المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الصيام الصيام: إمْسَاكٌ بِنِيَّةٍ عَنْ أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٢

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌كتاب الصيام الصيام: إمْسَاكٌ بِنِيَّةٍ عَنْ أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ

‌كتاب الصيام

الصيام: إمْسَاكٌ بِنِيَّةٍ عَنْ أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ وَصَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ يَجِبُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ صَحْوِ لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَصُومُوا وَإِنْ حَالَ دُونَ مَطْلَعِهِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ أَوْ غَيْرِهِمَا وَجَبَ صِيَامُهُ حُكْمًا ظَنِّيًّا احْتِيَاطًا بِنِيَّةِ رَمَضَانَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَيُجْزِئُ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ.

قوله: (مخصوصة) هي مفسداته، قول:(في زمن) وهو ما بين فجر وغروبه. قوله: (من شخص) أي: مسلم عاقل مميز، غير حائض ونفساء.

قوله: (وصوم رمضان) رمضان زمن ممتد بين انسلاخ شعبان وغرة شوال، وهو تعريف باطل دوري، لأنه تعريف للشيء بما لا يعرف إلا به، والصواب: أنه زمن ممتد امتداد شهر واحد، يشتمل على الأيام الواجب صومها ابتداءً، على الصحيح المقيم المكلف بالتكاليف الشرعية الإسلامية.

تاج الدين البهوتي. قوله: (لم يصوموا) أي: اتفاقاً. قوله: (وجب صيامه) خلافاً للشافعية.

ص: 5

وَتُثْبَتُ أَحْكَامُ صَوْمِ مِنْ صَلَاةِ تَرَاوِيحَ ووُجُوبِ كَفَّارَةٍ بِوَطْءٍ فِيهِ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ لَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ وَكَذَا حُكْمُ شَهْرٍ نُذِرَ صَوْمُهُ، أَوْ اعْتِكَافُهُ فِي وُجُوبِ الشُّرُوعِ إذَا غُمَّ هِلَالُهُ وَالْهِلَالُ الْمَرْئِيُّ نَهَارًا وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْمُقْبِلَةِ وَإِذَا ثَبَتَتْ رُؤْيَتُهُ بِبَلَدٍ لَزِمَ الصَّوْمُ جَمِيعَ النَّاسِ

قوله: (لا بقية الأحكام) كحلول دين، ووقوع طلاق. قوله:(وكذا حكم شهر) أي: معين. قوله: (ولو قبل الزوال) يعني: أنه إذا رئي الهلال يمسك إن كان في ثلاثي شعبان، ولا يفطر إن كان في ثلاثي رمضان، وأما إذا رئي نهار التاسع والعشرين، فلم يقل أحد بأنه للماضية، لما يلزم عليه من كون الشهر ثمانية وعشرين. كذا قرره بعض الشافعية. وترجى الشيخ منصور البهوتي كونه مراد أصحابنا، واستدل له بما يأتي في الطلاق، فيما إذا قال لزوجته: إن رأيت الهلال، فأنت طالق. أنها لا تطلق، إلا إذا رأته بعد الغروب. فتدبر. وأقول: يمكن جريان الخلاف في الصورة المذكورة، وإنه يلزم قضاء يوم، عند من جعله للماضية. وأما الطلاق، فمبناه على العرف في الجملة. فتدبر.

قوله: (جميع الناس) ولا يعمل بحساب، وتنجيم، ولو كثرت إصابتهما، فلو فعل، لم يجزئه إذا لم يكن ثم مستند شرعي غير ما ذكر.

ص: 6

وَإِنْ ثَبَتَتْ نَهَارًا أَمْسَكُوا وَقَضَوْا كَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَقَلَ أَوْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ تَعَمَّدَ مُقِيمٌ أَوْ طَاهِرَةٌ الْفِطْرَ فَسَافَرَ أَوْ حَاضَتْ أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ أَوْ بَرِيءَ مَرِيضٌ مُفْطِرَيْنِ أَوْ بَلَغَ صَغِيرٌ فِي أَثْنَائِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ صَائِمًا بِسِنٍّ أَوْ احْتِلَامٍ، وَقَدْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ فَيُتِمُّ وَيُجْزِئُ كَنَذْرِ إتْمَامِ نَفْلٍ وَإِنْ عَلِمَ مُسَافِرٌ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ لَا صَغِيرٌ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْلُغُ غَدًا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ

