المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الخيار الْخِيَارُ: اسْمُ مَصْدَرِ اخْتَارَ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ وَأَقْسَامُهُ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٢

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌باب الخيار الْخِيَارُ: اسْمُ مَصْدَرِ اخْتَارَ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ وَأَقْسَامُهُ

‌باب الخيار

الْخِيَارُ: اسْمُ مَصْدَرِ اخْتَارَ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ وَأَقْسَامُهُ ثَمَانِيَةٌ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَيَثْبُتُ فِي بَيْعٍ غَيْرَ كِتَابَةٍ وتَوَلِّي طُرُقِ عَقْدٍ وشِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْمُنَقِّحُ: أَوْ يَعْتَرِفُ بِحُرِّيَّتِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَكَبَيْعٍ صُلْحٌ وقِسْمَةٌ وهِبَةٌ بِمَعْنَاهُ وإجَارَةٌ

قوله: (وأقسامه) أي: باعتبار أسبابه. قوله: (ثمانية) يعني: بالاستقراء. قوله: (وشراء من يعتق عليه) أي: فلا خيار لمشتر وحده، وأما البائع، فهو على خياره على الصحيح. فيراجع «تصحيح الفروع». فتدبر. قوله:(بمعناه) راجعٌ للثلاثة، أي: بأن يكون الصلح على إقرار، والقسمةُ على التراضي، والهبة على عوضٍ معلومٍ، فإن الثلاثة إذن في معنى البيع.

ص: 297

ومَا قَبَضَهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ ورِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ لَا فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ وحَوَالَةٍ وسَبْقٍ ونَحْوهَا وَيَبْقَى إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا عُرْفًا بِأَبْدَانِهِمَا ومَعَ إكْرَاهٍ أَوْ فَزَعٍ مِنْ مَخُوفٍ أَوْ إلْجَاءٍ بِسَيْلٍ أَوْ حَمْلٍ إلَى أَنْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسٍ زَالَ فِيهِ إلَّا إنْ تَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ أَوْ يُسْقِطَاهُ بَعْدَهُ

قوله: (وما قبضه

إلخ) إنما نصَّ على هذه مع أنها من البيع؛ لئلا يتوهم أنه لا يثبت فيها خيار المجلس، كما لا يثبت فيها خيار الشرط. منصور البهوتي. محمد الخلوتي. قوله:(وربوي بجنسه) أي: فإن ذلك مما القبض فيه شرط لصحته. وهذه العبارة أحسن من قول بعضهم: وربوي بربوي، لصدقه بما إذا بيع مكيلٌ بموزونٍ. مع أن القبض حينئذ غير معتبر. فتنبَّه. قوله:(لا في مساقاةٍ ومزارعة) لا فائدة لهذا النفي إلا على القول الضعيف القائل بأنهما عقدان لازمان، ومثلهما المسابقة. محمد الخلوتي. قوله:(ويبقى) يعني: من عقد.

قوله: (ومع إكراه) أي: لهما، فإن أكرِهَ أحدهما، بقيَ خيارُه فقط. قوله:(زال فيه) أي: بعد اجتماعهما، وهل يضرُّ طولُ فصلٍ بين زوالِ المانِع والاجتماعِ؟

ص: 298

وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ وَتَحْرُمُ الْفُرْقَةُ خَشْيَةَ الِاسْتِقَالَةِ وَيَنْقَطِعُ خِيَارُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لَا جُنُونِهِ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إذَا أَفَاقَ وَلَا يَثْبُتُ لِوَلِيِّهِ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَاهُ فِي الْعَقْدِ، أَوْ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ إلَى أَمَدٍ

قوله: (خشية الاستقالة) أي: فسخ البيع لا الإقالة الآتية، لعدم توقفها على خيار. قوله: (وينقطع خيار

إلخ) أي: خيارُهما، كما في «الإقناع». قوله:(وهو) أي: من جن منهما على خياره إذا أفاق. وظاهره: ولو كان قنا فيما أذن له فيه. واستظهر الشيخ منصور البهوتي: أن سيد القن المأذون له في التجارة بمنزلة الموكل، فإن كان حاضر العقد، ثبت الخيار له، وإن لم يكن حاضرا، فالخيار للقنِّ إذا أفاق. واستظهر أيضا: أن الصغير بمنزلة المكلف، فيثبت الخيار له، لا لوليه، ولا ينتظر به بلوغه؛ لأنه عاقل، فيثبت الخيار له فيما يصح تصرفه فيه. انتهى. شيخنا محمد الخلوتي. قوله:(ولا يثبت لوليه) ولعله ما لم يطبق الجنون.

ص: 299

مَعْلُومٍ فَيَصِحُّ وَلَوْ فِيمَا يَفْسُدُ قَبْلَهُ وَيُبَاعُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ إلَيْهِ لَا فِي عَقْدِ حِيلَةً لِيَرْبَحَ فِي قَرْضٍ فَيَحْرُمُ وَلَا خِيَارَ، وَلَا يَحِلُّ تَصَرُّفُهُمَا الْمُنَقِّحُ: فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ

قوله: (ويحفظ ثمنه إليه) أي: إلى مضي ذلك الأمر، فإن تم ولم يختر أحدهما الفسخ، فالثمن المحفوظ للمشتري، ولو كان أنقص مما دفع من الثمن، ولا يرجع بالخسران، ولو كان بسبب اشتراط صاحب تلك المدة التي وقع البيع لأجلها خوف الفساد، وإن اختار أحدهما الفسخ، دفع الثمن المحفوظ إلى البائع ولو كان أكثر من ثمن المبيع أو أقل. ولا يرجع الآخر بخسران ولو كان صاحبه هو المفوت عليه أيضاً. محمد الخلوتي. قوله:(ليربح) يعني: مشتر صورة، مقرض حقيقة، وربحه بانتفاعه بالمبيع زمن خيار، فكأنه أقرضه الدراهم التي سميت ثمناً، وشرط عليه الانتفاع بالدار مدة القرض، فهو قرض جر نفعًا، وذلك حرام، كما سيأتي. قوله:(في قرض) أي: في ثمن هو في معنى القرض.

ص: 300

وَيَثْبُتُ فِي بَيْعٍ وَصُلْحٍ وَقِسْمَةٍ بِمَعْنَاهُ وإجَارَةٍ فِي ذِمَّةٍ أَوْ مُدَّةٍ لَا تَلِي الْعَقْدَ لَا فِيمَا قَبَضَهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ وَابْتِدَاءُ مُدَّةٍ مِنْ عَقْدٍ وَيَسْقُطُ بِأَوَّلِ الْغَايَةِ فإلَى صَلَاةٍ بِدُخُولِ وَقْتِهَا، ك الْغَدِ وَإِنْ شَرَطَاهُ يَوْمًا وَيَوْمًا صَحَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ لَهُمَا وَلَوْ وَكِيلَيْنِ كَمُوَكِّلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَأْمُرَاهُمَا بِهِ وفِي مُعَيَّنٍ مِنْ مَبِيعَيْنِ بِعَقْدٍ وَمَتَى فُسِخَ فِيهِ رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ ومُتَفَاوِتًا ولِأَحَدِهِمَا ولِغَيْرِهِمَا وَلَوْ الْمَبِيعَ وَيَكُونُ تَوْكِيلًا لَهُ فِيهِ لَا لَهُ دُونَهُمَا

قوله: (ويثبت

إلخ) لم يستثن الكتابة، وتولي طرفي العقد، وشراء من يعتق عليه، كما صنع فيما سبق، فهل يؤخذ بدلالة المفهوم أنه يثبت فيها خيار الشرط أو يؤخذ بدلالة الأولى أنه لا يثبت فيها؟ وهو الظاهر في الكتابة من قوله -في بابها-، (والكتابة عقد لازم لا يثبت فيها خيار) انتهى. (وخيار) - في كلامه - نكرة في سياق النفي، فتعم كل نوع. وأيضا ظاهر (إسقاطه) الهبة: أنه لا يثبت فيها خيار الشرط، وليس كذلك، كما هو مصرح به. شيخنا محمد الخلوتي. قوله:(ومتفاوتاً) عطف على حال محذوفة من الهاء في (شرطه)، أي: متساوياً ومتفاوتاً. قوله: (ولأحدهما) يعني: معيناً، وإلا لم يصح.

ص: 301

وَلَا يَفْتَقِرُ فَسْخُ مَنْ يَمْلِكُهُ إلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ وَلَا رِضَاهُ وَإِنْ مَضَى زَمَنُهُ وَلَمْ يَفْسَخْ لَزِمَ وَيَنْتَقِلُ مِلْكٌ بِعَقْدٍ وَلَوْ فَسَخَاهُ بَعْدُ فَيَعْتِقُ بِشِرَاءٍ مَا يَعْتِقُ عَلَى مُشْتَرٍ وَيَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَبِيعٍ وَكَسْبُهُ وَنَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ لَهُوَمَا أَوْلَدَ فَأُمُّ وَلَدٍ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَى بَائِعٍ بِوَطْءِ الْمَهْرُ ومَعَ عِلْمِ تَحْرِيمِهِ وزَوَالِ مِلْكِهِوَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِوَطْئِهِ الْحَدُّ وَوَلَدُهُ قِنٌّ وَالْحَمْلُ وَقْتَ عَقْدِ مَبِيعٍ لِإِنْمَاءٍ فَتُرَدُّ الْأُمَّاتُ بِعَيْبٍ بِقِسْطِهِا

قوله: (وما أولد) أي: مشتر. وفي سقوط خيار بائع بالإحبال روايتان، وعلى رواية عدم السقوط يرجع بقيمة أم الولد؛ لتعذر ردها.

