الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدًا بمواساة أحدٍ، ولا بالالتفات إليه مهما يكن عطفه عليه، واتصاله به .. أردفه ببيان أن الناس في ذلك اليوم سعداء وأشقياء، وأشار إلى الأولين بقوله:{وُجُوهٌ} كثيرة، وهو مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة وقوعه في معرض التفصيل {يَوْمَئِذٍ}؛ أي: يوم إذ يفر المرء من أقربائه، وهو ظرف مضاف لمثله، والتنوين عوض عن الجملة المحذوفة كما قدرنا متعلق بقوله:{مُسْفِرَةٌ} ؛ أي: مضيئة متهللة، وهو خبر المبتدأ، وقول "الشوكاني" وغيره هنا: الظرف متعلق بـ {وُجُوهٌ} .. غير صواب؛ لأن الوجوه جمع وجه، وهو من أسماء الأعيان التي ليست فيها رائحة الفعل، فكيف يتعلق به الجار والمجرور، ومعنى {مُسْفِرَةٌ} مشرقة مضيئة، من: أسفر الصبح إذا أضاء، وهو من الأفعال اللازمة، وهي وجوه المؤمنين؛ لأنهم قد علموا إذ ذاك ما لهم من النعيم والكرامة. قال الضحاك: مسفرة من آثار الوضوء، وقيل: من قيام الليل. وفي الحديث: "من كثرت صلاته بالليل .. حسن وجهه بالنهار"، وقيل: من طول ما اغبرت في سبيل الله.
39
- {ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39)} بما تشاهده من النعيم المقيم، والبهجة الدائمة، وفي بعض (1) التفاسير {ضَاحِكَةٌ}؛ أي: مسرورة فرحة لما علموا من الفوز والسعادة، أو لفراغهم من الحساب بالوجه اليسير {مُسْتَبْشِرَةٌ}؛ أي: ذات بشارة بالخير، فكأنه بيان لقوله:{ضَاحِكَةٌ} انتهى. وهما خبران آخران لـ {وُجُوهٌ} ، وفي "عين المعاني": ضاحكة من مسرة العين، مستبشرة من مسرة القلب، يقول الفقير:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38)} لابيضاضها في الدنيا بالتزكية والتصفية، وزوال كدوراتها {ضَاحِكَةٌ} ؛ لأنها بكت في الله أيام دنياها حتى صارت عمياء عن رؤية ما سوى الله تعالى مطلقًا، كما وقع لشعيب ويعقوب عليهما السلام. {مُسْتَبْشِرَةٌ} لأمنها بدل خوفها في الدنيا، ولذا قال تعالى:{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} بأن تقول لهم الملائكة: لا تخافوا وأبشروا بالجنة والرؤية. والضحك: هو انبساط الوجه وتكشر الأسنان من سرور النفس، ولظهور الأسنان عنده .. سميت مقدمة الأسنان ضواحك، ويستعمل في السرور المجرد كما في الآية.
والمعنى (2): أي وجوه يومئذٍ متهللة ضاحكة فرحة بما تجد من برد اليقين بأنها
(1) روح البيان.
(2)
المراغي.