المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في افتتاح صلاة المصلي بقول اللهم ومعنى ذلك - جلاء الأفهام - ت الأرنؤوط

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌وَأما حَدِيث فضَالة بن عبيد رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أنس بن مَالك رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بن كَعْب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أَوْس بن أَوْس رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث فَاطِمَة رضي الله عنها

- ‌وَأما حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث جَابر بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي رَافع مولى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث رويفع بن ثَابت رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن بشير بن مَسْعُود رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بردة بن نيار رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عمار بن يَاسر رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث جَابر بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن جُزْء الزبيدِيّ رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما

- ‌واما حَدِيث مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي ذَر رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما

- ‌وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث سعيد بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عُمَيْر البدري

- ‌فِي الْمَرَاسِيل والموقوفات

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي افْتِتَاح صَلَاة الْمُصَلِّي بقول اللَّهُمَّ وَمعنى ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي بَيَان معنى الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي معنى اسْم النَّبِي صلى الله عليه وسلم واشتقاقه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي معنى الْآل واشتقاقه وَأَحْكَامه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِي ذكر إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي ذكر الْمَسْأَلَة الْمَشْهُورَة بَين النَّاس وَبَيَان مَا فِيهَا

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌فِي ذكر نُكْتَة حَسَنَة فِي هَذَا الحَدِيث الْمَطْلُوب فِيهِ الصَّلَاة عَلَيْهِ وعَلى آله كَمَا صلى على إِبْرَاهِيم وعَلى آله

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌فِي قَوْله اللَّهم بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل محمّد

- ‌الْفَصْل التَّاسِع

- ‌فِي اختتام هَذِه الصَّلَاة بِهَذَيْنِ الاسمين من أَسمَاء الرب سبحانه وتعالى وهما الحميد والمجيد

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر

- ‌فِي ذكر قَاعِدَة فِي هَذِه الدَّعْوَات والأذكار الَّتِي رويت بأنواع مُخْتَلفَة كأنواع الاستفتاحات وانواع التشهدات فِي الصَّلَاة وانواع الادعية الَّتِي اخْتلفت الفاظها وانواع الاذكار بعد الاعتدالين من الرُّكُوع وَالسُّجُود

- ‌فِي مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّتِي يتَأَكَّد طلبَهَا إِمَّا وجوبا واما اسْتِحْبَابا مؤكداً

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّد الأول

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة عَلَيْهِ آخر الْقُنُوت

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْجِنَازَة بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخطْبَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة عَلَيْهِ بعد إِجَابَة الْمُؤَذّن وَعند الْإِقَامَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الدُّعَاء

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد دُخُول الْمَسْجِد وَعند الْخُرُوج مِنْهُ

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم على الصَّفَا والمروة

- ‌فصل

- ‌المواطن الْعَاشِر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد اجْتِمَاع الْقَوْم قبل تفوقهم

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد ذكره

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْفَرَاغ من التَّلْبِيَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد استلام الْحجر

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْوُقُوف على قَبره

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا خرج إِلَى السُّوق أَو إِلَى دَعْوَة أَو نَحْوهَا

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا قَامَ الرجل من نوم اللَّيْل

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقب ختم الْقُرْآن

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يَوْم الْجُمُعَة

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْقيام من الْمجْلس

- ‌فصل

- ‌الموطن الْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْمُرُور على الْمَسَاجِد ورؤيتها

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْهم والشدائد وَطلب الْمَغْفِرَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد كِتَابَة اسْمه صلى الله عليه وسلم

- ‌قَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدثنَا أسيد بن عَاصِم حَدثنَا بشر بن عبيد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نم صلى عَليّ فِي كتاب لم تزل الْمَلَائِكَة يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِك الْكتاب قَالَ

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد تَبْلِيغ الْعلم إِلَى النَّاس عِنْد التَّذْكِير والقصص والقاء الدَّرْس وَتَعْلِيم الْعلم فِي أول ذَلِك وَآخره