قال منصور البهوتي: وقياس ما ذكر في عتق المشتري وإتلافه للمبيع بطلان خيار البائع -انتهى- أي: فيلزم البيع، ويستقر للبائع الثمن. قوله:(وولده قن) ومع الجهل بما سبق، فالولد حر. قوله:(مبيع) أي: في حكم المبيع، فهو كإحدى عينين، فإذا تعيبت إحداهما ردت بقسطها من الثمن، فلذلك فرع عليه قوله: (فترد الأمات

إلخ) وهذا الصحيح من الروايتين، والكلام هنا في البهائم بدليل قوله:(الأمات)، دون الآدميات، وإلا لقال: الأمهات. قوله: (فترد الأمات

إلخ) قال منصور البهوتي: قلت: فإن كانت أمة، ردت هي وولدها؛

ص: 302

وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُمَا مَعَ خِيَارِهِمَا فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَمُثَمَّنٍ وَيَنْفُذُ عِتْقُ مُشْتَرٍ لَا غَيْرُ عِتْقٍ مَعَ خِيَارِ الْآخَرِ إلَّا مَعَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ بَائِعٌ مُطْلَقًا إلَّا بِتَوْكِيلِ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ فَسْخًا وَتَصَرُّفُ مُشْتَرٍ بِيعَ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ لَمْسٍ لِشَهْوَةٍ

نَحْوِهِ وَسَوْمِهِ

لتحريم التفريق على القولين. انتهى. قال شيخنا محمد الخلوتي: ليس غرضه من ذلك التنكيت على المصنف، بل مجرد الفائدة؛ لأن المصنف عبر بالأمات، وهي: مختصة بالبهائم على الصحيح في اللغة، وإنما ترك المصنف هنا التنبيه على ذلك اعتماداً على ما يأتي في خيار العيب. فتدبر.

قوله: (مطلقاً) أي: سواء كان الخيار لهما، أو له، أو لمشتر. "شرحه" قوله:(وليس فسخاً) يعني: فلا بد من قوله: فسخت البيع ونحوه، كما في "الإقناع"، و "شرحه". قوله:(أو لمس) قال منصور البهوتي: الأولى التعبير بالواو، أو مراده إن "أو" بمعنى الواو؛ لأن اللمس ليس من التصرف، فهو معطوف عليه بالرفع. محمد الخلوتي.

ص: 303

إمْضَاءٌ وَإِسْقَاطُ الْخِيَارَةِ لَا لِتَجْرِبَةٍ كَاسْتِخْدَامٍ وَلَا إنْ قَبَّلَتْهُ الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَمْنَعْهَا وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا مُطْلَقًا بِتَلَفِ مَبِيعٍ بَعْدَ قَبْضٍ وتْلَافِ مُشْتَرٍ إيَّاهُ مُطْلَقًا وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِأَمَةٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا

قوله: (إمضاء) أي: ولو فسد تصرفه. قوله: (كاستخدام) تنظير وتشبيه، لا تمثيل، هذا المفهوم من عبارة "الإقناع". فتدبر. قوله:(مطلقاً) أي: خيار مجلس، أو شرط. "شرحه". قوله:(بعد قبض) وكذا قبله، لكن التالف إذن قسمان: ما هو من ضمان مشتر، فيبطل الخيار فقط. وما ليس من ضمانه، كما لو اشترى بكيل، فيبطل البيع بتلفه، ويبطل معه الخيار. قوله:(مطلقاً) أي: قبض أو لم يقبض، اشترى بكيل أو وزن، أو لا، لاستقرار الثمن بذلك في ذمته. "شرحه". قوله: (وإن باع عبداً

إلخ) يعني: بشرط خيار. قوله: (فمات العبد) يعني: أو أعتقه، أو باعه، ونحوه مما يتعذر رده معه، بخلاف ما لو كان باقياً بحاله، فإن البائع يسترجعه، ولا خصوص

ص: 304

وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَيُوَرَّثُ خِيَارُ الشَّرْطِ إنْ طَالَبَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي إرْثِ خِيَارِ غَيْرِهِ الثَّالِثُ خِيَارُ غَبْنٍ يَخْرُجُ عَنْ عَادَةٍ

لهذه الصورة، بل كذلك سائر السلع المبيعة أو المجعولة ثمنا، إذا علم بعيبها من صارت إليه بعد العقد، فإن له الفسخ واسترجاع العوض من قابضه إن كان باقياً، أو بدله إن تعذر رده، ذكر ذلك صاحب "الإقناع" في خيار العيب، وهو أنسب من ذكره هنا، فانظر ما النكتة التي قصدها المصنف؟ فتدبر. وكأن النكتة: أن العبد لما كان مبيعا بشرط الخيار فمات، وقد قرر المصنف أن الخيار يبطل مطلقاً بتلف مبيع، فربما يتوهم في صورة العبد عدم الخيار بالكلية فدفعه المصنف بأنه قد خلف خيار الشرط -الذي قلنا ببطلانه بتلف المبيع- خيار العيب في الثمن، وهو لا يؤثر فيه التلف، فلهذا كان له رد الأمة، والرجوع بقيمة العبد. فتدبر.

قوله: (قبل موته) كشفعة وحد قذف؛ بأن يقول: أنا على حقي من الخيار. قوله: (غيره) كعيب، وتدليس.

ص: 305

وَيَثْبُتُ لِرُكْبَانٍ تُلُقُّوا وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ إذَا بَاعُوا أَوْ اشْتَرَوْا وَغُبِنُوا وَالْمُسْتَرْسَلُ غَبْنٌ. وَهُوَ مَنْ جَهِلَ الْقِيمَةَ وَلَا يُحْسِنُ يُمَاكِسُ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ وَفِي نَجْشٍ، بِأَنْ يُزَايِدَهُ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً وَلَوْ بِلَا مُوَاطَأَةٍ وَمِنْهُ أُعْطِيتُ كَذَا، وَهُوَ كَاذِبٌ وَلَا أَرْشَ مَعَ إمْسَاكِ

قوله: (ولمسترسل) أي: معتمد على صدق غيره، لسلامة سريرته، فينقاد له انقياد الدابة لقائدها. محمد الخلوتي. قوله:(وهو: من جهل القيمة) ويقبل قوله بيمينه في جهل القيمة، وإن لم تكذبه قرينة. ذكره في "الإقناع". وقال ابن نصر الله: الأظهر: احتياجه للبينة. "شرحه". قوله: (ولو بلا مواطأة) ولا بد من كون المزايد عارفاً بالقيمة ليحصل الاغترار بزيادته. قوله: (وهو كاذب) وإذا أخبره أنه اشتراها بكذا، وكان زائداً عما اشتراها به، لم يبطل البيع، وكان له الخيار، صححه في "الإنصاف". "شرحه". وهذا غير ما يأتي في تخبيره بالثمن؛ لأنه قد باعه هنا مساومة، هكذا نقل عن منصور البهوتي.

ص: 306

وَمَنْ قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ: لَا خِلَابَةَ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا خُلِبَ وَالْغَبْنُ مُحَرَّمٌ وَخِيَارُهُ ك عَيْبٍ فِي عَدَمِ فَوْرِيَّةٍ وَلَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ تَعَيُّبُهُ وَعَلَى مُشْتَرٍ الْأَرْشُ وَلَا تَلَفُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يُغْبَنُ كَثِيرًا وَكَبَيْعٍ إجَارَةٌ لَا نِكَاحٌ فِي أَثْنَائِهَا رَجَعَ بِالْقِسْطِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا مِنْ الْمُسَمَّى

قوله: (قيمته) ظاهره: سواء كان مثلياً أو متقوماً. ونظيره ما يأتي في السابع: من أنه إذا تلف المبيع، تحالفا وغرم المشتري قيمته، سواء كان مثليا أو متقوماً. وحكوا هناك قولا آخر: أنه يضمن بمثله إن كان مثلياً، وبقيمته إن كان متقوماً. فليحرر. محمد الخلوتي. قوله: (فإن فسخ

إلخ) هو بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا كان المغبون هو المؤجر، ففسخ، أو كان هو المستأجر، ففسخ، فإن المؤجر في الصورتين ليس له إلا قسط ما مضى من المدة من أجرة المثل، لا من المسمى، فكلام المصنف شامل للصورتين، فإن كان المؤجر قد قبض الأجرة، وهو المغبون، ففسخ، فإن له من المسمى بقسط ما مضى، ويرجع أيضا بما نقص عن أجرة المثل فيما مضى ويرد ما بقي، وإن

ص: 307

الرَّابِعُ: خِيَارُ التَّدْلِيسِ بِمَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ كَتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وتَحْمِيرِ وَجْهٍ وَتَسْوِيدِ شَعْرٍ وَتَجْعِيدِهِ وجَمْعِ مَاءِ الرَّحَى وَإِرْسَالِهِ عِنْدَ عَرْضِ وَيَحْرُمُ كَكَتْمِ عَيْبٍ وَيَثْبُتُ لِمُشْتَرٍ خِيَارُ الرَّدِّ. وَلَوْ حَصَلَ بِلَا قَصْدٍ وَمَتَى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ خُيِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُنْذُ عَلِمَ بَيْنَ إمْسَاكٍ بِلَا أَرْشٍ ورَدٍّ مَعَ صَاعِ تَمْرٍ سَلِيمٍ إنْ حَلَبَهَا وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا قِيمَةً وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ بِغَيْرِهَا فقِيمَتُهُ مَوْضِعُ عَقْدٍ وَيُقْبَلُ رَدُّ اللَّبَنِ بِحَالِهِ بَدَلَ التَّمْرِ

كان المغبون هو المستأجر، فإنه يرجع على المؤجر بقسط ما بقي من المدة من المسمى، ويرجع بما زاد على أجرة المثل في الماضي، هذا خلاصة ما في "الإقناع". وقد أتى المصنف من ذلك بما فيه لذوي الفهم إقناع وبما فيه لأولي التحقيق انتهاء، كيف وهو "المنتهى" نفعنا الله به.

قوله: (كتصرية اللبن) أي: جمعه. قوله: (إن حلبها) وقبله، لا شيء عليه، وذلك بأن يقر بائع أو تشهد به بينة، كما في "الإقناع". قوله:(بدل التمر) وعلى هذا فيصير الشيء بدلا عن بدله، ونظيره: قيام الماء مقام التراب فيمن مات والسفينة باللجة، وألقي في البحر سلا. محمد الخلوتي.

ص: 308

وغَيْرِهَا عَلَى التَّرَاخِي كمَعِيبٍ وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا عَادَةً سَقَطَ الرَّدُّ كَعَيْبٍ زَالَ ومُزَوَّجَةٍ بَانَتْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مُصَرَّاةِ لَبَنٍ كَثِيرٍ فَحَلَبَهُ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ رَدَّهُ أَوْ مِثْلَهُ إنْ عَدِمَؤ وَلَهُ رَدُّ مُصَرَّاةٍ مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ مَجَّانًا الْمُنَقِّحُ: بَلْ قِيمَةُ مَا تَلِفَ مِنْ اللَّبَنِ الْخَامِسُ: خِيَارُ الْعَيْبِ وَمَا بِمَعْنَاهُ وَهُوَ نَقْصُ مَبِيعٍ

قوله: (وغيرها على التراخي) فهم منه: أن خيار المصراة على الفور، لكن فورية عرفية؛ لأنه قد تقدم تقديرها بثلاثة أيام. محمد الخلوتي. قوله:(بانت) يعني: لا رجعية.

