الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ستة خمس وأربعين وثمانمائة
المحرم أوله - يوم الاثنين، وهو الرابع من بونة من أشهر القبط، وقد زاد النيل بخلاف ما جرت به العادة بحيث كانت الزيادة بعد ما تناهى النقص أكثر من ذراعين -، وانقطع جسر بحر - بني المنجا، واهتم السلطان بأمره وبأمر بقية الجسور، واستمرت الزيادة في النيل إلى الثامن منه، فغرقت كثير من الأمقنة التي في الجزائر وحصل لأصحابها جوائح.
وفي الثالث منه ولد للأمير الكبير يشبك ولد من بنت الملك الظاهر ططر، ولم يولد له ولد قبله، فسر به وأفرط هو وأهله فيما صنعوا من الوليمة لأجله، فلم ينشب أن مات يوم السبت - السادس عشر من الشهر، فاشتد أسفهم عليه وحزنهم لكنه هو تجلد، وكان السلطان لما بلغه سرورهم به أعطاه إمرة وأرسل إليه خيلاً ورقيقاً.
وفي الخامس عشر منه قدم ثلاثة مشايخ من دمشق، وهم عبد الرحمن بن قريح الطحان وناظر الصاحبية، وعلي بن إسماعيل بن بردس، وكان السلطان طلبهم من دمشق
بعناية تغري برمش نائب القلعة، لانهم كانوا انفردوا برواية المسند الحنبلي بالسماع العالي عن أصحاب الفخر، وعند بعضهم سنن أبي داود والترمذي ومشيخة الفخر، فجهزوا وأخرجوا في ثالث عشري ذي الحجة ووصلوا في تاريخه، فأنزلهم نائب القلعة عنده، وقرئ عليهم عنده في برج القلعة، ثم قرئ عليهم بالبيبرسية وعند سيدي محمد ولد السلطان بالفور داخل القلعة أيضاً، وهرع الناس إلى السماع عليهم.
وفي السادس عشر ظفر بجماعة من الفرنج من ناحية رشيد قبض عليهم وأحضروا إلى القاهرة.
صفر الأغر - في الثامن منه عقد مجلس بسبب مدرسة ابن السويد التي أنشأها بمصر بالقرب من حمام أمير جندار بظهر فندق الكارم الصغير، وكان وقفها مسجداً وجعل فيها مدرساً، فعمد ولده عبد الرحمن إلى المدرس فأبطله، وادعى أن أباه اسند إليه النظر وأنه اقتضى رأيه أن يجعل فيها خطبة، فاستؤذن الملك الأشرف في إقامة الخطبة فأذن، واتصل ذلك بالقاضي الحنفي وهو يومئذ بدر الدين العيني فأثبت الإذن وحكم بموجبه، فأقيمت بها خطبة، واتخذ لها منبراً فوضعه بجانب المحراب ودكة للمؤذنين، واستمر الحال إلى هذه الغاية،
فلما مرض مرض موته أسند النظر لولده، فنازعه الآن أخوه أحمد وادعى أن أباه شرط النظر لأولاده بعده، فأحضر كتاب الوقف فوجد فيه أنه شرط النظر لنفسه ومن بعده لولديه محمد وعبد الرحمن ومن بعدهما لأولادهما وأولاد أولادهما إلى آخره وجعل لنفسه أن يوصي بذلك لمن شاء بعد موته، فأثبت عبد الرحمن فصلاً في هامش كتاب الوقف يتضمن - انه اسند إليه النظر وفيه ملحق بين السطرين وجعل له أن يسند لمن شاء، وأوصل الفصل بالقاضي بدر الدين العيني ضمن كتاب الوقف، فأشهد عليه أنه ثبت عنده مضمون كتاب الوقف ومضمون ما بهامشه من الفصول وحكم بصحة الوقف هذا الذي تضمنه تسجيله، فروجع في ذلك، فذكر أنه لم يحكم إلا بصحة الوقف خاصة دون ما تضمنه فصل الإسناد، وقع البحث في أن الإسناد يساوي الوصية أو يزيد عليها، ثم ذكر شهود الفصل أنهم لم يتحملوا الشهادة بالملحق ولا أدوها عند الحاكم، ووافقهم الحاكم على ذلك مع قوله إن حكمه لم يلاق الفصل المذكور أصلاً، وكانت الدعوى عند كاتبه فاتجه له أن الإسناد المذكور من الواقف لعبد الرحمن، وإن قلنا بصحته بناء على أن المراد به الوصية إليه على وفق ما جعله لنفسه لكن قوله إنه جعل لعبد الرحمن أن، يسند لم يدخل في الجعل المذكور، وعلى تقدير دخوله فلم يتصل بحاكم ولا حكم به.
