المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة تسع وأربعين وثمانمائة - إنباء الغمر بأبناء العمر - جـ ٤

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌سنة تسع وثلاثين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع وثلاثين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة أربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌سنة إحدى وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة إحدى وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة أربع وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌ستة خمس وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة خمس وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ست وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ست وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة سبع وأربعين وثمانمائة

- ‌من الحوادث بعد سفر الغزاة

- ‌ذكر من ماتفي سنة سبع وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة ثماني وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة ثمان وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة تسع وأربعين وثمانمائة

- ‌ذكر من ماتفي سنة تسع وأربعين وثمانمائة من الأعيان

- ‌سنة خمسين وثمانمائة

الفصل: ‌سنة تسع وأربعين وثمانمائة

‌سنة تسع وأربعين وثمانمائة

استهل شهر الله - المحرم يوم الجمعة، ففي أول يوم منه - توجه من يلاقي الحاج إلى عقبة إيلياء، وصحبتهم أنواع من المأكولات والعلف على العادة.

وفيه أسلم جميع الأساري الذين كان ملك الروم جهزهم إلى سلطان مصر، وذكروا أنهم من بني الأصفر -، وأن ملكهم قتل في المعركة، وأن عسكرهم كان أضعاف عسكر ابن عثمان، وأن النصر الذي حصل ما كان على الخاطر؛ وذلك أن الكفار كانت لهم مدة في التجهيز لأخذ بلاد السواحل من المسلمين والتوصل إلى الاستيلاء على بيت المقدس، فاجتمع منهم من جميع أمصارهم من يستطيع القتال، ولم يشكوا هم ولا ملك المسلمين في اخذ السواحل وانكسار عساكر المسلمين، ففتح الله للمسلمين بالنصر بأن ملك الكفار لما رأى قلة عسكر المسلمين طمع فيهم فحمل بنفسه وكان شجاعاً بطلاً، فقتل من المسلمين عدة أنفس ورجع، ثم حمل ثانياً فصنع ذلك، ثم حمل ثالثاً فاستقبلوه بالسهام فأصابه سهم فسقط، فنزل فارس من المسلمين فحز رأسه وسار به إلى ملك المسلمين، فنصب رأسه على رمح ونادى في الكفار بقتل ملكهم، فانهزموا بغير قتال وتبعهم المسلمون فبادروهم أسراً وقتلاً، وصادفهم في تلك الحالة اجتماع عدة من الوحوش الكاسرة على جماعة من الغزلان اجتمعت في مكان، فثار بين الفريقين غبرة عظيمة وظنها الكفار نجدة من بلاد المسلمين من مصر أو غيرها، فاشتد رعبهم وانهزموا لا يلوي أحد على أحد، واشتد الغبار فقتل بعضهم بعضاً وكفى الله المؤمنين القتال؛ وجهز ملكهم بعض الأسرى إلى سلطان مصر، فسلمهم للأمير الزردكاش فحسن لهم الإسلام فأسلموا، ففرقهم السلطان على الأمراء.

وفي ليلة الجمعة الثامن من المحرم سقطت المنارة التي بالمدرسة، الفخرية القديمة في سويقة الصاحب، والمدرسة الفخرية - قديمة جداً من إنشاء فخر الدين بن - عثمان بعد الستمائة، وكانت مالت قليلاً فحذر السكان بالربع الذي يجاورها من سقوطها وهو موقوف عليها فتهاونوا في ذلك، فسقطت بالعرض على واجهة المدرسة ووجه الربع، فنزل بعض على بعض وهلك في الردم

