الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الموطن الْخَامِس من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخطْبَة
وَقد اخْتلف فِي اشْتِرَاطهَا لصِحَّة الْخطْبَة
فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الْمَشْهُور من مَذْهَبهمَا لَا تصح الْخطْبَة إِلَّا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك تصح بِدُونِهَا وَهُوَ وَجه فِي مَذْهَب أَحْمد
وَاحْتج لوُجُوبهَا فِي الْخطْبَة بقوله تَعَالَى {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} الشَّرْح 1 4
قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما رفع الله لَهُ ذكره فَلَا يذكر إِلَّا ذكر مَعَه
وَفِي هَذَا الدَّلِيل نظر لِأَن ذكره صلى الله عليه وسلم مَعَ ذكر ربه هُوَ الشَّهَادَة لَهُ بالرسالة إِذا شهد لمرسله بالوحدانية وَهَذَا هُوَ الْوَاجِب فِي الْخطْبَة قطعا بل هُوَ ركنها الْأَعْظَم وَقد روى أَبُو دَاوُد وَأحمد وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ كل خطْبَة لَيْسَ فِيهَا تشهد فَهِيَ كَالْيَدِ الجذماء // إِسْنَاده قوي //
وَالْيَد الجذماء المقطوعة
فَمن أوجب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْخطْبَة دون التَّشَهُّد فَقَوله فِي غَايَة الضعْف
وَقد روى يُونُس عَن شَيبَان عَن قَتَادَة {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قَالَ رفع الله ذكره فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَيْسَ خطيب وَلَا متشهد وَلَا صَاحب صَلَاة إِلَّا ابتدأها أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله
وَقَالَ عبد بن حميد أَخْبرنِي عَمْرو بن عون عَن هشيم عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك {وَرَفَعْنَا لَكَ ذكرك} قَالَ إِذا ذكرتُ ذكرتَ معي وَلَا يجوز خطْبَة وَلَا نِكَاح إِلَّا بذكرك
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن نجيح عَن مُجَاهِد {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قَالَ لَا أذكر إِلَّا ذكرت معي وَلَا يجوز خطْبَة وَلَا نِكَاح إِلَّا بذكرك
وَقَالَ عبد الرازق عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قَالَ لَا أذكر إِلَّا ذكرت معي الْأَذَان أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله // إِسْنَاده صَحِيح //
فَهَذَا هُوَ المُرَاد من الْآيَة وَكَيف لَا يجب التَّشَهُّد الَّذِي هُوَ عقد الْإِسْلَام فِي الْخطْبَة وَهُوَ أفضل كلماتها وَتجب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهَا
وَالدَّلِيل على مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْخطْبَة مَا رَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد حَدثنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم حَدثنَا خَالِد حَدثنِي عون بن أبي جُحَيْفَة قَالَ كَانَ أبي من شَرط عَليّ وَكَانَ تَحت الْمِنْبَر فَحَدثني أَنه صعد الْمِنْبَر يَعْنِي عليا رضي الله عنه فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَصلى على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ خير هَذِه الْأمة بعد نبيها أَبُو بكر وَالثَّانِي عمر وَقَالَ يَجْعَل الله الْخَيْر حَيْثُ شَاءَ // إِسْنَاده حسن //
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن بن جَعْفَر الْأَسدي حَدثنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْحِمْيَرِي حَدثنَا عبد الله بن سعيد الْكِنْدِيّ حَدثنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن الرُّؤَاسِي قَالَ سَمِعت أبي يذكر عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله أَنه كَانَ يَقُول بَعْدَمَا يفرغ من خطْبَة الصَّلَاة وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبنَا وَكره إِلَيْنَا الْكفْر والفسوق والعصيان أُولَئِكَ هم الراشدون اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي أسماعنا وأبصارنا وَأَزْوَاجنَا وقلوبنا وَذُرِّيَّاتنَا
وروى الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن يحيى بن هاني الْمعَافِرِي قَالَ ركبت أَنا ووالدي إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة فَذكر حَدِيثا وَفِيه فَقَامَ عَمْرو بن الْعَاصِ على الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ حمداً موجزاً وَصلى على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَوعظ النَّاس فَأَمرهمْ ونهاهم
وَفِي الْبَاب حَدِيث ضبة بن مُحَيْصِن أَن أَبَا مُوسَى كَانَ إِذا خطب فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَصلى على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ودعا لعمر قبل الدُّعَاء لأبي بكر رضي الله عنهما فَرفع ذَلِك إِلَى عمر رضي الله عنه فَقَالَ لضبة أَنْت أوفق مِنْهُ وأرشد
فَهَذَا دَلِيل على أَن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْخطب كَانَ أمرا مَشْهُورا مَعْرُوفا عِنْد الصَّحَابَة رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ
وَأما وُجُوبهَا فيعتمد دَلِيلا يجب الْمصير إِلَيْهِ وَإِلَى مثله