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم أول النَّهَار وَآخره

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقب الذَّنب إِذا أَرَادَ أَن يكفر عَنهُ

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد إِلْمَام الْفقر أَو خوف وُقُوعه

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد خطْبَة الرجل الْمَرْأَة فِي النِّكَاح

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد العطاس

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة صلى الله عليه وسلم بعد الْفَرَاغ من الْوضُوء

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد دُخُول الْمنزل ذكره الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي كل موطن يجْتَمع فِيهِ لذكر الله تَعَالَى

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا نسي الشَّيْء أَو أَرَادَ ذكره

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّلَاث وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْحَاجة تعرض للْعَبد

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد طنين الْأذن

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقيب الصَّلَوَات

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الذَّبِيحَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة فِي غير التَّشَهُّد

- ‌الموطن الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي بدل الصَّدَقَة

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد النّوم

- ‌فصل

- ‌الموطن الْأَرْبَعُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد كل كَلَام ذِي بَال

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي أثْنَاء صَلَاة الْعِيد

- ‌فِي الْفَوَائِد والثمرات الْحَاصِلَة بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فِي الصَّلَاة على غير النَّبِي وَآله صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌في افتتاح صلاة المصلي بقول اللهم ومعنى ذلك

‌الْفَصْل الأول

‌فِي افْتِتَاح صَلَاة الْمُصَلِّي بقول اللَّهُمَّ وَمعنى ذَلِك

لَا خلاف أَن لَفْظَة اللَّهُمَّ مَعْنَاهَا يَا الله وَلِهَذَا لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الطّلب فَلَا يُقَال اللَّهُمَّ غَفُور رَحِيم بل يُقَال اللَّهُمَّ أَغفر لي وارحمني

وَاخْتلف النُّحَاة فِي الْمِيم الْمُشَدّدَة من آخر الِاسْم فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ زيدت عوضا من حرف النداء وَلذَلِك لَا يجوز عِنْده الْجمع بَينهمَا فِي اخْتِيَار الْكَلَام فَلَا يُقَال يَا اللَّهُمَّ إِلَّا فِيمَا ندر كَقَوْل الشَّاعِر

(إِنِّي إِذا مَا حدث ألما

أَقُول يَا اللَّهُمَّ يَا اللهما)

وَيُسمى مَا كَانَ من هَذَا الضَّرْب عوضا إِذْ هُوَ فِي غير مَحل الْمَحْذُوف فَإِن كَانَ فِي مَحَله سمي بَدَلا كالألف فِي قَامَ وَبَاعَ فَإِنَّهَا بدل عَن الْوَاو وَالْيَاء وَلَا يجوز عِنْده أَن يُوصف هَذَا الِاسْم أَيْضا فَلَا يُقَال يَا اللَّهُمَّ الرَّحِيم ارْحَمْنِي وَلَا يُبدل مِنْهُ

والضمّة الَّتِي على الْهَاء ضمة الِاسْم المنادى الْمُفْرد وَفتحت

ص: 143

الْمِيم لسكونها وَسُكُون الْمِيم الَّتِي قبلهَا وَهَذَا من خَصَائِص هَذَا الِاسْم كَمَا اخْتصَّ بِالتَّاءِ فِي الْقسم وبدخول حرف النداء عَلَيْهِ مَعَ لَام التَّعْرِيف وبقطع همزَة وَصله فِي النداء وتفخيم لامه وجوبا غير مسبوقة بِحرف إطباق هَذَا ملخص مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه

وَقيل الْمِيم عوض عَن جملَة محذوفة وَالتَّقْدِير يَا الله أُمنا بِخَير أَي اقصدنا ثمَّ حذف الْجَار وَالْمَجْرُور وَحذف الْمَفْعُول فَبَقيَ فِي التَّقْدِير يَا الله أُم ثمَّ حذفوا الْهمزَة لِكَثْرَة دوران هَذَا الِاسْم فِي الدُّعَاء على ألسنتهم فَبَقيَ يَا اللَّهُمَّ وَهَذَا قَول الْفراء وَصَاحب هَذَا القَوْل يجوز دُخُول يَا عَلَيْهِ ويحتج بقول الشَّاعِر

