المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٢

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

‌باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ اسْتَعَطَ أَوْ احْتَقَنَ، أَوْ دَاوَى الْجَائِفَة

باب ما يفسد الصوم، ويوجب الكفارة

الإفساد: الإبطال. والكفارة: عقوبة أو زاجر -وهو أصح- يستر الذنب. والأكل: إيصال جامد إلى الجوف من الفم، ولو بغير مضغ، ولو لم يتناول عادة، خلافاً لما في الأيمان فيهما. والطعام: مخصوص بما يؤكل عادة أو يشرب عادة، تفكهاً، أو اقتياتا، أو تداوياً، خلافا فيه للأيمان. والشرب: هو إيصال مائع إلى الجوف من الفم، ولو وجوراً، اقتياتاً، أو تفكهاً كخمر، أو تداوياً، حلافاً فيه للأيمان أيضاً. والحجامة: شرط ظاهر الجلد المتصل قصداً، لإخراج الدم من الجسد دون العروق، فإن القصد (قيد فيها)، فإن فقد القصد، فجرح وشرط. وشرط الحجامة كونها قفا، قيل: أو بقية الرأس أو الرقبة. تاج الدين البهوتي.

وبخطه أيضاً على قوله: (ما يفسد الصوم) أي: فقط، وما يفسده ويوجب الكفارة. قد يقال: الترجمة قاصرة على شيء له صفتان: إفساد الصوم، وإيجاب الكفارة؛ لأن قوله:(يوجب الكفارة) معطوف على الصلة، والمعطوف

ص: 21

فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ اكْتَحَلَ بِمَا عَلِمَ وُصُولَهُ إلَى حَلْقِهِ مِنْ كُحْلٍ أَوْ صَبْرٍ أَوْ قَطُورٍ، أَوْ ذَرُورَةٍ أَوْ إثْمِدٍ كَثِيرٍ أَوْ يَسِيرِ مُطَيِّبٍ أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْئًا مُطْلَقًا أَوْ وَجَدَ طَعْمَ عِلْكٍ مَضَغَهُ بِحَلْقِهِ أَوْ وَصَلَ إلَى فَمِهِ نُخَامَةٌ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ بَلْعُهَا أَوْ قَيْءٌ أَوْ نَحْوُهُ أَوْ

على الصلة صلة. والجواب: انه ليس من العطف على الصلة، بل من العطف على الموصول، بحذف المعطوف، وبقاء صلته لتقدم نظيره، فالتقدير: وما يوجب الكفارة.

فالباب معقود لأمرين: مفسد للصوم سواء أوجب الكفارة، أم لا، وموجب الكفارة ولا يكون إلا مفسداً، كما جوز نظير ذلك في قوله تعالى:(والذي جاء بالصدق وصدق به)[الزمر: 33]. بل هو الأظهر فيها. فتدبر.

قوله: (بما علم) أي: لا إن شك. قوله: (أو إثمد) الكحل الأسود. قوله: (مطلقاً) ينماع، أو لا، يغذي، أو لا، ولو بطرف سكين من فعله، أو فعل غيره بإذنه، فسد صومه. قوله:(علك) العلك: كل صمغ يعلك من لبان وغيره فلا يسيل. "مصباح". قوله: (أو وصل إلى فمه) وإن بصق نخامة بلا قصد من مخرج الحاء المهملة، لم يفطر. قوله:(نخامة) أي: وابتلعها، كما سيأتي

ص: 22

تَنَجَّسَ رِيقُهُ، فَابْتَلَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ دَاوَى الْمَأْمُومَةَ بِدَوَاءٍ أَوْ قَطَّرَ فِي أُذُنِهِ مَا وَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ أَوْ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى أَوْ اسْتَمْنَى أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ فَرْجٍ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى أَوْ حَجَمَ أَوْ احْتَجَمَ، وَظَهَرَ دَمٌ عَمْدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ وَلَوْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ فَسَدَ كرِدَّةٍ مُطْلَقًا وَمَوْتٍ وَيُطْعَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَا نَاسِيًا

قوله: (فابتلع شيئاً من ذلك) قال في "المبدع": فرعٌ: إذا تنجس فمه بدم أو قيء أو نحوه، فبلعه، أفطر، نص عليه، وإن قلَّ، لإمكان التحرز منه، ولأن الفم في حكم الظاهر، فيقتضي حصول الفطر بكل ما يصل إليه، لكن عفي عن الريق للمشقة، وإن بصق وبقي في فمه فابتلع ريقه، فإن كان معه جزء من النجس، أفطر به، وإلا فلا. انتهى.

