المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الجهة [ (1) ] التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته - إمتاع الأسماع - جـ ٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌[بقية فصل في أمارات نبوته]

- ‌ذكر مجيء الملك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى

- ‌ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر الاختلاف في شق [ (4) ] صدر [ (5) ] رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع

- ‌ذكر مجيء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه اللَّه تعالى عليها

- ‌ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تعليم جبريل عليه السلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌وأمّا إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصّلاة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وأنّه أمّه فيها

- ‌ذكر الجهة [ (1) ] التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته

- ‌ذكر من قرن برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الملائكة

- ‌فصل في ذكر الفضائل التي خصّ اللَّه تعالى بها نبيّه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء

- ‌فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين

- ‌وأما مخاطبة اللَّه له بالنّبوّة والرسالة ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه

- ‌وأما دفع اللَّه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهي اللَّه تعالى العباد عن مخاطبته باسمه

- ‌وأما دفع اللَّه تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له

- ‌وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطا ولا زلّة

- ‌وأما أخذ اللَّه تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وينصروه إن أدركوه

- ‌وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتي به صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهداه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما أمر الكافّة بالتّأسي به قولا وفعلا

- ‌وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم اللَّه تعالى

- ‌وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام

- ‌ذكر التنويه [ (1) ] بذكر رسول صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام

- ‌وأما شرف أصله، وتكريم حسبه ونسبه، وطيب مولده

- ‌وأما أنّ أسماءه خير الأسماء

- ‌وأما قسم اللَّه تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه

- ‌فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات اللَّه عليهما وسلامه [ (1) ]

- ‌وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة [ (1) ] العظمى يوم الفزع [ (2) ] الأكبر

- ‌ذكر المقام المحمود الّذي وعد اللَّه تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه وإرشاد

- ‌إيضاح وتبيان

- ‌وأما حوض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر

- ‌وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزائن الأرض

- ‌وأما تأييده بقتال الملائكة معه

- ‌وأما أنه خاتم الأنبياء

- ‌وأما أن أمته خير الأمم

- ‌وأما ذكره في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته

- ‌ومن إعلامه في التوراة

- ‌ومن إعلامه في التوراة أيضا

- ‌ومن ذكر شعيا له

- ‌ومن ذكر شعيا له

- ‌وفي حكاية يوحنا عن المسيح

- ‌وفي إنجيل متى

- ‌وذكر شعيا طريق مكة فقال:

- ‌وأما سماع الأخبار بنبوّته من الجنّ وأجواف الأصنام ومن الكهّان

الفصل: ‌ذكر الجهة [ (1) ] التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته

‌ذكر الجهة [ (1) ] التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته

ذكر ابن جريج في تفسيره، وذكر سنينة عن حجاج عن ابن جريج قال: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما صلّى إلى الكعبة [ (2) ] ، ثم صرف إلى بيت المقدس [ (3) ] ، فصلت الأنصار نحو بيت المقدس قبل قدومه صلى الله عليه وسلم بثلاث حجج [ (4) ] ، وصلّى النبي صلى الله عليه وسلم

[ (1) ] الجهة: والجهة، والجهة، بالكسر، والضم، والفتح، والوجه: الجانب والناحية، والجمع جهات، ووجوه، على الترتيب. (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) : 5/ 167.

[ (2) ] الكعبة: البيت المربّع، وجمعه كعاب، والكعبة، البيت الحرام، منه، لتكعيبها أي تربيعها، وقالوا:

كعبة البيت فأضيف، لأنهم ذهبوا بكعبته إلى تربع أعلاه، وسمّي كعبة لارتفاعه وتربعه، وكل بيت مربع، فهو عند العرب كعبة. (لسان العرب) : 1/ 718، مادة «كعب» ، (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) : 4/ 357.

[ (3) ] التقديس: التطهير والتبريك، وتقدّس أي تطهر، وفي التنزيل: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [30/ البقرة] . الزجاج: معنى نقدس لك، أي نطهر أنفسنا لك وكذلك نفعل بمن أطاعك، نقدّسه أي نطهره. ومن هذا قيل للسّطل: القدس، لأنه يتقدّس منه أي تتطهّر، ومن هذا بيت المقدس، أي البيت المطهّر، أي المكان الّذي يتطهّر به من الذنوب.

ابن الكلبيّ: القدّوس الطاهر، وقوله تعالى: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ الطاهر في صفة اللَّه عز وجل [23/ الحشر] ، وجاء في التفسير أنه المبارك، والقدّوس: هو اللَّه عز وجل. والقدس: البركة، والأرض المقدسة: الشام منه، وبيت المقدس من ذلك أيضا، ابن الأعرابي: المقدس المبارك، والأرض المقدسة، المطهرة.

