الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه
أهل السنة والجماعة يقولون: الإيمان قول وعمل؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية1.
والخلاف في مسألة زيادة الإيمان ونقصانه فرع عن الخلاف في تحديد معنى الإيمان الشرعي؛ فمن قال من المبتدعة: إنّ الإيمان هو التصديق، ولم يدخل العمل، قال بعدم الزيادة والنقصان. ومن قال بقول أهل السنة والجماعة أنّ الإيمان قول واعتقاد وعمل، قال بأنه يزيد وينقص.
وقد أوضح الشيخ الأمين –رحمه الله هذه المسألة، وبين أنّ الإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
واستشهد على ذلك بآيات من القرآن الكريم؛ فقال رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} 2:
"ويفهم من هذه الآية الكريمة أنّ من آمن بربه وأطاعه زاده ربه هدى؛ لأنّ الطاعة سبب للمزيد من الهدى والإيمان. وهذا المفهوم من هذه الآية الكريمة جاء مبينا في مواضع أخر؛ كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} 3، وقوله:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}
1 انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 5/960.
والشريعة للآجري ص117-118؛ فقد نسبوها إلى الإمام مالك، وسفيان بن عيينة، والأوزاعي.
2 سورة الكهف، الآية [13] .
3 سورة محمد، الآية [17] .
الآية1، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} الآية2، وقوله:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} 3، وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} الآية4، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} الآية5، إلى غير ذلك من الآيات. وهذه الآيات المذكورة نصوص صريحة في أنّ الإيمان يزيد، مفهوم منها أنه ينقص أيضا، كما استدل بها البخاري رحمه الله على ذلك. وهي تدلّ دلالة صريحة لاشك فيها.
فلا وجه معها للاختلاف في زيادة الإيمان ونقصه كما ترى والعلم عند الله تعالى".6
وقال رحمه الله في موضع آخر بعدما ذكر الآيات المتقدمة: "وتدل هذه الآيات بدلالة الالتزام على أنه ينقص أيضاً، لأن كل ما يزيد ينقص. وجاء مصرحاً به في أحاديث الشفاعة الصحيحة كقوله: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه مثقال حبة من إيمان "7ونحو ذلك"8. وقال رحمه الله أيضاً: "والحق الذي لا شك فيه أن الإيمان يزيد وينقص كما عليه أهل السنة والجماعة. وقد دل عليه الوحي من الكتاب والسنة، كما
1 سورة العنكبوت، الآية [69] .
2 سورة الأنفال، الآية [29] .
3 سورة التوبة، الآية [124] .
4 سورة الفتح، الآية [4] .
5 سورة الحديد، الآية [28] .
6 أضواء البيان 4/28-29.
7 أخرجه البخاري في صحيحه (1/16) بألفاظ متقاربة، ومسلم في صحيحه 1/182. وكذا الإمام أحمد في مسنده (3/17) ، والترمذي في السنن (4/711، 714) بألفاظ متقاربة أيضا.
8 أضواء البيان 2/346.
تقدم" 1. فالشيخ الأمين –رحمه الله على عقيدة السلف في هذه القضية وغيرها، فهو يقول: إن الإيمان يزيد وينقص. وأما المبتدعة ومن حاد عن الطريق المستقيم فإنهم أنكروا زيادة الإيمان ونقصانه. وقولهم لا مستند له صحيح، ولا تؤيده الأدلة.
1 أضواء البيان 7/604. وانظر المصدر نفسه 4/362، 6/574. ومعارج الصعود ص248.