المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في الصلاة على غير النبي وآله صلى الله عليه وسلم تسليما - جلاء الأفهام - ت الأرنؤوط

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌وَأما حَدِيث فضَالة بن عبيد رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أنس بن مَالك رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بن كَعْب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أَوْس بن أَوْس رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث فَاطِمَة رضي الله عنها

- ‌وَأما حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث جَابر بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي رَافع مولى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث رويفع بن ثَابت رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن بشير بن مَسْعُود رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بردة بن نيار رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عمار بن يَاسر رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث جَابر بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن جُزْء الزبيدِيّ رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما

- ‌واما حَدِيث مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي ذَر رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما

- ‌وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث سعيد بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عُمَيْر البدري

- ‌فِي الْمَرَاسِيل والموقوفات

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي افْتِتَاح صَلَاة الْمُصَلِّي بقول اللَّهُمَّ وَمعنى ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي بَيَان معنى الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي معنى اسْم النَّبِي صلى الله عليه وسلم واشتقاقه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي معنى الْآل واشتقاقه وَأَحْكَامه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِي ذكر إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي ذكر الْمَسْأَلَة الْمَشْهُورَة بَين النَّاس وَبَيَان مَا فِيهَا

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌فِي ذكر نُكْتَة حَسَنَة فِي هَذَا الحَدِيث الْمَطْلُوب فِيهِ الصَّلَاة عَلَيْهِ وعَلى آله كَمَا صلى على إِبْرَاهِيم وعَلى آله

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌فِي قَوْله اللَّهم بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل محمّد

- ‌الْفَصْل التَّاسِع

- ‌فِي اختتام هَذِه الصَّلَاة بِهَذَيْنِ الاسمين من أَسمَاء الرب سبحانه وتعالى وهما الحميد والمجيد

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر

- ‌فِي ذكر قَاعِدَة فِي هَذِه الدَّعْوَات والأذكار الَّتِي رويت بأنواع مُخْتَلفَة كأنواع الاستفتاحات وانواع التشهدات فِي الصَّلَاة وانواع الادعية الَّتِي اخْتلفت الفاظها وانواع الاذكار بعد الاعتدالين من الرُّكُوع وَالسُّجُود

- ‌فِي مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّتِي يتَأَكَّد طلبَهَا إِمَّا وجوبا واما اسْتِحْبَابا مؤكداً

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّد الأول

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة عَلَيْهِ آخر الْقُنُوت

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْجِنَازَة بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخطْبَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة عَلَيْهِ بعد إِجَابَة الْمُؤَذّن وَعند الْإِقَامَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الدُّعَاء

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد دُخُول الْمَسْجِد وَعند الْخُرُوج مِنْهُ

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم على الصَّفَا والمروة

- ‌فصل

- ‌المواطن الْعَاشِر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد اجْتِمَاع الْقَوْم قبل تفوقهم

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد ذكره

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْفَرَاغ من التَّلْبِيَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد استلام الْحجر

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْوُقُوف على قَبره

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا خرج إِلَى السُّوق أَو إِلَى دَعْوَة أَو نَحْوهَا

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا قَامَ الرجل من نوم اللَّيْل

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقب ختم الْقُرْآن

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يَوْم الْجُمُعَة

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْقيام من الْمجْلس

- ‌فصل

- ‌الموطن الْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْمُرُور على الْمَسَاجِد ورؤيتها

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْهم والشدائد وَطلب الْمَغْفِرَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد كِتَابَة اسْمه صلى الله عليه وسلم

- ‌قَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدثنَا أسيد بن عَاصِم حَدثنَا بشر بن عبيد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نم صلى عَليّ فِي كتاب لم تزل الْمَلَائِكَة يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِك الْكتاب قَالَ

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد تَبْلِيغ الْعلم إِلَى النَّاس عِنْد التَّذْكِير والقصص والقاء الدَّرْس وَتَعْلِيم الْعلم فِي أول ذَلِك وَآخره