وقال الفرّاء: الأرض المقدسة الطاهرة، وهي: دمشق، وفلسطين، وبعض الأردن. ويقال: أرض مقدسة أي مباركة، وهو قول قتادة، وإليه ذهب ابن الأعرابي. وروح القدس: جبريل عليه السلام، وفي الحديث:«إن روح القدس نفث في روعي» ، يعني جبريل عليه السلام، لأنه خلق من طهارة.

وقال اللَّه عز وجل في صفة عيسى- على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام-: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، وهو جبريل عليه السلام، معناه روح الطهارة، أي خلق من طهارة. وفي الحديث:

«لا قدّست أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويّها» ، أي لا طهّرت. (لسان العرب) : 6/ 168- 169، مادة «قدس» .

[ (4) ] يعني ثلاث سنين، ومنه قوله تعالى: عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ [27/ القصص] .

ص: 81

بعد قدومه ستة عشر شهرا، ثم وجهه اللَّه إلى الكعبة [ (1) ] .

قال ابن عبد البر: وهذا أمر قد اختلف فيه، وأحسن شيء روى في ذلك فذكر من حديث أبي عوانة عن سليمان عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس وهو بمكة، والكعبة بين يديه، وبعد ما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهرا، ثم صرفه اللَّه إلى الكعبة [ (1) ] .

وخرج مسلم من حديث عفّان [ (2) ] قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [ (3) ] ، فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة [ (4) ] . قال أبو عمر بن عبد البر: وروى أن المخبر لهم بما في هذا الحديث هو عباد بن بشر [ (5) ] .

[ (1) ] ونحوهما في (مسند أحمد) بسياقات متقاربة:

1/ 413، حديث رقم (2252) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«صلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم صرفت القبلة» .

و1/ 576، حديث رقم (3260) بنحوه سواء.

و1/ 589، حديث رقم (3353) : من حديث ابن عباس أيضا: «صلّى النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس- قال عبد الصمد: ومن معه- ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد، قال عبد الصمد:

ثم جعلت القبلة- نحو بيت المقدس» . وقال معاوية- يعني ابن عمرو-: ثم حولت القبلة بعد.

[ (2) ] في (خ) : «عنان» ، وما أثبتناه من صحيح مسلم.

[ (3) ] آية 44/ البقرة.

[ (4) ](مسلم بشرح النووي) : 5/ 14، حديث رقم (527) .

[ (5) ] هو عبّاد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل، الإمام أبو الربيع الأنصاري الأشهلي، أحد البدريين، كان من سادة الأوس، عاش خمسا وأربعين سنة، وهو الّذي أضاءت له عصاته ليلة انقلب إلى منزله من عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أسلم على يد مصعب بن عمير، وكان أحد من قتل كعب ابن الأشرف اليهوديّ، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات مزينة وبني سليم، وجعله على حرسه في غزوة تبوك، وكان كبير القدر، رضي الله عنه، أبلى يوم اليمامة بلاء حسنا، وكان أحد الشجعان الموصوفين.

ابن إسحاق: عن يحيى بن عباد بن عبد اللَّه، عن أبيه قال: قالت عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا، كلهم من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وعباد بن بشر،

ص: 82

روى إبراهيم بن حمزة الزبيري قال: حدثني إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد ابن سلمة عن أبيه عن جدته تويلة بنت أسلم [ (1) ] ، وكانت من المبايعات، قالت:

كنا في صلاة الظهر فأقبل عباد بن بشر بن قيظي فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد استقبل الكعبة- أو قال: البيت الحرام- فتحول الرجال مكان النساء، وتحول النساء مكان الرجال.

وخرج البخاري ومسلم من حديث يحيى بن سعيد عن سفيان قال: حدثني أبو إسحاق قال: سمعت البراء يقول: صلينا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، ثم صرفنا نحو الكعبة. وقال البخاري: ثم صرفه نحو القبلة [ (2) ] . ذكره في التفسير في باب قوله: لِكُلٍّ وِجْهَةٌ [هُوَ مُوَلِّيها]

[ (3) ] .

[ () ] وأسيد بن الحضير، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة.

وروي بإسناد ضعيف، عن أبي سعيد الخدريّ: سمع عباد بن بشر يقول: رأيت الليلة كأن السماء فرجت لي، ثم أطبقت عليّ، فهي إن شاء اللَّه الشهادة. فنظر يوم اليمامة وهو يصيح. احطموا جفون السيوف. وقاتل حتى قتل بضربات في وجهه. رضي الله عنه.

ابن إسحاق: عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن عائشة قالت: تهجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيتي، فسمع صوت عباد بن بشر، فقال:«يا عائشة! هذا صوت عباد ابن بشر؟» قلت: نعم، قال:«اللَّهمّ اغفر له» .

لعباد بن بشر حديث واحد، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«يا معشر الأنصاري! أنتم الشّعار والناس الدّثار، فلا أوتين من قبلكم» ، قال عليّ بن المديني: لا أحفظ لعباد سواه، وهذا الحديث رجاله ثقات، أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب، وأخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الطائف حديث رقم (4330) ، ومسلم في الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، وأحمد 4/ 42، وعندهم جميعا:«الأنصار شعار والناس دثار» .