(وَمَا عَلَيْك أَن تقولي كلما صليت أَو سبحت

يَا اللهما ارْدُدْ علينا شَيخنَا مُسلما)

وبالبيت الْمُتَقَدّم وَغَيرهمَا

ورد البصريون هَذَا بِوُجُوه

أَحدهَا أَن هَذِه تقادير لَا دَلِيل عَلَيْهَا وَلَا يقتضيها الْقيَاس فَلَا يُصَار إِلَيْهَا بِغَيْر دَلِيل

الثَّانِي أَن الأَصْل عدم الْحَذف فتقدير هَذِه المحذوفات الْكَثِيرَة خلاف الأَصْل

الثَّالِث أَن الدَّاعِي بِهَذَا قد يَدْعُو بِالشَّرِّ على نَفسه وعَلى غَيره فَلَا يَصح هَذَا التَّقْدِير فِيهِ

ص: 144

تجمع بَين يَا واللهم وَلَو كَانَ أَصله مَا ذكره الْفراء لم يمْتَنع الْجمع بل كَانَ اسْتِعْمَاله فصيحا شَائِعا وَالْأَمر بِخِلَافِهِ

الْخَامِس أَنه لَا يمْتَنع أَن يَقُول الدَّاعِي اللَّهُمَّ أُمنا بِخَير وَلَو كَانَ التَّقْدِير كَمَا ذكره لم يجز الْجمع بَينهمَا لما فِيهِ من الْجمع بَين الْعِوَض والمعوض

السَّادِس أَن الدَّاعِي بِهَذَا الِاسْم لَا يخْطر ذَلِك بِبَالِهِ وَإِنَّمَا تكون غَايَته مُجَرّدَة إِلَى الْمَطْلُوب بعد ذكر الِاسْم

السَّابِع أَنه لَو كَانَ التَّقْدِير ذَلِك لَكَانَ اللَّهُمَّ جملَة تَامَّة يحسن السُّكُوت عَلَيْهَا لاشتمالها على الِاسْم المنادى وَفعل الطّلب وَذَلِكَ بَاطِل

الثَّامِن أَنه لَو كَانَ التَّقْدِير مَا ذكره لكتب فعل الْأَمر وَحده وَلم يُوصل بِالِاسْمِ المنادى كَمَا يُقَال يَا الله قه وَيَا زيد عه وَيَا عَمْرو فه لِأَن الْفِعْل لَا يُوصل بِالِاسْمِ الَّذِي قبله حَتَّى يجعلا فِي الْخط كلمة وَاحِدَة هَذَا لَا نَظِير لَهُ فِي الْخط وَفِي الِاتِّفَاق على وصل الْمِيم باسم الله دَلِيل على أَنَّهَا لَيست بِفعل مُسْتَقل

التَّاسِع أَنه لَا يسوغ وَلَا يحسن فِي الدُّعَاء أَن يَقُول العَبْد اللَّهُمَّ أُمني بِكَذَا بل هَذَا مستكره اللَّفْظ وَالْمعْنَى فَإِنَّهُ لَا يُقَال اقصدني بِكَذَا إِلَّا لمن كَانَ يعرض لَهُ الْغَلَط وَالنِّسْيَان فَيَقُول لَهُ اقصدني وَأما من لَا يفعل إِلَّا بإرادته وَلَا يضل وَلَا ينسى فَلَا يُقَال اقصد كَذَا

الْعَاشِر أَنه يسوغ اسْتِعْمَال هَذَا اللَّفْظ فِي مَوضِع لَا يكون بعده دُعَاء كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم فِي الدُّعَاء اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وَإِلَيْك

ص: 145

المشتكى وَأَنت الْمُسْتَعَان وَبِك المستغاث وَعَلَيْك التكلان وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بك

وَقَوله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحت أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك وملائكتك وَجَمِيع خلقك أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك

وَقَوله تَعَالَى {قل اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ من تشَاء} آل عمرَان 26 الْآيَة

وَقَوله تَعَالَى {قل اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} الزمر 46

وَقَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رُكُوعه وَسُجُوده سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ أَغفر لي فَهَذَا كُله لَا يسوغ فِيهِ التَّقْدِير الَّذِي ذَكرُوهُ وَالله أعلم

ص: 146

وَقيل زيدت الْمِيم للتعظيم والتفخيم كزيادتها فِي زرقم لشديد الزرقة وابنم فِي الابْن وَهَذَا القَوْل صَحِيح وَلَكِن يحْتَاج إِلَى تَتِمَّة وقائله لحظ معنى صَحِيحا لَا بُد من بَيَانه وَهُوَ أَن الْمِيم تدل على الْجمع وتقتضيه ومخرجها يَقْتَضِي ذَلِك وَهَذَا مطرد على أصل من أثبت الْمُنَاسبَة بَين اللَّفْظ وَالْمعْنَى كَمَا هُوَ مَذْهَب أساطين الْعَرَبيَّة وَعقد لَهُ أَبُو الْفَتْح بن جني بَابا فِي الخصائص وَذكره عَن سِيبَوَيْهٍ وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بأنواع من تناسب اللَّفْظ وَالْمعْنَى ثمَّ قَالَ وَلَقَد كنت بُرْهَة يرد عليّ اللَّفْظ لَا أعلم مَوْضُوعه وآخذ مَعْنَاهُ من قُوَّة لَفظه ومناسبة تِلْكَ الْحُرُوف لذَلِك الْمَعْنى ثمَّ أكشفه فأجده كَمَا فهمته أَو قَرِيبا مِنْهُ فحكيت لشيخ الْإِسْلَام هَذَا عَن ابْن جني فَقَالَ وَأَنا كثيرا مَا يجْرِي لي ذَلِك ثمَّ ذكر لي فصلا عَظِيم النَّفْع فِي التناسب بَين اللَّفْظ وَالْمعْنَى ومناسبة الحركات لِمَعْنى اللَّفْظ وَأَنَّهُمْ فِي الْغَالِب يجْعَلُونَ الضمة الَّتِي هِيَ أقوى الحركات للمعنى الْأَقْوَى والفتحة الْخَفِيفَة للمعنى الْخَفِيف والمتوسطة للمتوسط فَيَقُولُونَ عزَّ يعَزُّ بِفَتْح الْعين إِذا صلب وَأَرْض عزاز صلبة وَيَقُولُونَ عزَّ يعِزُّ بِكَسْرِهَا إِذا امْتنع والممتنع فَوق الصلب فقد يكون الشَّيْء صلبا وَلَا يمْتَنع على كاسره ثمَّ يَقُولُونَ عزَّه يعُزُّه إِذا غَلبه قَالَ الله تَعَالَى فِي قصَّة دَاوُد عليه السلام {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} ص 23 وَالْغَلَبَة أقوى من الِامْتِنَاع إِذْ قد يكون الشَّيْء مُمْتَنعا فِي نَفسه متحصنا من عدوه وَلَا يغلب غَيره فالغالب أقوى من الْمُمْتَنع فَأَعْطوهُ أقوى

ص: 147

الحركات والصلب أَضْعَف من الْمُمْتَنع فَأَعْطوهُ أَضْعَف الحركات والممتنع الْمُتَوَسّط بَين المرتبتين فَأَعْطوهُ حَرَكَة الْوسط

