المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب القيامة وأحوالها من الحشر والحساب والحوض والصراط والميزان والشفاعة - جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد - جـ ٤

[الروداني، محمد بن سليمان المغربي]

فهرس الكتاب

- ‌مناقب أهل البيت وأصهَاره صلى الله عليه وسلم

- ‌مناقب المهاجرين والأنصَار رضي الله عنهم

- ‌فضائل هذه الأمّة

- ‌فضائل قريش وغيرهم من قبَائل العرب وفضائل العجم والروم

- ‌فضائل جماعة من غير الصحابة

- ‌فضائل أماكن متعددة من الأرض وما ورد زمه

- ‌كتاب القصص

- ‌كتاب بدء الخلق وعجائبه

- ‌كتاب الأذكار والأدعية

- ‌فضل الذكر والدعاء

- ‌وقت الدعاء وحال الداعي وكيفية الدعاء وغير ذلك

- ‌اسم الله الأعظم وأسماؤه الحسنى

- ‌أدعية الصلاة

- ‌أدعية الصباح والمساء والنَّوم والانتباه

- ‌أدعية البيت والمسجد دخولاً وخروجًا وأدعية المجلس والسفر

- ‌أدعية الكرب والاستخارة والحفظ والطعام والشراب واللباس وغير ذلك

- ‌أدعية رؤية الهلال وعند الرعد والسحاب والريح والعطاس ودعاء عرفة وليلة القدر

- ‌أدعية غير مؤقتة وفيها الاستعاذة

- ‌الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتاب الزهد والفقر والأمل والأجل والحرص

- ‌كتاب الخوف والرقائق والمواعظ

- ‌كتاب التوبة والعفو والمغفرة

- ‌كتاب الفتن أعاذنا الله منها

- ‌ما ورد من فتن مسماة

- ‌كتاب الملاحم وأشراط الساعةِ

- ‌كتاب القيامة وأحوالها من الحشر والحساب والحوض والصراط والميزان والشفاعة

- ‌كتاب الجنة والنّار وما فيهما

- ‌رؤية الله تعالى في دار الخلد

الفصل: ‌كتاب القيامة وأحوالها من الحشر والحساب والحوض والصراط والميزان والشفاعة

‌كتاب القيامة وأحوالها من الحشر والحساب والحوض والصراط والميزان والشفاعة

ص: 201

(1) الترمذي (2431) وقال: حديث حسن، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(1980).

ص: 201

9970 -

ابنُ عمرو بن العاص جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: ما الصورُ؟ قالَ: «قرنٌ ينفخُ فيهِ» . لأبي داود والترمذي. (1)

(1) أبو داود (4742)، والترمذي (2430)، وقال: حديث حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(1979)

ص: 201

9971 -

أبو هريرةَ رفعهُ: «ما بين النفختين أربعونَ» قيل أربعونَ يومًا؟ قال أبو هريرةَ: أبيتُ، قالُوا: أربعونَ شهرًا؟ قالَ: أبيتُ، قالوا: أربعونَ سنةً؟ قال: أبيتُ، ثم ينزلُ من السماءِ ماءٌ فينبتونَ كما ينبتُ البقلُ،

⦗ص: 202⦘

وليس من الِإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمٌ واحدٌ وهو عجبُ الذنبِ، منه يُركبُ الخلقُ يوم القيامةِ. (1)

(1) البخاري (4814)، ومسلم (2955) والنسائي (4/ 111 ـ 112)، ومالك (1/ 391 / 99)

ص: 201

(1) أبو داود (4743). وانظر السابق

ص: 202

(1) النسائي (4/ 108) ومالك (1/ 207)، و"صحيح المشكاة" للألباني (1632).

ص: 202

9974 -

أبو رزين العقيلي قلتُ: يا رسولَ الله! كيفَ يعيدُ الله الخلقَ؟ وما آيةُ ذلكَ في خلقهِ؟ قال: «أما مررت بوادي قومكَ جدبًا، ثمَّ مررتَ به يهتزُّ خضرًا؟» . قلتُ: نعم، قال:«فتلك آيةُ الله في خلقهِ، كذلكَ يُحيي الله الموتى» . لرزين. (1)

(1) أحمد (4/ 11)، والطبراني (19/ 208) وضعفه الألباني في تعليقاته على كتاب "السنة" لابن أبي عاصم (1/ 290 / 639).

ص: 202

(1) البخاري (6521)، ومسلم (2790).

ص: 202

9977 -

وفي روايةٍ: «تُحشرونَ حفاةً عراةً غُرلاً» ، فقالت امرأةٌ: أيبصرُ بعضنا عورة بعضٍ؟ قال: «يا فلانة» {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:37] للشيخين والترمذي والنسائي. (1)

(1) الترمذي (3332).

ص: 202

(1) في الأصل: قادري.

(2)

البخاري (4760)، ومسلم (2806).

ص: 203

9982 -

ابنُ عمر وتلا: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ {4} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ {5} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 4 - 6].فقال: «يقومُ أحدُهم في رشحةٍ إلى أنصافِ أذنيهِ» . للشيخين والترمذي. (1)

(1) البخاري (6531)، ومسلم (2862)، والترمذي (3336).