قوله: (أو حاضت) أي: يلزمهما الإمساك، ويعايا بهما، فيقال لنا: مسافر سفر قصر، لم يجز له الفطر، وحائض يلزمها الإمساك؟ ! ومفهومه: أنهما لو لم يتعمدا الفطر، لم يلزمهما الإمساك، فصرح بجواز الفطر في الأولى فيما يأتي، وإن كان الأفضل فيها إتمام الصوم. وأما في الثانية: فالظاهر: وجوب الفطر فيها. قوله: (وقد نوى) أي: البالغ بسن أو احتلام، ومفهومه: أن البلوغ بالنبات بخلافهما. قوله: (ويجزيء) أي: إتمام ذلك اليوم؛ لأنه فعل ما وجب عليه مستوفياً لشرطه، وهو تبييت النية من الليل.

قوله: (لزمه الصوم) كمن نذر صوم يوم يقدم فلان، وعلم قدومه في غدٍ، فينويه من الليل.

ص: 7

فصل

ويقبل فيه وحده خبر مكلف عَدْلٍ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ أُنْثَى أَوْ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِحَاكِمٍ وَتَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ فَلَوْ صَامُوا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَوْهُ قَضَوْا يَوْمًا فَقَطْ وَبِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَرَوْهُ أَفْطَرُوا لَا بوَاحِدٍ وَلَا لِغَيْمٍ فَلَوْ غُمَّ لِشَعْبَانَ

قوله: (عدلٍ) قال في "الإقناع": لا مستور. قوله: (يوماً فقط) مبني على قاعدتين: إحداهما: أن الشهر قد يكون تسعة وعشرين، والثانية: أنا لا نوجب بالشك. قوله: (أفطروا) وعند مالك: ويكذب الشاهدان حيث كان صحواً. وعبارة "مختصرهم": وإن لم ير صحواً بعد الثلاثين كذباً. انتهى. محمد الخلواتي.

قوله: (فلو غم لشعبان) إلى قوله: (وكذا الزيادة) اعلم: أن توضيح هاتين المسألتين يتأتى بعد معرفة قاعدة حسابية، هي: أن الشهر إذا دخل بيوم كالجمعة، كان ذلك اليوم هو التاسع والعشرين، وإذا علمت ذلك، فصورة

ص: 8

_________

الأولى، أعني: قوله: (فلو غم لشعبان

إلخ) أن تكون ليلة الجمعة مثلاً، هي ليلة الثلاثين من رجب، فغم هلال شعبان تلك الليلة، فنفرض أن الجمعة هي أول شعبان، فتكون هي التاسع والعشرين منه، ثم إنه ليلة الثلاثين من شعبان -وهي ليلة السبت في المثال- غم هلال رمضان أيضاً، فنفرض أن يوم السبت هو أول رمضان، هذا هو الفرض الأول، الذي سكت عنه المصنف هنا، اعتماداً على فهمه مما تقدم أول الباب. وأما الفرض الثاني: فقد ذكره، وهو أنا في آخر رمضان نفرض أن رجباً كان ثلاثين، وأن الجمعة آخره، وأن شعبان ثلاثون، وأن أوله السبت، وآخره الأحد، فإذا لم نر الهلال في آخر رمضان، لم نفطر حتى يتم من أول صومنا اثنان وثلاثون يوماً. فعلى الفرض الثاني -وهو تقدير تمام رجب وشعبان- يكون أول رمضان الاثنين، وآخره الثلاثاء، وقد كمل بذلك اثنان وثلاثون، فقد ظهر أن أول صومنا السبت، وآخره الثلاثاء، فالسبت هو التاسع والعشرون من أول صومنا وبعد ثلاثة أيام، آخرها الثلاثاء، وتلك اثنان وثلاثون، هذا آخر الكلام على المسألة الأولى.

وأما الثانية، وهي قوله:(وكذا الزيادة) فالمعنى: وكذا وجوب صوم الزيادة على الصوم الواجب، الواقعة في آخر الصوم، فإن الزيادة في هذه المسألة واقعة في آخر الصوم، كما سيجيء، وفي المسألة الأولى في أوله، كما مر. ومثالها، أعني: المسألة الثانية: أن تكون الجمعة تمام الثلاثين من شعبان،

ص: 9

ورَمَضَانَ وَجَبَ تَقْدِيرُ رَجَبٍ، وشَعْبَانَ نَاقِصَيْنِ فَلَا يُفْطِرُوا قَبْلَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِلَا رُؤْيَةٍ وَكَذَا الزِّيَادَةُ لَوْ غُمَّ لِرَمَضَانَ