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم أول النَّهَار وَآخره

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقب الذَّنب إِذا أَرَادَ أَن يكفر عَنهُ

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد إِلْمَام الْفقر أَو خوف وُقُوعه

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد خطْبَة الرجل الْمَرْأَة فِي النِّكَاح

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد العطاس

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة صلى الله عليه وسلم بعد الْفَرَاغ من الْوضُوء

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد دُخُول الْمنزل ذكره الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي كل موطن يجْتَمع فِيهِ لذكر الله تَعَالَى

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا نسي الشَّيْء أَو أَرَادَ ذكره

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّلَاث وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْحَاجة تعرض للْعَبد

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد طنين الْأذن

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقيب الصَّلَوَات

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الذَّبِيحَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة فِي غير التَّشَهُّد

- ‌الموطن الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي بدل الصَّدَقَة

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد النّوم

- ‌فصل

- ‌الموطن الْأَرْبَعُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد كل كَلَام ذِي بَال

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي أثْنَاء صَلَاة الْعِيد

- ‌فِي الْفَوَائِد والثمرات الْحَاصِلَة بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فِي الصَّلَاة على غير النَّبِي وَآله صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌في الصلاة على غير النبي وآله صلى الله عليه وسلم تسليما

- صلى الله عليه وسلم َ - الْبَاب السَّادِس صلى الله عليه وسلم َ -

‌فِي الصَّلَاة على غير النَّبِي وَآله صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا

أما سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ فَيصَلي عَلَيْهِم وَيسلم

قَالَ تَعَالَى عَن نوح عليه السلام {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين سَلام على نوح فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} الصافات 78 80

وَقَالَ تَعَالَى عَن إِبْرَاهِيم خَلِيله {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين سَلام عَلَى إِبْرَاهِيمَ} الصافات 108 و 109

وَقَالَ تَعَالَى فِي مُوسَى وَهَارُون {وَتَرَكْنَا عَلَيهِمَا فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُون} الصافات 119 و 120

وَقَالَ تَعَالَى {سَلامٌ على إل ياسين} الصافات 130 فَالَّذِي تَركه سُبْحَانَهُ على رسله فِي الآخرين هُوَ السَّلَام عَلَيْهِم الْمَذْكُور

وَقد قَالَ جمَاعَة من الْمُفَسّرين مِنْهُم مُجَاهِد وَغَيره وَتَركنَا عَلَيْهِم فِي الآخرين الثَّنَاء الْحسن ولسان الصدْق للأنبياء كلهم وَهَذَا قَول قَتَادَة أَيْضا وَلَا يَنْبَغِي أَن يحْكى هَذَا قَوْلَيْنِ لِلْمُفَسِّرِينَ كَمَا يَفْعَله من لَهُ بحكاية الْأَقْوَال بل هما قَول وَاحِد فَمن قَالَ إِن الْمَتْرُوك هُوَ السَّلَام عَلَيْهِم فِي الآخرين نَفسه فَلَا ريب أَن قَوْله

ص: 457

{سَلام على نوح} جملَة فِي مَوضِع نصب ب تركنَا وَالْمعْنَى أَن الْعَالمين يسلمُونَ على نوح وَمن بعده من الْأَنْبِيَاء وَمن فسره بِلِسَان الصدْق وَالثنَاء الْحسن نظر إِلَى لَازم السَّلَام وموجبة وَهُوَ الثَّنَاء عَلَيْهِم وَمَا جعل لَهُم من لِسَان الصدْق الَّذِي لأَجله إِذا ذكرُوا سلم عَلَيْهِم

وَقد زعمت طَائِفَة مِنْهُم ابْن عَطِيَّة وَغَيره أَن من قَالَ تركنَا عَلَيْهِ ثَنَاء حسنا ولسان صدق كَانَ {سَلام على نوح فِي الْعَالمين} جملَة ابتدائية لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَهُوَ سَلام من الله سلم بِهِ عَلَيْهِ قَالُوا فَهَذَا السَّلَام من الله أَمَنَة لنوح فِي الْعَالمين أَن يذكرهُ أحد بشر قَالَه الطَّبَرِيّ