ص: 203

9983 -

المقدادُ رفعهُ: «تدنى الشمسُ يومَ القيامةِ من الخلقِ حتى تكون منهم كمقداِر ميلٍ» ، قالَ سليمُ بنُ

⦗ص: 204⦘

عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميلِ، أمسافة (1) الأرض أو الميلِ الذي تكحلُ به العينَ، قال:«فيكونُ الناسُ على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون، ُ إلى كعبيه، ومنهم من يكونُ إلى ركبتيه، ومنهم من يكونُ إلى حقويه، ومنهم من يلجمُه العرق إلجامًا» ، وأشار صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيهِ. لمسلم والترمذي. (2)

(1) في الأصل: أمسافل.

(2)

مسلم (2864)، والترمذي (2421).

ص: 203

(1) الطبراني (20/ 256)، وقال الهيثمي (10/ 334): فيه يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، وهو ضعيف وفيه توثيق لين.

ص: 204

9985 -

أبو هريرةَ رفعهُ: «يُحشرُ المتكبرونَ يومَ القيامةِ في صورِ الذرِ» . للبزارِ بخفى. (1)

(1) البزار كما في "كشف الأستار"(3430)، وقال الهيثمي (10/ 334): فيه من لم أعرفه.

ص: 204

9986 -

أبو سعيدٍ قيلَ: يا رسولَ الله يومُ كانَ مقدارُه خمسنَ ألفَ سنةٍ، فما أطولَ هذا اليومِ، فقالَ صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيدِه إنهُ ليخففُ على المؤمنِ حتَى يكونَ عليهِ أخفَّ مِن صلاةٍ مكتوبةٍ يصليها في الدنيا» . لأحمد والموصلي. (1)

(1) أحمد (3/ 75)، وأبو يعلى (2/ 527 / 1390) وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب"(2095).

ص: 204

(1) أبو يعلى (10/ 415 / 6025) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب"(3589).

ص: 204

9988 -

ابن عباسٍ قال: من شكَّ أنَّ المحشرَ بالشام فليقرأ أولَ سورةِ الحشر:

{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: من الآية2] فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «فهي أرضُ المحشرَ» . للبزار بلين. (1)

(1) البزار كما في "كشف الأستار"(3426)، وقال الهيثمي (10/ 343): فيه أبو سعد البقال، والغالب عليه الضعف

ص: 204

9989 -

جابرُ رفعهُ: «يبعثُ كلُّ عبدٍ على ما ماتَ عليه» . لمسلم. (1)

(1) مسلم (2878).

ص: 205

(1) مسلم (2582) والترمذي (2420).

ص: 205

9993 -

وعنه قال: كُنا نسمعُ أنَّ الرجلَ يتعلَّقُ بالرجلِ يوم القيامةِ وهو لا يعرفهُ، فيقولُ لهُ: مالكُ إلىَّ، وما بيني وبينكَ معرفةٌ؟ فيقولُ: كنت تراني على الخطأ المنكرِ ولا تنهاني. لرزين.

ص: 205

9994 -

عائشةُ: كانت لا تسمعُ شيئًا لا تعرفهُ إلا راجعت فيه حتى تعرفهُ، وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«من نُوقش الحساَب عذِّبَ» ، فقلتُ: أليسَ يقولُ الله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ {7} فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً {8} وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً} [الانشقاق:7 - 9]. فقال: «إنما ذلك العرضُ وليسَ أحدٌ يحاسبُ يومَ القيامةِ إلا هلكَ» (1).

(1) البخاري (103)، ومسلم (2876)، وأبو داود (3093) والترمذي (2426).

ص: 205

9995 -

وفي روايةٍ: «وليس أحدٌ يناقشُ الحسابَ يوم القيامةِ إلا عُذِّبَ» للشيخين وأبي داود والترمذي. (1)

(1) البخاري (6537)، ومسلم (2876).

ص: 206

9996 -

ابنُ مسعودٍ رفعهُ: «أولُ ما يحاسبُ عليه العبدُ الصلاةَ، وأولُ ما يُقضى بين الناسِ في الدماءِ» . للشيخين والترمذي والنسائي بلفظه. (1)

(1) البخاري (6533)، ومسلم (1678)، والترمذي (1396)، والنسائي (7/ 83).

ص: 206

9999 -

أبو هريرة رفعهُ: «يلقى العبدُ ربَّهُ فيقولُ أي قل: ألم أكرمك وأُسوِّدك وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإِبل، وأذرك ترأسُ وتربعُ؟ فيقولُ: بلى يا رب، فيقولُ: قد ظننتَ أنك ملاقيَّ؟ فيقولُ: لا، فيقولُ: فإني أنساكَ كما نسيتني، ثم يلقى الثاني فذكر مثله، ثم يلقى الثالث فذكر مثلهُ، إلى أن قال: أظننت أنك ملاقىَّ؟ فيقولُ: أي ربِّ، آمنتُ بكَ،

⦗ص: 207⦘

وبكتابكَ، وبرُسلك، وصليتُ، وصمتُ، وتصدقتُ، ويثني بخير ما استطاعَ، فيقولُ: هاهنا، إذا، ثم يقولُ: الآن نبعثُ شاهدًا عليك، فيتفكرُ في نفسهِ من ذا الذي يشهدُ عليه؟ فيختمُ على فيهِ، ويقالُ لفخذه: انطق، فتنطقُ فخذهُ ولحمُهُ وعظامهُ بعملهِ، وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافقُ، وذلك الذي سخط الله عليهِ». لمسلمٍ مطولاً. (1)

(1) مسلم (2968).

