المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في اختتام هذه الصلاة بهذين الاسمين من أسماء الرب سبحانه وتعالى وهما الحميد والمجيد - جلاء الأفهام - ت الأرنؤوط

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌وَأما حَدِيث فضَالة بن عبيد رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أنس بن مَالك رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بن كَعْب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أَوْس بن أَوْس رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث فَاطِمَة رضي الله عنها

- ‌وَأما حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث جَابر بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي رَافع مولى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث رويفع بن ثَابت رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن بشير بن مَسْعُود رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بردة بن نيار رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عمار بن يَاسر رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث جَابر بن سَمُرَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن جُزْء الزبيدِيّ رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما

- ‌واما حَدِيث مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي ذَر رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها

- ‌وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما

- ‌وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه

- ‌وَأما حَدِيث سعيد بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عُمَيْر البدري

- ‌فِي الْمَرَاسِيل والموقوفات

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي افْتِتَاح صَلَاة الْمُصَلِّي بقول اللَّهُمَّ وَمعنى ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي بَيَان معنى الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي معنى اسْم النَّبِي صلى الله عليه وسلم واشتقاقه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي معنى الْآل واشتقاقه وَأَحْكَامه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِي ذكر إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي ذكر الْمَسْأَلَة الْمَشْهُورَة بَين النَّاس وَبَيَان مَا فِيهَا

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌فِي ذكر نُكْتَة حَسَنَة فِي هَذَا الحَدِيث الْمَطْلُوب فِيهِ الصَّلَاة عَلَيْهِ وعَلى آله كَمَا صلى على إِبْرَاهِيم وعَلى آله

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌فِي قَوْله اللَّهم بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل محمّد

- ‌الْفَصْل التَّاسِع

- ‌فِي اختتام هَذِه الصَّلَاة بِهَذَيْنِ الاسمين من أَسمَاء الرب سبحانه وتعالى وهما الحميد والمجيد

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر

- ‌فِي ذكر قَاعِدَة فِي هَذِه الدَّعْوَات والأذكار الَّتِي رويت بأنواع مُخْتَلفَة كأنواع الاستفتاحات وانواع التشهدات فِي الصَّلَاة وانواع الادعية الَّتِي اخْتلفت الفاظها وانواع الاذكار بعد الاعتدالين من الرُّكُوع وَالسُّجُود

- ‌فِي مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّتِي يتَأَكَّد طلبَهَا إِمَّا وجوبا واما اسْتِحْبَابا مؤكداً

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّد الأول

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة عَلَيْهِ آخر الْقُنُوت

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْجِنَازَة بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخطْبَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة عَلَيْهِ بعد إِجَابَة الْمُؤَذّن وَعند الْإِقَامَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الدُّعَاء

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد دُخُول الْمَسْجِد وَعند الْخُرُوج مِنْهُ

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم على الصَّفَا والمروة

- ‌فصل

- ‌المواطن الْعَاشِر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد اجْتِمَاع الْقَوْم قبل تفوقهم

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد ذكره

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْفَرَاغ من التَّلْبِيَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد استلام الْحجر

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْوُقُوف على قَبره

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا خرج إِلَى السُّوق أَو إِلَى دَعْوَة أَو نَحْوهَا

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا قَامَ الرجل من نوم اللَّيْل

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقب ختم الْقُرْآن

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يَوْم الْجُمُعَة

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع عشر من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْقيام من الْمجْلس

- ‌فصل

- ‌الموطن الْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْمُرُور على الْمَسَاجِد ورؤيتها

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْهم والشدائد وَطلب الْمَغْفِرَة

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد كِتَابَة اسْمه صلى الله عليه وسلم

- ‌قَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدثنَا أسيد بن عَاصِم حَدثنَا بشر بن عبيد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نم صلى عَليّ فِي كتاب لم تزل الْمَلَائِكَة يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِك الْكتاب قَالَ