شيخنا محمد الخلوتي. وجزم ذلك صاحب "الإقناع" في الباب بعده. قوله: (فأمنى) لا إن أمذى أو أمنى بنظرة، صرح به في "الإقناع". قوله:(أو استمنى) أي: استدعى خروجه. جوهري. قوله: (أو حجم) في القفا أو الساق. نص عليه. قوله: (ذاكراً لصومه) أي: في جميع ما تقدم.

قوله: (مطلقاً) عاد للإسلام، أو لا. قوله:(في نذر) لفساد يوم موته.

ص: 23

أَوْ مُكْرَهًا، وَلَوْ بِوُجُورِ مُغْمًى عَلَيْهِ مُعَالَجَةً وَلَا بِفَصْدٍ وشَرْطَ وَلَا إنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارُ أَوْ دَخَلَ فِي قُبُلٍ وَلَوْ لِأُنْثَى غَيْرُ ذَكَرٍ أَصْلِيٍّ أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ أَوْ احْتَلَمَ أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوْ أَصْبَحَ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ أَوْ لَطَّخَ بَاطِنَ قَدَمِهِ بِشَيْءٍ فَوَجَدَ طَعْمَهُ بِحَلْقِهِ أَوْ تَمَضْمَضَ وَلَوْ بَالَغَ أَوْ لِنَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا وَكُرِهَ عَبَثًا، أَوْ سَرَفًا أَوْ لِحَرٍّ، أَوْ عَطَشٍ كَغَوْصِهِ فِي مَاءٍ لَا لِغُسْلٍ مَشْرُوعٍ أَوْ تَبَرُّدٍ فَدَخَلَ حَلْقَهُ

قوله: (ولو بوجور) أي: ولو كان الإكراه بوجور

إلخ. قوله: (وشرط) أي: أو جرح بدل حجامة. قوله: (أو غبار) أي: أو دخان، فلو قصد ذلك، أفطر. قوله:(في قبل) لا دبر. قوله: (غير ذكر) كأصبع، وعوادٍ، وذكر خنثى.

قوله: (أو لنجاسة) الظرف متعلق بـ (تمضمض أو استنشق) بتقدير المعطوف عليه، أي: لوضوء أو لنجاسة أو متعلق بمحذوف نظير المذكور، والتقير: أو تمضمض أو استنشق لنجاسة، ولا بد من ملاحظة ما قدرناه في الوجه الأول، وهو قولنا: لوضوء. محمد الخلوتي. قوله: (أو عطش) لأنه مظنة وصول الماء إلى جوفه، بخلاف الغوص للتبرد. قوله:(أو تبرد) فلا يكره لهما.

ص: 24

أَوْ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ ظَانًّا غُرُوبَ شَمْسٍ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ طَلَعَ أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَغْرُبْ أَوْ أَكَلَ وَدَامَ شَكُّهُ أَوْ يَعْتَقِدُهُ نَهَارًا فَبَانَ لَيْلًا وَلَمْ يُجَدِّدْ نِيَّةً وَاجِبٍ أَوْ لَيْلًا، فَبَانَ نَهَارًا أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا قَضَى

قوله: (ونحوه) كجماع. قوله: (لم يفطر) هكذا في بعض النسخ، لكنه ليس بثابت في أكثر النسخ، وهو غير محتاج إليه؛ لأن معناه مستفاد من المعطوف عليه، أعني: قوله: (لا ناسياً ومكرها

إلخ). فتدبر.

قوله: (أو أكل ونحوه) كما لو شرب. قوله: (نهاراً) لا إن شك، أو ظنه ليلاً. قوله:(لواجب) لانقطاع النية، وافتقار الواجب إلى نية ليلية. قوله: (أو أكل ناسياً فظن أنه قد أفطر

إلخ) في "الإنصاف": قلت: ويشبه ذلك لو اعتقد البينونة في الخلع لأجل عدم عود الصفة، ثم فعل ما حلف عليه. انتهى. يعني: أنه لو حلف بالطلاق لا يدخل دار فلان مثلاً، فخلع زوجته ليعقد عليها عقداً جديداً، متوهماً عدم عود الصفة في العقد الثاني، فإن الخلع لإسقاط اليمين غير صحيح، ولا تبين به، فلو اعتقد البينونة في هذا الخلع، ففعل المحلوف عليه، وقع عليه الطلاق، لعدم البينونة. هذا ما ظهر لي، والله أعلم. قوله:(قضى) جواب (وإن بان)، وما بعده.