* (طبقات ابن سعد) : 3/ 2/ 16، (التاريخ الصغير) : 36، (الجرح والتعديل) : 6/ 77، (الاستيعاب) : 2/ 801- 804، (الإصابة) : 3/ 611- 612، (سير أعلام النبلاء) :

1/ 337- 340.

[ (1) ]«ثويلة» ، بالتصغير، بنت أسلم، روي حديثها الطبراني، من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن سلمة، عن أبيه، عن جدته أم أبيه، ثويلة بنت أسلم، وهي من المبايعات، قالت: بينا أنا في بني حارثة، فقال عباد بن بشر بن قيظي: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام، فتحول الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال، فصلوا السجدتين الباقيتين نحو الكعبة. وذكر أبو عمر فيه أن الصلاة كانت الظهر، وقيل فيها: تولة بغير تصغير، وقيل: أولها نون. (الإصابة) : 7/ 546، ترجمة رقم (10959) .

[ (2) ](فتح الباري) : 8/ 220- 221، كتاب التفسير، باب: لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، حديث رقم (4492) .

[ (3) ] زيادة للسياق.

ص: 83

ولمسلم من حديث أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال:

صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا حتى نزلت الآية التي في البقرة وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [ (1) ] ، فنزلت بعد ما صلّى النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق رجل [من القوم][ (2) ] فمر بناس من الأنصار وهم يصلون، فحدثهم [بالحديث][ (3) ] ، فولوا وجوههم [نحو القبلة، وهو البيت][ (4) ] وخرج البخاري من حديث زهير، حدثنا أبو إسحاق عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده- أو قال: على أخواله- من الأنصار، وأنه صلّى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلّى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممن صلّى معه فمر على مسجد فيه قوم راكعون فقال: أشهد باللَّه لقد صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وكانت

[ (1) ] آية 144/ البقرة.

[ (2) ] زيادة من رواية مسلم.

[ (3) ] في مسلم: «فحدثهم فولوا» .

[ (4) ] ما بين الحاصرتين ليست في مسلم، ورواية مسلم:«فولوا وجوههم قبل البيت» .

وفي هذا الحديث- حديث البراء- دليل على جواز النسخ ووقوعه. وفيه قبول خبر الواحد. وفيه جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا من صلّى إلى جهة بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده في أثنائها فيستدير إلى الجهة الأخرى حتى لو تغير اجتهاده أربع مرات في الصلاة الواحدة، فصلّى كل ركعة منها إلى جهة صحت صلاته على الأصح، لأن أهل هذا المسجد المذكور في الحديث استداروا في صلاتهم واستقبلوا الكعبة ولم يستأنفوها.

وفيه دليل على أن النسخ لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه، فإن قيل: هذا نسخ للمقطوع به بخبر الواحد، وذلك ممتنع عند أهل الأصول، فالجواب: أنه احتفت به قرائن ومقدمات، أفادت العلم، وخرج عن كونه خبر واحد مجردا، واختلف أصحابنا وغيرهم من العلماء- رحمهم اللَّه تعالى- في أن استقبال بيت المقدس هل كان ثابتا بالقرآن؟ أم كان باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فحكى الماوردي في (الحاوي) وجهين في ذلك لأصحابنا.

قال القاضي عياض- رحمه اللَّه تعالى-: الّذي ذهب إليه أكثر العلماء: أنه كان بسنة لا بقرآن، فعلى هذا يكون فيه دليل لقول من قال: إن القرآن ينسخ السنة، وهو قول أكثر الأصوليين المتأخرين، وهو أحد قولي الشافعيّ، رحمه اللَّه تعالى-.

والقول الثاني له، وبه قال طائفة: لا يجوز لأن السنة مبينة للكتاب فكيف ينسخها؟ وهؤلاء يقولون: لم يكن استقبال بيت المقدس بسنة، بل كان بوحي.

ص: 84

اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولي وجهه قبل البيت أنكروا ذلك.

قال زهير: حدثنا أبو إسحاق في حديثه عن البراء أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فهيم، فأنزل اللَّه عز وجل: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [ (1) ] ، ذكره في كتاب الإيمان [ (2) ] ،

[ (1) ] آية 144/ البقرة، ورواية البخاري حتى إِيمانَكُمْ.

[ (2) ](فتح الباري) : 1/ 128، كتاب الإيمان، باب (30) ، الصلاة من الإيمان، وقول اللَّه تعالى:

وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ يعني صلاتكم عند البيت، حديث رقم (40) .

قوله: «يعني صلاتكم عند البيت» ، وقع التنصيص على هذا التفسير من الوجه الّذي أخرج منه البخاري حديث الباب، فروى الطيالسي والنسائي، من طريق شريك وغيره عن أبي إسحاق عن البراء في الحديث المذكور:«فأنزل اللَّه: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ صلاتكم إلى بيت المقدس» .