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّالِث وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد تَبْلِيغ الْعلم إِلَى النَّاس عِنْد التَّذْكِير والقصص والقاء الدَّرْس وَتَعْلِيم الْعلم فِي أول ذَلِك وَآخره

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم أول النَّهَار وَآخره

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقب الذَّنب إِذا أَرَادَ أَن يكفر عَنهُ

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد إِلْمَام الْفقر أَو خوف وُقُوعه

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد خطْبَة الرجل الْمَرْأَة فِي النِّكَاح

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّامِن وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد العطاس

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع وَالْعشْرُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة صلى الله عليه وسلم بعد الْفَرَاغ من الْوضُوء

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد دُخُول الْمنزل ذكره الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي كل موطن يجْتَمع فِيهِ لذكر الله تَعَالَى

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إِذا نسي الشَّيْء أَو أَرَادَ ذكره

- ‌فصل

- ‌الموطن الثَّلَاث وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الْحَاجة تعرض للْعَبد

- ‌فصل

- ‌الموطن الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد طنين الْأذن

- ‌فصل

- ‌الموطن الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عقيب الصَّلَوَات

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد الذَّبِيحَة

- ‌فصل

- ‌الموطن السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة فِي غير التَّشَهُّد

- ‌الموطن الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي بدل الصَّدَقَة

- ‌فصل

- ‌الموطن التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد النّوم

- ‌فصل

- ‌الموطن الْأَرْبَعُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْد كل كَلَام ذِي بَال

- ‌فصل

- ‌الموطن الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي أثْنَاء صَلَاة الْعِيد

- ‌فِي الْفَوَائِد والثمرات الْحَاصِلَة بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فِي الصَّلَاة على غير النَّبِي وَآله صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌في اختتام هذه الصلاة بهذين الاسمين من أسماء الرب سبحانه وتعالى وهما الحميد والمجيد

‌الْفَصْل التَّاسِع

‌فِي اختتام هَذِه الصَّلَاة بِهَذَيْنِ الاسمين من أَسمَاء الرب سبحانه وتعالى وهما الحميد والمجيد

فالحميد فعيل من الْحَمد وَهُوَ بِمَعْنى مَحْمُود وَأكْثر مَا يَأْتِي فعيلاً فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى بِمَعْنى فَاعل كسميع وبصير وَعَلِيم وقدير وَعلي وَحَكِيم وحليم وَهُوَ كثير وَكَذَلِكَ فعول كغفور وشكور وصبور

وَأما الْوَدُود فَفِيهِ قَولَانِ

أَحدهمَا أَنه بِمَعْنى فَاعل وَهُوَ الَّذِي يحب أنبياءه وَرُسُله وأولياءه وعباده الْمُؤمنِينَ

وَالثَّانِي أَنه بِمَعْنى مودود وَهُوَ المحبوب الَّذِي يسْتَحق أَن يحب الْحبّ كُله وَأَن يكون أحب إِلَى العَبْد من سَمعه وبصره وَجَمِيع محبوباته

وَأما الحميد فَلم يَأْتِ إِلَّا بِمَعْنى الْمَحْمُود وَهُوَ أبلغ من الْمَحْمُود فَإِن فعيلاً إِذا عدل بِهِ عَن مفعول دلّ على أَن تِلْكَ الصّفة قد صَارَت مثل السجية والغريزة والخلق اللَّازِم إِذا قلت فلَان ظريف وشريف وكريم وَلِهَذَا يكون هَذَا الْبناء غَالِبا من فعل بِوَزْن

ص: 315

شرف هَذَا الْبناء من أبنية الغرائز والسجايا اللَّازِمَة ككبر وَصغر وَحسن ولطف وَنَحْو ذَلِك

