الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكنه سود عليه
يشبك السودوني الأمير الكبير سيف الدين المعروف بالمشد أتابك العساكر بمصر، مات في يوم الخميس ثالث شعبان بعد مرض طويل، واستقر بعده إينال العلائي، وكان عاقلاً ساكناً حشماً عرياً إلا من رمي النشاب على عيوب في رميه، وينسب إلى طمع وعدم دين -.
سنة خمسين وثمانمائة
استهلت بالثلاثاء بلا خلاف.
وفي يوم الخميس الثالث منه استقر خليل بن شاهين الذي كان نائب ملطية في نيابة القدس عوضاً عن طوغان، واستقر برهان الدين ابن الديري في نظر الجوالي عوضاً عن ابن فتح الدين المحرقي، ولبس كل منهما خلعة.
وفي الخامس منه قتل الفيل بأن رمي بالسهام حتى أصيب في عينيه ثم تمكنوا منه حتى قتلوه، وكان أمر السلطان بقتل الفيل بسبب أنه كان قد هجم على سائسه فبرك عليه حتى مات تحته.
وفي الثاني عشر منه حضر نقيب الجيش إلى الشيخ ولي الدين السفطي وكيل بيت المال وبيده قصة رفعت للسلطان باسم أبي الخير النحاس أن له دعوى شرعية عليه، وأن السلطان أمره أن يتوجه مع غريمه إلى قاضي الشرع، فأجاب وقال: من تختار من القضاة قال: الشافعي، فدخل معه إلى الشافعي - فادعى عليه بأنه وضع يده له على ثريا مكفتة، فاعترف بأنه استامها منه ليشتريها للمدرسة الجمالية وأنها معلقة في الجمالية وأذن له في أخذها، وتوجه إلى منزله، فشاع بين الناس أن السلطان منعه من الوصول إليه فكثرت الأقاويل، ففي آخر النهار حضر إليه من أخبره عن السلطان أنه لم يمنعه وأنه يصل إليه متى شاء، فلما أصبح ركب، فلما تلاقيا التزمه وأمر له بكاملية سمور فلبسها في صبيحة ذلك اليوم، وصادف أنه اليوم الرابع عشر من الشهر، وفرح الناس به بغضاً في غريمه، وركب معه جميع المباشرين والقضاة وبياض الناس وكان يوماً مشهود وكان وصول الحاج في أول العشر الثالث من الشهر، فدخل الركب الأول في آخر يوم الاثنين حادي عشري الشهر، وتكاملوا إلى أن أصبحوا يوم الثلاثاء بالقاهرة، ووصل بعدهم المحمل على العادة في يوم الثلاثاء ودخلوا القاهرة يوم الأربعاء وكان أول من وصل منهم بعض
الأجناد دخل في يوم الجمعة ثاني عشر الشهر المذكور، وأخبر أنه فارقهم من ليلة الثلاثاء، وكان وصول الركب الأول إلى البركة في يوم الثلاثاء ثاني عشري المحرم وقت الظهر ثم لم يمض الليل حتى دخل ركب المحمل، ودخلوا جميعاً يوم الأربعاء - وسلموا جميعاً على السلطان ومعهم قاض القضاة الحنبلي، وتكاملوا آخر النهار -.
وفي أول يوم الاثنين الثامن والعشرين من المحرم مات القاضي شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن يعقوب - القاياتي قاضي القضاة الشافعية وقد أكمل في الولاية سنة ونصف شهر، لانه قرر في يوم الأربعاء ثاني عشر.. وفوض إليه ذلك جهراً يوم الخميس، ونزل إلى الصالحية بغير خلعة بعد أن أحضرت، فامتنع من لبسها تورعاً ثم باشر القضاء بنزاهة وعفة، ولم يأذن لأحد من النواب إلا لعدد قليل، ويتثبت في الأحكام جداً وفي جميع أموره، فلما كان يوم الجمعة الثامن عشر من المحرم خطب بالقلعة ورجع إلى منزله ومات عازماً على التوجه إلى ملاقاة الحاج فتهيأوا يوم السبت فوعك في بقية النهار، وأصبح ولداه فتوجها وتأخر هو ليقع له نشاط، فدخل الحاج يوم الأربعاء ثالث عشري الشهر، وعاد ولداه فوجداه كما به، واشتد ألمه بالحمى وصار يشكو بحمى الكبد، وواظبه الأطباء، وقل أن يتناول ما وصف له، فلما كان يوم الجمعة اشتد به الخطب إلى أن مات في أول ليلة الاثنين، ودفن في صبيحتها بعد أن حمل تابوته من جوار الجامع الأزهر إلى مصلى المؤمني تحت القلعة بالرميلة من أجل أن السلطان أمر أن يحضر إلى هناك ليصلي هو عليه، فحضر الجمع
وكان وافراً جداً، فتقدم في الصلاة عليه الخليفة بإذن السلطان، ورجعوا من جهة الصحراء إلى التربة الصلاحية المعدة لأهل سعيد السعداء فدفن بها، وشغر منصب القضاء إلى أن كان يوم الاثنين خامس عشري الشهر، استقر كاتبه على قاعدته، ثم بعد ذلك بيسير قدم.. ابن تاج الدين البغدادي الحنفي من دمشق وبيده يومئذ الحسبة ووكالة بيت المال وعدة وظائف، فلم يلبث أن مات، فأسف السلطان عليه وأمرهم بالصلاة عليه بالمصلى المذكور ونزل فصلى عليه، ودفن بالقرافة.
وفي المحرم مات الشيخ برهان الدين إبراهيم بن رضوان الحلبي الشافعي، كان ممن اشتغل ومهر وتميز ونزل في المدارس بحلب، وولي بعض التداريس وناب في الحكم، ثم صحب ولد
السلطان الظاهر جقمق فاختص به لما أقام مع والده بحلب في أواخر دولة الاشرف، ثم قدم عليه القاهرة فلازم ولده حتى استقر به إماماً، وكان ممن مرضه في ضعفه الذي مات به وقررت له بجاهه وظائف، وندبه السلطان في الرسلية إلى حلب في بعض المهمات فلما مات ولد السلطان رقت حاله واستعيد منه التدريس الذي كان استقر فيه بحلب بجاهه، فاستعاده الذي نزعه منه، ثم توجه إلى الحج في العام الماضي، فسقط عن الجمل فانكسر منه شيء ثم تداوى، فلما رجع سقط مرة أخرى، فدخل القاهرة مع الركب وهو سالم إلى أن مات، وكان ينسب إلى شيء يستقبح ذكره - والله اعلم بسريرته.