وعلى هذا فقول البخاري: «عند البيت» مشكل، مع أنه ثابت عنه في جميع الروايات، ولا اختصاص لذلك بكونه عند البيت، وقد قيل إن فيه تصحيفا، والصواب يعني صلاتكم لغير البيت.

قال الحافظ ابن حجر: وعندي أنه لا تصحيف فيه، بل هو صواب ومقاصد البخاري في هذه الأمور دقيقة، وبيان ذلك أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه إليها للصلاة وهو بمكة، فقال ابن عباس وغيره: كان يصلّى إلى بيت المقدس، ولكنه لا يستدبر الكعبة، بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس.

وأطلق آخرون: أنه كان يصلي إلى بيت المقدس، وقال آخرون: كان يصلي إلى الكعبة، فلما تحول إلى المدينة استقبل بيت المقدس، وهذا ضعيف، ويلزم منه دعوى النسخ مرتين، والأول أصح، لأنه يجمع بين القولين، وقد صححه الحاكم وغيره من حديث ابن عباس.

وكأن البخاري أراد الإشارة إلى الجزم بالأصح، من أن الصلاة لما كانت عند البيت، كانت إلى بيت المقدس، واقتصر على ذلك اكتفاء بالأولوية، لأن صلاتهم إلى غير جهة البيت وهم عند البيت إذا كانت لا تضيع، فأحرى أن لا تضيع إذا بعدوا عنه، فتقدير الكلام: يعني صلاتكم التي صليتموها عند البيت إلى بيت المقدس.

قوله: «قبل بيت المقدس» ، بكسر القاف وفتح الموحدة، أي إلى جهة بيت المقدس.

قوله: «ستة عشر شهرا أو سبعة عشر» ، كذا وقع الشك في رواية زهير هذه هنا، وفي الصلاة أيضا عن أبي نعيم عنه، وكذا في رواية الثوري عنده، وفي رواية إسرائيل عند البخاري، وعند الترمذي أيضا. ورواه أبو عوانة في صحيحه، عن عمار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال:«ستة عشر» من غير شك، وكذا لمسلم من رواية أبي الأحوص، وللنسائي من رواية زكريا بن أبي إسحاق زائدة وشريك، ولأبي عوانة أيضا من رواية عمار بن رزيق- بتقديم الراء مصغرا- كلهم عن أبي إسحاق، وكذا لأحمد بسند صحيح عن ابن عباس. وللبزار والطبراني من حديث عمرو بن عوف «سبعة عشر» ، وكذا للطبراني عن ابن عباس

ص: 85

_________

[ () ] والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم بسنة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا وألغى الزائد، ومن جزم بسبعة عشر عدّهما معا، ومن شك تردّد في ذلك. وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف، وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح، وبه جزم الجمهور.

ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس. وقال ابن حبان: «سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام» ، وهو مبني على أن القدوم كان في ثاني عشر شهر ربيع الأول.

وشذّت أقوال أخرى: ففي ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق في هذا الحديث:«ثمانية عشر شهرا» ، وأبو بكر سيء الحفظ، وقد اضطرب فيه، فعند ابن جرير من طريقه في رواية:«سبعة عشر» ، وفي رواية:«ست عشر» ، وخرّجه بعضهم على قول محمد ابن حبيب أن التحويل كان في نصف شعبان، وهو الّذي ذكره النووي في (الروضة) وأقرّه، مع كونه رجّح في شرحه لمسلم رواية «ستة عشر شهرا» ، لكونها مجزوما بها عند مسلم، ولا يستقيم أن يكون ذلك في شعبان إلا إن ألغي شهري القدوم والتحويل.

وقد جزم موسى بن عقبة بأن التحويل كان في جمادى الآخرة، ومن الشذوذ أيضا رواية:«ثلاثة عشر شهرا» ، ورواية:«تسعة أشهر» ، و «عشرة أشهر» ، ورواية:«شهرين» ، ورواية:

«سنتين» ، وهذه الأخيرة يمكن حملها على الصواب. وأسانيد الجمع ضعيفة، والاعتماد على القول الأول، فجملة ما حكاه تسع روايات.

قوله: «وأنه صلّى أول» ، بالنصب لأنه مفعول صلّى، والعصر كذلك على البداية، وأعربه ابن مالك بالرفع، وفي الكلام مقدر لم يذكر لوضوحه، أي أو صلاة صلاها متوجها إلى الكعبة صلاة العصر. وعند ابن سعد: حولت القبلة في صلاة الظهر أو العصر- على التردد- وساق ذلك من حديث عمارة بن أوس قال: «صلينا إحدى صلاتي العشي» . والتحقيق: أن أول صلاة صلاها في بني سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور الظهر، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر، وأما الصبح فهو من حديث ابن عمر بأهل قباء، وهل كان ذلك في جمادى الآخرة أو رجب أو شعبان؟

أقوال.