وَلِهَذَا كَانَ حبيب أبلغ من مَحْبُوب لَان الحبيب الَّذِي حصلت فِيهِ الصِّفَات وَالْأَفْعَال الَّتِي يحب لأَجلهَا فَهُوَ حبيب فِي نَفسه وَإِن قدر أَن غَيره لَا يُحِبهُ لعدم شعوره بِهِ أَو لمَانع مَنعه من حبه وَأما المحبوب فَهُوَ الَّذِي تعلق بِهِ حب الْمُحب فَصَارَ محبوباً بحب الْغَيْر لَهُ وَأما الحبيب فَهُوَ حبيب بِذَاتِهِ وَصِفَاته تعلق بِهِ حب الْغَيْر أَو لم يتَعَلَّق وَهَكَذَا الحميد والمحمود

فالحميد هُوَ الَّذِي لَهُ من الصِّفَات وَأَسْبَاب الْحَمد مَا يَقْتَضِي أَن يكون مَحْمُودًا وَإِن لم يحمده غَيره فَهُوَ حميد فِي نَفسه والمحمود من تعلق بِهِ حمد الحامدين وَهَكَذَا الْمجِيد والممجد وَالْكَبِير والمكبر والعظيم والمعظم وَالْحَمْد وَالْمجد إِلَيْهِمَا يرجع الْكَمَال كُله فَإِن الْحَمد يسْتَلْزم الثَّنَاء والمحبة للمحمود فَمن أحببته وَلم تثن عَلَيْهِ لم تكن حامداً لَهُ حَتَّى تكون مثنياً عَلَيْهِ محباً لَهُ وَهَذَا الثَّنَاء وَالْحب تبع للأسباب الْمُقْتَضِيَة لَهُ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَحْمُود من صِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال وَالْإِحْسَان إِلَى الْغَيْر فَإِن هَذِه هِيَ أَسبَاب الْمحبَّة وَكلما كَانَت هَذِه الصِّفَات أجمع وأكمل كَانَ الْحَمد وَالْحب أتم وَأعظم وَالله سُبْحَانَهُ لَهُ الْكَمَال الْمُطلق الَّذِي لَا نقص فِيهِ بِوَجْه مَا وَالْإِحْسَان كُله لَهُ وَمِنْه فَهُوَ أَحَق بِكُل حمد وَبِكُل حب من كل جِهَة فَهُوَ أهل أَن يحب لذاته ولصفاته ولأفعاله ولأسمائه ولإحسانه وَلكُل مَا صدر مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

ص: 316

وَأما الْمجد فَهُوَ مُسْتَلْزم للعظمة وَالسعَة والجلال وَالْحَمْد يدل على صِفَات الْإِكْرَام وَالله سبحانه وتعالى ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام وَهَذَا معنى قَول العَبْد لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله اكبر ف لَا إِلَه إِلَّا الله دَال على ألوهيته وتفرده فِيهَا فألوهيته تَسْتَلْزِم محبته التَّامَّة وَالله أكبر دَال على مجده وعظمته وَذَلِكَ يسْتَلْزم تَعْظِيمه وتمجيده وتكبيره وَلِهَذَا يقرن سُبْحَانَهُ بَين هذَيْن النَّوْعَيْنِ فِي الْقُرْآن كثيرا كَقَوْلِه {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} هود 73

وَقَوله تَعَالَى {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شريك فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} الْإِسْرَاء 111 فَأمر بِحَمْدِهِ وتكبيره

وَقَالَ تَعَالَى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام} الرَّحْمَن 78

وَقَالَ تَعَالَى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام} الرَّحْمَن 27

وَفِي الْمسند وصحيح أبي حَاتِم وَغَيره من حَدِيث أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ أَلظُّوا بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام حَدِيث صَحِيح يَعْنِي الزموها وتعلقوا بهَا فالجلال وَالْإِكْرَام هُوَ الْحَمد وَالْمجد

ص: 317

وَنَظِير هَذَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كريم} النَّمْل 40