وغم هلال رمضان تلك الليلة، فإنا نفرض أولاً، أن الجمعة أول رمضان، فتكون هي التاسع والعشرين، ثم غم هلال شوال ليلة السبت، فنفرض ثانياً أن شعبان ثلاثون، وآخره الجمعة، وأن رمضان ثلاثنو، وآخره الأحد، فلا نفطر بلا رؤية، إلا يوم الاثنين، فقد صمنا إحدى وثلاثين، أولها الجمعة، وأخرها الأحد، ثم ثبت ببينة أن شعبان ورمضان كانا ناقصين، فيكون صومنا الجمعة أول الشهر صادف محله، وآخره الجمعة، لنقصه، وتبين أن يوم السبت والأحد الواقعين في آخر صومنا، كان زائدين على الصوم الواجب، فقد ظهر في هذه الصورة وجب صيام زيادة في آخر الصيام احتياطا، كما وجب في صورة المسألة الأولى صوم زيادة في أول الصوم احتياطاً. فتأمل ذلك كله، وكرر النظر فيه، والله أعلم.

قوله: (وجب تقدير رجب) مصروف، كما في "المطلع". قوله:(وشعبان) غير مصروف. قوله: (وكذا الزيادة) يعني: أنه يجب صوم الزيادة على الصوم الواجب الواقع في آخره، كما يجب صوم الزيادة في أوله، كما في الصورة السابقة.

ص: 10

وَشَوَّالٍ، وأَكْمَلْنَا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وكَانَا نَاقِصَيْنِ وَمَنْ رَآهُ وَحْدَهُ لِشَوَّالٍ. لَمْ يُفْطِرْ ولِرَمَضَانَ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَجَمِيعُ أَحْكَامِ الشَّهْرِ، مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِمَا مُعَلَّقٍ بِهِ وَإِنْ اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى مَنْ أُسِرَ، أَوْ طُمِرَ، أَوْ بِمَفَازَةٍ وَنَحْوِهَا تَحَرَّى وَصَامَ وَيُجْزِئُهُ إنْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ وَافَقَهُ أَوْ مَا بَعْدَهُ لَا إنْ وَافَقَ الْقَابِلَ، فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ويَقْضِي مَا وَافَقَ عِيدًا أَوْ أَيَّامَ تَشْرِيقٍ

قوله: (وشوال) شوال -بوزن صوام- مصروف. "مطلع". قوله: (أو بمفازة) أي: مهلكة، من أسماء الأضداد، لكن المراد هنا: حقيقة البرية. تاج الدين البهوتي. قوله: (فلا يجزئ) يعني: الصوم. "شرح". قوله: (ويقضي) أي: من اشتبهت عليه الأشهر.

ص: 11

وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً، ثُمَّ عَلِمَ قَضَى مَا فَاتَ مُرَتَّبًا شَهْرًا عَلَى إثْرِ شَهْرٍ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَادِرٍ مُكَلَّفٍ لَكِنْ عَلَى وَلِيِّ صَغِيرٍ مُطِيقٍ أَمْرُهُ بِهِ وَضَرْبُهُ عَلَيْهِ لِيَعْتَادَهُ وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَفْطَرَ، وَعَلَيْهِ لَا مَعَ عُذْرٍ مُعْتَادٍ كَسَفَرٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ

قوله: (مرتباً

إلخ) ترتيبه أن تكون ثلاثين بعد ثلاثين، ولو كانت الأيام والشهور غير متعاقبة، فيصوم ثلاثين ولو غير متوالية، ويجعلها عن رمضان الأول، وكذا الثاني والثالث، هكذا ينبغي أن يقرر المحل، وهو أحسن من حمله على وجوب التوالي في الأيام والشهور، ثم جعله مخالفاً لما يأتي في باب حكم القضاء. واعلم أن هذا مبني على اعتبار نية التعيين، وهو الصحيح، وأما إذا لم نعتبرها، وقلنا بصحة القضاء بنية الأداء، وعكسه، فإنه يجزيء شعبان الثانية عن رمضان الأولى، وشعبان الثالثة عن رمضان الثانية، ويلزم صوم شهر فقط عن رمضان الثالثة. قوله:(لكن على ولي صغير) أي: مميز ذكر أو أنثى، كصلاةٍ. تاج الدين البهوتي. قوله:(وضربه) أي: في عشر سنين. تاج الدين البهوتي.