قوله: «قبل مكة» ، أي قبل البيت الّذي في مكة، ولهذا قال:«فداروا كما هم قبل البيت» ، و «ما» موصولة، والكاف للمبادرة، وقال الكرماني: للمقارنة، و «ما» مبتدأ وخبره محذوف.

قوله: «قد أعجبهم» أي النبي صلى الله عليه وسلم، (وأهل الكتاب) : هو بالرفع عطفا على اليهود، من عطف العام على الخاص. وقيل: المراد النصارى، لأنهم من أهل الكتاب، وفيه نظر، لأن النصارى لا يصلون لبيت المقدس! فكيف يعجبهم؟ وقال الكرماني: كان إعجابهم بطريق التبعية لليهود.

قال الحافظ ابن حجر: وفيه بعد لأنهم أشد الناس عداوة لليهود، ويحتمل أن يكون بالنصب، والواو بمعنى (مع) ، أي يصلي مع أهل الكتاب إلى بيت المقدس، واختلف في صلاته إلى بيت المقدس وهو بمكة.

فروى ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش المذكورة: «صلينا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا» ، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين» ، وظاهره

ص: 86

_________

[ () ] أنه كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس محضا، وحكى الزهري خلافا في أنه هل كان يجعل الكعبة خلف ظهره، أو يجعلها بينه وبين بيت المقدس؟

قال الحافظ ابن حجر: وعلى الأول فكان يجعل الميزاب خلفه، وعلى الثاني كان يصلي بين الركنين اليمانيين،. وزعم ناس أنه لم يزل يستقبل الكعبة بمكة، فلما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ثم نسخ، وحمل ابن عبد البر هذا على القول الثاني، ويؤيد حمله على ظاهره إمامة جبريل، ففي بعض طرقه أن ذلك عند باب البيت.

قوله: «أنكروا ذلك» ، يعني اليهود، فنزلت: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ وقد صرح البخاري بذلك في روايته عن طريق إسرائيل.

قوله: «قال زهير» ، يعني ابن معاوية بالإسناد المذكور بحذف أداة العطف كعادته، ووهم قال إنه معلق، وقد ساقه البخاري في (التفسير) ، مع جملة الحديث، عن أبي نعيم، عن زهير سياقا واحدا.

قوله: «أنه مات على القبلة» ، أي قبلة بيت المقدس قبل أن تحوّل «لأجاب، وقتلوا» ، ذكر القتل لم أره إلا في رواية زهير، وباقي الروايات إنما فيها ذكر الموت فقط، وكذلك روى أبو داود، والترمذي، وابن حبان، والحاكم، صحيحا عن ابن عبّاس، وكذلك والذين ماتوا بعد فرض الصلاة، وقبل تحويل القبلة من المسلمين عشر أنفس: فبمكة من قريش: [1] عبد اللَّه بن شهاب. [2] المطلب ابن أزهر الزهريان. [3] السكران بن عمرو العامري.

وبأرض الحبشة منهم: [1] حطاب- بالمهملة- ابن الحارث الجمحيّ. [2] عمرو بن أمية الأسدي. [3] عبد اللَّه بن الحارث السهمي. [4] عروة بن عبد العزى. [5] عدي بن نضلة العدويان.

ومن الأنصار بالمدينة: [1] البراء بن معرور (بمهملات) . [2] أسعد بن زرارة، فهؤلاء العشرة متفق عليهم. ومات في المدة أيضا: إياس بن معاذ الأشهلي، لكنه مختلف في إسلامه.

قال الحافظ ابن حجر: ولم أجد في شيء من الأخبار أن أحدا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة، لكن لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة، فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد، ولم يضبط اسمه لقلة الاعتناء بالتأريخ إذ ذاك.

ثم وجدت في المغازي ذكر رجل اختلف في إسلامه، وهو سويد بن الصامت، فقد ذكر ابن إسحاق: أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن تلقاه الأنصار في العقبة، فعرض عليهم الإسلام فقال:

إن هذا القول حسن. وانصرف إلى المدينة فقتل بها في وقعة بعاث- بضم الموحدة وإهمال العين وآخره مثلثة- وكانت قبل الهجرة، قال: فكان قومه يقولون. لقد قتل وهو مسلم، فيحتمل أن يكون هو المراد. وذكر لي بعض الفضلاء: أنه يجوز أن يراد من قتل بمكة من المستضعفين كأبوي عمار، قلت: يحتاج إلى ثبوت أن قتلهما بعد الإسراء.

من فوائد هذا الحديث:

[1]

الرد على المرجئة في إنكارهم تسمية أعمال الدين إيمانا. [2] تغيير بعض الأحكام جائز إذا ظهرت المصلحة في ذلك. [3] بيان شرف المصطفى وكرامته على ربه لإعطائه له ما أحب من غير تصريح بالسؤال. [4] بيان ما كان في الصحابة من الحرص على دينهم والشفقة على إخوانهم، وقد وقع لهم نظير هذه المسألة لما نزل تحريم الخمر، كما صح من حديث البراء أيضا فنزل: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [93/ المائدة]، وقوله تعالى:

إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا [30/ الكهف] ، ولملاحظة هذا المعنى، عقّب البخاري على هذا الباب بقوله:«باب حسن إسلام المرء» فذكر الدليل على أن المسلم إذا فعل الحسنة أثيب عليها، وهو الحديث رقم (41) من الباب (31) في كتاب (الإيمان) . (فتح الباري) 1/ 128- 133 حديث رقم (40) .

