الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى: هم قومُ مِن بَنِي إسرائيل. قال ابن عباس وأبو هريرة وجماعة:
الإشارةُ إلى ما تضمّنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم «من أَنَّ بَنِي إسرائيل كَانُوا يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، وَكَانَ موسى عليه السلام رَجُلاً سِتِّيراً حَيِّياً، لَا يَكَادُ يرى مِنْ جَسَدِهِ شَيْءٌ فَقَالُوا: وَاللهِ، مَا يَمْنَعُ موسى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلَاّ أَنَّهُ آدَرُ أَوْ بِهِ بَرَصٌ، فَذَهَبَ يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ على حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَلَجَّ موسى فِي إثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، فَمَرَّ بِهِمْ فَنَظَرُوا إلَيْهِ فَقَالُوا: وَاللهِ، مَا بموسى مِنْ بَأْسٍ» . الحديثُ «1» خرَّجه البُخَاريُّ وغيره، وقيل في إذَايتهم غيرُ هذا. فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا والوجيهُ: المكرَّمُ الوجهِ، والقولُ السَّدِيدُ: يَعُمُّ جَميعَ الخيراتِ. وقال عكرمة: أراد «لا إله إلا الله» »
وباقي الآية بيّن.
[سورة الأحزاب (33) : الآيات 72 الى 73]
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (73)
وقوله سبحانه: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
…
الآية، ذهب الجمهور: إلى أن الأمانةَ كلُّ شيء يُؤتمن الإنسانُ عليه من أمر ونهي وشأن دين ودنيا فالشرعُ/ كلّه أمانة ومعنى الآية: إنا عرضْنَا على هذه المخلوقاتِ العظام أن تحمل الأوامر 77 ب والنَّواهي ولهَا الثوابُ إن أحْسَنَتْ، والعقابُ إن أساءت، فأبتْ هذه المخلوقاتُ وأشفقت، فيحتمل أن يكونَ هذا بِإدراكٍ يَخْلُقُه اللهُ لَهَا، ويُحْتَمَلُ أنْ يكونَ هذا العَرْضُ على مَنْ فِيها من الملائِكةِ، وحَمَلَ الإنسانُ الأمانةَ، أي: التزَمَ القِيامَ بِحَقِّهَا، وهو في ذلك ظَلُومٌ لِنَفْسِهِ جَهُولٌ بقدر مَا دخَل فيه وهذا هو تأويل ابنِ عباس وابن جبير. قال ابن عباس وأصحابه:
والْإِنْسانُ آدم تَحمَّلَ الأَمانةَ فَما تَمَّ لَهُ يَوْمٌ حَتَّى وَقَعَ فِي أمرِ الشَّجرةِ «3» . وقال بعضُهم:
الْإِنْسانُ: النَّوعُ كلّه فعلى تأويلِ الجمهور يكونُ قولُهما في الآية الأخرى أَتَيْنا طائِعِينَ إجابةً لأَمْرٍ أُمِرْت بِهِ وتَكُونُ هذه الآيةُ إبايَةً وإشفاقاً مِنْ أَمْرٍ عُرِضَ عَلَيْهَا وخُيِّرَتْ فِيه.
(1) تقدم.
(2)
أخرجه الطبريّ (10/ 338)(28680) ، وذكره البغوي (3/ 546) ، وذكره ابن عطية (4/ 401) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 521) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 421) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه.
(3)
أخرجه الطبريّ (10/ 339)(28683) ، وذكره ابن عطية (4/ 402) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 522) والسيوطي في «الدر المنثور» وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري عن ابن عباس.
وقوله تعالى: لِيُعَذِّبَ: اللامُ لامُ العَاقِبَة، وكذا قَال أبو حيان: اللام في لِيُعَذِّبَ: للصَّيْرُورَةِ لأَنَّه لَمْ يَحْمِلْ الأَمَانَةَ ليُعَذَّبَ، ولكنْ آلَ أمره إلى ذلك.
ص: أبو البقاء: اللام تتَعلق ب: حَمَلَهَا وقرأ «1» الأعمش: «ويتوبُ» بالرفع على الاسْتِئْنَافِ، واللهِ أعلم. انتهى. وباقي الآية بيّن.
(1) قال الزمخشري: وقرأ الأعمش «ويتوب» ليجعل العلة قاصرة على فعل الحامل، ويبتدىء: ويتوب الله. ومعنى قراءة العامة: ليعذب الله حامل الأمانة، ويتوب على غيره ممن لم يحملها لأنه إذا تيب على الوافي، كان ذلك نوعا من عذاب الغادر. والله أعلم.
ينظر: «الكشاف» (3/ 565) ، و «مختصر الشواذ» ص (121) ، و «البحر المحيط» (7/ 244) ، و «الدر المصون» (5/ 427) .