قوله: (وإن كان بغير مصراة لبن كثير) يعني: وقت عقد؛ لأنه مبيع، لا إن كان يسيراً، أو حدث بعد بيع ولو كثيراً. قوله:(بعيب) يعني: أو خيار شرط. قوله: (من غير بهيمة الأنعام) يعني: كأمة وأتان. قوله: (وما معناه) أي: العيب، كطول نقل ما في دار عرفاً. قوله:(وهو نقص) أي: ما به نقص مبيع؛ إذ النقص مصدر، إلا أن يجعل اسماً لما به النقص عرفاً. محمد الخلوتي.

قوله: (مبيع) أي: عينه، وإن لم تنقص قيمته بل زادت، كخصاء. "شرحه"، وهذا

ص: 309

أَوْ قِيمَتِهِ عَادَةً كَمَرَضٍ وبَخَرٍ وَحَوَلٍ وَخَرَسٍ وَكَلَفٍ وَطَرَشٍ وَقَرَعٍ وَتَحْرِيمٍ عَامٍّ كَمَجُوسِيَّةٍ وعَفَلٍ وَقَرَنٍ وَفَتَقٍ وَرَتَقٍ واسْتِحَاضَةٍ وَجُنُونٍ وَسَعَالٍ وَبَحَّةٍ وَحَمْلِ أَمَةٍ وذَهَابِ جَارِحَةٍ

يخالف ما تقدم في شروط البيع.

قوله: (أو قيمته) يعني: وإن لم تنقص عينه. قوله: (وبخر) هو نتن الرائحة، وبابه: علم. والأحول: من اعوجت ينه وخرجت عن الاستواء والخرس: منه الكلام خلقة. والكلف: تغيير بشرة الوجه بلون علاه، وبابه: علم. قال الأزهري: ويقال للبهق: كلف. انتهى. والبهق: بياض يخالف لون الجسد وليس ببرص، وقيل: سواد يعتري الجلد. والطرش: الصمم، وقيل: أقل منه، وبابه: علم. والقرع: الصلع، مصدر قرع الرأس: إذا لم يبق عليه شعر. وقال الجوهري: إذا ذهب شعره من آفة، وبابه: علم. والعفل: أن يخرج من فرجها شيء يشبه أدرة الرجل، أو لحم ينبت في قبل المرأة، أو المتلاحمة، أو ورم بين مسلكي المرأة فيضيق حتى يمتنع الإيلاج. قوله:(تحريم عام) بملك ونكاح، وكان ذلك غير خاص بالمشتري، بخلاف أخته مثلا. قوله:(وحمل أمة) أي: لا بهيمةٍ.

ص: 310

أَوْ سِنٍّ مِنْ كَبِيرٍ وزِيَادَتِهَا وزِنَا مَنْ بَلَغَ عَشْرًا وشُرْبِهِ مُسْكِرًا، وَإِبَاقِهِ وَسَرِقَتِهِ، وَبَوْلِهِ فِي فِرَاشِهِ وَحَمَقِ كَبِيرٍ وَهُوَ ارْتِكَابُهُ الْخَطَأَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَكَفَزَعِهِ شَدِيدًا، وَكَوْنُهُ أَعْسَرَ لَا يَعْمَلُ بِيَمِينِهِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ وَعَدَمِ خِتَانِ ذَكَرٍ وَعَثْرَةِ مَرْكُوبٍ وَكَدْمِهِ وَرَفْسِهِ وَحَرَنِهِ وَكَوْنُهُ شَمُوسًا أَوْ بِعَيْنَيْهِ ظَفْرَةٌ، وطُولِ مُدَّة نَقْلِ مَا فِي دَارٍ عُرْفًا وَلَا أُجْرَةَ

قوله: (وزيادتها) أي: الجارحة أو السن، وأفرد الضمير؛ لأن العطف بـ "أو"، أو أن المعنى: أو زيادة المذكورة، أي: منهما. قوله: (من بلغ عشراً) ظاهره: تكرار، أو لا. قاله في "المبدع". "شرح إقناع". قوله:(وحمق كبير) مركب أضافي، وهو أحد ثلاثة أشياء لا دواء لها، كما في قوله:

لكل داء دواء يستطب به

إلا الحماقة والبغضاء والهرما

قوله: (ذكر) يعني: كبير، للخوف عليه. قوله:(وكدمه) أي: عضه.

قوله: (شموساً) أي: مستعصيا. قوله: (أو بعينه ظفرة) في "مختار الصحاح": الظفرة بفتحتين: الجليدة التي تغشي العين، ويقال لها: ظفر أيضاً، بوزن قفل، وقد ظفرت عينه من باب: طرب. محمد الخلوتي.

ص: 311

لِمُدَّةِ نَقْلٍ اتَّصَلَ عَادَةً وَتَثْبُتُ الْيَدُ وَتُسَوَّى الْحُفَرُ وبَقٍّ وَنَحْوِهِ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِهَا وَكَوْنُهَا يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ وثَوْبٍ غَيْرَ جَدِيدٍ مَا لَمْ يَبِنْ أَثَرُ اسْتِعْمَالِهِ ومَاءٍ مُسْتَعْمَلًا فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَاءَ لِشُرْبٍ

قوله: (وتسوى الحفر) يعني: الحاصلة بسبب إخراج دفين. قوله: (وكونها تنزلها الجند) يعني: أو الجن، بل أولى، قال الشيخ تقي الدين: والجار السوء، أي: عيب، كما في "الإقناع". ولهذا يقال: الجار قبل الدار، وأصله قوله تعالى:(رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة).

[التحريم: 11]. حيث ذكر "عندك" قبل "بيتاً"، قال الزمخشري في "تفسيره": ومن هنا قوله:

أني بنيت الجار قبل المنزل

قوله: (وثوب) هو في معنى: وعدم جدة ثوب ما لم يكن

إلخ، وإلا فالثوب ليس بعيب، بل هو معيب. فتدبر. وقد عرضته على شيخنا فأقره.

قوله: (في رفع حدث) لعله أو ما في معناه، وكذا ما فضل من ماء يسير خلت به المكلفة، ونحوه.

ص: 312

لَا مَعْرِفَةِ غَنَاءٍ وَثيُوبَةٍ وعَدَمِ حَيْضٍ وكُفْرٍ وفِسْقٍ بِاعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلِ وتَغْفِيلٍ وعُجْمَةٍ وقَرَابَةٍ وصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَيْنِ لَا يَسِيرَةٍ بِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ فِي مَعِيبٍ قَبْلَ عَقْدٍ أَوْ قَبْضِ مَا يَضْمَنُهُ بَائِعٌ قَبْلَهُ كَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَنَحْوِهِ وَمَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ إذَا جَهِلَهُ ثُمَّ بَانَ بَيْنَ رَدِّ وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ مَا دَفَعَ أَوْ

قوله: (لا معرفة غناء) ما لم يشترط عدمه. قوله: (أو فعل) أي: غير ما تقدم. قوله: أيضا على قوله: (أو فعل) هذا ينافي ما تقدم في قوله: (وزنا من بلغ عشرا، وشربه مسكراً، وسرقته، وإباقه)، فالأولى ما في "الإقناع" حيث خصص الفسق هنا بالاعتقاد، فقال: وليس الفسق من جهة الاعتقاد والتغفيل عيباً. والشيخ في "شرحه" لما رأى كلام المصنف مناقضا لما أسلفه احتاج إلى استثناء ما سلف بقوله: غير زناً، وشرب مسكر، أو نحوه، مما سبق. انتهى. محمد الخلوتي. قوله:(وعجمة) أي: كونه أعجمياً. قوله: (ونحوه) أي: نحو سقوط الآيات، من نحو كتب فقه، ونحو. قوله:(ونحوه) كموصوف، ومرئي قبل عقد بيسير. قوله:(إذا جهله) حال العقد، أو حال القبض. فتنبه.

ص: 313

أَبْرَأَ أَوْ وَهَبَ مِنْ ثَمَنِهِ وَبَيْنَ إمْسَاكٍ مَعَ أَرْشِ وَهُوَ قِسْطُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَعِيبًا مِنْ ثَمَنِهِ مَا لَمْ يُفْضِ إلَى رِبًا، كَشِرَاءِ حُلِيٍّ فِضَّةً بِزِنَتِهِ دَرَاهِمَ أَوْ قَفِيزٍ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ رِبًا بِمِثْلِهِ وَيَجِدُهُ مَعِيبًا فَيَرُدُّ أَوْ يُمْسِكُ مَجَّانًا وَإِنْ تَعَيَّبَ أَيْضًا عِنْدَهُ فَسَخَهُ حَاكِمٌ وَرَدَّ بَائِعٌ الثَّمَنَ وَطَالَبَ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ ; لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يُهْمَلُ بِلَا رِضًا وَلَا أَخْذِ أَرْشٍ

قوله: (من ثمنه) حال من (قسط). قال في "شرح الإقناع": وهل يأخذ الأرش من عين الثمن أو حيث شاء البائع؟ فيه احتمالان، وصحح ابن نصر الله الثاني في باب الإجارة، قال في "تصحيح الفروع": وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب. قال في "الاختيارات": ويجبر المشتري على الرد، أو أخذ الأرش؛ لتضرر البائع بالتأخير.

قوله: (وإن تعيب) أي: الحلي، أو القفيز. قوله:(بقيمة المبيع) يعني: ويبقى المبيع إذن للمشتري، مع أنه بالفسخ قد خرج عن ملكه، فكيف يعود من غير عقد إلى ملكه. فإن قيل: دفعه القيمة معاوضة، ففيه أن ذلك مما يفضي إلى الربا. فليحرر مرة أخرى. والجواب: أن دفع القيمة من غير الجنس، فلا رباً، فإن قلت: هلا رد بعد الفسخ مع الأرش ولا ربا؟ قلت:

ص: 314

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ حَتَّى تَلِفَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَرْضَ بِعَيْبِهِ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَرَدَّ بَدَلَهُ وَاسْتَرْجَعَ الثَّمَنَ وَكَسْبُ مَبِيعٍ مَعِيبٍ لِمُشْتَرٍ وَلَا يَرُدُّ لِعَيْبِهِ نَمَاءً مُنْفَصِلًا إلَّا لِعُذْرٍ كَوَلَدِ أَمَةٍ وَلَهُ قِيمَتُهُ وَلَهُ رَدُّ ثَبَتَ وَطِئَهَا مَجَّانًا وَإِنْ وَطِئَ بِكْرًا أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ نَسِيَ صَنْعَةً عِنْدَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ أَوْ رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ إنْ زَالَ وَإِنْ دَلَّسَ بَائِعٌ فَلَا أَرْشَ عَلَى مُشْتَرٍ وَذَهَبَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَ أَوْ أَبَقَ

المبيع بالفسخ يرجع إلى ملك البائع بالثمن، فهو معاوضة، أي: حكمه كما أشار إلى ذلك منصور البهوتي رحمه الله تعالى.

