المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صيد الحرمين ونباتهما - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٢

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب صيد الحرمين ونباتهما

‌باب صيد الحرمين ونباتهما

وَحُكْمُ صَيْدِ حَرَمِ مَكَّةَ حُكْمُ صَيْدِ الْإِحْرَامِ حَتَّى فِي تَمَلُّكِهِ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ صَيْدُ بَحْرِيِّهِ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ وَإِنْ قَتَلَ مُحِلٌّ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ لَا غَيْرُ قَوَائِمِهِ قَائِمًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ قَتَلَهُ عَلَى غُصْنٍ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أَنَّ

قوله: (كله) هو فاعل بالظرف المعتمد على الموصوف، أو مبتدأ مؤخر خبره الظرف. قوله:(أو جزؤه) معطوف على (كله) وقوله: (لا غير) معطوف على (جزؤه) و (قائما) حال من الهاء في قوائمه العائدة إلى الصيد المذكور، والمضاف هنا جزء المضاف إليه معنى؛ إذ المراد: بغير القوائم جزء آخر من الصيد، كذنبه ورأسه، فكأنه قال: لا رأسه أو ذنبه قائماً، والمعنى: أنه إذا كان جزء من الصيد في الحرم، فإن كان ذلك الجزء من القوائم، ضمنه مطلقاً، أي: قائما أولا، وإن كان من غير القوائم، كالرأس والذنب، فإن كان الصيد غير قائم، ضمنه أيضا، وإن كان قائما، لم يضمنه، فتلخص: أنه إذا كان جزء الصيد في الحرم، فإنه يضمنه في ثلاث صور، ولا يضمنه في صورة، وذلك لأنه: إما أن يكون الجزء من القوائم أولا، وعلى كلا التقديرين: إما أن يكون قائماً أولا، فهذه أربع صور يضمنه فيها إلا في صورة منها، وهي: ما إذا كان الجزء غير القوائم، وكان الصيد قائماً، فلا يضمنه فيها.

ص: 132

أَصْلَهُ بالْحِلِّ أَوْ أَمْسَكَهُ بِالْحِلِّ فَهَلَكَ فَرْخُهُ أَوْ وَلَدُهُ بِالْحَرَمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ مُحِلٌّ بِالْحَرَمِ وَلَوْ عَلَى غُصْنٍ أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ أَمْسَكَهُ بِالْحَرَمِ فَهَلَكَ فَرْخُهُ أَوْ وَلَدُهُ بِالْحِلِّ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ بِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ غَيْرَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِسَهْمِهِ فَشَطَحَ فَقَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ دَخَلَ سَهْمُهُ أَوْ كَلْبُهُ الْحَرَمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَتَلَ صَيْدًا أَوْ جَرَحَهُ مُحَلٌّ بِالْحِلِّ فَمَاتَ بِالْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ مَاتَ

قوله: (ضمنه) أي: المقتول أو الهالك. قوله: (أو فعل ذلك) أي: الإرسال من الحل على الحل على صيد به. قوله: (فقتل) أي: صيداً، سواء كان المقصود بالإرسال، أو غيره على ما تقدم، وهذه حكمة حذف المعمول. محمد الخلوتي. قوله:(في الحرم) أي: كالمسألة المتقدمة في قوله: (أو أرسل كلبه من الحل على صيد بالحل فقتله، أو غيره بالحرم أو فعل ذلك بسهمه

إلخ)؛ لأن سبب القتل، وهو نهش الكلب أو إصابة السهم، حصل بالحرم، وهو دفع لما عساه أن يتوهم من حل ما كان غير مضمون مع أنه ليس على إطلاقه، بل ما كان منه سبب موته بالحرم، لا يحل، كما أن جميع ما كان مضموناً، لا يحل. محمد الخلوتي.

ص: 133

وَلَا يَحِلُّ مَا وُجِدَ سَبَبُ مَوْتِهِ بِالْحَرَمِ

فصل

ويحرم قلع شجرة وحَشِيشِهِ حَتَّى الشَّوْكُ وَلَوْ ضَرَّ والسِّوَاكُ وَنَحْوَهُ وَالْوَرَقُ إلَّا الْيَابِسَ والْإِذْخِرَ والْكَمْأَةَ وَالْفَقْعَ والثَّمَرَةَ ومَا زَرَعَهُ حَتَّى مِنْ الشَّجَرِ

قوله: (قلع شجره) أي: النبت بنفسه. قوله: (وحشيشه) أطلق المصنف الحشيش على النابت الرطب واليابس، إما بطريق الحقيقة فيهما، أو المجاز في الأول والحقيقة في الثاني، وهو الذي يقتضيه كلام الجوهري، ولهذا استثنى منه المصنف باليابس، فلو كان الحشيش في كلامه خاصا باليابس لكان تناقضا، ولو كان خاصا بالرطب، لم يدخل فيه اليابس، فلا يستثنى منه فتدبر، والله أعلم.