ص: 206

10000 -

أبو سعيد قلنا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامةِ؟ قال: «نعم، فهلْ تضارونَ في رؤيةِ الشمسِ بالظهيرةِ صحوًا ليس معها سحابٌ وهل تضارون في رؤيةِ القمر ليلة البدرِ صحوًا ليس فيها سحابٌ؟ قالوا: لا يا رسولَ الله، قالَ: «فما تضارونَ في رؤيةِ الله يوم القيامةِ إلَاّ كما تضارونَ في رؤيةِ أحدهما، إذا كان يوم القيامةِ، أذن مؤذنٌ لتتبع كلُ أمةٍ ما كانت تعبدُ، فلا يبقى أحدٌ كان يعبدُ غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطونَ في النارِ، حتى إذا لم يبقَ إلا من كان يعبدُ الله من برٍّ وفاجرٍ، وغيرُ أهل الكتابِ، فيدعى اليهودُ فيقالُ لهم: ما كنتم تعبدونَ؟ قالوا: نعبد عزيرًا ابن الله، فيقالُ كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبةٍ ولا ولدٍ، فما تبغونَ؟ قالوا: عطشنا يا رب فاسقنا، فيشارُ إليهم ألا تردون؟ فيحشرونَ إلى النارِ كأنها سرابٌ يحطمُ بعضها بعضًا، فيتساقطونَ في النارِ، ثم تدعى النصارى فيقالُ لهم: ما كنتم تعبدونَ؟ قالوا: كنا نعبدُ المسيحَ ابن الله، فيقالُ لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبةٍ ولا ولدٍ، فماذا تبغونَ؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشارُ إليهم ألا تردونَ؟ فيحشرونَ إلى جهنم كأنها سرابٌ يحطمُ بعضُها بعضًا، فيتساقطونَ في النارِ، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبدُ الله من بر وفاجرٍ، أتاهم الله في أدنى صورةٍ من اتي رأوهُ فيها، قال: فما تنتظرونَ؟ تتبع كلُ أمةٍ ما كانت تعبدُ، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقرَ ما كنَّا إليهم ولم نصاحبهُم، فيقولُ: أنا ربكم، فيقولونَ: نعوذُ بالله منكَ لا نشركُ بالله شيئًا مرتين أو

⦗ص: 208⦘

ثلاثًا، حتى إنَّ بعضهمُ ليكادُ أن ينقلب، فيقولُ هل بينكم وبينهُ آيةٌ فتعرفونهُ بها؟ فيقولون: نعم، فيكشفُ عن ساقٍ فلا يبقى من كان يسجدُ لله من تلقاء نفسه إلَاّ أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجدُ اتقاءً ورياءً إلَاّ جعل الله ظهرهُ طبقةً واحدةً، كلمَّا أراد أن

يسجدَ خرَّ على قفاهُ، ثم يرفعون رءوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوهُ فيها أول مرةٍ، فيقولُ: أنا ربكمْ؟ فيقولون: أنتَ ربنا، ثمَّ يضربُ الجسرُ على جهنمَ، وتحلُّ الشفاعةُ ويقولونَ: اللهمَّ سلمَّ سلمْ» قيل: يا رسولَ الله! وما الجسرُ؟ قال: «دحضٌ مزلةً، فيه خطاطيفُ وكلاليب وحسكةٌ تكونُ بنجدٍ فيها شويكةٌ، يقالُ لها: السعدانُ، فيمرُّ المؤمنونَ كطرفِ العينِ، وكالبرقِ، وكالريحِ وكالطيرِ، وكأجاويدِ الخيلِ والركابِ، فناجٍ مسلمٌ ومخدوشٌ مرسلٌ، ومكدوسٌ في نارِ جهنمَ، حتى إذا خلصَ المؤمنون من النارِ، فوالذي نفسي بيده ما من أحدٍ منكم بأشدَّ مناشدةً لله في استقصاءِ الحق منَ المؤمنين لله يومَ القيامةِ لإِخوانهمُ الذين في النارِ، فيقولونَ: ربنا كانوا يصومونَ معنا ويصلونَ ويحجونَ، فيقالُ لهم: أخرجوا من عرفتم فتحرمُ صورهم على النارِ فيخرجونَ خلقًا كثيرًا قد أخذت النارُ إلى نصفِ ساقهِ وإلى ركبتيهِ، ثمَّ يقولونَ: ربنا ما بقي فيها أحدٌ ممن أمرتنا بهِ، فيقولُ: ارجعوا فمن وجدتم في قلبهِ مثقال دينارٍ من خيرٍ فأخرجوهُ، فيخرجونَ خلقًا كثيرًا، ثم يقولونَ: ربنا لم نذر فيها أحدًا ممن أمرتنا، ثم يقولُ: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالا نصف دينارٍ من خيرٍ فأخرجوهُ، فيخرجُون خلقًا كثيرًا، ثمَّ يقولونَ: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدًا، ثم يقولُ: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ ذرةٍ من خيرٍ فأخرجوهُ فيخرجونَ خلقًا كثيرًا، ثمَّ يقولونَ: ربنا لم نذر فيها خيرًا، وكان أبو سعيدٍ يقولُ: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرءوا إن شئتم: {إِنَّ الله لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:40] فيقولُ الله تعالى: شفعتْ الملائكةُ، وشفعَ النبيونَ، وشفعَ المؤمنونَ، ولم يبقَ إلا أرحمُ الراحمين، فيقبضُ قبضةً من النارِ، فيخرجُ منها قومًا لم يعملُوا خيرًا قط قد