قوله: (وإن لم يعلم عيبه) أي: ما يجري فيه الربا. قوله: (إن زال) يعني: ولو سريعاً، بخلاف ما يأخذه مشتر من أرش. قوله:(وذهب عليه) أي: على البائع المدلس إن تلف بغير فعل مشتر، كموته وإباقه، أو تعيب بفعل مشتر مأذوناً فيه، كوطء البكر، بخلاف قطع عضو مثلاً، وهذا هو المراد من قول صاحب "الإقناع" هنا: وسواء تعيب أو تلف بفعل الله تعالى، كالمرض أو بفعل المشتري، كوطء البكر. فإنه من اللف والنشر المشوش. فتنبه.

ص: 315

وَإِلَّا فَتَلِفَ أَوْ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرٍ عَيْبَهُ حَتَّى صَبَغَ أَوْ نَسَجَ أَوْ وَهَبَ

قوله: (وإلا فتلف

إلخ) أي: إن لم يدلس البائع فتلف المبيع مطلقاً، تعين الأرش، بخلاف ما إذا دلس، فإنه إن لم يكن بفعل مشتر، ذهب على البائع، وأما إن كان بفعل مشتر كأكله ونحوه، فالظاهر: تعين الأرش أيضاً، كما إن لم يدلس. قوله: (أو عتق

إلخ) أي: سواء دلس بائع، أو لا، فالقيد غير معتبر في العطف، وإن اعتبر في المعطوف عليه، هذا هو الموافق لكلام الأصحاب. فتدبر. قال في "الإقناع" و "شرحه": لو أسقط مشتر خيار رد بعوض بذله البائع، أو غيره، قل أو كثر، جاز، وليس من الأرش في شيء، ونص على مثله في خيار معتقة تحت عبد، وعلى قياس ذلك النزول عن الوظائف بعوض. انتهى ملخصاً. وفي "الإقناع" أيضاً: لو اشترى متاعاً فوجده خيراً مما اشترى، فعليه رده إلى بائعه، كما لو وجده أردأ، كان له رده، ولعل محل ذلك إذا كان البائع جاهلاً به، وفيه أيضاً: وإن أنعل الدابة، ثم أراد ردها بعيب مثلا، نزع النعل، ما لم يعبها، فيتركه إلى سقوطه أو موتها، وليس له قيمته على بائع، ولو باع شيئا بذهب فأخذ عنه دراهم، ثم فسخ، رجع مشتر بالذهب لا بالدراهم. قال في "شرحه": لأن المعاوضة عقد

ص: 316

أَوْ بَاعَهُ أَوْ بَعْضَهُ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ لَكِنْ لَوْ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ رَدُّهُ وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى ثُمَّ لِلْبَائِعِ الثَّانِي رَدُّهُ عَلَيْهِ وَفَائِدَتُهُ اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ وَإِنْ كَسَرَ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا وَلَيْسَ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَبَيْضِ الدَّجَاجِ رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ كَبَيْضِ النَّعَامِ وَجَوْزِ الْهِنْدِ، خُيِّرَ بَيْنَ أَرْشِهِ وَبَيْنَ رَدِّهِ مَعَ أَرْشِ كَسْرِهِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَرْشٌ مَعَ كَسْرٍ لَا تَبْقَى مَعَهُ قِيمَةٌ وَخِيَارُ عَيْبٍ مُتَرَاخٍ إلَّا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ رِضَاهُ كَتَصَرُّفِهِ واسْتِعْمَالِهِ لِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ فَيَسْقُطُ أَرْشٌ كَرَدٍّ

آخر استقر حكمه، وكذا إجارة وغيرها من عقود المعاوضات. انتهى. أي: فإن الرجوع إنما يكون بما وقع عليه العقد الأول. فتدبر.

قوله: (ويقبل قوله) أي: المشتري.

قوله: (فله رده) أي: ولكل طلب الأرش أيضاً. قوله: (الثمنين) فلا رد إن اتفقا.

ص: 317

وَلَا يَفْتَقِرُ رَدُّ إلَى حُضُورِ بَائِعٍ وَلَا رِضَاهُ، وَلَا قَضَاءِ وَلِمُشْتَرٍ مَعَ غَيْرِهِ مَعِيبًا أَوْ شَرْطِ خِيَارٍ إذَا رَضِيَ الْآخَرُ الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ كَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ بِشَرْطِ خِيَارٍ لَا إذَا وَرِثَ وَلِلْحَاضِرِ مِنْ مُشْتَرِيَيْنِ نَقْدُ نِصْفِ ثَمَنِهِ وَقَبَضَ نِصْفَهُ وَإِنْ نَقَدَهُ كُلَّهُ لَمْ يَقْبِضْ إلَّا نِصْفَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْغَائِبِ وَلَوْ قَالَ لِاثْنَيْنِ بِعْتُكُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَبِلْت جَازَ وَمَنْ اشْتَرَى مَعِيبَيْنِ أَوْ مَعِيبًا فِي وِعَاءَيْنِ صَفْقَةً لَمْ يَمْلِكْ رَدَّ أَحَدِهِمَا بِقِسْطِهِ إلَّا إنْ تَلِفَ الْآخَرُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي قِيمَتِهِ وَمَعَ عَيْبِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَهُ رَدُّهُ بِقِسْطِهِ لَا إنْ نَقَصَ بِتَفْرِيقٍ،

قوله: (لا إذا ورث) يعني: المعيب أو خيار الشرط، لتشقص السلعة هنا على البائع وقد أخرجها غير مشقصة، بخلاف التي قبلها؛ لأن العقد يتعدد بتعدد العاقد. قوله:(ورجع على الغائب) إن نوى الرجوع، كبقية الحقوق الواجبة إذا أداها عن الغير. قوله:(جاز) أي: صح البيع في نصف المبيع بنصف الثمن. "شرحه". قوله: (في قيمته) أي: التالف ليوزع الثمن عليهما.

ص: 318

كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ حَرُمَ كَأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَمِثْلُهُ جَانٍ لَهُ وَلَدٌ يُبَاعَانِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهُ وَالْمَبِيعُ بَعْدَ فَسْخِ أَمَانَةٌ بِيَدِ مُشْتَرٍ

فصل

وإن اختلفا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبَ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَلَا بَيِّنَةَ فقَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا قَوْلُ أَحَدِهِمَا قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ أَنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ الْمَرْدُودَ إلَّا فِي خِيَارِ شَرْطٍ فقَوْلُ مُشْتَرٍ وقَوْلُ مُشْتَرٍ فِي عَيْنِ ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِعَقْدٍ

قوله: (على البت) لأن الأيمان كلها في البت، إلا ما كان على نفي فعل الغير. "شرح إقناع". قوله:(قول بائع) أي: بيمينه. قوله: (إن المبيع) أي: المعين، بدليل ما يأتي من قبول قول قابض في ثابت في ذمة، وكذا لو اعترف بائع بعيب ما باعه، ثم أنكر أن المبيع هو المردود، فقول مشتر بيمينه. فتأمل. فقبول قول بائع: إن المبيع ليس المردود: مشروط بأمرين: أن يكون معيناً، وأن لا يقر بالعيب، وكذا مشتر في الثمن.

قوله: (وقول مشتر في عين

إلخ) أي: بيمينه. قوله: (بعقد) يعني:

ص: 319

وقَابِضٍ فِفي ثَابِتٍ فِي ذِمَّةٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، وَقَرْضٍ وَسَلَمٍ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَمَنْ بَاعَ قِنًّا تَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الْبَيْعِ، خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّ وأَرْشٍ وبَعْدَ قَتْلٍ يَتَعَيَّنَ أَرْشٌ وبَعْدَ قَطْعٍ فَكَمَا لَوْ عَابَ عِنْدَهُ وَإِنْ لَزِمَهُ مَالٌ وَالْبَائِعُ مُعْسِرٌ، قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا تَعَلَّقَ أَرْشٌ بِذِمَّتِهِ وَلَا خِيَارَ السَّادِسُ: خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ بِتَخَيُّرِ الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ فِي صُوَرٍ

إلا في خيار شرط، أو يقر مشتر بعينه على قياس ما سبق في المبيع، فقول بائع فيهما بيمينه.

قوله: (وقابض) أي: بيمينه. قوله: (إن لم يخرج عن يده) بحيث يغيب عنه. قوله: (يتعين أرش) قال منصور البهوتي: قلت فإن دلس بائع، فات عليه، ورجع مشتر بجميع الثمن، كما سبق. انتهى. قوله:(فكما لو عاب عنده) يعني: فإن كان البائع مدلساً، رجع بجميع الثمن، وذهب القطع على البائع، وإلا فلمشتر الأرش، أو رده مع أرش قطعه عنده، فيقوم مستحق القطع، ومقطوعاً بالفعل، ويرد البائع ما بينهما، وأما الأرش الذي يأخذه المشتري، فهو قسط ما بين قيمته جانياً، وغير جان من الثمن. فلو قوم غير جان بمئة، وجانياً بخمسين، فما بينهما النصف، فالأرش نصف الثمن.

قوله: (بتخيير) أي: مع تخيير، فالباء للمصاحبة، فهو متعلق بـ (البيع)،

ص: 320

1 ـ فِي تَوْلِيَةٍ كوَلَّيْتُكَهُ أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ بِمَا اشْتَرَيْتُهُ بِهِ، أَوْ بِرَقْمِهِ ويَعْلَمَانِهِ

2 ـ وشَرِكَةٍ وَهِيَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ كَأَشْرَكْتُك فِي ثُلُثِهِ أَوْ فِي رُبْعِهِ وَنَحْوِهِمَا وَأَشْرَكْتُ يَنْصَرِفُ إلَى نِصْفِهِ لِآخَرَ عَالِمٍ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ وَإِلَّا أَخَذَ نَصِيبَهُ كُلَّهُ وَإِنْ قَالَ أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا أَخَذَ ثُلُثَهُ

أو للسببية فيجوز ذلك، وكونه متعلقاً بـ (خيار) على التنازع في المصادر.