فلما اتصل به ذلك قامت عنده البينة العادلة بأن الواقف المذكور وقف مكانه المذكور مدرسة وعين لها مدرساً سماه، وأن ولده هو الذي خالف شرطه وأبدل المدرس بالخطبة، فسئل الحكم بما ثبت عنده من ذلك فحكم بتبطيل الخطبة من المكان المذكور وتقرير المدرس على وفق شرط الواقف، وأكد ذلك أن الحاكم الذي اتصل به الوقف وحكم به ذكر أن حكمه بصحة إقامة الخطبة بناه على أن الواقف هو الذي شرط ذلك، فلما وضح له أنه شرط غير ذلك لم يتناوله الحكم وصرح برجوعه منه، فأزيل المنبر وبطلب الخطبة يوم الجمعة عاشره، فلما كان في الرابع والعشرين من صفر أعيدت الخطبة بعد أن عقد مجلس قبل ذلك بيوم، وأظهروا حكماً سابقاً حكم به العينين بإقامة الخطبة بها، فادعوا أنه سابق على حكم الشافعي بالإبطال وأن الحكم السابق يرفع الخلاف، فنازعهم الشافعي في ذلك، فأمر السلطان ابتداء بإقامة الخطبة، فأرسل الشافعي إلى الخزانة التي وضع فيها المنبر لما أزيل، ففك ختمه عنها فأعادوا المنبر وصلوا بها.
قرأت في مجموع لطيف بخط بعض أصحابنا في يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر سنة 45 ورد من النائب بثغر دمياط ثلاثة نفر من السلمين، أخبر في مكاتبته بأنهم كانوا في مركب بالبحر فخرج عليهم الفرنج فقاتلوهم فاختلسوهم وقتلوا من قتلوا وأسروا الثلاثة وأن النائب اشتراهم بمائة وستين ديناراً، فقال لهم السلطان: لم أسلمتم أنفسكم؟ ولم لم تقاتلوا حتى تقتلوا؟ ثم سلمهم لوالي الشرطة وقال له: خلص منهم القدر الذي وزنه عنهم النائب ورده إليه، قال - وما سمع بأعجب من هذا الحكم في مثل هذا.
شهر ربيع الأول - أوله يوم الخميس بالرؤية.
وفي يوم الجمعة الثاني من الشهر كسر الخليج بمصر، وباشر التخليق سيدي محمد بن السلطان ومعه الحاجب الكبير وجماعة، وذلك في السابع والعشرين من أبيب، ولم يعهد نظير ذلك فيما مضى، ونودي بالوفاء وزيادة إصبعين، وكانت العادة المستمرة أن النيل إذا احترق كانت علامة لبلوغه الغاية تلك السنة وبالعكس، فلم يحترق في هذه السنة بل كان قارب الوفاء قبل دخوله بونة، فلما دخل بونة تناقص، وعند استحقاق النداء عليه كان بلغ زيادة على عشرة اذرع، وزاد مترسلاً فأكمل الستة في أحد وثلاثين يوماً، وأسرع ما أدركناه أنه أوفى في التاسع والعشرين من أبيب، واستغرب الشيوخ ذلك - والأمور كلها لله يفعل ما يشاء.
وفي يوم السبت ثالثه استقر في الحسبة الشيخ على الخراساني بالقاهرة مضافة لمصر وصرف بدر الدين العيني، فكانت مدة تكلمه في الحسبة في هذه الولاية دون السنة، لأنه استقر في ربيع الآخر سابع يوم فنقصت السنة شهراً وعشرة أيام،
وانتهت زيادة النيل إلى تعليق العشرين ذراعاً، وهبط في أواخر توت بسرعة، وبادروا إلى الزرع، وهبت ريح بادرة نحو أسبوع، ثم عاد مزاج فصل الخريف على العادة، ولبس السلطان الصوف قبل العادة القديمة وذلك في العشرين من بابة، وصادف تلك الليلة أن أمطرت وهبت الريح الباردة يومين وعاد الحر في أثناء الليل وفي أثناء النهار.
جمادى الآخرة - أوله الثلاثاء، فيه سار علي بن حسن بن عجلان بن رميثة المكي الحسني أميراً على مكة عوضاً عن أخيه أبي البركات، وصحبته يشبك الصوفي أحد الأمراء ليقيم بمكة عوضاً عن سودون المحمدي، وصحبته الاجناد على العادة، وسافر معهم نويس قليل.