وَقد يُقَوي هَذَا القَوْل أَنه سُبْحَانَهُ أخبر أَن الْمَتْرُوك عَلَيْهِ هُوَ فِي الآخرين وَأَن السَّلَام عَلَيْهِ فِي الْعَالمين وَبِأَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ أبقى الله عَلَيْهِ ثَنَاء حسنا

وَهَذَا القَوْل ضَعِيف لوجوه

أَحدهَا أَنه يلْزم مِنْهُ حذف الْمَفْعُول ل تركنَا وَلَا يبْقى فِي الْكَلَام فَائِدَة على التَّقْدِير فَإِن الْمَعْنى يؤول إِلَى أَنا تركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين امرا مَالا ذكر لَهُ فِي اللَّفْظ لِأَن السَّلَام عِنْد هَذَا الْقَائِل مُنْقَطع مِمَّا قبله لَا تعلق لَهُ بِالْفِعْلِ

الثَّانِي أَنه لَو كَانَ الْمَفْعُول محذوفاً كَمَا ذَكرُوهُ لذكره فِي مَوضِع وَاحِد ليدل على المُرَاد مِنْهُ حذفه وَلم يطرد فِي جَمِيع من أخبر أَنه ترك عَلَيْهِ فِي الآخرين الثَّنَاء الْحسن وَهَذِه طَريقَة الْقُرْآن بل وَكَانَ فصيح أَن يذكر الشَّيْء فِي مَوضِع ثمَّ يحذفه فِي مَوضِع آخر لدلَالَة الْمَذْكُور على الْمَحْذُوف وَأكْثر مَا تَجدهُ مَذْكُورا

ص: 458

وحذفه قَلِيل وَأما أَن يحذف حذفا مطرداً وَلم يذكرهُ فِي مَوضِع وَاحِد وَلَا فِي اللَّفْظ مَا يدل عَلَيْهِ فَهَذَا لَا يَقع فِي الْقُرْآن

الثَّالِث أَن فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود / < وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين سَلاما > / بِالنّصب وَهَذَا وَهَذَا يدل على إِن الْمَتْرُوك هُوَ السَّلَام نَفسه

الرَّابِع أَنه لَو كَانَ السَّلَام مُنْقَطِعًا مِمَّا قبله لأخل ذَلِك بفصاحة الْكَلَام وجزالته وَلما حسن الْوُقُوف على مَا قبله وَتَأمل هَذَا بِحَال السَّامع إِذا سمع قَوْله {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} كَيفَ يجد قلبه متشوقا متطلعاً إِلَى تَمام الْكَلَام واجتناء الْفَائِدَة مِنْهُ وَلَا يجد فَائِدَة الْكَلَام انْتَهَت وتمت لِيَطمَئِن عِنْدهَا بل يبْقى طَالبا لتمامها وَهُوَ الْمَتْرُوك فالوقف على {الآخرين} لَيْسَ بوقف تَامّ

فَإِن قيل فَيجوز حذف الْمَفْعُول من هَذَا الْبَاب لِأَن ترك هُنَا بِمَعْنى أعْطى لِأَنَّهُ اعطاه ثناءا حسنا أبقاه عَلَيْهِ فِي الآخرين وَيجوز فِي بَاب أعْطى ذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أَحدهمَا وَقد وَقع ذَلِك فِي الْقُرْآن كَقَوْلِه {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} فذكرهما

وَقَالَ تَعَالَى {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى} اللَّيْل 5 فحذفهما

وَقَالَ تَعَالَى {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبك} الضُّحَى فَحذف الثَّانِي وَاقْتصر على الأول