قوله: (أو بما اشتريته) ما: موصولة، والعائد المجرور محذوف؛ لوجود شرطه، والتقدير: به. قوله: (بيع بعضه) أي: العين. قوله: (ينصرف إلى نصفه) انظر هذا مع ما قرروه في الإقرار: من أنه لو أقر بأن فلاناً شريكه في كذا، كان مجملاً، يرجع في تفسيره إلى المقر، ولم يحملوه على النصف ابتداء، وقد يفرق بين البابين؛ بأنه لما كان الجزء المأخوذ من المقر بغير عوض، رجع تفسيره إليه؛ لئلا يلزم الإجحاف عليه، والمأخوذ هنا بعوضه، فلا فوت، فحملت الشركة فيه على الأصل فيها. شيخنا محمد الخلوتي.

قوله: (نصيبه) وهو هنا ربع البيع.

ص: 321

وَمَنْ أَشْرَكَ آخَرَ فِي قَفِيزٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبَضَ بَعْضَهُ أَخَذَ نِصْفَ الْمَقْبُوضِ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ كُلَّهُ جُزْءًا يُسَاوِي مَا قَبَضَ انْصَرَفَ إلَى الْمَقْبُوضِ ومُرَابَحَةً وَهِيَ بَيْعُهُ بِثَمَنِهِ بِثَمَنِهِ وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا كُرِهَ ومُوَاضَعَةٍ وَهِيَ بَيْعٌ بِخُسْرَانٍ وَكُرِهَ فِيهَا مَا كُرِهَ فِي مُرَابَحَةٍ فَمَا ثَمَنُهُ مِائَةً وَبَاعَهُ بِهِ وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ، وَقَعَ

قوله: (أو نحوه) كرطل حديد، وذراع من نحو ثوب. قوله:(المقبوض) أي: صح فيما قبض فقط. قوله: (جزءاً) كنصف وثلث. قوله: (يساوي ما قبض) أي: أو ينقص عما قبض، فإن باع جزءا أكثر مما قبض، فالظاهر أنه يصح في قدر ما قبضه بقسطه، ولا خيار. قوله:(وهي بيعه) أي: كلا أو بعضاً. قوله: (كره) لأنه يشبه بيع العشرة بإحدى عشر، وليس به حقيقة. قوله:(ووضيعة درهم) الواو للمعية، وما بعدها منصوب على أنه مفعول معه، وهو مضاف، و (درهم) مضاف إليه، أو الواو للحال، و (وضيعة) مرفوع على أنه مبتدأ، و (درهم) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة خبر (وضيعة)، أو الواو للعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، فيكون (وضيعة) مجروراً، و (درهم) مجروراً بالإضافة إليه، لكن هذا الأخير فيه ضعف في العربية، والذي قبله فيه نظر، لعدم ظهور المسوغ للابتداء بالنكرة، إلا أن

ص: 322

بِتِسْعِينَ ولِكُلِّ أَوْ عَنْ كُلِّ عَشَرَةٍ يَقَعُ بِتِسْعِينَ وَعَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ حِينَئِذٍ لِزَوَالِهَا بِالْحِسَابِ وَيُعْتَبَرُ لِلْأَرْبَعَةِ عِلْمُهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَتَى بَانَ أَقَلَّ أَوْ مُؤَجَّلًا حُطَّ الزَّائِدُ وَيُحَطُّ قِسْطُهُ فِي مُرَابَحَةٍ وَيُنْقِصُهُ فِي مُوَاضَعَةٍ

يجعل من باب: تمرة خير من جرادة.

قوله: (وينقصه) قال المصنف في "شرحه": أي الزائد، وتبعه على ذلك الشيخ منصور في "شرحه" على "المنتهى" و "الإقناع"، فعلى هذا لو قال: بعتكه برأس ماله أربعين، ووضيعة درهم من كل عشرة، فتبين أن رأس ماله ثلاثون، أسقطت العشرة من الثمن الذي هو ستة وثلاثون، فيبقى ستة وعشرون، والأقرب أنه يزول من الوضيعة ما يقابل الزيادة، وهو في المثال درهم، فتكون الوضيعة الباقية ثلاثة دراهم تسقط من الثلاثين، فيبقى الثمن سبعة وعشرين، ويمكن تفسير كلام المتن كـ "الإقناع" بما يوافق ذلك؛ بأن يكون الضمير في (ينقصه) راجعاً إلى قسط الزائد لولا تفسيرهم الضمير بما ذكر، وكان وجهه، عقوبة البائع بإلزامه الوضيعة وبخطه أيضاً على قوله: (حط الزائد

إلخ) أي: في الصور الأربع: التولية، والشركة، والمرابحة،

ص: 323

_________

والمواضعة مثال ذلك: لو باع زيد فرساً من عمرو بأربعين ديناراً تولية، فظهر أن رأس مالها ثلاثون ديناراً، فإن في هذه الصورة تسقط العشرة الدنانير، ويبقى الثمن ثلاثين، ولو أشركه فيها؛ بأن قال: أشركتك في نصفها بنصف ثمنها، وهو عشرون في المثال، فإذا ظهر كذبه في العشرة، سقط عن عمرو خمسة، ولو باعها زيد مرابحة؛ بأن قال: بعتكها برأس مالها أربعين، وزيادة أربعة دنانير، فظهر أن الثمن ثلاثون، فإنه يسقط عن عمرو الزائد، وهو عشرة، وقسطه من الربح، وهو دينار كما ذكره المصنف بقوله:(ويحط قسطه مرابحة)، فيبقى الثمن ثلاثة وثلاثين، ولو باعها بأربعين، ووضيعة دينار من كل عشرة، فلو كان صادقاً لكان الثمن ستة وثلاثين، فإذا تبين أن الثمن ثلاثون، فإنها تسقط العشرة الزائدة مع بقاء الوضيعة على ما هي عليه، فسقط من الستة والثلاثين عشرة، ويبقى الثمن ستة وعشرين ديناراً. هذا مقتضى ما في "الشرحين" و "شرح الإقناع" حيث فسروا الضمير المنصوب في:(وينقصه في مواضعة) بقولهم: أي: الزائد، لكن هذا داخل تحت عموم قولهم أولاً:(حط الزائد)، كما عرفت مما تقدم، والأقرب أن يكون الضمير المنصوب عائداً للقسط من قوله:(ويحط قسطه في مرابحة) ويكون المعنى على هذا: أنه يحط من الوضيعة قدر الزائد، ففي المثال: الزائد عشرة دنانير، يقابلها من الوضيعة دينار، فيسقط من الوضيعة

ص: 324

وَأَجَلِ فِي مُؤَجَّلٍ وَلَا خِيَارَ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى بَائِعٍ غَلَطًا بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَ مُشْتَرٍ لَمْ يَحْلِفْ وَإِنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدُونِ ثَمَنِهَا عَالِمًا لَزِمَهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ أَوْ مِمَّنْ حَابَاهُ أَوْ لِرَغْبَةٍ

ولا يبقى منها إلا ثلاثة، وهي قدر ما يخص رأس المال الذي هو الثلاثون، فيكون الثمن في هذه الصورة سبعة وعشرين ديناراً. هذا ما ظهر لي فليحرر، والله أعلم.

قوله: (وأجل في مؤجل) يعني: بمقداره، ولو مضى منه شيء قبل ذلك، فإن لم يعلم مشتر بذلك إلا بعد مضي الأجل، فهل يأخذ الثمن من البائع ويؤجل عليه مقدار الأجل أم لا؟ قوله:(غلطاً) أي: ولو معروفاً صدقه.

قوله: (لم يحلف) خلافاً للموفق، والشارح. قوله: (وإن باع

إلخ) أي: سلعة.

قوله: (أو ممن حاباه) أي: من شخص حاباه المشتري، أي: اشتراه منه

ص: 325

تَخُصُّهُ أَوْ مَوْسِمٍ ذَهَبَ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِقِسْطِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُتَمَاثِلَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ كَزَيْتٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنْ كَتَمَ خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ رَدٍّ وَإِمْسَاكٍ وَمَا يُزَادُ فِي ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ خِيَارِ أَوْ يُحَطُّ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ يُلْحَقُ بِهِ لَا بَعْدَ لُزُومِهِ وَلَا إنْ جَنَى فَفُدِيَ وَهِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ كَزِيَادَةٍ وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ وَإِنْ أَخَذَ مُشْتَرٍ أَرْشًا لِعَيْبٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَخْبَرَ بِهِ لَا بِأَخْذِ نَمَاءٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ لَمْ يُنْقِصْهُ وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَعَمِلَ فِيهِ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مَا

بأكثر من ثمنه، محاباة له، لا من شخص حابى المشتري، فقد جرت العلة أو الصفة على غير من هي له، ولم يبرز الضمير؛ لأن الخلاف في الوصف، وأما الفعل فلا يجب معه إبراز باتفاق الفريقين.

قوله: (يلحق به) أي: العقد. قوله: (وهبة) أي: فيكون لبائع زمن الخيارين. قوله: (أو جناية) أي: عليه، قلت: فيرد لبائع إن رد المبيع بعيب ونحوه. "شرح".

قوله: (أو غيره) عطف على الضمير المرفوع في قوله: (عمل) للفصل

ص: 326

يُسَاوِي عَشَرَةً أَخْبَرَ بِهِ وَلَا يَجُوزُ تَحَصَّلَ بِعِشْرِينَ وَمِثْلُهُ أُجْرَةُ مَكَانِهِ وكَيْلِهِ وَزْنِهِ وَإِنْ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِهِ أَوْ حَطَّ الرِّبْحَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي وَأَخْبَرَ بِمَا بَقِيَ فَلَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَخْبَرَ بِالْحَالِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، اشْتَرَاهَا بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ بَيَّنَهُ وَمَا بَاعَهُ اثْنَانِ مُرَابَحَةً فَثَمَنُهُ بِحَسَبِ مِلْكَيْهِمَا لَا عَلَى رَأْسِ مَالَهِمَا

بالظرف، ومثله كاف في ذلك، بل الهمزة كافية، كما في "الكشاف".

قوله: (بحسب ملكيهما) فلو كانت السلعة بينهما نصفين، أحدهما اشترى نصفها بخمسين، والآخر بستين، ثم باعاها برأس مالها، وربح عشرة مثلاً، فالثمن، وهو مئة وعشرون، بينهما نصفين، قال المصنف في "شرحه".