قوله: (أفطر) أي: جاز له ذلك. قوله: (كسفر) يعني: أنه إذا سافر الكبير

ص: 12

وَمَنْ أَيِسَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى قَضَاءِ فَكَمَغْصُوبٍ وَأَحَجَّ عَنْهُ، ثُمَّ عُوفِيَ وَسُنَّ فِطْرٌ، وَكُرِهَ صَوْمُ سَفَرَ قَصْرٍ وَلَوْ بِلَا مَشَقَّةٍ فَلَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ حُرِّمَا ولِخَوْفِ مَرَضٍ بِعَطَشٍ أَوْ غَيْرِهِ وخَوْفِ مَرِيضٍ

العاجز عن الصوم، أو مرض، فلا فدية عليه؛ لأنه أفطر بعذر معتاد، ولا قضاء لعجزه عنه.

ويعايا بها، فيقال: مسلم مكلف أفطر عمداً في رمضان، ولم يلزمه قضاء ولا كفارة؟ ! ومن تقريرنا علمت أن الكاف في قوله:(كسفر) للتمثيل لا للتنظير. وبخطه على قوله: (كسفر) تنظير لا تمثيل، بل هو تشبيه.

تاج الدين البهوتي. وفيه نظر.

قوله: (ثم عوفي) فهم منه: أنه لو عوفي قبل إطعام، تعين القضاء كمعضوب عوفي قبل إحرام نائبه، كما ذكره في "شرح الإقناع". وبخطه أيضاً على قوله:(ثم عوفي) أي: فإنه يجزئه الإطعام، ولا قضاء عليه، إلا إن عوفي قبل غروب يومٍ، فيقضيه وجوباً. تاج الدين البهوتي. قوله:(وكره صوم) لعل الفرق بينه وبين إتمام الصلاة زيادة المشقة غالباً.

قوله: (حرما) أي: حيث لا علة لسفره إلا الفطر. قاله منصور البهوتي.

ص: 13

وَحَادِثٍ بِهِ فِي يَوْمِهِ ضَرَرًا بِزِيَادَتِهِ أَوْ طُولِهِ بِقَوْلِ ثِقَةٍ وَجَازَ وَطْءٌ لِمَنْ بِهِ مَرَضٌ يَنْتَفِعُ بِهِ فِيهِ أَوْ شَبَقٌ وَلَمْ تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِدُونِهِ وَيَخَافُ تَشَقُّقَ أُنْثَيَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَيَقْضِي مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ لِشَبَقٍ فَيُطْعِمُ كَكَبِيرٍ وَمَتَى لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِإِفْسَادِ صَوْمِ مَوْطُوءَةٍ جَازَ لَهُ ضَرُورَةً فصَائِمَةٍ أَوْلَى مِنْ حَائِضٍ وَتَتَعَيَّنُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ

ومنه يعلم: أنه لو أراد السفر لتجارة مثلاً، فأخر السفر إلى رمضان ليفطرهـ أنه يجوز له ذلك. فتدبر.

قوله: (ثقة) أي: مسلم عدل، ما لم يكن المريض طبيباً ولو فاسقاً، كإفتاء فاسق نفسه، وكتقويم جزاء صيد مع عدالته فقط. تاج الدين البهوتي. وبخطه أيضاً على قوله:(ثقة) حتى من به رمد يخاف بترك الاكتحال، فيجوز له الفطر. قوله:(أنثييه) أي: أو ذكره، أو مثانته. قوله:(ككبير) أي: ما لم يكن ثم عذر معتاد، كمرض، أو سفر، كالكبير. قال منصور البهوتي: ولعل حكم زوجته أو أمته التي ليس له غيرها كذلك. انتهى. قوله: (أولى من حائض) لتحريمها بنص القرآن. قوله: (وتتعين

إلخ) قال منصور البهوتي: ولعل مثله لو أمكنه وطء من لزمها الإمساك، كطاهرة ونحوها أثناء النهار. قوله:(من لم تبلغ) ومفطرة أولى من صغيرة صائمة. تاج الدين البهوتي.