ص: 87

وذكره في التفسير مختصرا [ (1) ] ، وذكره في كتاب الصلاة [ (2) ] ، وفي باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق [ (3) ] .

[ (1) ](فتح الباري) : 8/ 216، كتاب التفسير، باب (12) ، سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [142/ البقرة]، حديث رقم (4486) وقال فيه:«السفهاء» : جمع سفيه، وهو خفيف العقل، وأصله من قولهم: ثوب سفيه، أي خفيف النسيخ، واختلف في المراد بالسفهاء، فقال البراء، وابن عباس، ومجاهد: هم اليهود، وأخرج ذلك عنهم الطبري بأسانيد صحيحة، وروي من طريق السدي قال:

هم المنافقون، والمراد بالسفهاء الكفار، وأهل النفاق، واليهود.

أما الكفّار فقالوا لما حولت القبلة: رجع محمد إلى قبلتنا، وسيرجع إلى ديننا، فإنه علم أنا على الحق.

وأما أهل النفاق فقالوا: إن كان أولا على الحق، فالذي انتقل إليه باطل وكذلك بالعكس.

وما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء، ولو كان نبيا لما خالف، فلما كثرت أقاويل هؤلاء السفهاء أنزلت هذه الآيات من قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [106/ البقرة]، إلى قوله تعالى: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [150/ البقرة] ، من أحاديث الباب أيضا، الأحاديث أرقام:(4490) ، (4491) ، (4492) ، (4493) ، (4494) ، بسياقات مختلفة.

[ (2) ](فتح الباري) : 1/ 661، كتاب الصلاة، باب (31) التوجه نحو القبلة حيث كان، أي حيث وجد الشخص في سفر أو حضر، والمراد بذلك صلاة الفريضة، كما يتبين ذلك في الحديث الثاني من الباب، وهو حديث جابر، وأما حديث تحويل القبلة المذكور في هذا الباب فهو الحديث رقم (399) .

[ (3) ](فتح الباري) : 13/ 287، كتاب أخبار الآحاد، باب (1) : ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان، والصلاة، والصوم، والفرائض، والأحكام، وقول اللَّه تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [122/ التوبة]، ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [9/ الحجرات] ،

ص: 88

وخرج البخاري ومسلم [ (1) ] من حديث عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر قال:

بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة [ (2) ] وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا [ (3) ] إلى الكعبة، وقال البخاري: فاستداروا إلى القبلة، ذكره في التفسير [ (4) ] وفي كتاب الصلاة [ (4) ] ، وفي باب إجازة خبر الواحد الصدوق [ (4) ] .

وقال ابن عبد البر: وأجمع العلماء أن شأن القبلة أول ما نسخ من القرآن، وأجمعوا أن ذلك كان بالمدينة، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنما صرف عن الصلاة إلى بيت المقدس، وأمر إلى الصلاة إلى الكعبة بالمدينة، واختلفوا في صلاته حين فرضت عليه الصلاة بمكة، هل كانت إلى بيت المقدس أو إلى الكعبة؟ فقالت طائفة: كانت صلاته إلى بيت المقدس من حين فرضت عليه الصلاة بمكة إلى أن قدم المدينة، ثم بالمدينة سبعة عشر شهرا أو نحوها حتى صرفه اللَّه إلى الكعبة.

ذكر سفيان عن حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل صخرة بيت المقدس، فأول [ما][ (5) ] نسخت من القرآن القبلة، ثم الصيام الأول، قال ابن عبد البر: من حجة الذين قالوا: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنما صلى إلى بيت المقدس بالمدينة، وأنه إنما كان يصلى بمكة إلى الكعبة، فذكر حديث البراء ثم قال: فظاهر هذا الخبر يدل على أنه لما قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس لا قبل ذلك، ويدلل [ (6) ] على ذلك أيضا، فذكر من حديث عبد اللَّه بن صالح، حدثنا

[ () ] فلو اقتتل رجلان دخلا في معنى الآية، وقوله تعالى: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [6/ الحجرات] ، وكيف بعث النبي صلى الله عليه وسلم أمراءه واحدا بعد واحد، فإن سها أحد منهم ردّ إلى السنة، حديث رقم (7251) ، حديث رقم (7252) .

[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 5/ 13، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (2) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، حديث رقم (526) ، ونحوه حديث رقم (527) .

[ (2) ] في (خ) : «الليل» ، والتصويب من المرجع السابق.

[ (3) ] في (خ) : «فاستداروها» ، والتصويب من المرجع السابق.