كمساومة، أي: كما لو كان بيعهما لها مساومة، لا مرابحة؛ بأن قالا ابتداء للمشتري: بعناكها بمئة وعشرين، من غير ذكر، كربح ولا رأس مالٍ.

فتدبر.

ص: 327

السَّابِعُ: خِيَارٌ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا، أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا حَلَفَ بَائِعٌ مَا بِعْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا ثُمَّ مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا ثُمَّ إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ

قوله: (لاختلاف) أي: ثابت لأجل اختلاف. قوله: (المتبايعين) يعني: في قدر ثمنه، أو جنسه، أو عينه، كما في "حاشية المنتهى". قوله:(أو ورثتهما) كان عليه أن يقول: أو أحدهما، وورثه الآخر. تقرير منصور البهوتي. وكذا وليهما، أو ولي أحدهما مع الآخر، أو ورثته، وكذا يقال في الوكيل أيضاً، فالصور ست عشرة، محمد الخلوتي. قوله: (حلف بائع

إلخ) إن قلت: يعتبر في الجملة الشرطية مطابقة طرفيهما في العموم والخصوص، وهنا الشرط أعم من الجواب، فكان الظاهر أن يقول: حلف بائع أو ورثته

إلخ. قلت: لما كان في حكم الورثة تفصيل -وهو أنها تارة تحلف على البت، كمورثها إن شاهد العقد، وتارة على نفي العلم إن لم تشاهد- أسقط حديث الورثة. محمد الخلوتي. قوله:(ما اشتريته بكذا) أي: إلا إذا كان بعد قبض ثمن، وفسخ عقد بنحو عيب كما سيأتي، وإلا في كتابة، فقول سيد. "إقناع" وإنما تحالفا كذلك؛ لأن كلا منهما مدع، ومدعى عليه صورة وحكماً؛ إذ لا تسمع إلا بينة المدعي باتفاقنا.

ص: 328

أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ أُقِرَّ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ وَيَنْفَسِخُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا الْمُنَقِّحُ: فَإِنْ نَكَلَا صَرَفَهُمَا كَمَا لَوْ نَكَلَ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَكَذَا إجَارَةٌ فَإِذَا تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ فأُجْرَةُ مِثْلِ وفِي أَثْنَائِهَا بِالْقِسْطِ

قوله: (أو نكل) أي: عما وجب عليه من اليمين، قال في "المبدع": وظاهره: ولو أنه بدل أحد شقي اليمين، فإنه يعد ناكلاً، ولا بد أن يأتي فيها بالمجموع. فقول "الإقناع": وكذا لو نكل مشتر عن الإثبات فقط. لا مفهوم له. قاله في "شرحه". قوله: (وإلا) أي: وإن لم يرض أحدهما بقول الآخر بعد التحالف. "شرحه". قوله: (وباطناً) لعل فائدته: لو تبين لأحدهما بعد الفسخ صدق صاحبه، لم يلزم إعلامه، ولا استحلاله.

فتدبر. قوله: (فإن نكلا) وأما لو نكل أحدهما فقط، فقد تقدم أنه يقر. قوله:(صرفهما) أي: أمرهما بالذهاب عنه؛ لأنه لا سبيل له إذن إلى الحكم بينهما بغير ذلك، فيصرفهما حتى يصطلحا. قوله:(من ترد عليه اليمين) أي: على القول بردها، وهو ضعيف. قوله:(بالقسط) أي: من أجرة مثل.

ص: 329

وَيَحْلِفُ بَائِعٌ فَقَطْ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنٍ وَفَسْخِ عَقْدٍ وَإِنْ تَلِفَ مَبِيعٌ تَحَالَفَا وَغَرِمَ مُشْتَرٍ قِيمَتَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا وفِي قَدْرِهِ وصِفَتِهِ وَإِنْ تَعَيَّبَ،

قوله: (ويحلف بائع) هل يحلف على نفي القبض؛ بأن يقول: ما قبضت منه غير هذا؟ أو على نفي الاستحقاق؛ بأن يقول: لا يستحق علي غير هذا؟ ولا يكفي الحلف على نفي القبض، لاحتمال صدقه، وأنه أبرأ من بعض الثمن، أو وهب له، وتقدم أنه عند التفاسخ يرجع المشتري بما وهبه، أو أبريء منه. محمد الخلوتي. قوله:(فقط) أي: دون مشتر. قوله: (وفسخ عقد) لأنه غارم. قوله: (وغرم مشتر قيمته) فإن كان بعد قبض الثمن، وتساوى الثمن والقيمة، وكانا من جنس واحد، تقاصا وتساقطا، وإلا سقط الأقل، ومثله من الأكثر، ويبقى الزائد يطالب به صاحبه. قوله أيضاً على قوله:(وغرم مشتر قيمته) يعني: ولو مثلياً، كما جزم به في "الإقناع". قوله:(وفي صفته) لأنه غارم. قوله: (وإن تعيب

إلخ) مقتضاه: أن قيمته تعتبر حين التلف، لا حال العقد، وإلا لم يحتج إلى ضم أرشه إلى قيمته، لكن القيمة تعتبر حال العقد. قاله في "شرح الإقناع"، قال: على ما أوضحته في "الحاشية".

ص: 330

ضُمَّ أَرْشُهُ إلَيْهِ وَكَذَا كُلُّ غَارِمٍ لَا وَصْفُهُ بِعَيْبٍ وَإِنْ ثَبَتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي تَقَدُّمِهِ

الثَّامِنُ: خِيَارٌ يَثْبُتُ لِلْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ وَلِتَغَيُّرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ وتقدم

فصل

وإن اختلفا في صفة ثمن أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ ثُمَّ غَالِبَهُ رَوَاجًا فإن استوت؛ فَالْوَسَطُ

فائدة: لا يبطل البيع بجحوده، فلو قال: بعتك هذه الأمة، فأنكر مشتر، لم يطأها بائع، لكن إن لم يبذل له الثمن، فيتوجه الفسخ، كما لو أعسر مشتر. قاله في "شرح الإقناع".

قوله: (ضم أرشه) أي: العيب. قوله: (إليه) أي: المبيع، أي: إلى قيمته.

قوله: (في تقدمه) على ما تقدم في الاختلاف في حدوث العيب.

قوله: (رواجاً) أي: ما لم يكن المبيع لا يباع إلا بنقد معين، كالبن حيث لا يباع إلا بالريال، فإنه يتبع، ولا يرجع إلى نقد البلد. محمد الخلوتي.

ص: 331

وفِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ قَدْرِهِمَا أَوْ ضَمِينٍ فَقَوْلُ مُنْكِرِهِ كَمُفْسِدٍ وفِي قَدْرِ مَبِيعٍ أَوْ عَيْنِهِ فَقَوْلُ بَائِعٍ وَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّهِمَا يُسَلِّمُ قَبْلَ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ نُصِّبَ عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ ثُمَّ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا ثُمَّ أُجْبِرَ بَائِعٌ ثُمَّ مُشْتَرٍ إنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا بِالْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ حُجِرَ عَلَى مُشْتَرٍ فِي مَالِهِ كُلِّهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ وَإِنْ غَيَّبَهُ ببَعِيدٍ أَوْ كَانَ بِهِ أَوْ ظَهَرَ عُسْرُهُ فَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ كَمُفْلِسٍ وَكَذَا مُؤَجِّرٌ بِنَقْدٍ حَالٍّ

قوله: (أو أجل) أي: في غير سلم. قوله: (كمفسد) لكن يأتي في الإقرار: (تقبل دعوى إكراه بقرينة)، نحو ترسيم عليه. قوله:(فقول بائع) أي: وورثته، وكذا إجارة. قوله:(والثمن عين) أي: معين في العقد. قوله: (فلبائع الفسخ) أي: على التراخي، كعيب، ولا يلزمه إنظار، وكذلك قال في "الإقناع": في الحال. لا إن مراده الفورية. قوله: (كمفلس) وكل موضع قلنا: له الفسخ في البيع، فإنه يفسخ بلا حكم حاكم، وفي النكاح تفصيل يأتي.

ص: 332

وَإِنْ أَحْضَرَ بَعْضَ الثَّمَنِ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ مَا يُقَابِلُهُ إنْ نَقَصَ بِتَشْقِيصٍ وَلَا يَمْلِكُ بَائِعٌ مُطَالَبَةً بِثَمَنٍ بِذِمَّةٍ وَلَا أَحَدُهُمَا قَبْضَ مُعَيَّنٍ زَمَنَ خِيَارِ شَرْطٍ بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِمَّنْ الْخِيَارُ لَهُ

فصل

وَمَا اُشْتُرِيَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ مُلِكَ وَلَزِمَ بِعَقْدٍ

قوله: (بتشقيص) إن قلنا: له حبسه على ثمنه، وهو ضعيف. قوله:(بثمن بذمة) يعني: زمن خيار مجلس أو شرط.

فصل في التصرف في المبيع

قوله: (وما اشتري) إلى قوله: (ولزم) أي: البيع فيه. كذا في "الشرح" وفيه: أن المتصف باللزوم هو العقد، ولا معين لكون العقد لزم بعقد، إلا أن يقال: المراد بالعقد اللازم: ما ترتب على الإيجاب والقبول، وهو انتقال الملك. وفي قوله:(بعقد) نفس الإيجاب والقبول، أو نجعل الضمير في (لزم) للملك المفهوم من:(ملك) ومعنى لزوم الملك بالعقد: أنه تسبب عنه، أو

ص: 333

وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَوْ لِبَائِعِهِ، وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَلَا إجَارَتُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ، وَلَا رَهْنُهُ وَلَوْ قَبَضَ ثَمَنَهُ،

يجعل قوله: (بعقد) متعلقاً بقوله: (ملك) فيكون مقدماً من تأخير، ويجعل الضمير في:(لزم) راجعاً للعقد؛ لأنه مقدم رتبة، وإن كان متأخراً لفظاً. وقول الشارح: أي: المبيع، وفيه إشارة إلى أن الضمير في:(ملك) راجع إلى (ما) وكذا في: (لزم) على أنه من الحذف والإيصال، كما أشار إليه الشارح. محمد الخلوتي. وبخطه أيضاً على قوله:(وما اشتري) إلى قوله: (ملك ولزم بعقد): والأظهر: أن الضمير في: (ملك) للمشتري وهو المبيع الواقعة عليه (ما)، وفي:(لزم) للملك المفهوم من: (ملك) والفعلان يتنازعان في (بعقد).