ص: 14

وَإِنْ نَوَى حَاضِرٌ صَوْمَ يَوْمٍ وَسَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ إذَا خَرَجَ وَالْأَفْضَلُ عَدَمُهُ وَكُرِهَ صَوْمُ حَامِلٍ وَمُرْضِعٍ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ الْوَلَدِ وَيَقْضِيَانِ الْفِطْرَ وَيَلْزَمُ مَنْ يَمُونُ الْوَلَدَ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ فَقَطْ إطْعَامُ مِسْكِينٍ كُلَّ يَوْمٍ مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ وَتُجْزِئُ إلَى وَاحِدٍ جُمْلَةً وَمَتَى قَبِلَ رَضِيعٌ ثَدْيِ غَيْرِهَا وَقَدَرَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ لَمْ تُفْطِرْ وَظِئْرٌ كَأُمٍّ فَلَوْ تَغَيَّرَ لَبَنُهَا بصَوْمِهَا أَوْ نَقَصَ فَلِمُسْتَأْجَرٍ

قوله: (ومرضع) أي: هي أم. قوله: (ويلزم من يمون الولد

إلخ) أي: فوراً، فلا يؤخر إلى وقت القضاء، خلافاً لمجد الدين عبد السلام ابن تيمية في نجويزه ذلك. فقوله فيما بعد:(ويجزيء إلى واحد جملة) أي: مع حرمة التأخير، حيث لم يدفعها إلا في آخر يوم، أو يحمل على معنى تكريرها لواحد. قوله:(إطعام) ولا يسقط بعجزٍ، وكذا كبير ومأيوس. قوله:(وظئر) أي: غير أم. قوله: (فلو تغير لبنها

إلخ) علم منه: أنه لا يحرم

ص: 15

الْفَسْخُ وَتُجْبَرُ عَلَى فِطْرٍ إنْ تَأَذَّى الرَّضِيعُ وَيَجِبُ الْفِطْرُ عَلَى مَنْ احْتَاجَهُ لِإِنْقَاذِ مَعْصُومٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ كَغَرَقٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ أُبِيحَ لَهُ فِطْرٌ بِرَمَضَانَ صَوْمُ غَيْرِهِ فِيهِ

عليها ذلك، لكن لو قصدت الإضرار، أثمت، كما قاله ابن الزاغوني.

وقال أبو الخطاب: تأثم حيث تأذى الصبي، أي: مطلقاً.

قوله: (وتجبر على فطر

إلخ) أي: يجبرها الحاكم على ذلك قبل فسخ الإجارة، وظاهره: سواء كان الإجبار بطلب المستأجر، أو لا، وسواء قصدت الإضرار، أو لا، فيحرم عليها ذلك، وهذا قول أبي الخطاب. قال في "الفروع": وهو متجه. انتهى.

وقال ابن الزاغوني: إن قصدت الإضرار، أثمت، وكان للحاكم إلزامها بالفطر بطلب المستأجر، وجزم به في "الإقناع". وبخطه على قوله:(وتجبر على فطر) أي: بطلب مستأجر. قوله: (فيه) أي: فلا يصح ولو عن رمضان آخر أو عن يوم من رمضان في يوم ثان منه في عامه. تاج الدين البهوتي.

ص: 16

فصل

وشرط لكل يوم واجب نية معينة مِنْ اللَّيْلِ وَلَوْ أَتَى بَعْدَهَا لَيْلًا بِمُنَافٍ لِلصَّوْمِ وَلَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَلَوْ نَوَى إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، فَفَرْضٌ وَإِلَّا فَنَفْلٌ أَوْ عَنْ وَاجِبٍ وَعَيَّنَهُ بِنِيَّةٍ لَمْ تُجْزِئْهُ إلَّا إنْ قَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ

قوله: (لكل يوم) أي: لصوم، أو واجب صومه. تاج الدين البهوتي.

قوله: (بمناف) يعني للصوم، لا للنية. قوله:(إن كان غداً) بالنصب على إضمار اسم كان، أي: إن كان الصيام غداً، ودل على تقديره قوة الكلام.

ومن كلامهم: إذا كان غداً، فأتني. كذا في "المطلع"، وذكر ما يقتضي جواز تصرفه. قوله:(ففرضي) قال في "المطلع": كذا بخط المصنف -يعني: الموفق- بياء المتكلم أي: الذي فرضه الله علي. انتهى. والله أعلم.

قوله: (لم يجزئه) والفرق بين ما هنا والزكاة، حيث قالوا: لو أخرج زكاته، وقال: هذا عن مالي الغائب إن كان سالماً، وإلا فعن الحاضر، إنه يجزئه.

أن تعيين المزكى ليس شرطاً، بخلاف الصوم الواجب. فتنبه. وأيضاً: الأصل في المال الغائب السلامة/ والأصل في رمضان عدم دخوله.