وَقَالَ {يُؤْتونَ الزَّكَاة} فَحذف الأول وَاقْتصر على الثَّانِي قيل فعل الْإِعْطَاء فعل مدح فلفظه دَلِيل على أَن الْمَفْعُول الْمُعْطى قد ناله عَطاء الْمُعْطى والإعطاء إِحْسَان ونفع وبر فَجَاز ذكر المفعولين وحذفهما والاقتصار على أَحدهمَا بِحَسب الْغَرَض الْمَطْلُوب من الْفِعْل فَإِن كَانَ الْمَقْصُود إِيجَاد مَاهِيَّة الْإِعْطَاء

ص: 459

المخرجة للْعَبد من الْبُخْل وَالشح وَالْمَنْع الْمنَافِي للإحسان ذكر الْفِعْل مُجَردا كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} وَلم يذكر مَا أعْطى وَلَا من أعْطى وَتقول فلَان يُعْطي وَيتَصَدَّق ويهب وَيحسن

وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت لما كَانَ الْمَقْصُود بِهَذَا تفرد الرب سُبْحَانَهُ بالعطاء وَالْمَنْع لم يكن لذكر الْمُعْطى وَلَا لحظ الْمُعْطى معنى بل الْمَقْصُود أَن حَقِيقَة الْعَطاء وَالْمَنْع إِلَيْك لَا إِلَى غَيْرك بل أَنْت المتفرد بهَا لَا يشركك فِيهَا أحد فَذكر المفعولين هُنَا يخل بِتمَام الْمَعْنى وبلاغته وَإِذا كَانَ الْمَقْصُود ذكرهمَا ذكرا مَعًا كَقَوْلِه تَعَالَى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} الْكَوْثَر 1 فَإِن الْمَقْصُود إخْبَاره لرَسُوله صلى الله عليه وسلم بِمَا خصّه بِهِ وَأَعْطَاهُ إِيَّاه من الْكَوْثَر وَلَا يتم هَذَا إِلَّا بِذكر المفعولين وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} الْإِنْسَان 8 وَإِذا كَانَ الْمَقْصُود أَحدهمَا فَقَط اقْتصر عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَيُؤْتونَ الزَّكَاة} الْمَقْصُود بِهِ أَنهم يَفْعَلُونَ هَذَا الْوَاجِب عَلَيْهِم وَلَا يهملونه فَذكره لانه هُوَ الْمَقْصُود وَقَوله عَن أهل النَّار {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} المدثر 43 44 لما كَانَ الْمَقْصُود الْإِخْبَار عَن الْمُسْتَحق للإطعام أَنهم بخلوا عَنهُ ومنعوه حَقه من الْإِطْعَام وقست قُلُوبهم عَنهُ كَانَ ذكره هُوَ الْمَقْصُود دون المطعوم

وتدبر هَذِه الطَّرِيقَة فِي الْقُرْآن وَذكره للأهم الْمَقْصُود وحذفه

ص: 460

لغيره يطلعك على بَاب من أَبْوَاب إعجازه وَكَمَال فَصَاحَته

وَأما فعل التّرْك فَلَا يشْعر بِشَيْء من هَذَا وَلَا يمدح بِهِ فَلَو قلت فلَان يتْرك لم يكن مُفِيدا فَائِدَة أصلا بِخِلَاف قَوْلك يطعم وَيُعْطِي ويهب وَنَحْوه بل لَا بُد أَن تذكر مَا يتْرك وَلِهَذَا لَا يُقَال فلَان تَارِك وَيُقَال معط ومطعم وَمن أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ الْمُعْطِي فَقِيَاس ترك على أعْطى من أفسد الْقيَاس و {سَلام على نوح فِي الْعَالَمِينَ} الصافات 79 جملَة محكية

قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} الصافات 78 من الْأُمَم هَذِه الْكَلِمَة وَهِي {سَلام على نوح} يَعْنِي يسلمُونَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا وَيدعونَ لَهُ وَهُوَ من الْكَلَام المحكي كَقَوْلِك قَرَأت سُورَة أنزلناها