وفي يوم الخميس تاسع شهر رجب استقر الأمير زين الدين عبد الرحمن القاضي علم الدين - ابن الكويز في الأستادارية الكبرى، وصرف قيز طوغان ثم أفرج عنه سريعاً، واستقر زين الدين يحيى قريب بن أبي الفرج ناظر الديوان المفرد على حاله - والتزم بالتكفية.
وفي يوم الاثنين سابع عشر منه استقر الأمير شهاب الدين أحمد ابن علي بن إينال في إمرة الإسكندرية، وصرف سنبغا الطياري بحسب سؤاله، ولم يسافر حتى بلغه خروج الطياري من الإسكندرية فتوجه في أواخر شعبان، وقدم الطياري في ثامن عشر شهر رمضان، واستمر على إمرته بتقدمة ألف، وحضر من الإسكندرية في رجب الرماة ومعهم صفة قلعة من خشب فقدموها للسلطان، ورموا عليها بحضرته بقوس الرجل فخرج منها صورة شخص بسيف وترس
فرمى عليه عبد صغير فضرب رقبته بالسهم؛ فأمر السلطان بأن يخلع عليهم وكتب لهم بجامكية وصرفهم إلى بلدهم، وحضر برسباي نائب طرابلس فتلقاه السلطان ونزل ببيت لزوجته بجوار كاتب السر، وكان قبل ذلك حاجب الحجاب بدمشق، وقدم تقدمته للسلطان على مائتين وأربعين جمالاً.
وفي هذه السنة واقعة شهاب الدين القدسي وهو أحمد بن عبد الله ابن محمد العسقلاني الأصل المقدسي، اشتغل بالقدس كثيراً وكان فيه فرط زكاء، وتعاني الكلام على العامة فمهر في ذلك، واجتمع عليه خلق كثير، ثم قدم القاهرة فكان يجتمع في مجلسه جمع كثير خصوصاً النساء، فتعصب عليه قوم فمنعه القاضي المالكي من اجتماع النساء عنده، وكان اتفق أنه حكى حكاية عن الإمام مالك فنسبه بعض أهل مذهبه إلى تنقيصه.. فمنعه المالكي من الكلام جملة، ثم شفعوا فيه فأذن له، ثم اتفق أنه توجه إلى الحج فجاور سنة أربع وأربعين وعقد المجلس للوعظ كعادته، فاحبه العامة وحضر مجلسه بعض الخاصة والتف عليه جماعة من أهل اليمن، تعصب عليه القاضيان الشافعي والمالكي لكلام بلغهما عنه، فقرأت كائنته بخط القاضي - الحنفي وهذا ملخصها فقال في حقه: هو من الفضلاء الأذكياء، وانتفع به الناس، واشتغل عليه الطلبة، وكتب على الفتوى، ووعظ بالمسجد فاجتمع عليه العوام وبعض الخواص، واستمر في العام الماضي ثم في هذا العام إلى تحمل عليه بعض الفقهاء بمكة، فعلموا عليه محضراً ونسبوه إلى أمور، وشهد
عليه بها بعض حاشيتهم وهو ينكر ذلك، ومحصل ما أثبتوه عليه أشياء، أدناها توجب التعزيز وأعلاها الكفر، وشهدوا عليه بأفعال قلبية كقولهم: قال كذا وقصده كذا ونحو ذلك مما لا يطلع عليه إلا الله؛ ثم أمر القاضي المالكي بحبسه فحبس ليلة الجمعة ويوم الجمعة إلى أن فاتته صلاة الجمعة، فعقد له الشريف أبو البركات مجلساً حضره سودون المحمدي وجماعة، فأحضر فبدر أن قال: لي دعوى على القاضي المالكي، فأخذه الشافعي وتله بلحيته بحضور الجميع وقال له: يا شيخ نحس! وأمر بكشف راسه وتعزيره، وأشهد على نفسه أنه منعه من الجلوس على الكرسي بالمسجد الحرام؛ وانفصل المجلس على ذلك ولولا أن الشريف لطف قضيته لكان الأمر أشد من ذلك.
ثم إنه جلس للتدريس على عادته فمنعه الشافعي من التدريس ومن الكتابة على الفتوى، وحكم هو ونفذ المالكي، وشهد الحاشية، فحصل له بذلك مشقة زائدة وعزم على التوجه إلى القاهرة لإنهاء حاله إلى السلطان.