ص: 234

جماعة، فاجتمع الوالي والحاجب واستخرجوا كثيراً، فالقليل أحياء ولكن كل مصاب بيد أو رجل أو ظهر والنادر منهم، والأكثر من مات، فبلغ السلطان ذلك فتغيظ منه وطلب الناظر على المدرسة، وهو نور الدين القليوبي أمين الحكم أحد نواب الحكم فتغيظ عليه، وظن أنه ينوب في ذلك عن القاضي الشافعي فبسط لسانه في القاضي إنكاراً عليه في التفريط في مثل ذلك، ثم انكشف الغطاء أن القاضي ليس له في ذلك ولاية ولا نيابة، ولا عرف بشيء من ذلك مذ ولي وإلى تاريخه، ولما بلغ ذلك بعض الناس بسط لسانه وقال ما شاء، ثم تبين بخلاف ما ظنوا وخاب ما أملوا وكفى الله القتال؛ ثم إن بعضهم أغرى السلطان بأن قال له: إن فلاناً ينجح بكذا وينسب السلطان إلى الظلم والجور - ونحو ذلك، فغضب زيادة على الغضب الأول، وراسله بأن، ينعزل عن الحكم، وأن يغرم دية الموتى، وذلك يوم الاثنين حادي عشره، فلما كان يوم الخميس طلب الشيخ شمس الدين محمد بن علي القاياتي إلى القلعة فاجتمع بالسلطان، وأمره أن يتقلد القضاء فأجاب باشتراط أمور أجابه إليها، وأشار بأن يلبس الخلعة والتشريف، فامتنع وتقلد ورجع، واركبه كاتب السر بغلته وهو بثيابه البيض، ودخل الصالحية وصحبته جماعة المباشرين والدويدار الكبير والثاني ورجعوا، وخرج هو من الصالحية إلى منزله بالجامع الأزهر وطلب من له مباشرة في المودع والأوقاف، وهرع الناس للسلام عليه وعلى المنفصل - ولله الحمد على ذلك.

ربيع الأول - أوله الاثنين، في السابع منه نقلت الشمس السرطان ودخل فصل الصيف، وفيه عمل المولد السلطاني بالحوش على العادة وحضر القضاة.

وفي الثالث عشر منه خلع على كاتب السر الكمال البارزي خلعة استمرار، وكان وقع له يوم الأربعاء تغيظ من السلطان فطلب الإعفاء، ثم وقع التراضي وخلع عليه، وركب الناس معه وهرع الباقون للسلام عليه.

ص: 235

وفي يوم الاثنين ثاني شهر ربيع الآخر استقر الشيخ ولي الدين السفطي في نظر المارستان المنصوري عوضاً عن القاضي محب الدين ابن الأشقر، ولبس خلعة ونزل وليس سمعه كبير أحد، واعتذر بأنه تعمد ذلك حياء من ابن الأشقر، ثم أرجف بان السلطان يريد أن يخرج نظر الجيش أيضاً بسعي جماعة، فاقتضى الحال استمراره فخلع عليه يوم الخميس خامس الشهر خلعة استمرار، فركب معه الجماعة على العادة وأظهر الناس السرور به.

وفي يوم الثلاثاء سافر برهان الدين السوبيني إلى قضاء حلب عوضاً عن القاضي سراج الدين الحمصي، وقدم الحمصي في العام الماضي فاجتمع بالسلطان فتغيظ عليه وأهانه بالقول والتهديد، ثم قدم هدية نفيسة فسكن الحال، ولما استهل الشهر طلع للتهنئة فأظهر له الإعراض، فبادر فحلف أنه لا يسعى في القضاء بوجه من الوجوه، ولزم بيته لكنه يكثر الاجتماع بالأكابر على عادته.

وفي يوم الأحد العشرين من شهر ربيع الآخر الموافق للثاني من مسري آخر الشهور القبطية أمطرت السماء مطراً يسيراً بعد العصر بحيث ابتلت الأرض، ودام ذلك إلى وقت - مغيب الشفق، وكانت ظلمة وريح باردة، وهذا من المستغربات وقد تقدم قريب من ذلك في حوادث سنة ثلاث وأربعين في رابع ربيع الأول.

وفي هذا الشهر عزل نائب حلب جلبان، وقرر عوضه نائب حماة، قرر عوضاً عن نائب حماة شادي بك أحد أمراء المقدمين بالقاهرة، ويقال: قرر دولات باي الدويدار الثاني في إمرة شادي بك -، وقرر الشهاب أحمد حفيد إينال اليوسفي دويداراً نائباً، وخلع على شادي بك، وجهز يونس البواب مسفراً لنائب حماة يحمله إلى حلب ويتوجه نائب حلب بطالاً إلى.. وكان السبب في عزل نائب حلب أن نائب القلعة شاهين أحد أتباع السلطان حيث كان أميراً أرسل يشكو منه أنه تعصب عليه مع القاضي الحنبلي علاء الدين ابن مفلح، وأن ابن مفلح

ص: 236

ادعى أن شاهين امتنع من الشرع وأنه وقع في أمر يقتضي الكفر وكتب عليه بذلك محضراً وراسلوه لينزل فسمع الدعوى عليه فامتنع وكاتب وتظلم، فوصل كتاب نائب حلب وقرينه المحضر المكتتب، فغضب السلطان من نائب حلب وعزله وعزل القاضي، وشيع أنه أبطل قاضي الحنابلة من حلب، فإن ثبت ذلك فلعله يسع غيرها من البلاد - والله المستعان.