عادوا حممًا، فيلقيهم في نهرٍ في أفواه الجنةِ، يقالُ له نهرُ الحياةِ، فيخرجون كما تخرجُ الحبةُ في حميلِ السيلِ، ألا ترونها تكونُ إلى الحجرِ أو إلى الشجرِ ما يكونُ إلى الشمسِ أصيفرٌ وأخيضرٌ، وما يكونُ منها إلى

⦗ص: 209⦘

الظلِ يكونُ أبيضٌ».

فقالوا: يا رسولَ الله! كأنك كنت ترعى بالباديةِ، قال:«فيخرجونَ كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيمُ يعرفهم أهلُ الجنةِ، هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الجنة بغير عملٍ عملوهُ ولا خيرٍ قدموهُ، ثم يقولُ: ادخلوا الجنةَ فما رأيتموهُ فهو لكم، فيقولونَ: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من العالمينَ، فيقولُ لكم عندي أفضلُ من هذا فيقولون: يا ربناَ! أيُّ شيءٍ أفضل من هذا؟ فيقولُ: رضائي، فلا أسخطُ عليكم بعدهُ أبدًا» . (1)

(1) البخاري (4581)، ومسلم (183).

ص: 207

10001 -

وفي روايةٍ: قال أبو سعيدٍ: بلغني أنَّ الجسر أدقُ من الشعرِ وأحدُّ من السيفِ. للشيخين والنسائي. (1)

(1) مسلم (183) في حديث طويل.

ص: 209

10003 -

ابن عمر رفعهُ: «في النجوى يدنو

⦗ص: 210⦘

المؤمنُ من ربهِ حتى يضعَ عليه كنفهُ، فيقررهُ بذنوبهِ تعرف ذنب كذا؟ فيقولُ: أعرفُ ربِّ، أعرف ربِّ مرتين، فيقولُ سترتُها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليومَ، ثم تُطوى صحيفةُ حسابهِ، وأما الآخرون أي الكفارُ والمنافقونَ، فينادى على رءوسِ الخلائقِ هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنةُ الله على الظالمين». للشيخين. (1)

(1) البخاري (2441)، ومسلم (2768).

ص: 209

10004 -

عائشة: أنَّ رجلاً قال: يا رسولَ الله: إنَّ لي مملوكينِ يكذبونني ويخونونني ويعصونني، وأشتمهُمْ وأشربهُم، فكيف أنا منهم؟ فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا كانَ يوم القيامةِ يحسبُ ما خانوكَ وعصوكَ وكذبوكَ وعقابكَ إياهم، فإن كان عقابُك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافًا، لا لك ولا عليكَ، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم، كان فضلاً لك، وإن كان عقابُك إياهم فوق ذنوبهم، اقتصَّ لهم منكَ الفضل» ، فتنحى الرجلُ وجعل يهتفُ ويبكي، فقال لهُ صلى الله عليه وسلم: «أما تقرأ قول الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: الآية47]؟ (1) وقال الرجل: يا رسول الله، ما أجد لي ولهؤلاء شيئًا خيرًا من مفارقتهم، أشهدك أنهم كلهم أحرار. للترمذي.

(1) الترمذي (3165)، وصحح الألباني إسناده في "صحيح سنن الترمذي"(2531).

ص: 210

10006 -

أنس رفعهُ: «الظلمُ ثلاثةٌ: فظلمٌ لا يغفرهُ الله، وظلمٌ يغفرهُ الله، وظلمٌ لا يتركهُ الله، فأما الظلمُ الذي لا يغفرهُ الله، فالشركُ، إنَّ الشركَ لظلمٌ عظيمٌ، وأما الظلمُ الذي يغفرهُ الله، فظلمُ العبادِ لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم،

⦗ص: 211⦘

وأما الظلمُ الذي لا يتركُهُ الله: فظلم العبادِ بعضهم بعضًا حتى يدينَ لبعضهم من بعضٍ». للبزار وفيه أحمدُ بنُ مالكٍ القشيري (1).