ص: 25

فصل

وَمَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَلَوْ فِي يَوْمٍ لَزِمَهُ إمْسَاكُهُ أَوْ رَأَى الْهِلَالَ لَيْلَتَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ لِمَيْتَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ أَنْزَلَ مَجْبُوبٌ بِمُسَاحَقَةٍ أَوْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ والْكَفَّارَةُ لَا سَلِيمٌ دُونَ فَرْجٍ، وَلَوْ عَمْدًا، أَوْ بغَيْرِ أَصْلِيٍّ فِي أَصْلِيٍّ وَعَكْسِهِ إلَّا الْقَضَاءُ إنْ أَمْنَى أَوْ أَمَذَى وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ

قوله: (في نهار رمضان) قال في "الإقناع": لو جامع يعتقده ليلاً فبان نهاراً، وجب القضاء والكفارة. قال في "شرحه": وعلى قياسه لو جامع يوم الثلاثين من شعبان، ثم ثيت أنه من رمضان. انتهى. وهذه الأخيرة يمكن إدراجها في قول المصنف:(ولو في يوم لزمه إمساكه)؛ بأن يراد: ولو في يوم لزمه إمساكه في نفس الأمر، سواء لزمه في الظاهر أيضاً، كما إذا ثبتت الرؤية أثناء النهار، فأمسكوا بقية اليوم، وجامع بعد الإمساك، أو لم يلزمه في الظاهر، لعدم ثبوت الرؤية، كأن جامع في أول اليوم، ثم ثبتت الرؤية آخره. فتأمل. وبخطه على قوله:(في نهار رمضان) أي: بلا عذر شبق، ونحوه. "إقناع"، كسفر ومرض ينتفع به فيه.

ص: 26

وَامْرَأَةٌ طَاوَعَتْ غَيْرَ جَاهِلَةٍ أَوْ نَاسِيَةٍ كَرَجُلٍ وَمَنْ جَامَعَ فِي يَوْمٍ فِي آخَرَ وَلَمْ يُكَفِّرْ لَزِمَتْهُ ثَانِيَةٌ كَمَنْ أَعَادَهُ فِي يَوْمٍ بَعْدَ أَنْ كَفَّرَ لِجِمَاعِهِ الْأَوَّلِ وَلَا تَسْقُطُ إنْ حَاضَتْ أَوْ نُفِسَتْ أَوْ مَرِضَا أَوْ جُنَّا أَوْ سَافَرَ بَعْدَ فِي يَوْمِهِ وَلَا كَفَّارَةٌ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ، وَالْإِنْزَالِ بِالْمُسَاحَقَةِ نَهَارَ رَمَضَانَ وَلَا فِيهِ سَفَرًا، وَلَوْ مِنْ صَائِمٍ.

قوله: (كرجل) وملوط به، كامرأة، ويفسد صومها. تاج الدين البهوتي.

قوله: (لزمته ثانية) مقتضى القول بتداخل الكفارات إذا كانت من جنس واحد عدم لزوم الثانية هنا إذا لم يكفر للأول، لكنه مقيس على الظهار من نساء متعددات، حيث قالوا فيه بتعدد الكفارة، تنزلاً لاختلاف الأشخاص منزلة اختلاف الأجناس. محمد الخلوتي. قوله:(بعد أن كفر) أي: لا قبله، وكما لو نوى بالكفارة وطئاً معيناً دخل ما قبله لا ما بعده، بخلاف الإطلاق، ورفع الحدث. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله:(بعد أن كفر) أي: أخرج كل الكفارة، أما لو أخرج بعضها، ثم لزمته كفارة أخرى،

ص: 27

وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَلَوْ قَدَرَ لَا بَعْدَ شُرُوعٍ فِيهِ لَزِمَتْهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَقَطَتْ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ حَجٍّ وظِهَارٍ، ووَنَحْوِهَا وَيَسْقُطُ الْجَمِيعُ بِتَكْفِيرِ غَيْرِهِ عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَلَهُ إنْ مَلَكَهَا إخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَهُ أَكْلُهَا إنْ كَانَ أَهْلًا

فإنه يدخل فيها بقية الأولى، على ما بحثه الشيخ منصور، وأثبته في "شرحه".

قوله: (لا بعد شروع) انظر هل مثل عدم الشروع، ما لو انقطع التتابع ووجب الاستئناف؟ استظهر الشيخ منصور البهوتي مثله. محمد الخلوتي. قوله:(لزمته) ويأتي في الظهار: أن المعتبر في الكفارات وقت الوجوب، فعليه: لا تلزمه، شرع فيه، أو لا. "شرح".

قوله: (سقطت) كحيض. قوله: (ونحوها) كقتل. قوله: (بإذنه) حياً، وبدونه ميتاً، ولا يفتقر إلى إذن ولي أو فعله. تاج الدين البهوتي.

قوله: (إن كان أهلا) الظاهر: أنه لا مفهوم لهذا القيد، فإن الإخراج هنا غير واجب، لسقوطها بالعجز، ولهذا أسقطه صاحب "الإقناع".

ص: 28