الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدِّمة الطبعة الخامسة
الحمد لله المبدئ المعيد، شرع أحكامه وفق مصالح العبيد، والصلاة والسلام على صاحب القول السديد، الذي بلَّغ شرع ربه بالموجَز المفيد، وعلى آله وصحبه الذين حملوا الشريعة فأدَّوها بأمانة وتسديد.
أما بعد:
فأحمد الله تعالى وأشكره على ما يسَّر وسهَّل من وضع هذا الشرح الشامل المفيد، الذي جمع من العلومِ الطارفَ والتليد، بأسلوب مبسوط ميسَّر، وترتيب مفصَّل، ليستفيد منه كل قارىء، فلا يرتفع ويصعب على المبتدىء، ولا ينزل في مستواه عن المنتهي، لذا صار له القبول -ولله الحمد- عند طبقات القرَّاء، فتناولوه بتلهُّف من حين صدوره حتى نفدت نسخ طبعاته الأولى في مدة وجيزة جدًّا.
وراح الطلب والسؤال عنها بعد ذلك بإلحاح، مما شجَّعنا على إعادة طبعه، وإسعاف طالبيه، ولكن بصورة أفضل من الأولى، وبتحقيق أوفى وأكمل، أرجو من الله تعالى أن أكون في هذه الطبعة قد سددت وقاربت أكثر من سابقتها.
ولابد للإنسان أن يعرض له في فترات لاحقة، ما يقوِّم به فرطات ندَّت منه في أيام سابقة، ما دامت له يد تصل إلى كتاب، أو فكر يهديه إلى صواب.
وقد كتب القاضي الفاضل، شيخ صناعة الكتابة في عصره: عبد الرحيم ابن علي البيساني المتوفي سنة (596) رحمه الله إلى نائبه في وزارة الكتابة، الأديب الشهير العماد الأصفهاني المتوفي سنة (597)، كتب إليه يقول:
"إني رأيت أنَّه لا يكتب إنسانٌ كتابًا في يوم إلَّا قال في غده: لو غُيِّر هذا
لكان أحسن، ولو زِيد كذا لكان يستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العِبَر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".
وقد كان مني في هذه الطبعة كما قال القاضي الفاضل، فاستدركت:
أولًا: ما فاتنا من أخطاء مطبعية وقعت في الطبعات الأولى.
ثانيًا: زدت فيها زيادات كثيرة هامة، وفوائد فقهية غالية، ميَّزت هذه الطبعة عن سابقتها تمييزًا بيِّنًا.
ثالثًا: زدت في تخريج أكثر الأحاديث، مع تحقيقٍ أكثَرَ في بيان درجة الحديث.
رابعًا: زدت كثيرًا في شرح المفردات من الناحية اللغوية والصرفية والنحوية والعلمية، وتحديدٍ أكثرَ للمواضع.
خامسًا: وصلتني قرارات المجمَّع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي بجدَّة، وقرارات هيئة كبار العلماء، وقرارات المجمَّع الفقهي التابع لرابطة العالم الإِسلامي، حتى هذا العام (1421 هـ)، منذ تأسيسه، فألحقت كل قرار بالمكان الذي يناسبه من أبواب ومسائل الكتاب.
وهي قرارات هامة جدًّا بحثها نخبة مختارة من علماء المسلمين في القضايا المعاصرة، والقضايا المتقدِّمة التي تحتاج إلى فحص وتمحيص، حيث خرج منها المجمَّع برأي واحد فيها.
سادسًا: أجريت بعض التغيير والتقديم والتأخير لعبارات وفقرات في الكتاب مما زاده حسنًا وفضلاً.
سابعًا: وضعت المتن وهو "أحاديث بلوغ المرام" بأعلى الصحائف، مكتوبة بحرف متميز بلونه وحجمه وضبطه.
وبالجملة: فإنَّ القارىء الكريم سيرى -إن شاء الله تعالى- فرقًا كبيرًا
واضحًا بين هذه الطبعة الخامسة، وسابقتها، عسى بذلك أن تكون ملائمة لمقام هذا الكتاب الذي هو شرح لكتاب عظيم ألا وهو كتاب "بلوغ المرام".
ونسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، وأن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلَّم على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه المؤلف
عبد الله بن عبد الرحمن البسام
شهر شعبان 1421 هـ
في منزله في عوالي مكة
شرَّفها الله تعالى وحماها من كل سوء