ص: 134

وَيُبَاحُ رَعْيُ حَشِيشَةِ وانْتِفَاعٌ بِمَا زَالَ أَوْ انْكَسَرَ مِنْهُ بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ وَلَوْ لَمْ يَبِنْ وَتُضْمَنُ شَجَرَةٌ صَغِيرَةً عُرْفًا بِشَاةٍ ومَا فَوْقَهَا بِبَقَرَةٍ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ تَقْوِيمِهِ وَيَفْعَلُ بِقِيمَتِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وحَشِيشٌ وَوَرَقٌ بِقِيمَتِهِ وغُصْنٌ بِمَا نَقَصَ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ شَيْءٌ مِنْهَا سَقَطَ ضَمَانُهُ كَرَدِّ شَجَرَةٍ فَتَنْبُتُ وَيُضْمَنُ نَقْصُهَا وَلَوْ غَرَسَهَا فِي الْحِلِّ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا أَوْ يَبِسَتْ ضَمِنَهَا فَلَوْ قَلَعَهَا غَيْرُهُ ضَمِنَهَا وَحْدَهُ وَيَضْمَنُ مُنَفِّرٌ صَيْدًا قُتِلَ بِالْحِلِّ وَكَذَا مُخْرِجُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ فَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ وَلَدَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَدَهُ وَيُضْمَنُ غُصْنٌ أَصْلُهُ أَوْ بَعْضُ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ لَا مَا بِهَوَاءِ الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ بِالْحِلِّ وَكُرِهَ إخْرَاجُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَإِخْرَاجُ حِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ لَا مَاءِ زَمْزَمَ وَلَا وَضْعُ الْحَصَا بِالْمَسَاجِدِ وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ تُرَابِهَا وطِينِهَا

قوله: (ويباح رعي حشيشه) أي: الرطب.

ص: 135

فصل

وحد حرم مكة مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ: ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ بُيُوتِ السُّقْيَا ومِنْ الْيَمَنِ: سَبْعَةُ عِنْدَ أَضَاةِ لِبْنٍ ومِنْ الْعِرَاقِ كَذَلِكَ عَلَى ثَنِيَّةِ رِجْلٍ جَبَلٌ ومِنْ الطَّائِفِ وَبَطْنِ نَمِرَةَ كَذَلِكَ عَنْهُ طَرَفُ عَرَفَةَ ومِنْ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةُ شِعْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ: عَشَرَةُ عِنْدَ مُنْقَطِعِ الْأَعْشَاشِ ومِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ: أَحَدَ عَشَرَ مِيلًا وَحُكْمُ وَجٍ وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ: كَغَيْرِهِ مِنْ الْحِلِّ وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَتُضَاعَفُ السَّيْئَةُ وَالْحَسَنَةُ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ فَاضِلٍ

قوله: (وتضاعف) أصله: تتضاعف، حذفت التاء الأولى أو الثانية على الخلاف. فارضي. قوله: (والسيئة

إلخ) ظاهر كلامه تبعا للقاضيوغيره: أن المضاعفة في السيئتا أيضا في الكم، كما هو ظاهر نص الإمام وكلام ابن عباس، وظاهر "الإقناع": أن المضاعفة فيها في الكيف لا الكم، وهو كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى آمين وحمل الشيخ تقي الدين كلام ابن عباس على الكيف، واستدل بقوله:(فلا يجزيء إلا مثلها)[الأنعام: 160]، أي: واحدة وإن كانت عظيمة. والجواب على القول الأول: تخصيص العموم بالنصوص الواردة في التضعيف.

ص: 136

فصل

ويحرم صيد حرم المدينة، وشَجَرُهِ وَحَشِيشُهِ إلَّا لِحَاجَةِ الْمَسَانِدِ وَالْحَرْثِ وَالرَّحْلِ والْعَلَفَ وَنَحْوِهَا وَمَنْ أَدْخَلَهَا صَيْدًا فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيمَا حَرُمَ مِنْ ذَلِكَ وَحَرَمُهَا: بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مَا بَيْنَ ثَوْرٍ جَبَلٌ صَغِيرٌ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى الْحُمْرَةِ بِتَدْوِيرٍ خَلْفَ أُحُدٍ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ وَعِيرٌ جَبَلٌ مَشْهُورٌ بِهَا وَذَلِكَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا

قوله: (بين ثور) حال. قوله: (وعير) بالجر عطف على "ثور"، و "جبل" في الموضعين بالجر، بدل مما قبله، ويجوز رفعه خبر لمبتدأ محذوف. فارضي.

قوله: (وذلك ما بين لابتيها) أشار المصنف بذلك إلى أنه لا تعارض بين حديث: "حرم المدينة ما بين ثور إلى عير" وحديث: "ما بين لابتيها حرام" قال في "فتح الباري": رواية "ما بين لابتيها" أرجح، لتوارد الرواة عليها، ورواية جبليها لا تنافيها، فيكون عند كل جبل لابة،

ص: 137

وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَوْلَ الْمَدِينَةِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حِمًى

أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال، وجبليها من جهة المشرق والمغرب.

وبخطه أيضاً على قوله: (لابتيها) تثنية لابة، وهي: الحرة، أرض تركبها حجارة.

ص: 138