبقاء الباء على بابها، وخَبِيراً من صفاته تعالى، نحو: لَقِيتُ بِزَيْدٍ أَسَداً، أي: أَنَّهُ الأَسَدُ شجاعةً، والمعنى: فاسألِ اللهَ الخبير بالأشياء، انتهى.
[سورة الفرقان (25) : الآيات 60 الى 61]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (60) تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (61)
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ يعني أَنَّ كفار قريش قالوا: ما نعرف الرحمن إلَاّ رحمن اليمامة، وهو مُسَيْلَمَةَ الكَذَّابَ، وكان مُسَيْلَمَةُ تَسَمَّى بالرحمن.
أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ هذا اللفظُ نُفُوراً والبروج هي التي عَلِمْتَها العرب، وهي المشهورة عند اللغويين وأهل تعديل الأوقات، وكل برج منها على منزلتين وثلث من منازل القمر التي ذكرها الله تعالى في قوله: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [يس: 39] .
[سورة الفرقان (25) : الآيات 62 الى 63]
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (62) وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (63)
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً أي: هذا يَخْلُفُ هذا، وهذا يخلف هذا، قال مجاهد وغيره: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أي: يعتبر بالمصنوعات ويشكرَ الله تعالى على آلائه «2» ، وقال عمر وابن عباس والحسن: معناه: لمن أراد أَنْ يَذْكُرَ ما فاته من الخير والصلاة ونحوه في أحدهما فيستدركه في الذي يليه «3» ، وقرأ حمزة «4» وحده:«يذْكُرُ» بسكون الذال وضم الكاف، ثم لما قال تعالى: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً جاء بصفات عباده الذين هم أهل التذكرة والشكور.
وقوله: الَّذِينَ يَمْشُونَ. [خبر مبتدإ، والمعنى: وعباده حَقُّ عباده هم الذين يمشون.
(1) ينظر: «البحر المحيط» (6/ 465) .
(2)
أخرجه الطبريّ (9/ 407) برقم (26458، 26459) ، وذكره البغوي (3/ 375) ، وابن عطية (4/ 217) ، والسيوطي (5/ 139) ، وعزاه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(3)
ذكره ابن عطية (3/ 218) ، وابن كثير (3/ 324) عن ابن عباس، والسيوطي (5/ 139) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، وعزاه أيضا لعبد بن حميد عن الحسن.
(4)
ينظر: «السبعة» (466) ، و «الحجة» (5/ 348) ، و «العنوان» (141) ، و «إتحاف» (2/ 310) ، و «حجة القراءات» (513) .
وقوله: يَمْشُونَ «1» عَلَى الْأَرْضِ عبارة عن عيشهم ومدّة حياتهم وتصرّفاتهم، وهَوْناً بمعنى أَنَّ أمرهم كله هَيِّنُ، أي: ليِّنٌ حسن قال مجاهد «2» : بالحلم والوقار.
وقال ابن عباس «3» : بالطاعة والعَفَاف والتواضع، وقال الحسن «4» : حُلَمَاءُ، إنْ جُهلَ عليهم لم يجهلوا.
قال الثعلبيُّ: قال الحسن «5» : يمشون حلماء علماء مثلَ الأنبياء، لا يؤذون الذَّرَّ في سكونٍ وتواضع وخشوع، وهو ضدُّ المُخْتَالُ الفخور الذي يختال في مشيه، اه.
قال عياض في صفة نَبِيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم: يخطو تكفُّؤاً «6» ، ويمشي هوناً، كأنَّما ينحطُّ من صبب، انتهى من «الشفا» .
قال أبو حيان «7» : هَوْناً: نعت لمصدر محذوف، أي: مشياً هوناً، أو حال، أي:
هَيِّنِينَ، انتهى، وروى الترمذيُّ عن ابن مسعود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ على كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ، سَهْلٍ» «8» ، قال أَبو عيسى: هذا
(1) سقط في ج. [.....]
(2)
أخرجه الطبريّ (9/ 407) برقم (26461) ، وذكره ابن عطية (4/ 218) ، والسيوطي (5/ 140) ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن مجاهد.
(3)
أخرجه الطبريّ (9/ 408) برقم (26469) ، وذكره ابن عطية (4/ 218) والسيوطي (5/ 140) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(4)
أخرجه الطبريّ (9/ 408) برقم (26474) ، وذكره البغوي (3/ 375) ، وابن عطية (4/ 218) ، والسيوطي (5/ 141) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن الحسن.
(5)
أخرجه الطبريّ (9/ 408) برقم (26476) ، وذكره البغوي (3/ 375) ، وابن عطية (4/ 218) .
(6)
أي تمايل إلى قدام. ينظر: «النهاية» (4/ 183) .
(7)
ينظر: «البحر المحيط» (6/ 469) .
(8)
أخرجه الترمذيّ (4/ 654) كتاب صفة القيامة: باب (45) حديث (2488) ، وأحمد (1/ 415) ، وأبو يعلى (8/ 467- 468) رقم (5053) ، وابن حبان (1096، 1097- موارد) ، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (11) ، والطبراني في «الكبير» (10/ 285) رقم (10562) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (7/ 535- 536) رقم (11251، 11252) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 480- بتحقيقنا) كلهم من طريق هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن عمرو الأودي عن ابن مسعود مرفوعا.
وقال الترمذيّ: حديث حسن غريب.
وصححه ابن حبان.
وللحديث طريق آخر:
فقال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/ 108) : سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه مصعب بن عبد الله-