الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الموطن الرَّابِع من مَوَاطِن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْجِنَازَة بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة
لَا خلاف فِي مشروعيتها فِيهَا وَاخْتلف فِي توقف صِحَة الصَّلَاة عَلَيْهَا فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الْمَشْهُور من مَذْهَبهمَا إِنَّهَا وَاجِبَة فِي الصَّلَاة لَا تصح إِلَّا بهَا وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت وَغَيره من الصَّحَابَة وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة تسْتَحب وَلَيْسَت بواجبة وَهُوَ وَجه لاصحاب الشَّافِعِي
الدَّلِيل على مشروعيتها فِي صَلَاة الْجِنَازَة مَا روى الشَّافِعِي فِي مُسْنده أخبرنَا مطرف بن مَازِن عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ أَخْبرنِي أَبُو أُمَامَة بن سهل أَنه أخبرهُ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن السّنة فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة أَن يكبر الإِمَام ثمَّ يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب بعد التَّكْبِيرَة الأولى سرا فِي نَفسه ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدُّعَاء للجنازة فِي التَّكْبِيرَات لَا يقْرَأ فِي شَيْء مِنْهُنَّ ثمَّ يسلم سرا فِي نَفسه
وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق فِي كتاب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا عبد الْأَعْلَى حَدثنَا
معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا أُمَامَة بن سهل بن حنيف يحدث سعيد بن الْمسيب قَالَ إِن السّنة فِي صَلَاة الْجِنَازَة أَن يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ يخلص الدُّعَاء للْمَيت حَتَّى يفرغ وَلَا يقْرَأ إِلَّا مرّة وَاحِدَة ثمَّ يسلم فِي نَفسه // إِسْنَاده صَحِيح // وَأَبُو أُمَامَة هَذَا صَحَابِيّ صَغِير وَقد رَوَاهُ عَن صَحَابِيّ آخر كَمَا ذكره الشَّافِعِي
وَقَالَ صَاحب المغنى يرْوى عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه أَنه صلى على جَنَازَة بِمَكَّة فَكبر ثمَّ قَرَأَ وجهر وَصلى على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ دَعَا لصَاحبه فَأحْسن ثمَّ انْصَرف وَقَالَ هَكَذَا يَنْبَغِي أَن تكون الصَّلَاة على الْجِنَازَة
وَفِي موطأ يحيى بن بكير حَدثنَا مَالك بن أنس عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة كَيفَ نصلي على الْجِنَازَة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنا لعمر الله أخْبرك أتبعهَا من أَهلهَا فَإِذا وضعت كَبرت وحمدت الله تَعَالَى وَصليت على نبيه صلى الله عليه وسلم ثمَّ أَقُول اللَّهُمَّ إِنَّه عَبدك وَابْن عَبدك وَابْن أمتك
كَانَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك وَأَنت أعلم بِهِ اللَّهُمَّ إِن كَانَ محسناً فزد فِي إحسانه وَإِن كَانَ مسيئاً فَتَجَاوز عَن سيئاته اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجره وَلَا تفتنا بعده
وَقَالَ أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ أخبرنَا أَبُو الْحسن بن أبي سهل السَّرخسِيّ أخبرنَا أَبُو عَليّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن رزين حَدثنَا عَليّ بن خشرم حَدثنَا أنس بن عِيَاض عَن إِسْمَاعِيل بن رَافع عَن رجل قَالَ سَمِعت إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يَقُول كَانَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا أُتِي بِجنَازَة اسْتقْبل النَّاس وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لكل مائَة أمة وَلم يجْتَمع مائَة لمَيت فيجتهدون لَهُ فِي الدُّعَاء إِلَّا وهب الله ذنُوبه لَهُم وَإِنَّكُمْ جئْتُمْ شُفَعَاء لأخيكم فاجتهدوا فِي الدُّعَاء ثمَّ يسْتَقْبل الْقبْلَة فَإِن كَانَ رجلا قَامَ عِنْد وَسطه وَإِن كَانَت امْرَأَة قَامَ عِنْد منكبها ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَبدك وَابْن عَبدك أَنْت خلقته وَأَنت هديته لِلْإِسْلَامِ وَأَنت قبضت روحه وَأَنت أعلم بسريرته وعلانيته جِئْنَا شُفَعَاء لَهُ اللَّهُمَّ إِنَّا نستجير بِحَبل جوارك لَهُ فَإنَّك ذُو وَفَاء وَذُو رَحْمَة أعذه من فتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب جَهَنَّم اللَّهُمَّ إِن كَانَ محسناً فزد فِي إحسانه وَإِن كَانَ مسيئاً فَتَجَاوز عَن سيئاته اللَّهُمَّ نور لَهُ فِي قَبره وألحقه بِنَبِيِّهِ قَالَ يَقُول هَذَا كلما كبر وَإِذا كَانَت التَّكْبِيرَة الاخيرة قَالَ مثل ذَلِك ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وَبَارك
على مُحَمَّد كَمَا صليت وباركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد اللَّهُمَّ صل على أسلافنا وأفراطنا اللَّهُمَّ اغْفِر للْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات الْأَحْيَاء مِنْهُم والأموات ثمَّ ينْصَرف
قَالَ إِبْرَاهِيم كَانَ ابْن مَسْعُود يعلم هَذَا فِي الْجَنَائِز وَفِي الْمجْلس قَالَ وَقيل لَهُ اكان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقف على الْقَبْر إِذا فرغ مِنْهُ قَالَ نعم كَانَ إِذا فرغ مِنْهُ وقف عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ نزل بك صَاحبهَا وَخلف الدُّنْيَا وَرَاء ظَهره وَنعم المنزول بِهِ اللَّهُمَّ ثَبت عِنْد الْمَسْأَلَة مَنْطِقه وَلَا تبتله فِي قَبره بِمَا لَا طَاقَة لَهُ بِهِ اللَّهُمَّ نور لَهُ فِي قَبره وألحقه بِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم كلما ذكر
إِذا تقرر هَذَا فالمستحب أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجِنَازَة كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّد لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم علم ذَلِك أَصْحَابه لما سَأَلُوهُ عَن كَيْفيَّة الصَّلَاة عَلَيْهِ
وَفِي مسَائِل عبد الله بن أَحْمد عَن أَبِيه قَالَ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَيُصلي على الْمَلَائِكَة المقربين
قَالَ القَاضِي فَيَقُول اللَّهُمَّ صل على ملائكتك المقربين وانبيائك الْمُرْسلين وَأهل طَاعَتك أَجْمَعِينَ من أهل السَّمَاوَات وَالْأَرضين إِنَّك على كل شَيْء قدير