قوله: (بكيل) الباء بمعنى مع، أي: شيء اشتري مصاحباً بشرط كيل ونحوه؛ بأن كان المكيل ونحوه هو المبيع، كما إذا اشترى صبرة كل قفيز بكذا، أو كان هو الثمن، كما إذا اشترى عبداً بصبرة على أنها كذا قفيزاً، فإن المكيل ونحوه في الصورتين، أعني كونه مبيعاً، وكونه ثمناً، لا يصح التصرف فيه قبل قبضه على ما فصله المصنف. قوله أيضا على قوله:(بكيل) أي: في المكيلات. قوله: (أو وزن) أي: في الموزونات. قوله: (أو عد) أي: في المعدودات. قوله: (أو ذرع) أي: في المذروعات.

قوله: (ولم يصح بيعه

إلخ) اعلم أن حاصل ما ذكر المصنف من صور

ص: 334

وَلَا حَوَالَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَنْبِيهٌ وَيَصِحُّ جُزَافًا، إنْ عَلِمَا قَدْرَهُ وعِتْقُهُ ومَهْرًا وخُلْعٌ عَلَيْهِ وَوَصِيَّةٌ بِهِ

المبيع الذي لا يصح تصرف المشتري فيه قبل قبضه بغير عتق ونحوه، سبع صور: المكيل، والموزون، والمعدود، والمذروع، إذا بيع ذلك بالكيل ونحوه والمبيع بصفة إذا كان معيناً، والمبيع برؤية متقدمة. فهذه ست صور، المبيع فيها معين، ومع ذلك لا يصح تصرف المشتري فيه بغير ما استثنى، ومثله في ذلك الثمن إذا وقع بإحدى الصور الست، والسابعة: كل عوض في عقد تتوقف صحته على القبض، كالصرف والسلم، فإنه لا يصح التصرف أيضاً في العوض قبل قبضه. وحاصل ما يكون من ضمان البائع على ما ذكره المصنف هنا: ثمان صور، الست المتقدمة، والثمر على الشجر، وكل مبيع منع البائع المشتري من قبضه.

قوله: (وعتقه) كما لو اشترى عبيداً على أنهم عشرة، فأعتقهم قبل عدهم، فهو من جزئيات قوله:(أو عد)، فيصح العتق. قال في "المبدع": قولاً واحداً. نقله في "شرح الإقناع" وأما قولهم: وما عدا ذلك كالعبد

إلخ. فهو العبد الواحد مثلا، فانحل إشكال الحجاوي على "المنقح".

ص: 335

وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ بِآفَةٍ وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ بِلَا فِعْلِ وَلَا أَرْشَ وبِإِتْلَافٍ وَمُشْتَرٍ تَعَيَّبَهُ لَا خِيَارَ وبِفِعْلِ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ يُخَيَّرُ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخِ وإمْضَاءِ وَطَلَبِ بِمِثْلِ مِثْلِيٍّ أَوْ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ مَعَ تَلَفٍ وبِنَقْصٍ مَعَ تَعَيُّبٍ وَالتَّالِفُ مِنْ مَالِ بَائِعٍ فَلَوْ بِيعَ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ

قوله: (فيما تلف

إلخ) أي: كلا أو بعضاً بقرينة ما بعده. قوله: (ولا أرش) قال منصور البهوتي: قد تقدم لك في خيار العيب: أنه يخير بين الرد والإمساك مع الأرش. ووجهه واضح، فالأولى عود (ولا أرش) للمشبه دون المشبه به. انتهى المقصود. أقول: ما ذكره المصنف هنا، وجرى عليه في "شرحه" من أن المشتري حيث أخذ المكيل ونحوه معيباً، فكأنه اشتراه راضياً بعيبه، فلا أرش له، غير صريح في المخالفة، لما تقدم في العيب؛ لإمكان حمل ما تقدم على ما إذا أقبضه غير عالم بالعيب؛ لأنه إذا علم به بعد، فله الأرش، بخلاف ما هنا، فإنه عالم بالعيب قبل قبضه، وهو ظاهر، فكأنه عالم به حال العقد، فلا أرش له. فتأمل. قوله:(وبفعل) أي: وإن تلف أو تعيب بفعل

إلخ. قوله: (بين فسخ) يعني: أو أخذ ثمن. قوله: (فلو أبيع أو أخذ بشفعة

إلخ) في هذه العبارة صورتان: الأولى: قوله: (أبيع) وصورتها: أن يشتري زيد من عمرو داراً بصبرة طعام على أنها عشرة أرادب مثلاً، ثم يبيع زيد

ص: 336

مَا اشترى بكيل وَنَحْوِهِ ثُمَّ تَلِفَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَأَخَذَ مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ

المشتري الدار المذكورة لبكر بثمن معلوم، ثم يتلف الطعام بغير فعل آدمي قبل قبضه بالكيل، فإن البيع الأول ينفسخ وحده دون الثاني، فتستقر الدار لبكر بثمنها الذي اتفق هو وزيد عليه، وعلى زيد -وهو المشتري الأول لعمرو، وهو البائع الأول- قيمة الدار؛ لتعذر ردها إليه.

والصورة الثانية: قوله: (أو أخذ بشفعة) وذلك كأن يشتري زيد من عمرو نصف دار بينه وبين بكر بصبرة طعام على أنها كذا مثلا، فيأخذ بكر هذا النصف المبيع بالشفعة، ثم يتلف الطعام قبل قبضه، فإن البيع ينفسخ دون الأخذ بالشفعة، فيدفع بكر الشفيع لزيد المشتري مثل الطعام، ويدفع زيد لعمرو قيمة نصف الدار؛ لتعذر رده إليه. قوله أيضاً على قوله: (فلو أبيع

إلخ) الأنسب تفريعه على قوله الآتي: (وثمن ليس في ذمة كمثمن) لوقوع نحو المكيل هنا ثمناً، لا مثمناً. فتدبر. قوله أيضا على قوله: (فلو أبيع

إلخ) هذا تفريع على قاعدتين مقررتين لم يذكرا قبل، إحداهما: أن حكم الثمن حكم المثمن. والثانية: أن الفسخ رفع للعقد. قوله: (بكيل) الباء داخلة على الثمن.

ص: 337

وَلَوْ خُلِطَ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ لَمْ يَنْفَسِخْ وَهُمَا شَرِيكَانِ وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا الْمَبِيعَ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ومِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ إلَّا إنْ مَنَعَهُ بَائِعٌ أَوْ كَانَ ثَمَرًا عَلَى شَجَرٍ أَوْ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فمِنْ بَائِعٍ

قوله: (ولو خلط

إلخ) يعني: مبيع مكيل ونحوه بغير فعل مشتر. قوله: (أو رؤية متقدمة) ولو ثمراً على شجر، أو منعه بائع قبضه. قوله: (ومن ضمان مشتر

إلخ) ومن هنا يعلم: أن الذي لا يدخل في ضمان مشتر أربعة أنواع: ما اشتراه بكيل ونحوه، أو بصفة، أو رؤية متقدمة، وما منعه بائع قبضه، والثمر على الشجر. ومثله الحب الذي اشتد. ويصح تصرفه في النوعين الأخيرين دون الأولين، فبين ما لا يصح تصرفه فيه، وما لا يدخل في ضمانه عموم وخصوص مطلق؛ فكل ما لا يصح تصرفه فيه لا يدخل في ضمانه، وليس كل ما لا يدخل في ضمانه لا يصح تصرفه فيه. وبخطه أيضا على قوله: (ومن ضمان مشتر

إلخ) معطوف على قوله: (يصح التصرف فيه) مع حذف عامل، أي: ويكون (من ضمان مشتر

إلخ).

فتدبر. محمد الخلوتي. قوله: (أو بصفة

إلخ) متعلق بمحذوف معطوف على خبر كان، تقديره: أو كان مبيعاً معيباً بصفة

إلخ.

ص: 338

وَمَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ مُشْتَرٍ فِيهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَثَمَنٌ لَيْسَ فِي ذِمَّتِهِ كَمُثَمَّنٍ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ لِاسْتِقْرَارِهِوَحُكْمُ كُلِّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعِوَضٍ فِي صُلْحٍ بِمَعْنَى بَيْعٍ وَنَحْوِهِمَا حُكْمُ عِوَضٍ فِي بَيْعٍ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ ومَنْعِهِ

قوله: (وما لا يصح تصرف

إلخ) لو قال: ما ضمنه البائع كان أولى؛ لأنه أخصر، وليعم الثمر على الشجر قبل جذه، فإنه يصح التصرف فيه، وينفسخ العقد بتلفه، إلا أن يقال: اقتصر على ما هنا؛ لأن حكم الثمر يأتي في بابه. أو يقال: الكلام فيما تلف قبل القبض، وهذا ينفسخ عقده بتلفه ولو بعد قبضه قبل جذه، كما يأتي. قاله في "الحاشية" وفيه نظر. فتأمل. قوله:(بتلفه) يعني: بآفة، وأما بفعل آدمي، فقد تقدم تفصيله "حاشية". قوله:(وما في الذمة) أي: من ثمن أو مثمن، أي: إذا كان ما في الذمة من نحو مكيل، فإنه لا تجري فيه الأحكام السابقة كلها، فيصح الاعتياض عنه بأخذ دله من غير جنسه، والحوالة عليه، وبيعه لمن هو عليه، بشرط قبض عوضه. فتدبر. قوله أيضاً على قوله:(وما في الذمة له أخذ بدله) فيه تجوز، فإن الثمن حيث كان في الذمة لا يتصف بالتلف حقيقة عند تلف نظيره من مال المدين، لكن أطلق على هذا النظير أنه ثمن فيغرم بدله إطلاقاً مجازياً.

ص: 339

وَكَذَا مَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَعِوَضِ خُلْعٍ وَعِتْقٍ ومَهْرٍ وَمُصَالَحٍ بِهِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ لَكِنْ يَجِبُ بِتَلَفِهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَلَوْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَا وَدِيعَةٌ وَمَالُ شَرِكَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَا قَبَضَهُي شَرْطٌ ل صِحَّةِ عَقْدِهِ كَصَرْفٍ وسَلَمٍ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ولَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ فِي مَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَيَضْمَنُ هُوَ وزِيَادَتَهُ كَمَغْصُوبٍ

قوله: (ونحوه) كعوض طلاق. قوله: (لكن يجب

إلخ) يحتمل أن تكون (لكن) هي المخففة من الثقيلة، فإنها قد تدخل بعد التخفيف على الجملتين، وأن تكون هي الخفيفة بأصل الوضع، وعلى كل، فهي حرف ابتداء لمجرد إفادة الاستدراك، كما يعلم من "مغني اللبيب"، وذلك أن قوله:(لا ينفسخ بهلاكه) مع سكوته عن الضمان وعدمه يوهم أنه من ضمان المبذول له، فدفع ذلك بأنه ليس من ضمان المبذول له، وأنه لا يضيع عليه. فتدبر. قوله:(كصرف) أي: كعوض صرف.