وفي ربيع الأول قدم الأمير تغري برمش نائب القلعة ومعه رفيقه القاضي بدر الدين بن عبيد الله..

وفي ليلة الإثنين حادي عشره كان المولد النبوي بالحوش على العادة وتغيظ السلطان فيه على القاضي الحنفي بسبب تأخيره الحكم في الصارم إبراهيم بن رمضان بسبب ما وقع فيه - من الأمور المنكرة، وتوجه تغري برمش وابن عبيد الله إلى بلاده - بسببها، فاقتضى الحال عقد مجلس بسببه فعقد بعد أيام، فلم يثبت عليه ما يتحتم به القتل، فأمر بتعزيره، فأعيد إلى السجن فمات بعد أسبوع.

جمادى الأولى - استهل بالرؤية الفاشية، ففي صبيحته حضر القضاة عند السلطان للتهنئة بالشهر، فأمر الشافعي أن يتوجه مع كاتب السر إلى مصر - بسبب كنيسة للمكيين، فرفع ابن آقبرس ناظر الأوقاف للسلطان أن جدارها عال على مسجد يجاورها وأنه يجب هدمه، وكن السبب في ذلك أن برد دار ابن آقبرس تسلط على بطرك الملكية وكان قريب العهد بالاستقرار فيها فقرر عوض الذي مات في السنة الماضية وطمع فيه، فرفع البطرك أمره للسلطان بقصة أعطاها لكاتب السر، فبادر ابن آقبرس حمية لمن هو من جهته فذكر ذلك، فأمر بالكشف فتوجهوا، فقيل: إنهم رأوا الجدار الذي من جهة المسجد مائلاً، فحكم نائب الشافعي بهدمه خشية أن يسقط على المسجد، وانفصل المجلس على ذلك، وكان السلطان يظن انه يجب هدم الكنيسة أصلا، وكان الحنفي المنفصل حاضراً فتغيظ عليه لكونه قال: ما يهدم إلا بشرط أن تكون حادثه، فإن كان المسجد قديماً وجب هدم ايعلو عليه، فقال له: فلما كنت حاكماً لم لا فعلت ذلك بل كنت تفعل عكسه - أو نحو هذا من القول.

ص: 237

وفي يوم الجمعة ثاني الشهر كسر الخليج الحاكمي، ونزل عثمان ولد السلطان على العادة وصحبته الامراء إلى المقياس، فركبوا معه وصحبتهم كاتب السر وبقية المباشرين ولم تجر العادة بركوبهم، ونزل بعضهم إلى الحراقة من شباك المقياس، وامتنع شاد الشر بخاناة قانباي الجركسي من إنزال ابن السلطان من هناك بل عادته والجماعة صحته من البر واحدار الحراقة إليه، فركب إلى الخليج فكسر بحضرته، وركبوا معه إلى القلعة على العادة، وكل ذلك قبل صلاة الجمعة، وزاد أربعة من سبعة عشر، وكان في العام الماضي في هذا اليوم وافت تكملة الذراع السابع عشر.

واتفق أن شعبان كان أوله الثلاثاء بالعدد، فلما كان النصف منه ذكر بعض نواب الحكم بالجيزة أن اثنين شهدا عنده برؤيته ليلة الاثنين، فثبت وصام من أراد صيام النصف يوم الاثنين.

ويسر الله أن هلال رمضان رئي ليلة الثلاثاء وغاب قبل العشاء بثلث ساعة، فلما كان أول يوم من رمضان شاع بين الناس أن اثنين من أهل قليوب رأيا هلال رمضان ليلة الثلاثاء، واستنكر كل من سمع ذلك صحة هذا، ثم اعتمد القاضي الشافعي في تحرير هذا الخبر، فأرسل عوناً من أعوانه إلى قليوب فأحضر الرجلين.

وفي ليلة الأحد رابع شوال - وهي ليلة التاسع من طوبة والخامس من كانون الثاني - أمطرت السماء مطراً خفيفاً فدام بحيث أزلق الأرض، ثم عاد في النهار ثم عاد في ليلة الاثنين حتى صارت الأرض كالبرك ثم عاد في صبيحة الاثنين، ثم كان في ليلة الثلاثاء ثم عاد في صبيحة الثلاثاء، فتعطلت معايش غالب الناس، وقل أن وقع مثل ذلك في هذه البلاد إن يمطر ثلاثة أيام بلياليها.

ص: 238