[ (4) ] سبق الإشارة إليهم.

[ (5) ] زيادة للسياق، وفي (خ)«فأول أنه» ، وهو خطأ من الناسخ.

[ (6) ] في (خ)«ويدل» ولعل الصواب ما أثبتناه.

ص: 89

معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أول ما نسخ اللَّه من القرآن القبلة، وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود، أمره اللَّه أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود، فاستقبلها بضعة عشر شهرا، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم، وكان يدعو اللَّه وينظر إلى السماء، فأنزل اللَّه: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [ (1) ]- يعني نحوه- فارتاب اليهود من ذلك وقالوا: ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها [ (2) ] ؟ فأنزل اللَّه: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [ (2) ] ، فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [ (1) ]، وقال: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ [ (3) ] يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ [ (4) ]، قال ابن عباس: ليميز أهل اليقين من أهل الشك، قال ابن عبد البر: ففي قول ابن عباس هذا من الفقه: أن الصلاة لم ينسخ منها شيء قبل القبلة، وفيه أنه كان يصلي بمكة إلى الكعبة، وهو ظاهره أنه لم يصل إلى بيت المقدس إلا بالمدينة وهو محتمل غيره [ (5) ] .

[ (1) ] سورة البقرة، آية/ 144.

[ (2) ] سورة البقرة، آية/ 142.

[ (3) ] في (خ)«ممن» .

[ (4) ] سورة البقرة، آية/ 143.

[ (5) ] قال ابن أبي حاتم بعد رواية الأثر المتقدم عن ابن عباس في نسخ القبلة، عن عطاء عنه: وروي عن أبي العالية، والحسن، وعطاء الخراسانىّ، وعكرمة، وقتادة، والسدي، وزيد بن أسلّم نحو ذلك.

وقال ابن جرير، وقال آخرون: بل أنزل اللَّه هذه الآية قبل أن يفرض التوجه إلى الكعبة، وإنما أنزلها ليعلم نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن لهم التوجه بوجوههم للصلاة حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب، لأنهم لا يوجهون وجوههم وجها من ذلك وناحية إلا كان جلّ ثناؤه في ذلك الوجه وتلك الناحية، لأن له تعالى المشارق والمغارب، وإنه لا يخلو منه مكان، كما قال تعالى: وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا [7/ المجادلة] .

قالوا: ثم نسخ ذلك بالفرض الّذي فرض عليهم، التوجه إلى المسجد الحرام، هكذا قال، وفي قوله: وأنه تعالى لا يخلو منه مكان: إن أراد علمه تعالى فصحيح، فإن علمه تعالى محيط بجميع المعلومات، وأما ذاته تعالى فلا تكون محصورة في شيء من خلقه، تعالى اللَّه عن ذلك علوا كبيرا.

قال ابن جرير: وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذنا من اللَّه أن يصلي المتطوع حيث توجه من شرق أو غرب، في مسيره في سفره، وفي حال المسايفة، وشدة الخوف، حدثنا أبو كريب، أخبرنا ابن إدريس، حدثنا عبد الملك- هو ابن أبي سليمان- عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته، ويذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ويتأول هذه الآية: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.

ص: 90

_________

[ () ] ورواه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، عن عبد اللَّه بن أبي سليمان به، وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر، وعامر بن ربيعة من غير ذكر الآية.

وفي صحيح البخاري من حديث نافع عن ابن عمر، أنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها، ثم قال:«فإن كان خوف أشدّ من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم، وركبانا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها» . قال نافع: ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روى من طريق آخر عن جابر، فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية: أخبرنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل، أخبرنا الحسن بن علي بن شبيب، حدثني أحمد بن عبد اللَّه بن الحسن، قال: وجدت في كتاب أبي: أخبرنا عبد الملك العزرمي، عن عطاء، عن جابر قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها، فأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هي ها هنا قبل الشمال، فصلوا وخطوا خطوطا، فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وسلم، فسكت، وأنزل اللَّه تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.

ثم

رواه من حديث محمد بن عبيد اللَّه العزرمي عن عطاء، عن جابر به، وقال الدار الدّارقطنيّ: قرئ على عبد اللَّه بن عبد العزيز وأنا أسمع: حدثكم داود بن عمر، وأخبرنا محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر، قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مسير فأصابنا غيم، فتحيرنا، فاختلفنا في القبلة، فصلى كل رجل منا على حدة، وجعل أحدنا يخط بين يديه، لنعلم أمكنتنا، فذكرنا ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم يأمرنا بالإعادة وقال:«قد أجازت صلاتكم» ،

ثم قال الدار الدّارقطنيّ: كذا قال عن محمد بن سالم. وقال غيره: عن محمد بن عبد اللَّه العزرمي، عن عطاء، وهما ضعيفان.