وَنَظِير هَذَا قَوْلهم ذبح بِكَسْر أَوله للمحل الْمَذْبُوح وَذبح بِفَتْح أَوله لنَفس الْفِعْل وَلَا ريب أَن الْجِسْم أقوى من الْعرض فأعطوا الْحَرَكَة القوية للقوي والضعيفة للضعيف وَهُوَ مثل قَوْلهم نهب وَنهب بِالْكَسْرِ للمنهوب وبالفتح للْفِعْل وكقولهم ملْء وملء بِالْكَسْرِ لما يمْلَأ الشَّيْء وبالفتح للمصدر الَّذِي هُوَ الْفِعْل وكقولهم حِمْل وَحمل فبالكسر لما كَانَ قَوِيا مرئيا مُثقلًا لحامله على ظَهره أَو رَأسه أَو غَيرهمَا من أَعْضَائِهِ وَالْحمل بِالْفَتْح لما كَانَ خفيفه غير مثقل لحامله كحمل الْحَيَوَان وَحمل الشَّجَرَة بِهِ أشبه ففتحوه وَتَأمل كَونهم عكسوا هَذَا فِي الحِب والحُب فَجعلُوا المكسور الأول لنَفس المحبوب ومضمومه للمصدر إِيذَانًا بخفة المحبوب على قُلُوبهم ولطف موقعه فِي أنفسهم وحلاوته عِنْدهم وَثقل حمل الحُب ولزومه للمحب كَمَا يلْزم الْغَرِيم غَرِيمه وَلِهَذَا يُسمى غراما وَلِهَذَا كثر وَصفهم لتحمله بالشدة والصعوبة وإخبارهم بِأَن أعظم الْمَخْلُوقَات وأشدها من الصخر وَالْحَدِيد وَنَحْوهمَا لَو حمله لذاب وَلم يسْتَقلّ بِهِ كَمَا هُوَ كثير فِي أشعار المتقدين والمتأخرين وَكَلَامهم فَكَانَ الْأَحْسَن أَن يُعْطوا الْمصدر هُنَا الْحَرَكَة القوية والمحبوب الْحَرَكَة الَّتِي هِيَ أخف مِنْهَا وَمن هَذَا قَوْلهم قبض بِسُكُون وَسطه للْفِعْل وَقبض بتحريكه للمقبوض وَالْحَرَكَة أقوى من السّكُون والمقبوض أقوى من الْمصدر وَنَظِيره سبق بِالسُّكُونِ للْفِعْل وَسبق بِالْفَتْح لِلْمَالِ الْمَأْخُوذ فِي هَذَا العقد وَتَأمل قَوْلهم دَار دورانا وَفَارَتْ الْقدر

ص: 148

فورانا وغلت غليانا كَيفَ تابعوا بَين الحركات فِي هَذِه المصادر لتتابع حَرَكَة الْمُسَمّى فطابق اللَّفْظ الْمَعْنى وَتَأمل قَوْلهم حجر وهواء كَيفَ وضعُوا للمعنى الثقيل الشَّديد هَذِه الْحُرُوف الشَّدِيدَة وَوَضَعُوا للمعنى الْخَفِيف هَذِه الْحُرُوف الهوائية الَّتِي هِيَ من أخف الْحُرُوف

وَهَذَا أَكثر من أَن يحاط بِهِ وَإِن مد الله فِي الْعُمر وضعت فِيهِ كتابا مُسْتقِلّا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَمثل هَذِه الْمعَانِي يَسْتَدْعِي لطافة ذهن ورقة طبع وَلَا تتأتى مَعَ غلظ الْقُلُوب والرضى بأوائل مسَائِل النَّحْو والتصريف دون تأملها وتدبرها وَالنَّظَر إِلَى حِكْمَة الْوَاضِع ومطالعة مَا فِي هَذِه اللُّغَة الباهرة من الْأَسْرَار الَّتِي تدق على أَكثر الْعُقُول وَهَذَا بَاب يُنَبه الْفَاضِل على مَا وَرَاءه {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نور} النُّور 40 وَانْظُر إِلَى تسميتهم الغليظ الجافي بالعتل والجعظري والجواظ كَيفَ تَجِد هَذِه الْأَلْفَاظ تنادي على مَا تحتهَا من الْمعَانِي وَانْظُر إِلَى تسميتهم الطَّوِيل بالعشنق وَتَأمل اقْتِضَاء هَذِه الْحُرُوف ومناسبتها لِمَعْنى الطَّوِيل وتسميتهم الْقصير بالبحتر وموالاتهم بَين ثَلَاث فتحات فِي اسْم الطَّوِيل وَهُوَ العشنق وإتيانهم بِضَمَّتَيْنِ بَينهمَا سُكُون فِي البحتر كَيفَ يَقْتَضِي اللَّفْظ الأول انفتاح الْفَم وانفراج آلَات النُّطْق وامتدادها وَعدم ركُوب بَعْضهَا بَعْضًا وَفِي اسْم البحتر الْأَمر بالضد

