الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَأما القَوْل الثَّانِي أَنهم ذُريَّته وأزواجه خَاصَّة فقد تقدم احتجاج ابْن عبد الْبر لَهُ فِي حَدِيث أبي حميد اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته وَفِي غَيره من الْأَحَادِيث اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد وَهَذَا غَايَته أَن يكون الأول مِنْهُمَا قد فسره اللَّفْظ الآخر
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أَبى هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد قوتا
وَمَعْلُوم أَن هَذِه الدعْوَة المستجابة لم تنَلْ كل بني هَاشم وَلَا بني الْمطلب لِأَنَّهُ كَانَ فيهم الْأَغْنِيَاء وَأَصْحَاب الْجدّة وَإِلَى الْآن وَأما أَزوَاجه وَذريته صلى الله عليه وسلم فَكَانَ رزقهم قوتاً وَمَا كَانَ يحصل لأزواجه بعده من الْأَمْوَال كن يتصدقن بِهِ ويجعلن رزقهن قوتاً وَقد جَاءَ عَائِشَة رضي الله عنها مَال عَظِيم فقسمته كُله فِي قعدة وَاحِدَة فَقَالَت لَهَا الْجَارِيَة لَو خبأت لنا درهما نشتري بِهِ لَحْمًا فَقَالَت لَهَا لَو ذَكرتني فعلت
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت مَا شبع آل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من خبز مأدوم ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى لحق بِاللَّه عز وجل
قَالُوا وَمَعْلُوم أَن الْعَبَّاس وَأَوْلَاده وَبني الْمطلب لم يدخلُوا فِي لفظ عَائِشَة وَلَا مرادها
قَالَ هَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا دخل الْأزْوَاج فِي الْآل وخصوصاً أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَشْبِيها لذَلِك بِالسَّبَبِ لِأَن اتصالهن بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غير مُرْتَفع وَهن مُحرمَات على غَيره فِي حَيَاته وَبعد مماته وَهن زَوْجَاته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فالسبب الَّذِي لَهُنَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَائِم مقَام النّسَب
وَقد نَص صلى الله عليه وسلم على الصَّلَاة عَلَيْهِنَّ وَلِهَذَا كَانَ القَوْل الصَّحِيح وَهُوَ مَنْصُوص الإِمَام أَحْمد رحمه الله إِن الصَّدَقَة تحرم عَلَيْهِم لِأَنَّهَا أوساخ النَّاس وَقد صان الله سُبْحَانَهُ ذَلِك الجناب الرفيع وَآله من كل أوساخ بني آدم وَيَا لله الْعجب كَيفَ يدْخل أَزوَاجه فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد قوتا وَقَوله فِي الْأُضْحِية اللَّهُمَّ هَذَا عَن مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد
وَفِي قَول عَائِشَة رضي الله عنها مَا شبع آل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بر
وَفِي قَول الْمُصَلِّي اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل
مُحَمَّد وَلَا يدخلن فِي قَوْله إِن الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد مَعَ كَونهَا من أوساخ النَّاس فأزواج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالصيانة عَنْهَا والبعد مِنْهَا
فَإِن قيل لَو كَانَت الصَّدَقَة حَرَامًا عَلَيْهِم لحرمت على مواليهن كَمَا أَنَّهَا لما حرمت على بني هَاشم حرمت على مواليهم
وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَن بَرِيرَة تصدق عَلَيْهَا بِلَحْم فأكلته وَلم يحرمه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي مولاة لعَائِشَة رضي الله عنها
قيل هَذَا هُوَ شُبْهَة من أَبَاحَهَا لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم
وَجَوَاب هَذِه الشُّبْهَة أَن تَحْرِيم الصَّدَقَة على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بطرِيق الْأَصَالَة وَإِنَّمَا هُوَ تبع لتحريمها عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَّا فالصدقة حَلَال لَهُنَّ قبل اتصالهن بِهِ فهن فرع فِي هَذَا التَّحْرِيم وَالتَّحْرِيم على الْمولى فرع التَّحْرِيم على سَيّده فَلَمَّا كَانَ التَّحْرِيم على بني هَاشم أصلا استتبع ذَلِك مواليهم وَلما كَانَ التَّحْرِيم على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم تبعا لم يقو ذَلِك على استتباع مواليهن لِأَنَّهُ فرع عَن فرع
قَالُوا وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا}
مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله وَالْحكمَة) الْأَحْزَاب 30 34 فدخلن فِي أهل الْبَيْت لِأَن هَذَا الْخطاب كُله فِي سِيَاق ذكرهن فَلَا يجوز إخراجهن فِي شَيْء مِنْهُ