الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: هل يثبتُ الجَرْحُ والتَّعْدِيْلُ بقولِ الواحد
؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:
أولها: أنه لا يقبل في جرح الرواة وتعديلهم أقل من اثنين، قياساً على الشهادات.
ثانيها: أنه يكفي في الجرح والتعديل قول الواحد، في الرواية والشهادة على السواء.
ثالثها: التفريق في ذلك بين الرواية والشهادة: فيقبلُ في جرح الرواة وتعديلهم قول الواحد، ولا يقبل في الشهادة إلا اثنان1.
والرَّاجِح هو المذهب الثالث، نَقَلَهُ الخطيب عن كثير من أهل العلم، ثم قال:"والذي نَسْتَحِبُّهُ: أن يكون من يُزَكِّي الْمُحَدِّثَ اثنين للاحتياط، فإن اقْتُصِرَ على تزكية واحد: أَجَزَأَ"2. وقال ابن الصلاح: "وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره
…
؛ لأن العدد لم يُشْتَرَطْ في قبول الخبر، فلم يشترط في جرح راويه وتعديله، بخلاف الشهادات"3. ورجحه كذلك: العراقي4، وابن حجر5، والسخاوي6.
1 الكفاية: (ص 160-161) . ومقدمة ابن الصلاح: (ص52) .
2 الكفاية: (ص 161) .
3 مقدمة ابن الصلاح: (ص52) .
4 شرح الألفية: (1/295) .
5 نزهة النظر مع النخبة: (ص72) .
6 فتح المغيث (1/290) .
وقد اختار ابن القَيِّم رحمه الله في هذه المسألة رأي الجمهور: وهو الاكتفاء بقول الواحد في الجرح والتعديل.
قال مرة: "
…
فإن التعديل من باب الإخبار والحُكْم، لا من باب الشهاد ة، ولا سِيَّمَا التعديل في الرواية؛ فإنه يُكْتَفَى فيه بالواحد ولا يزيد عن أصل نصاب الرواية"1.
يعني: لَمَّا كان يُكْتَفَى في قبول الرواية بالواحد، فكذلك تعديلُ رَاوِيهَا وجرحُهُ لا يشترط له أكثر من واحد.
فتلخص من ذلك: أن ابن القَيِّم رحمه الله يوافق اختياره اختيار الجمهور في هذه المسألة، وهي: الاكتفاء في الجرح والتعديل بقول الواحد، وعدم اشتراط أكثر من ذلك فيهما.
1 زاد المعاد: (5/456 - 457) .