وَتَأمل قَوْلهم طَال الشَّيْء فَهُوَ طَوِيل وَكبر فَهُوَ كَبِير فَإِن زَاد طوله قَالُوا طوَالًا وكبارا فَأتوا بِالْألف الَّتِي هِيَ أَكثر مدا وأطول من الْيَاء فِي الْمَعْنى الأطول فَإِن زَاد كبر الشَّيْء وَثقل موقعه من النُّفُوس ثقلوا اسْمه فَقَالُوا كبارًا بتَشْديد الْبَاء

ص: 149

وَلَو أطلقنا عنان الْقَلَم فِي ذَلِك لطال مداه واستعصى على الضَّبْط فلنرجع إِلَى مَا جرى الْكَلَام بِسَبَبِهِ فَنَقُول الْمِيم حرف شفهي يجمع النَّاطِق بِهِ شَفَتَيْه فَوَضَعته الْعَرَب علما على الْجمع فَقَالُوا للْوَاحِد أَنْت فَإِذا جاوزوه إِلَى الْجمع قَالُوا أَنْتُم وَقَالُوا للْوَاحِد الْغَائِب هُوَ فَإِذا جاوزوه إِلَى الْجمع قَالُوا هم وَكَذَلِكَ فِي الْمُتَّصِل يَقُولُونَ ضربت وضربتم وَإِيَّاك وَإِيَّاكُم وإياه وإياهم ونظائره نَحْو بِهِ وبهم وَيَقُولُونَ للشَّيْء الْأَزْرَق أَزْرَق فَإِذا اشتدت زرقته واستحكمت قَالُوا زرقم وَيَقُولُونَ للكبير الأست ستهم

وَتَأمل الْأَلْفَاظ الَّتِي فِيهَا الْمِيم كَيفَ تَجِد الْجمع معقودا بهَا مثل لم الشَّيْء يلمه إِذا جمعه وَمِنْه لم الله شعثه أَي جمع مَا تفرق من أُمُوره وَمِنْه قَوْلهم دَار لمومة أَي تلم النَّاس وتجمعهم وَمِنْه {أَكْلاً لَمّاً} الْفجْر 19 جَاءَ فِي تَفْسِيرهَا يَأْكُل نصِيبه وَنصِيب صَاحبه وَأَصله من اللم وَهُوَ الْجمع كَمَا يُقَال لفه يلفه وَمِنْه ألم بالشَّيْء إِذا قَارب الِاجْتِمَاع بِهِ والوصول إِلَيْهِ وَمِنْه اللمم وَهُوَ مقاربة الِاجْتِمَاع بالكبائر وَمِنْه الملمة وَهِي النَّازِلَة الَّتِي تصيب العَبْد وَمِنْه اللُمة وَهِي الشّعْر الَّذِي قد اجْتمع وتقلص حَتَّى جَاوز شحمة الْأذن وَمِنْه تمّ الشَّيْء وَمَا تصرف مِنْهَا وَمِنْه بدر التم إِذا كمل وَاجْتمعَ نوره وَمِنْه التوأم للولدين المجتمعين فِي بطن وَمِنْه الْأُم وَأم الشَّيْء أَصله الَّذِي تفرع مِنْهُ فَهُوَ الْجَامِع لَهُ وَبِه سميت مَكَّة أم الْقرى والفاتحة أم الْقُرْآن واللوح الْمَحْفُوظ أم الْكتاب