ورواه ابن مردويه أيضا، من حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأخذتهم ضبابة، فلم يهتدوا إلى القبلة، فصلوا لغير القبلة، ثم استبان لهم بعد ما طلعت الشمس، أنهم صلوا لغير القبلة، فلما جاءوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدّثوه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية:

وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضا. وأما إعادة الصلاة لمن تبين خطؤه ففيها قولان للعلماء، وهذه دلائل على عدم القضاء واللَّه أعلم.

قال ابن جرير: وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في سبب النجاشي، كما

حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا معاذ بن هشام، حدثني أبي عن قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه» .

قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟ قال: فنزلت: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ، قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل اللَّه: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، وهذا غريب واللَّه تعالى أعلم.

وقيل إنه كان يصلي إلى بيت المقدس قبل أن يبلغه الناسخ إلى الكعبة، كما حكاه القرطبي عن قتادة، وذكر القرطبي: أنه لما مات صلى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخذ بذلك من ذهب إلى الصلاة على الغائب، قال: وهذا خاص عند أصحابنا من ثلاثة أوجه:

[أحدها] : أنه صلى الله عليه وسلم شاهده حين سوى عليه طويت له الأرض.

ص: 91

وقال أبو إسحاق الحربي: ثم قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول فصلى إلى بيت المقدس تمام سنة إحدى عشرة أشهر، وصلى من سنة ثنتين ستة أشهر ثم حولت القبلة في رجب.

[ () ][الثاني] : أنه لما لم يكن عنده من يصلي عليه، صلى عليه، واختاره ابن العربيّ، قال القرطبي:

ويبعد أن يكون ملك مسلم ليس عنده أحد من قومه على دينه، وقد أجاب ابن العربيّ عن هذا، لم يكن عندهم شرعية الصلاة على الميت، وهذا جواب جيد.

[الثالث] : أنه عليه الصلاة والسلام إنما صلى عليه ليكون ذلك كالتأليف لبقية الملوك. واللَّه تعالى أعلم.

وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية، من حديث أبي معشر، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المدينة وأهل الشام وأهل العراق» ، وله مناسبة ها هنا. وقد أخرجه الترمذي وابن ماجة من حديث أبي معشر- واسمه نجيح بن عبد الرحمن السدي المدني- به:«ما بين المشرق والمغرب قبلة» .

وقال الترمذي: وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة، وتكلم بعض أهل العلم في أبي معشر قبل حفظه،

ثم قال الترمذي: حدثني الحسن بن بكر المروزي، أخبرنا المعلى بن منصور، أخبرنا عبد اللَّه ابن جعفر المخزومي عن عثمان بن محمد بن المغيرة الأخنس، عن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«ما بين المشرق والمغرب قبلة» ،

ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وحكى عن البخاري، أنه قال: هذا أقوى من حديث أبي معشر وأصح،

قال الترمذي: وقد روى عن غير واحد من الصحابة: «ما بين المشرق والمغرب قبلة» ، منهم: عمر ابن الخطاب، وعلي، وابن عباس، رضي الله عنهم أجمعين.

وقال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك، والمشرق عن يسارك، فما بينهما قبلة، إذا استقبلت القبلة» ،

ثم قال ابن مردويه: حدثنا على بن أحمد بن عبد الرحمن، أخبرنا يعقوب بن يوسف مولى بني هاشم، أخبرنا شعيب بن أيوب، أخبرنا ابن نمير عن عبد اللَّه بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما بين المشرق والمغرب قبلة» .

وقد رواه الدار الدّارقطنيّ والبيهقي،

وقال: المشهور عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله: قال ابن جرير:

ويحتمل فأينما تولوا وجوهكم في دعائكم لي، فهنالك وجهي أستجيب لكم دعاءكم، كما حدثنا القاسم، أخبرنا الحسين، حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: قال مجاهد: لما نزلت ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، قالوا: إلى أين؟ فنزلت: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، قال ابن جرير: ومعنى قوله:

إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ يسع خلقه كلهم بالكفاية والجود والإفضال، وأما قوله: عَلِيمٌ فإنه يعني عليم بأعمالهم ما يغيب عنه منها شيء، ولا يعزب عن علمه، بل هو بجميعها عليم. (تفسير ابن كثير) : 1/ 162- 165.

ص: 92

وقال موسى بن عقبة وإبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن ابن عبد الرحمن ابن عبد اللَّه بن كعب بن مالك أن القبلة صرفت في جمادى.

وقال الواقدي: إنما صرفت صلاة العصر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان.

وذكر أبو بكر أحمد بن علي الرازيّ الحنفي في كتاب أحكام القرآن [ (1) ] : أن من الناس من يقول: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيّرا في أن يصلي إلى حيث شاء، وإنما كان توجهه إلى بيت المقدس على وجه الاختيار لا على وجه الإيجاب حتى أمر بالتوجه إلى الكعبة، وكان قوله تعالى: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [ (2) ] في وقت التخيير قبل الأمر بالتوجه إلى الكعبة، واللَّه الموفق.

***

ص: 93