قلت: واتفق قدوم المذكور يوم الخميس ثاني عشري رمضان وكان سبقه قاصد صاحب مكة علي بن حسن فنقل عنه أن الشريف المخلوع تعصب له لكونه كان يذكر له أن علياً مقدم على أبي بكر وأنه لما قدم علي بن حسن والياً على مكة اجتمع به بناء على أنه يروج عنده بذلك فجبهه وقال له: أنا رجل سني وأبو البركات زيدي، وأنهى ما اتفق له إلى السلطان، وأحضر المحضر الذي كتبه المالكي والشافعي فيه، فتغيظ السلطان منه على ما بلغني، فلما كان يوم الجمعة استشار المذكور بعض خواص السلطان، فأشار إليه أن لا يحدث أمراً لأن السلطان في أول كل قضية يكون مغمور الفكر بما يلقى إليه ابتداء إلى أن يتجلى له الأمر بعد، فسكت على مضض
ثم في..
شهر رمضان المعظم قدره وحرمته - أوله الأحد وترؤه ليلة السبت وكانت رؤيته ممكنة لكن كان الغيم مطبقاً ومضى أكثر النهار ولم يتحدث أحد برؤيته، وتمادى الأمر على ذلك إلى العشر الثاني، فشاع أن بعض أهل الضواحي صاموا يوم السبت، ثم كثر الخبر عن أهل المحلة فكوتب حاكمها، فاجاب بأنه شهد برؤيته شاهدان من العدول وآخران مستوران، وتحدث برؤيته جماعة كثيرون وحكم به بعض نواب الحكم، فلما تكامل ذلك اتصل ببعض نواب الحنبلي القاضي - فحكم بتحريم صوم يوم الاثنين الذي هو بالعدد يكون ثلاثين من رمضان وبوجوب قضاء يوم السبت على قاعدتهم في أن الهلال إذا رئي ببلد وجب على بقية البلاد صومه وقضاءه على من كان أفطره، وكانوا هم صاموا يوم السبت على قاعدتهم - في صوم اليوم الذي يلي الليلة التي يكون غيمها مطبقاً ولولا ذلك لأمكنت رؤية الهلال. فلما كانت ليلة الاثنين تراءى الناس الهلال فرآه جمع جم، فكان العيد يوم الاثنين بغير شك، فلم يمكن الحنابلة صيامه.
شهر - ذي القعدة الحرام أوله - الأربعاء في يوم السبت رابعه عقد مجلس بحضرة القضاة - فادعى تقي التاجر على برهان الدين بن ظهير شاهد عثمان ولد السلطان أنه ظلمه، فإنه كان اشترى حصة من مطبخ سكر لتقي فيها الأكثر فوقع بينهما منازعة بسبب ذلك.
فأشهد تقي على نفسه أنه ملك ولد السلطان حصته - من الجدر. والنحاس الذي يطبخ فيه السكر والجوز والبنا - وكتب بينه وبين ابن ظهير مباراة وثبت، واستثنى في المباراة قدرة كبيرة تختص بتقي فادعى تقي، ثم إن تقي ادعى بأن - ابن ظهير حولها في غيبته بغير وجه شرعي، فادعى بذلك بين يدي الحنفي فقال الحنفي: لا تسمع دعوى من أمراء ولو كان وكيلاً. فأذن السلطان لأحد أئمة القصر في الدعوى على تقي عن ولده، فأمر السلطان أن يتوجهوا إلى مجلس القاضي فأعيدت الدعوى. فخشي تقي على نفسه من غيظ السلطان فقال: كل ما يدعي علي لولد السلطان أنا أملكه لولد السلطان، فبادر من أعلم السلطان أن الحق غلب على تقي، فظن صحة ذلك فأرسل إلى القاضي أن لا يمكن تقي
من التصرف ولا من التوجه من مجلس الحكم حتى يزن المال. فظن القاضي أن السلطان يريد مصادرة تقي فأخبره بالرسالة، فصار يكاتب معارفه بالورق إلى إن حصل المال في عدة أيام وهو في صورة الترسيم في مجلس القاضي، ثم كتب عليه في.
قرأت بخط من أثق به: لما وصل الحاج إلى مدينة الينبع كان الدقيق في أول النهار كل حمل بسبعة دنانير، فارتفع الظهر إلى اثني عشر ثم العصر إلى ستة عشر، وكان العليق أربع ويبات بدينار فوصل إلى ويبتين، ووصل الحمل الفول الصحيح إلى عشرة، وكان البقسماط رخيصاً فوصل إلى ستين درهماً كل عشرة، وكاد الجمالة أن يهربوا، فقدر وصول الخبر بوصول المراكب إلى الساحل، فتراجع السعر إلى أن صار وسطاً بعد ما كان أولاً وآخراً. وتوجه خلق كثير من الركب إلى الساحل فأحضر الدقيق والعليق. ولزم من ذلك أن أقاموا بالينبع أربعة أيام، ولما وصلوا إلى منزلة بدر ولم يجدوا بها عليقا بيع النوى كل ويبة بثلث أفلوري والبقسماط بسبعين العشرة. وكان مع ذلك اللحم واللبن والبطيخ كثيراً.