قَالَ الْجَوْهَرِي أم الشَّيْء أَصله وَمَكَّة أم الْقرى وَأم

ص: 150

مثواك صَاحِبَة مَنْزِلك يَعْنِي الَّتِي تأوي إِلَيْهَا وتجتمع مَعهَا وَأم الدِّمَاغ الْجلْدَة الَّتِي تجمع الدِّمَاغ وَيُقَال لَهَا أم الرَّأْس وَقَوله تَعَالَى فِي الْآيَات المحكمات {هُنَّ أُمُ الكِتَاب} آل عمرَان 7 وَالْأمة الْجَمَاعَة المتساوية فِي الْخلقَة وَالزَّمَان قَالَ تَعَالَى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} الْأَنْعَام 38

وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَوْلَا أَن الْكلاب أمة من الْأُمَم لأمرت بقتلها

وَمِنْه الإِمَام الَّذِي يجْتَمع المقتدون بِهِ على اتِّبَاعه وَمِنْه أم الشَّيْء يؤمه إِذا اجْتمع قَصده وهمه إِلَيْهِ وَمِنْه رم الشَّيْء يرمه إِذا أصلحه وَجمع مُتَفَرِّقَة

قيل وَمِنْه سمي الرُّمَّان لِاجْتِمَاع حبه وتضامه

وَمِنْه ضم الشَّيْء يضمه إِذا جمعه

وَمِنْه هم الْإِنْسَان وهمومه وَهِي إِرَادَته وعزائمه الَّتِي تَجْتَمِع فِي قلبه

وَمِنْه قَوْلهم للأسود أحم وللفحمة السَّوْدَاء حممة وحمم رَأسه إِذا اسود بعد حلقه كل هَذَا لِأَن السوَاد لون جَامع لِلْبَصَرِ لَا يَدعه يتفرق وَلِهَذَا يَجْعَل على عَيْني الضَّعِيف الْبَصَر لوجع أَو غَيره شَيْء أسود من شعر أَو خرقَة ليجمع عَلَيْهِ بَصَره فتقوى الْقُوَّة

ص: 151

الباصرة وَهَذَا بَاب طَوِيل فلنقتصر مِنْهُ على هَذَا الْقدر

وَإِذا علم هَذَا من شَأْن الْمِيم فهم ألحقوها فِي آخر هَذَا الِاسْم الَّذِي يسْأَل الله سُبْحَانَهُ بِهِ فِي كل حَاجَة وكل حَال إِيذَانًا بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاته فالسائل إِذا قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك كَأَنَّهُ قَالَ أَدْعُو الله الَّذِي لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى وَالصِّفَات العلى بأسمائه وَصِفَاته فَأتى بِالْمِيم المؤذنة بِالْجمعِ فِي آخر هَذَا الِاسْم إِيذَانًا بسؤاله تَعَالَى بأسمائه كلهَا كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح مَا أصَاب عبدا قطّ هم وَلَا حزن فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك ابْن عَبدك ابْن أمتك ناصيتي بِيَدِك مَاض فِي حكمك عدل فيّ قضاؤك أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك سميت بِهِ نَفسك أَو أنزلته فِي كتابك أَو عَلمته أحدا من خلقك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك أَن تجْعَل الْقُرْآن ربيع قلبِي وَنور صَدْرِي وجلاء حزني وَذَهَاب همي وغمي إِلَّا أذهب الله همه وغمه وأبدله مَكَانَهُ فَرحا قَالُوا يَا رَسُول الله أَفلا نتعلمهن قَالَ بلَى يَنْبَغِي لمن سمعهن أَن يتعلمهن // إِسْنَاده صَحِيح //

فالداعي مَنْدُوب إِلَى أَن يسْأَل الله تَعَالَى بأسمائه وَصِفَاته كَمَا فِي الِاسْم الْأَعْظَم اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَن لَك الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الحنان المنان بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام يَا حَيّ يَا قيوم // إِسْنَاده صَحِيح //

ص: 152

وَهَذِه الْكَلِمَات تَتَضَمَّن الْأَسْمَاء الْحسنى كَمَا ذكر فِي غير هَذَا الْموضع

