الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَعْذَرَ اللَّهُ امرأ أَخَّرَ أَجَلَهُ حتى بلغ ستّين سنة» «1» . انتهى. والنَّذِيرُ في قول الجمهور: الأنبياء. قال الطبري «2» : وقيل: النذيرُ: الشيبُ، وهذا أيضاً قول حَسَنٌ.
وقوله: فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي وَبَالُ كفرِه و «المقت» : احتقارك الإنسَانَ مِن أجْلِ مَعْصِيَتهِ، والخَسَارُ: مُصَدَرُ خسر يخسر، وأَ رَأَيْتُمْ، تتنزل عند سيبويه منزلةَ أخبروني، ولذلك لا تَحْتَاجُ إلى مفعولين، والرؤية في قوله أَرُونِي رؤيةُ بَصر.
ت: قال ابن هشام: قوله: مِنَ الْأَرْضِ، «من» : مرادفة «في» . ثم قال:
والظاهرَ أنَّها لبيان الجِنْسِ، مثلها: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ
…
[البقرة 106] الآية. انتهى. ثم أضْرَبَ سبحانه عنهم بقوله: بَلْ إِنْ يَعِدُ أي: بل إنما يعدون أنفسهم غروراً.
وقوله: أَنْ تَزُولا أي: لئلا تزولا، ومعنى الزوال هنا: التنقلُ من مكانها، والسُّقُوطُ من عُلُوَّهَا. وعن ابن مسعودٍ أن السَّماءَ لا تدورُ وإنما تَجْرِي فيها الكواكبُ «3» .
وقوله تعالى: وَلَئِنْ زالَتا قيل: أراد يوم القيامة. وقوله تعالى: إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ أي: من بعد تركه الإمساك.
قال ص: إِنْ أَمْسَكَهُما: أن: نافية بمعنى، ما، وأمسَك: جواب القسم المقدَّرِ قبل اللام الموطئة في لَئِنْ، وهو بمعنى: يمسك لدخول أن الشرطية كقوله تعالى:
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ [البقرة: 145] أي: ما يتبعون/ 85 أوكقوله: وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً الآية إلى قَوْلِهِ: لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ [الروم: 51] أي: لَيَظُلْونَ، وحذف جواب إن في هذه المواضع لدلالة جواب القسم عليه.
وقوله: مِنْ أَحَدٍ مِنْ: زائدة لتأكيد الاستغراق انتهى.
[سورة فاطر (35) : الآيات 42 الى 45]
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَاّ نُفُوراً (42) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَاّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (44) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (45)
(1) أخرجه البخاري (11/ 243) كتاب الرقاق: باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر، حديث (6419) .
(2)
ينظر: «الطبريّ» (10/ 419) .
(3)
ذكره ابن عطية (4/ 442) .
وقوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ يعني: قريشاً لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ الآية: وذلك أَنه رُوِي: أن كُفَّارَ قريش كانت قبل الإسلام تنكر على اليهود والنصارى، وتَأْخُذُ عليهم في تكذيب بعضهم بعضاً وتقول: لو جاءنا نحنُ رَسُوْلٌ لكنا أهدى من هؤلاءِ، وإِحْدَى الْأُمَمِ: يُريدونَ: اليهود والنصارى، فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ وهو: محمد صلى الله عليه وسلم مَّا زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً وقرأ ابن مسعود «1» : و «مكرا سيئا» ، ويَحِيقُ:
معناه: يحيط ويحل وينزل، ولا يستعملُ إلا في المكروه ويَنْظُرُونَ معناهُ: ينتظرون والسنة: الطريقةُ والعادَةُ. وقوله: فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أي: لتعذيبه الكفرة المكذبين، وفي هذا وَعِيدٌ بَيِّنٌ.
وقوله تعالى: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ لمَّا توعدهم سبحانه بسنةِ الأولين وقفهم في هذه الآية على رؤيتهم لما رأوا من ذلك في طريق الشام وغيره كديارِ ثمودَ ونحوِها، و «يعجُزه» : معناه: يفوته ويفلته.
وقوله تعالى: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ الآية:
قوله: مِنْ دَابَّةٍ: مبالغة، والمراد: بنو آدم لأنهم المُجَاوَزْنَ، وقيل: المراد الإنس والجن، وقيل: المُرادُ: كُل ما دبَّ من الحيوانِ وأكثرُهُ إنما هو لِمَنْفَعَةِ ابن آدَم، وبسببه، والضمير في: ظَهْرِها عائدٌ على الأرض، والأجل المسمى: القيامة.
وقوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً: وعيدٌ، وفيه للمتقين وعدٌ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً والحمد لله على ما أنعم به.
(1) قال أبو الفتح: يشهد لتنكيره تنكير ما قبله من قول الله سبحانه: «استكبارا في الأرض» . وقراءة العامة أقوى معنى وذلك أن «المكر» فيها معرفة لإضافته إلى المعرفة، أعني السيّء» ، فكأنه قال: والمكر السيّء الذي هو عال مستكره مستنكر في النفوس.
ينظر: «المحتسب» (2/ 202) ، و «الكشاف» (3/ 619) ، و «المحرر الوجيز» (4/ 443) ، و «البحر المحيط» (7/ 305) ، و «الدر المصون» (5/ 473) .