وَقَوله تَعَالَى {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً} النِّسَاء 149

وَقَوله تَعَالَى {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الممتحنة 7

وَقَوله تَعَالَى {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} البروج 14 15 وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن

وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح حَدِيث دُعَاء الكرب لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَاوَات وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْكَرِيم فَذكر هذَيْن الاسمين الحميد الْمجِيد عقيب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعَلى آله مُطَابق لقَوْله تَعَالَى {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} هود 73

وَلما كَانَت الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي ثَنَاء الله تَعَالَى عَلَيْهِ وتكريمه والتنويه بِهِ وَرفع ذكره وَزِيَادَة حبه وتقريبه كَمَا تقدم كَانَت مُشْتَمِلَة على الْحَمد وَالْمجد فَكَأَن الْمُصَلِّي طلب من الله تَعَالَى أَن يزِيد فِي حَمده ومجده فَإِن الصَّلَاة عَلَيْهِ هِيَ نوع حمد لَهُ وتمجيد هَذَا حَقِيقَتهَا فَذكر فِي هَذَا الْمَطْلُوب الاسمين المناسبين لَهُ وهما أَسمَاء الحميد والمجيد وَهَذَا كَمَا تقدم أَن الدَّاعِي يشرع لَهُ أَن يخْتم دعاءه باسم من الْأَسْمَاء الْحسنى مُنَاسِب لمطلوبه أَو يفْتَتح دعاءه بِهِ وَتقدم أَن هَذَا من قَوْله {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بهَا} الاعراف 180

ص: 318

قَالَ سُلَيْمَان عليه السلام فِي دُعَائِهِ ربه {رب اغْفِر لي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} صّ 35

وَقَالَ الْخَلِيل وَابْنه اسماعيل عليهما السلام فِي دعائهما {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيمُ} الْبَقَرَة 28

وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول رب اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الغفور مائَة مرّة فِي مَجْلِسه // إِسْنَاده صَحِيح //

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لعَائِشَة رضي الله عنها وَقد سَأَلته إِن وَافَقت لَيْلَة الْقدر مَا أَدْعُو بِهِ قَالَ قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني // سَنَده صَحِيح //

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم للصديق رضي الله عنه وَقد سَأَلَهُ أَن يُعلمهُ دُعَاء يَدْعُو بِهِ فِي صلَاته قَالَ قل اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كثيرا وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت فَاغْفِر لي مغْفرَة من عنْدك وارحمني إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم وَهَذَا كثير قد ذَكرْنَاهُ فِي = كتاب الرّوح وَالنَّفس =

وَمَا قَالَه النَّاس فِي قَول الْمَسِيح صلى الله عليه وسلم {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

ص: 319

) الْمَائِدَة 118 وَلم يقل الغفور الرَّحِيم

وَقَول الْخَلِيل عليه السلام {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إِبْرَاهِيم 36 فَلَمَّا كَانَ الْمَطْلُوب للرسول صلى الله عليه وسلم حمداً ومجداً بِصَلَاة الله عَلَيْهِ ختم هَذَا السُّؤَال باسمي الحميد والمجيد وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لما كَانَ الْمَطْلُوب للرسول حمداً ومجداً وَكَانَ ذَلِك حَاصِلا لَهُ ختم ذَلِك بالإخبار عَن ثُبُوت ذنيك الوصفين للرب بطرِيق الأولى إِذْ كل كَمَال فِي العَبْد غير مُسْتَلْزم للنقص فالرب أَحَق بِهِ

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لما طلب للرسول حمداً ومجداً بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يسْتَلْزم الثَّنَاء عَلَيْهِ ختم هَذَا الْمَطْلُوب بالثناء على مُرْسلَة بِالْحَمْد وَالْمجد فَيكون هَذَا الدُّعَاء متضمناً لطلب الْحَمد وَالْمجد للرسول صلى الله عليه وسلم والإخبار عَن ثُبُوته للرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

ص: 320