(1) البزار كما في "كشف الأستار"(3439) وقال الهيثمي (10/ 348): البزار عن شيخه أحمد بن مالك القشيري ولم أعرفه وبقية رجاله قد وثقوا على ضعفهم. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3961).

ص: 210

10007 -

عقبة بن عامرَ رفعهُ: «أولُ خصمينِ يوم القيامةِ جارانِ» . لأحمدَ (1).

(1) أحمد (4/ 151) وقال الهيثمي (10/ 349): أحمد بإسناد حسن. وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(2563).

ص: 211

(1) الطبراني في "الأوسط"(5/ 222/5144)، وقال الهيثمي (10/ 356): فيه الحكم بن سنان أبو عون قال أبو حاتم عنده وهم كثير. وليس بالقوي.

ص: 211

10010 -

ابن مسعود قالَ رجلٌ: يا رسولَ الله! أنؤاخذُ بما عملنا في الجاهليةِ؟ قال: «من أحسنَ في الإسلامِ لم يؤاخذ بما عمل في الجاهليةِ، ومن أساء في الإسلامِ أخذ بالأولِ والآخرِ» . للشيخين. (1)

(1) البخاري (6921)، ومسلم (120).

ص: 211

10011 -

أبو ذر قلتُ: يا رسولَ الله! ما آنيةُ الحوضِ؟ قالَ: «والذي نفسي بيده لآنيتُهُ أكثرُ من عدد نجومِ السماءِ وكواكبها في الليلةِ المظلمةِ المصحيةِ، آنيةُ الجنةِ من شربَ منها لم يظمأ، آخرُ ما عليه يشخبُ، فيه ميزابانِ من

⦗ص: 212⦘

الجنةِ، من شربَ منهُ لم يظمأ، عرضُهُ مثلُ طولِهِ، ما بين عمانَ إلى أيلةَ، وماؤهُ أشدُّ بياضًا من اللبن وأحلى من العسلِ». للترمذي ومسلمٍ بلفظه. (1)

(1) مسلم (2300)، والترمذي (2445).

ص: 211

10012 -

ولهما وللبخاري عن أنسَ رفعهُ: «ما بينَ ناحيتيّ حوضي كما بين صنعاءَ والمدينةِ» . (1)

(1) مسلم (2303/ 41).

ص: 212

10013 -

وفي رواية: «ما بين المدينةِ وعمانَ» . (1)

(1) مسلم (2303/ 42).

ص: 212

(1) البخاري (6580)، ومسلم (2303/ 39).

ص: 212

10016 -

وللشيخين عن ابن عمرو بن العاص: «حوضي مسيرةُ شهرٍ» . (1)

(1) البخاري (6579)، ومسلم (2292).

ص: 212

10017 -

أبو طالوت أنَّ أبا برزة الأسلميَّ دخلَ على عبدِ الله بن زياد، فلمَّا رآه قال: إنَّ محمديكم هذا، الدحداحُ، ففهمها الشيخُ، فقال: ما كنتُ أحسبُ أن أبقي في يومٍ يعيرونني بصحبةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال لهُ عبيدُ الله: إنَّ صحبةَ محمدٍ لكم زينٌ غير شينٍ، قال: إنما بعثتُ إليكَ لأسألك عن الحوضِ، هل سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرُ فيهِ شيئًا؟ قال أبو برزة: نعم، لا مرةً ولا مرتين ولا ثلاثًا ولا أربعًا ولا خمسًا، فمن كذبَ به فلا سقاهُ الله منهُ، ثمَّ خرجَ مغضبًا. لأبي داودَ (1).

(1) أبو داود (4749) صححه الألباني (3975).

ص: 212

(1) الترمذي (2443)، قال: حديث غريب وصححه الألباني (1988).

ص: 213

10019 -

ابن عمرو بن العاصِ: أنه سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم هل بينَ الجنةِ والنارِ منزل؟ قال: «بينهما حوضي، شرفاتُهُ على الجنةِ، وتضربُ شرفاتهُ على النارِ» . للكبير مطولاً بخفى. (1)

(1) ذكره الهيثمي (10/ 337) وقال: الطبراني وفيه هشام بن بلال ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا.

ص: 213

10020 -

أبو هريرة وجابرٌ رفعاه: «عليُّ بنُ أبي طالبٍ صاحبُ حوضي يومَ القيامةِ» . للأوسط بلين. (1)

(1)"الأوسط"(1/ 67 / 188). قال الهيثمي (10/ 367): فيه ضعفاء وثقوا.

ص: 213

(1) البخاري (6584)، ومسلم (2291).

ص: 213

10025 -

أنس: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يشفعَ لي يومَ القيامة، قال:«أنا فاعلٌ إن شاءَ الله» قلتُ: فأين أطلبك؟ قال: «أولُ ما تطلبي على الصراط» ، قلتُ: فإن لم ألقك على الصراطِ؟ قال: «فاطلبني عند الميزان» ، قلتُ: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبني عند الحوضِ، فإني لا أخطي هذه الثلاثة مواطن» . (1)

(1) الترمذي (2433) قال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1981).