ومات شعبان بواب دار الضرب قبل رابغ بيوم، وكان وصول الركب إلى مكة سحر يوم الخميس، ولم يروا الهلال تلك الليلة لكثرة الغيم، وسألوا أهل مكة فلم يخبر أحد منهم برؤيته. وتمادوا على أن الوقفة تكون يوم السبت، وأشار عليهم القاضي الشافعي أن يخرجوا يوم الخميس ويسيروا إلى عرفة ليدركوا الوقوف ليلة السبت احتياطاً ويقفوا يوم السبت أيضا. فبينا هم على ذلك إذ دخل الركب الشامي فأخبروا برؤية الهلال ليلة الخميس وانه ثبت عند قاضيهم، فبنوا على ذلك ووقفوا يوم الجمعة ونفروا ليلة السبت على العادة، وذكر أنه وجد بمكة رخاء كثيراً؛ قال: ووصلت إلى جدة عدة مراكب وأسرعوا تفريغها، فكان يدخل إلى مكة كل يوم خمسمائة جمل، وبيع الشاش الخنبيسني بافلورين
ونصف إلى ثلاثة - والأرز البيرمي من افلوري إلى ثلاثة.
قال: ووصل إلى مكة من اللؤلؤ والعقيق مع - السروي شيء كثير إلى الغاية.
قال: وفي اليوم الثاني من ذي الحجة ازدحم الناس فمات أربعة عشر نفساً، ثم دخل الركب الغزاوي ثم الشامي ثم الحلبي ثم الكركي ثم الصفدي ثم البغدادي ثم التركماني إلى أن امتلأت بيوت مكة وشعابها وجبالها وامتدوا إلى منى؛ قال: ولما وصلوا إلى عرفات أرجف مرجف بأن السيد بركات هجم جدة ونهبها، ولم يظهر صحة ذلك، ووصل قاسم أخو بركات حاجاً فأمنه الشريف علي ولم يحدث منه سوء مع أنه أشجعهم وأفرسهم، وندب أخاه الذي يقال له سيف ليأخذ جماعة ويتوجه إلى حراسة جدة، ثم اتفق أخاه الذي يقال له سيف ليأخذ جماعة ويتوجه إلى حراسة جدة، ثم اتفق معه على إن يحفظ الحاج بمنى وعرقة، وتأخر هو عن الخروج مع الحاج ليلة التاسع، فلما كان بعد عصر عرفه ثارت غبرة عظيمة ثم ظهر خلق كثير فرسان وغيرهم، فظن الناس أنه بركات جاء في جمعه لينهبهم، فانكشف الغبار فإذا هو علي ومن معه، أدركوا الوقوف بعرفة، وصحبته أخوه إبراهيم وكان قد تغيب عنه بمكة، فلما وجده اعتذر بأنه قيل له إنه عزم على إمساكه، فتنصل من ذلك واستصحبه معه فحصلت الطمأنينة للناس، ونزلوا منى صبيحة اليوم العاشر، وتجهز المبشر في ذلك اليوم فدخل القاهرة ليلة الأحد خامس عشري ذي الحجة.
وفي الثاني من ذي الحجة لبس السلطان البياض. لأن الحر كان اشتد من يومين ووافق السابع عشر من برمودة، فتقدم قبل عادة القيظ بعشرين يوماً.
وفي الرابع عشر - من ذي الحجة توجه القاضيان الشافعي والحنفي والمحتسب وجماعة إلى كنيسة اليهود الكائنة بقصر الشمع بمصر، فوجدوا فيها منبراً ثلاث عشرة درجة يشبه أن يكون قريب العهد بالتجديد، فتشاوروا في أمره فهم في أثناء ذلك ظهر في الدرجة التي يقف عليها الخطيب أو يقعد كتابة يلوح أثرها، فقال لهم الشافعي: تأملوا هذه الكتابة، فتداولها جماعة منهم حتى تبين أنها محمد وهي ظاهرة وأحمد وهي خفية، فاقتضى الرأي إزالة المنبر المذكور فصورت دعوى، وحكم نور الدين بن آقبرس نائب الحكم وناظر الأوقاف بإزالته وتأخر المحتسب لذلك وافترقوا، ثم قام الشيخ امين الدين يحيى ابن الأقصرائي في كشف كنائس اليهود والنصارى فأبطلت عدة كنائس، ختم على أبوابها إلى أن يتضح أمرها، فمنها واحدة للملكيين،