ص: 17

وَإِذَا نَوَى خَارِجَ رَمَضَانَ وَقَضَاءً وَنَفْلًا أَوْ نَذْرًا، أَوْ كَفَّارَةَ نَحْوِ ظِهَارٍ فنَفْلٌ وَمَنْ قَالَ: أَنَا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ الشَّكَّ أَوْ التَّرَدُّدَ فِي الْعَزْمِ أَوْ الْقَصْدِ فَسَدَتْ نِيَّتُهُ

قوله: (أو نذراً، أو كفارة ظهار) ظاهر "الشرح": أنه عطف على قوله: (ونفلا) فتكون نية القضاء، مع كل من نية النفل والنذر والكفارة، فتبطل نية التشريك بينهما فيها في الصور الثلاث، فتبقى نية الصوم مجردة عن الواجب، فيكون نفلا، ويصح من غير من عليه واجب، ويشكل فيمن هو عليه، والأولى عطف جمع النفل مع كل صورة من الواجبات الثلاث، أو يحمل القضاء على قضاء غير رمضان، كقضاء نذر أو كفارة.

تاج الدين البهوتي ملخصاً. قوله: (أو كفارة ظهار) الأظهر: إسقاط (ظهار). محمد الخلوتي. قوله: (فنفل) خالف فيه صاحب "الإقناع"، فقال بعدم صحة النفل أيضا؛ لأن من عليه قضاء رمضان، لا يصح تطوعه قبله. وكذا القول في قوله:(ومن قطع نية قضاء ثم نوى نفلا)، وقوله:(وإن قلب نية قضاء إلى نفلٍ). فتدبر. وأجاب منصور البهوتي عما ذكر، بأنه ربما داز شيء تبعاً، وإن لم يجز استقلالاً، قال: بدليل صحة قلب الفرض نفلا في وقت النهي. انتهى. وفيه شيء. فليحرر.

قوله: (في العزم أو القصد) يفهم منه: المغايرة بينهما، وقد قال النووي:

ص: 18

وَإِلَّا فَلَا.

وَمَنْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ لَيْلًا أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى، وَكَذَا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ وَيَصِحُّ مِمَّنْ أَفَاقَ جُزْءًا مِنْهُ أَوْ نَامَ جَمِيعَهُ وَيَقْضِي مُغْمًى عَلَيْهِ فَقَطْ وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ فَكَمَنْ لَمْ يَنْوِ فَيَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَهُ نَفْلًا بِغَيْرِ رَمَضَانَ وَمَنْ قَطَعَ نِيَّةَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ ثُمَّ نَوَى نَفْلًا صَحَّ وَإِنْ قَلَبَ نِيَّةَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ إلَى نَفْلٍ صَحَّ وَكُرِهَ لِغَيْرِ غَرَضٍ

النية: القصد، وهو عزيمة القلب. فتعقبه الكرماني؛ بأن المتكلمين قالوا: القصد إلى الفعل: هو ما نجده في أنفسنا حال الإيجاد، والعزم قد يتقدم عليه، ويقبل الشدة والضعف، بخلاف القصد، ففرقوا بينهما من جهتين، فلا يصح تفسيره به، وكلام الخطابي أيضاً مشعر بالمغايرة بينهما، كما ذكر ذلك الجلال السيوطي في تأليف سماه بـ "منتهى الآمال في شرح حديث إنما الأعمال".

قوله: (وإلا) أي: بأن نوى التبرك، أو لم ينو شيئا. قوله:(بنية) أي: مع نية الصوم أو سببها. قوله: (جزءاً منه) أي: وقد بيت النية. قوله: (أو نام جميعه) أي: وقد بيت النية. قوله: (فقط) لتكليفه دون مجنون،

ص: 19

وَيَصِحُّ صَوْمُ نَفْلٍ بِنِيَّةٍ أَثْنَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيُحْكَمُ بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُثَابِ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهَا فَيَصِحُّ تَطَوُّعُ مَنْ طَهُرَتْ أَوْ أَسْلَمَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَأْتِيَا فِيهِ بِمُفْسِدٍ

لعدم تكليفه، وينبغي أن يقيد بما إذا لم يتصل جنونه بإغماء محرم، وإلا فيقضي، كما لو تقدم نظيره في الصلاة.

قوله: (ولو بعد الزوال) أي: ولو قبيل الغروب.

قوله: (فيصح تطوع من طهرت

إلخ) بخلاف ما لو قلنا: بأنه يحكم بالصوم الشرعي من الفجر، فإنه لا يصح التطوع لمن ذكر، لعدم الأهلية. قوله:(أو أسلم في يوم) أي: من غير مضان.

ص: 20