ص: 214

(1) الترمذي (2432)، وقال: حديث غريب من حديث المغيرة بن شعبة وقال الألباني في ضعيف سنن الترمذي (429): ضعيف.

ص: 214

(1) الطبراني (22/ 258) وقال الهيثمي (10/ 360) وفيه سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2474).

ص: 214

10028 -

عائشة قالتُ: ذكرتُ النارَ فبكيتُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«ما يبكيكَ؟» قلت: ذكرتُ النارَ فبكيتُ، فهل تذكرون أهليكُم يومَ القيامة؟ فقال:«أما في ثلاثة مواطنَ فلا يذكرُ أحدٌ أحدًا. عند الميزانِ حتى يعلم أيخفُّ ميزانهُ أم يثقلُ، وعند تطايرِ الصحفِ حتى يعلم أين يقعُ كتابهُ في يمينهِ أم في شمالهِ أم من وراء ظهرهِ، وعند الصراطِ إذا وضع بين ظهراني جهنمَ حتى يجوزَ» . لأبي داود. (1)

(1) أبو داود (4755) وقال الحافظ في "هداية الدواء": أبو داود في السنة من رواية الحسن البصري عن عائشة وهو منقطع وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(1018).

ص: 214

10031 -

جابر رفعهُ: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» . للترمذي.

وقال جابر: من لم يكن من أهلِ الكبائر فمالهُ وللشفاعةِ. (1)

(1) الترمذي (2436)، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه (4310)، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(1983).

ص: 215

10032 -

أنس قالَ معبدُ بنُ هلالِ العنزي: انطلقنا إلى أنسٍ وتشفعنا بثابتٍ فانتهينا إليه وهو يصلِّي الضحى، فاستأذن لنا ثابتٌ، فدخلنا عليه وأجلس ثابتًا معهُ على سريرهِ، فقال له: يا أبا حمزةَ! إنَّ إخوانكَ من أهلِ البصرة يسألونك أن تحدثهم حديث الشفاعة، فقال: حدثنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامةِ ماج الناسُ بعضهم إلى بعضٍ فيأتونَ آدمَ فيقولونَ: اشفع لذريتكَ، فيقولُ: لستُ لها، ولكن عليكُم بإبراهيم، فإنهُ خليلٌ لله، فيأتونَ إبراهيم فيقولُ: لستُ لها ولكن عليكم بموسى، فإنَّه كليمُ الله، فيؤتى موسى فيقولُ: لستُ لها ولكن عليكُم بعيسى، فإنَّهُ روحُ الله وكلمتُهُ، فيؤتى عيسى فيقولُ: لستُ لها ولكن عليكم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فأُوتى فأقولُ: أنا لها، فأنطلقُ فاستأذنُ على ربي فيؤذنُ لي، فأقومُ بين يديهِ فأحمدُهُ بمحامد لا أقدرُ عليها الآنَ يلهمنيهِا الله، ثم أخرُّ لربنا ساجدًا فيقولُ: يا محمدٌ: ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعطهُ واشفع تشفَّع، فأقولُ: يا ربِّ أمتي أمتي، فيقالُ: انطلق فمن كان في قلبهِ مثقالُ حبةٍ من برة أو شعيرة من إيمانٍ فأخرجه منها، فأنطلقُ فأفعل، ثم أعودُ إلى ربي فأحمدُهُ بتلك المحامد، ثم أخرَّ لهُ ساجدًا، فيقالُ لي: يا محمدٌ ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع، فأقولُ: يا ربِّ أمتي أمتي، فيقالُ لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقالِ حبةٍ من خردلٍ من إيمانٍ فأخرجهُ من النارِ، فأنطلقُ فأفعلُ» هذا حديث أنسٍ

⦗ص: 216⦘

الذي أنبأنا بهِ، فخرجنا من عنده فلمَّا كنا بظهرِ الجبانِ قلنا: لو ملنا إلى الحسنِ فسلمنا عليه وهو مستخفٍ في دار أبي خليفة، قال: فدخلنا عليه فسلمنا عليه، فقلنا يا أبا سعيدٍ، جئنا من عند أخيك أبي حمزةَ فلم نسمع بمثلِ حديثٍ حدثناهُ في الشفاعةِ، قال: هيهُ، فحدثناهُ الحديث، فقال: هيهُ، قلنا ما زادنا، قال: قد حدثنا به منذ عشرينَ سنةٍ وهو يومئذٍ

جميعٌ، ولقد تركَ شيئًا لا أدري أنسى أنسى الشيخُ أو كرهَ أن يحدثكُم فتتكلُوا، قلنا لهُ: حدثنا، فضحك، وقال: خلقَ الإِنسانُ من عجلٍ ما ذكرتُ لكم هذا إلَاّ وأنا أريدُ أن أحدثكمُوهُ، قال:«ثم أرجعُ إلى ربي في الرابعةِ فأحمدهُ بتلك المحامد ثم أخرَّ له ساجدًا، فيقالُ لي: يا محمدٌ ارفع رأسكَ، وقل: يسمع لك، وسل تُعطهُ، واشفع تشفَّع، فأقولُ: يا ربِّ! ائذن لي فيمن قال: لا إله إلَاّ الله، قال: فليس ذلك إليك ولكن وعزتي، وكبريائي، وعظمتي وجبريائي لأخرجنَّ منها من قالَ: لا إله إلَاّ الله» . للشيخينِ. (1)

(1) البخاري (7510)، ومسلم (193).