وَالدُّعَاء ثَلَاثَة أَقسَام أَحدهَا أَن يسْأَل الله تَعَالَى بأسمائه وَصِفَاته وَهَذَا أحد التَّأْويلَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بهَا} الْأَعْرَاف 180

وَالثَّانِي أَن تسأله بحاجتك وفقرك وذُلك فَتَقول أَنا العَبْد الْفَقِير الْمِسْكِين البائس الذَّلِيل المستجير وَنَحْو ذَلِك

وَالثَّالِث أَن تسْأَل حَاجَتك وَلَا تذكر وَاحِدًا من الْأَمريْنِ فَالْأول أكمل من الثَّانِي وَالثَّانِي أكمل من الثَّالِث فَإِذا جمع الدُّعَاء الْأُمُور الثَّلَاثَة كَانَ أكمل

وَهَذِه عَامَّة أدعية النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَفِي الدُّعَاء الَّذِي علمه صديق الْأمة رضي الله عنه ذكر الْأَقْسَام الثَّلَاثَة فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوله ظلمت نَفسِي ظلما كثيرا وَهَذَا حَال السَّائِل ثمَّ قَالَ وَإنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت وَهَذَا حَال المسؤول ثمَّ قَالَ فَاغْفِر لي فَذكر حَاجته وَختم الدُّعَاء باسمين من الْأَسْمَاء الْحسنى تناسب الْمَطْلُوب وتقتضيه

وَهَذَا القَوْل الَّذِي اخترناه جَاءَ عَن غير وَاحِد من السّلف قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ اللَّهُمَّ مجمع الدُّعَاء وَقَالَ أَبُو رَجَاء

ص: 153

العطاردي إِن الْمِيم فِي قَوْله اللَّهُمَّ فِيهَا تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما من أَسمَاء الله تَعَالَى وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل من قَالَ اللَّهُمَّ فقد دَعَا الله بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ

وَقد وَجه طَائِفَة هَذَا القَوْل بِأَن الْمِيم هُنَا بِمَنْزِلَة الْوَاو الدَّالَّة على الْجمع فَإِنَّهَا من مخرجها فَكَأَن الدَّاعِي بهَا يَقُول يَا الله الَّذِي اجْتمعت لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى وَالصِّفَات العلى قَالَ وَلذَلِك شددت لتَكون عوضا عَن علامتي الْجمع وَهِي الْوَاو وَالنُّون فِي مُسلمُونَ وَنَحْوه

وعَلى الطَّرِيقَة الَّتِي ذَكرنَاهَا أَن نفس الْمِيم دَالَّة على الْجمع لَا يحْتَاج إِلَى هَذَا

يبْقى أَن يُقَال فَهَلا جمعُوا بَين يَا وَبَين هَذِه الْمِيم على الْمَذْهَب الصَّحِيح

فَالْجَوَاب أَن الْقيَاس يَقْتَضِي عدم دُخُول حرف النداء على هَذَا الِاسْم لمَكَان الْألف وَاللَّام مِنْهُ وَإِنَّمَا احتملوا ذَلِك فِيهِ لِكَثْرَة استعمالهم دعاءه واضطرارهم إِلَيْهِ واستغاثتهم بِهِ فإمَّا أَن يحذفوا الْألف وَاللَّام مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يسوغ للزومهما لَهُ وَإِمَّا أَن يتوصلوا إِلَيْهِ ب أَي وَذَلِكَ لَا يسوغ لِأَنَّهَا لَا يتَوَصَّل بهَا إِلَّا إِلَى نِدَاء اسْم الْجِنْس الْمحلى بِالْألف وَاللَّام كَالرّجلِ وَالرَّسُول وَالنَّبِيّ وَأما فِي الْأَعْلَام فَلَا فخالفوا قياسهم فِي هَذَا الِاسْم لمَكَان الْحَاجة فَلَمَّا أدخلُوا الْمِيم الْمُشَدّدَة فِي آخِره عوضا عَن جَمِيع الْأَسْمَاء جعلوها عوضا عَن حرف النداء فَلم يجمعوا بَينهمَا وَالله أعلم

ص: 154