الْخَامِس أَنه قَالَ {سَلام على نوح فِي الْعَالمين} فَأخْبر سُبْحَانَهُ أَن هَذَا السَّلَام عَلَيْهِ فِي الْعَالمين وَمَعْلُوم أَن هَذَا السَّلَام فيهم هُوَ سَلام الْعَالمين عَلَيْهِ كلهم يسلم عَلَيْهِ ويثني عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ فَذكره بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ فيهم وَأما سَلام الله سبحانه وتعالى عَلَيْهِ فَلَيْسَ مُقَيّدا بهم وَلِهَذَا لَا يشرع أَن يسْأَل الله تَعَالَى مثل ذَلِك فَلَا يُقَال السَّلَام على رَسُول الله فِي الْعَالمين وَلَا اللَّهُمَّ صل وَسلم على رَسُولك فِي الْعَالمين وَلَو كَانَ هَذَا هُوَ سَلام الله لشرع أَن يطْلب من الله على الْوَجْه الَّذِي سلم بِهِ

وَأما قَوْلهم إِن الله سلم عَلَيْهِ فِي الْعَالمين وَترك عَلَيْهِ فِي الآخرين فَالله سبحانه وتعالى أبقى على أنبيائه وَرُسُله سَلاما وثناءً حسنا فِيمَن تَأَخّر بعدهمْ جَزَاء على صبرهم وتبليغهم رسالات رَبهم

ص: 461

واحتمالهم للأذى من أممهم فِي الله وَأخْبر أَن هَذَا الْمَتْرُوك على نوح هُوَ عَام فِي الْعَالمين وَأَن هَذِه التَّحِيَّة ثَابِتَة فيهم جَمِيعًا لَا يخلون مِنْهَا فأدامها عَلَيْهِ فِي الْمَلَائِكَة والثقلين طبقًا بعد طبق وعالماً بعد عَالم مجازاة لنوح عليه السلام بصبره وقيامه بِحَق ربه وَبِأَنَّهُ أول رَسُول أرْسلهُ الله إِلَى أهل الأَرْض وكل الْمُرْسلين بعده بعثوا بِدِينِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} الشورى 13

وَقَوْلهمْ إِن هَذَا قَول ابْن عَبَّاس فقد تقدم أَن ابْن عَبَّاس وَغَيره إِنَّمَا أَرَادوا بذلك أَن السَّلَام عَلَيْهِ من الثَّنَاء الْحسن ولسان الصدْق فَذكرُوا معنى السَّلَام عَلَيْهِ وَفَائِدَته وَالله سُبْحَانَهُ أعلم

وَأما الصَّلَاة عَلَيْهِم فَقَالَ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق فِي كِتَابه حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي حَدثنَا عمر بن هَارُون عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن مُحَمَّد بن ثَابت عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ صلوا على أَنْبيَاء الله وَرُسُله فَإِن الله بَعثهمْ كَمَا بَعَثَنِي صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن الدبرِي عَن عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن مُوسَى

وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم حَدثنَا الْفرْيَابِيّ حَدثنَا سُفْيَان عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا صليتم عَليّ فصلوا على أَنْبيَاء الله فَإِن الله بَعثهمْ كَمَا بَعَثَنِي // إِسْنَاده ضَعِيف //

ص: 462

وَفِي الْبَاب عَن أنس وَقيل عَن أنس عَن أبي طَلْحَة

قَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ وَبَلغنِي بِإِسْنَاد عَن بعض السّلف أَنه رأى آدم عليه الصلاة والسلام فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ يشكو قلَّة صَلَاة بنيه عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وعَلى جَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ

ومُوسَى وَإِن كَانَ ضَعِيفا فَحَدِيثه يسْتَأْنس بِهِ

وَقد حكى غير وَاحِد الْإِجْمَاع على أَن الصَّلَاة على جَمِيع النَّبِيين مَشْرُوعَة مِنْهُم الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رحمه الله وَغَيره قد حُكيَ عَن مَالك رضي الله عنه رِوَايَة أَنه لَا يصلى على غير نَبينَا صلى الله عليه وسلم وَلَكِن قَالَ اصحابه هِيَ مؤولة بِمَعْنى أَنا لم نتعبد بِالصَّلَاةِ على غَيره من الْأَنْبِيَاء كَمَا تعبدنا الله بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 463