ص: 215

10033 -

وللدارمي عن عقبةَ بن عامرٍ نحوه وفيه: «فيأتُون عيسى فيقولُ أدلكُم على النبيِّ الأميِّ، فيأتون فيأذنُ الله لي أن أقوم إليهِ، فيثورُ مجلسي أطيب ريحٍ شمها أحدٌ قط حتى آتي ربي فيشفعني، ويجعلُ لي نورًا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي، فيقولُ الكافرونَ عند ذلك لإِبليس: قد وجد المؤمنونَ من يشفعُ لهم، فقم أنتَ فاشفع لنا إلى ربكَ فإنك أنت أضللتنا، قالَ: فيقومُ فيثورُ مجلسهُ أنتنَ ريحٍ شمها أحدٌ قط ثم يعظمُ لجهنم، فيقولُ عند ذلك {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [ابراهيم: الآية22] الآية. (1)

(1) الدارمي (2804) وقال الهيثمي (10/ 376): وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف.

ص: 216

10034 -

أبو هريرة كنا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في دعوةٍ فرفعَ إليهِ الذراعُ، وكان يعجبُهُ، فنهسَ منها نهسةً وقالَ: «أنا سيدُ الناسِ يومَ القيامةِ هل تدرون مما ذاكَ؟ يجمعُ الله الأولين والآخرينَ في صعيدٍ واحدٍ، فيبصرُهُم الناظرُ ويسمعهُم

⦗ص: 217⦘

الداعي، وتدُنو منهم الشمسُ، فيبلغُ الناسُ من الغمِّ والكربِ ما لا يطيقونَ ولا يتحملونَ، فيقولُ الناسُ ألا ترونَ إلى ما أنتم فيهِ وإلى ما بلغكُم، ألا تنظرونَ من يشفعُ لكم إلى ربكُم؟ فيقولُ بعضُ الناسِ لبعضٍ: أبوكُم آدم، فيأتونهُ فيقولون يا آدمُ أنتَ أبو البشرِ، خلقكَ الله بيدِهِ، ونفخَ فيكَ من روحهِ، وأمرَ الملائكةَ فسجدُوا لك، وأسكنكَ الجنة، ألا تشفعُ لنا إلى ربكَ، ألا ترى ما نحن فيه؟! وما بلغنا؟ فقال: إنَ ربي غضبَ اليوم غضبًا لم يغضب قبلهُ مثلهُ، ولا يغضبُ بعدهُ مثلهُ، وإنَّهُ نهاني عن الشجرةِ فعصيتُ، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبُوا إلى نوحٍ، فيأتُون نوحًا فيقولونَ: يا نوحٌ أنت أولُ الرسل إلى أهلِ الأرضِ، وقد سماك الله عبدًا شكورًا، ألا ترى ما نحنُ فيهِ؟ ألا ترى ما بلغنا؟ ألا تشفعُ لنا إلى ربكَ؟ فيقولُ: إنَّ ربي غضب اليومَ غضبًا لم يغضبٍْ قبلهُ مثلهُ، ولن يغضبَ بعدهُ مثلهُ، وإنَّهُ قد كانت لي دعوةٌ دعوتُ بها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبُوا إلى غيري اذهبُوا إلى إبراهيم، فيأتونَ إلى إبراهيم، فيقولُون: أنت نبيُّ الله وخليلهُ من أهلِ الأرضِ، اشفع لنا إلى ربكَ، ألا ترى إلى ما نحنُ فيهِ؟ فيقولُ لهم: إنَّ ربي قد غضبَ اليومَ غضبًا لم يغضب قبلهُ مثلهُ، ولن يغضبَ بعدهُ مثلهُ، وإني كنتُ كذبتُ ثلاثَ كذباتٍ فذكرها، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبُوا إلى غيري، اذهبُوا إلى موسى، فيأتونَ موسى فيقولونَ: أنتَ رسولُ الله، فضَّلك الله برسالاتهِ وبكلامهِ على الناسِ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحنُ فيهِ؟ فيقولُ: إنَّ ربي قد غضبَ اليومَ غضبًا لم

يغضب قبله مثلهُ، ولن يغضب بعدهُ مثلهُ، وإني قد قتلتُ نفسًا لم أؤمر بقتلها، نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبُوا إلى عيسىَ، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى! أنت رسولُ الله وكلمتُهُ ألقاها إلى مريم، وروحُ منهُ، وكلمَّت الناسَ في المهد، اشفع لنا إلى ربكَ، ألا ترى ما نحنُ فيهِ؟

فيقولُ عيسى: إنَّ ربي قد غضبَ اليومَ غضبًا لم يغضبْ قبلهُ مثلهُ، ولن يغضب بعده مثلهُ، ولم يذكر ذنبًا، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبُوا إلى غيري، اذهبُوا إلى محمدٍ، فيأتُون فيقولون: يا محمدٌ أنت رسولُ الله وخاتم النبيينَ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخرَ، اشفع لنا إلى ربكَ، ألا ترى

⦗ص: 218⦘

إلى ما نحن فيه؟ فأنطلقُ فآتى تحت العرش فأخرُّ ساجدًا لربي، ثم يفتحُ الله عليَّ من محامدِهِ وحسنِ الثناءِ عليه شيئًا لم يفتحهُ الله على أحدٍ قبلي، ثمَّ يقالُ: يا محمدٌ!

ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفَّع، فأرفعُ رأسي فأقولُ: أمتي يا ربِّ، أمتي يا ربِّ، أمتي يا ربِّ، فيقالُ: يا محمدٌ! أدخلْ من أمتكَ من لا حسابَ عليهم من البابِ الأيمنِ من أبوابِ الجنةِ، وهم شركاءُ الناسِ فيما سوى ذلك من الأبواب، ثمَّ قالُ: والذي نفسي بيده إنَّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنةِ كما بين مكةَ وهجرٍ، أو كما بين مكةَ وبصرى». (1)

(1) البخاري (4712)، ومسلم (194)، والترمذي (2434).

ص: 216

10035 -

وللبخاري «كما بين مكة وحميرَ» . (1)

(1) البخاري (4712).

ص: 218

10036 -

وفي روايةٍ: «يجمع الله تعالى الناسَ فيقومُ المؤمنونَ حتى تزلف لهمُ الجنةُ، فيأتُونَ آدم فيقولونَ: يا أبانا استفتح لنا الجنةَ، فيقولُ: وهل أخرجكُم من الجنةِ إلا خطيئة أبيكُم، لستُ بصاحبِ ذلك، اذهبُوا إلى ابني إبراهيم خليل الله، فيقولُ إبراهيمُ: لستُ بصاحبِ ذلك، إنما كنتُ خليلاً من وراء وراءَ، اعمدُوا إلى موسى

» بنحوه.

فيه: «وترسلُ الأمانةُ والرحمُ فيقومان جنبتي الصراطِ يمينًا وشمالاً، فيمرُّ أولكُم كالبرقِ» ، قلتُ: بأبي وأمي، أيُّ شيءٍ كالبرقِ؟ قال:«ألم تروا إلى البرقِ؟ كيف يمرُّ ويرجعُ في طرفةِ عينٍ، ثم كمرِّ الريح، ثم كمرِّ الطيرِ، وشدِّ الرجالِ تجري بهم أعمالُهم، ونبيُكُم قائمٌ على الصراط يقولُ: ربِّ سلم سلم، حتى تعجزُ أعمالُ العبادِ، حتى يجيءُ الرجلُ فلا يستطيعُ السيرَ إلَاّ زحفًا» . للشيخين والترمذي. (1)

(1) مسلم (195).

ص: 218

10037 -

وله عن أبي سعيدٍ رفعهُ: «أنا سيدُ ولد آدمَ يوم القيامةِ ولا فخر، وبيدي لواءُ الحمدِ ولا فخرَ، وما من بني آدم فمن سواهُ إلا تحت لوائي، وأنا أولُ من تنشقًّ عنه الأرضُ ولا فخرَ، فيفزعُ الناسُ ثلاث

⦗ص: 219⦘

فزعاتٍ، فيأتون آدم». بنحوه. إلا أنَّ فيهِ:«فيأتون عيسى فيقولُ: إني عبدتُ من دونِ الله» . (1)

(1) الترمذي (3615) وقال: حسن صحيح. وانظر "ضعيف الجامع"(1316)، و"الصحيحة"(1570).

ص: 218

10038 -

بريدةُ أنَّهُ قال لمعاويةَ: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني لأرجُو أن أشفعَ يومَ القيامةِ في عدد ما في الأرضِ من شجرةٍ ومدرةٍ، قال: فترجُوها أنت يا معاويةُ ولا يرجوها عليٌّ» . لأحمد بضعف. (1)

(1) أحمد (5/ 347) وقال الهيثمي: رجاله وثقوا على ضعف كثير في أبي إسرائيل الملائي.

ص: 219

(1) الطبراني في "الأوسط"(5/ 295 / 5360) وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 379). وقال: فيه أحمد بن عمرو صاحب علي بن المديني ويعرف بالقلوري، ولم أعرفه.

ص: 219

(1) الطبراني في "الأوسط"(4/ 151/ 3845) وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 379) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه علي بن سعيد الرازي وفيه لين، وفيه من لم يعرف.

ص: 219

(1) الطبراني في "الكبير"(12/ 421/13550) وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 381) وقال: الطبراني في "الكبير"، وفيه من لم أعرف.

ص: 219

10042 -

عبدُ الملك بن عباد بن جعفر رفعهُ: «أولُ من أشفع له منَّ أمتي أهلُ المدينةِ، وأهلُ مكةَ، وأهلُ الطائفِ» . للبزارِ والكبير بخفى. (1)

(1) الطبراني في "الكبير"(12/ 421 /13550) وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 381) وقال: وفيه من لم يعرف وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(2142).

ص: 219