قوله: (وسلم) أي: رأس مال. قوله: (ولا يصح تصرف

إلخ) يعني: بغير عتق. قوله: (كمغصوب) قال ابن نصر الله في "حواشي المحرر": ينبغي تقييده بما إذا كان القابض عالماً بفساد العقد. أما إن كان جاهلاً، فينبغي أن يكون حكمه في الضمان حكم القابض من الغاصب إذا كان جاهلاً في أنه يضمن ذلك فيما التزم ضمانه، ولا يضمن ما لم يلتزم ضمانه. قاله في "حاشيته".

ص: 340

فصل

وَيَحْصُلُ قَبْضُ مَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ بِذَلِكَ بِشَرْطِ حُضُورِ مُسْتَحِقٍّ أَوْ نَائِبِهِ وَوِعَائِهِ كَيَدِهِ وَتُكْرَهُ زَلْزَلَةُ الْكَيْلِ وَيَصِحُّ قَبْضُ مُتَعَيَّنٍ بِغَيْرِ رِضَى بَائِعٍ ووَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ إلَّا

قوله: (بذلك) أي: المذكور، وهو من قبيل مقابلة الجمع بالجمع المقتضية لانقسام الآحاد بالآحاد. محمد الخلوتي. قوله:(حضور مستحق) شمل البائع والمشتري. قوله: (ووعاؤه) بأن دفعه مشتر لبائع وقال: كله، فإنه يصير مقبوضاً. قاله في "التلخيص"، وفيه نظر. قوله: (ويصح قبض متعين

إلخ) اعلم أن القاعدة في المبيع: أنه إما متميز أو غيره، فغير المتميز قسمان: مبهم تعلق به حق توفية، كقفيز من صبرة ونحوه، فيفتقر إلى القبض على الصحيح، أي: لجواز التصرف فيه، ويتوقف قبضه على الإذن من الباذل. ومبهم لم يتعلق به حق توفية، كنصف عبد ونحوه، ففي "البلغة": هو كالذي قبله، وفي "التلخيص": هو من المتميزات. والمتميز قسمان: ما يتعلق به حق توفية، فهو كالمبهم الذي تعلق به حق توفية، وما لا يتعلق به حق توفية، كالعبد والدار والصيرة ونحوها من الجزافيات، فيجوز التصرف فيه قبل قبضه، وضمانه على مشتريه. قوله أيضا على قوله: (ويصح قبض متعين

إلخ) يعني: لا يحتاج إلى حق توفية؛ لئلا يخالف ما

ص: 341

مَا كَانَ مِنْ غير جِنْسِ مَالِهِ واسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَمَتَى وَجَدَهُ قَابِضٌ زَائِدَ مَا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ أَعْلَمَهُ بِهِ وَإِنْ قَبَضَهُ ثِقَةً بِقَوْلِ بَاذِلٍ إنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ وَلَمْ يَحْضُرْ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي نَقْصِهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي قَدْرِهِ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ

سيأتي في قوله: (لا غصبه) ويدل على هذا قول المصنف في شرح ما سيأتي: أي: لا غصب مشتر مبيعاً لا يدخل في ضمانه إلا بقبضه، أي: بأن يحتاج إلى حق توفية. وعلى هذا، فلا يناسب قول منصور البهوتي هنا: وظاهره: ولو احتاج إلى حق توفية. مع أنه احتاج آخراً إلى عدم اعتبار هذه الصورة. ويمكن أن يجاب أيضا بأن قوله: (بغير رضى بائع) بمعنى: بغير إذنه، لا على وجه الغصب والقهر، فلا يخالف ما بعده، والله أعلم.

قوله: (ما لا يتغابن) أي: يتسامح. قوله: (ولم يحضر كيله) هو ولا نائبه، ولا دفع له الوعاء.

ص: 342

وَلَوْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ وَمَنْ قَالَ وَلَوْ لِغَرِيمِهِ تَصَدَّقْ عَنِّي بِكَذَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي صَحَّ وَكَانَ اقْتِرَاضًا لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ غَرِيمٍ بِقَدْرِهِ بِالْمُقَاصَّةِ وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ ومُتَّهِبٍ بِإِذْنِ وَاهِبٍ قَبْضٌ لَا غَصْبُهُ وَيَأْتِي وَغَصَبَ بَائِعٌ ثَمَنًا أَوْ أَخَذَهُ بِلَا إذْنٍ لَيْسَ قَبْضًا إلَّا مَعَ الْمُقَاصَّةِ وَأُجْرَةُ كَيَّالٍ

قوله: (لا غصبه) هذا يناقض قوله فيما سبق (ويصح قبض متعين بغير رضى بائع)، إلا أن يحمل هذا على ما يحتاج لحق توفية، وذاك على ما لا يحتاج. منصور البهوتي. وهذا الجواب مبني على ظاهر تعميم الشارح في قوله:(لا غصبه) حيث رجع الضمير إلى كل من المبيع والموهوب، قال الشيخ في تقريره: والأظهر: أن قوله: (لا غصبه) راجع إلى الموهوب فقط، بدليل قول الشارح: وإتلاف مشتر المبيع مطلقاً، وأن القبض شرط في ملك الموهوب دون المبيع. ففي كلام الشارح عند التحقيق نوع تناقض، حيث سوى في جانب المشتري بين أن يكون بإذن أو لا. وعمم في ضمير (غصبه) وجعله شاملا للمبيع والموهوب. هذا آخر ما قرره شيخنا، ثم أثبت في "الحاشية" ما نصه: لكن سيأتي في الهبة أنه يصح التصرف فيها قبل قبضها. فليتأمل. انتهى. وكأنه أمر بالتأمل للإشارة إلى أن هذا زيد في الإشكال. فليحرر المقام. محمد الخلوتي. قوله: (ثمناً) أي: ليس معيناً.

قوله: (إلا مع المقاصة) بأن تلف ما قبضه واتحد مع ماله من الدين جنساً

ص: 343

وَوَزَّانٍ وَعَدَّادٍ وَذَرَّاعٍ وَنَقَّادٍ وَنَحْوِهِمْ عَلَى بَاذِلٍ ونَقْلٍ عَلَى مُشْتَرٍ وَلَا يَضْمَنُ نَاقِدٌ حَاذِقٌ أَمِينٌ خَطَأً وفِي صُبْرَةٍ ومَا يُنْقَلُ بِنَقْلٍ ومَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلٍ وغَيْرِهِ بِتَخْلِيَةِ لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي قَبْضِ مُشَاعٍ يُنْقَلُ إذْنُ شَرِيكِهِ فَلَوْ أَبَاهُ وَكَّلَ فِيهِ فَإِنْ أَبَى نَصَّبَ حَاكِمٌ مَنْ يَقْبِضُ

وحلولاً وغيرهما. زاد في "الحاشية": أو كان باقيا ورضي المدين بكونه عما عليه، فكأنه حمل المقاصة على الأعم من الحقيقة. فتدبر.

قوله: (ونقاد) المراد: قبل قبض الآخذ؛ لأن على الباذل تسليم ما عليه صحيحاً. أما بعد قبضه، فعلى الآخذ لملكه بقبضه، فعليه بيان عيبه، كما يعلم من "الإقناع". فتدبر. قوله:(ونقل على مشتر) يعني: ونحوه، ولو قال: على آخذ، لكان أشمل. قوله:(خطأ) سواء كان متبرعاً أو بأجرة.

قوله: (وغيره بتخلية) زاد في "الإقناع" مع عدم مانع. قال في "شرحه": أي: حائل؛ بأن يفتح له باب الدار، أو سلمه مفتاحها ونحوه، وإن كان فيها متاع للبائع، قال الزركشي: ويأتي عملا بالعرف. انتهى.

قوله: (لكن يعتبر في قبض

إلخ) أي: في جوازه لا صحته.

ص: 344

وَلَوْ سَلَّمَهُ بِلَا إذْنِهِ فَالْبَائِعُ غَاصِبٌ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى مُشْتَرٍ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فعَلَى بَائِعٍ

فصل

والإقالة فسخ تَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ وبَعْدَ نِدَاءِ جُمُعَةٍ ومِنْ مُضَارِبٍ وَشَرِيكٍ وَلَوْ بِلَا إذْنِ ومِنْ مُفْلِسٍ بَعْدَ حَجْرٍ لِمَصْلَحَةٍ وبِلَا شُرُوطِ بَيْعٍ وَبِلَفْظِ صُلْحٍ وبَيْعٍ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَى مُعَاطَاةٍ وَلَا خِيَارَ فِيهَا وَلَا شُفْعَةَ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَمُؤْنَةُ رَدِّ عَلَى بَائِعٍ

قوله: (ولو سلمه بلا إذنه

إلخ) في "المغني" و "الشرح" في الرهن: لا يكفي هذا التسليم، أي: تسليم المشترك بغير إذن الشريك، إن قلنا: استدامة القبض شرط للزوم الرهن، كما هو المذهب؛ لتحريم الاستدامة، نقله هنا صاحب "الإقناع" وأقره. قوله:(وإلا) أي: وإلا يعلم، ومثله يجهله.

قوله: (لمصلحة) أي: فيهن. قوله: (وبيع) أي: لفظه وما بعده، من عطف الخاص على العام.

ص: 345

وَلَا تَصِحُّ مَعَ تَلَفِ مُثَمَّنٍ ومَوْتِ عَاقِدٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنٍ أَوْ نَقْصِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَالْفَسْخُ رَفْعُ عَقْدٍ مِنْ حِينِ فُسِخَ

قوله: (وموت عاقد) أي: أو غيبته. قال في "الإقناع": لو قال أقلني ثم غاب، فأقاله، لم تصح. انتهى. وذكر القاضي وأبو الخطاب في تعليقهما: لو قال: أقلني، ثم دخل الدار، فأقاله على الفور، صح إن قيل: هي فسخ لا بيع؛ لأن البيع يشترط له حضور العاقدين في المجلس. نقله في "شرح الإقناع".

ص: 346