المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب القرض: دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ لَهُ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٢

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌باب القرض: دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ لَهُ

‌باب

القرض:

دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ لَهُ وَهُوَ مِنْ الْمَرَافِقِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا ونَوْعٌ مِنْ السَّلَفِ فَإِنْ قَالَ مُعْطٍ مَلَّكْتُك وَلَا قَرِينَةَ عَلَى رَدِّ بَدَلِهِ فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هِبَةٌ وَشُرِطَ عِلْمُ قَدْرِهِ ووَصْفِهِ وكَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَمِنْ شَأْنِهِ

قوله: (دفع مال

إلخ) يشمل العارية، والهبة، فأرجهما بقوله:(ويرد بدله) أو يفسر قوله: (مال) بتمليكه، فتخرج العارية؛ لأنها إباحة المنافع، وتخرج الهبة بالقيد المذكور. قوله أيضا على قوله:(دفع مال) أي: وأما دفع المنفعة فعارية. قوله: (إرفاقا) مفعول لأجله، أو حال من الدفع.

قوله: (المندوب إليها) ويجوز أخذ جعل على اقتراضه له بجاهه، لا على ضمانه له، كما في "الإقناع". قوله:(ونوع من السلف) لشموله له، وللسلم.

قوله: (علم قدره) أي: بمقدر معروف. قوله: (ومن شأنه

إلخ) قال في "الحاشية": أي: من شرطه ذلك، ثم ذكر ما يأتي في اللقيط: أنه يجوز الاقتراض على بيت المال لنفقة اللقيط، وأن للناظر الاستدانة على الوقف. قال في "شرح الإقناع": قلت: والظاهر أن الدين في هذه المسائل يتعلق بذمة المقترض، وبهذه الجهات، كتعلق أرش الجناية برقبة العبد

ص: 397

أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا إلَّا بَنِي آدَمَ وَيَتِمُّ بِقَبُولٍ وَيَمْلِكُ وَيَلْزَمُ بِقَبْضٍ فَلَا يَمْلِكُ مُقْرِضٌ اسْتِرْجَاعَهُ إلَّا إنْ حُجِرَ عَلَى مُقْتَرِضٍ لِفَلَسٍ وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ وَإِنْ شَرَطَ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيَجِبُ قَبُولُ مِثْلِيٍّ رُدَّ مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ أَوْ يَكُنْ فُلُوسًا أَوْ مُكَسَّرَةً فَيُحَرِّمَهَا السُّلْطَانُ فَلَهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ

الجاني، فلا يلزم المقترض الوفاء من ماله، بل من ريع الوقف، وما يحدث لبيت المال. أو يقال: لا يتعلق بذمته وما هنا بمعنى: الغالب، فلا ترد المسائل المذكورة لندرتها. انتهى. ويظهر لي أن الأولى تشبيه الناظر والإمام بالوكيل، لا بسيد الجاني؛ لأن سيد الجاني قد يسقط عنه الدين بموت الجاني مثلا، فلا ينبغي أن يقاس عليه الناظر والإمام، بل هو فيما اقترضاه لما ذكر، كالوكيل إذا اشترى لموكله بثمن في ذمته، وقد صرحوا بضمان الوكيل في الحالة المذكورة، فكذا ينبغي ضمان الناظر والإمام. فتدبر.

قوله: (ويتم) أي: عقده. قوله: (لم يصح) يعني: الشرط. قوله: (ويجب قبول مثلي) يعني: ولو تغير سعره. قوله: (ما لم يتعيب) كحنطة ابتلت وعفنت، أي: فسدت من النداوة، فله طلب مثل سليم. قوله:(أو مكسرة) أي: أو مغشوشة. قوله: (السلطان) أي: أو نائبه. قوله: (فله قيمته) أي: المذكور

ص: 398

قَرْضٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إنَّ جَرَى فِيهِ رِبَا فَضْلٍ وَكَذَا ثَمَنٌ لَمْ يُقْبَضْ أَوْ طَلَبُ ثَمَنٍ بِرَدِّ مَبِيعٍ وَيَجِبُ رَدُّ مِثْلِ فُلُوسٍ غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ أَوْ كَسَدَتْ ومِثْلِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلُ فقِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ وقِيمَةِ غَيْرِهِمَا كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ يَوْمَ قَبْضٍ وَغَيْرِهِ يَوْمَ قَرْضٍ وَيُرَدُّ مِثْلُ كَيْلِ مَكِيلٍ دُفِعَ وَزْنًا وَيَجُوزُ قَرْضُ مَاءٍ كَيْلًا ولِسَقْيٍ مُقَدَّرًا بِأُنْبُوبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا

من الفلوس، والمكسرة التي منع السلطان المعاملة بها. فتدبر.

قوله: (أو رخصت) أي: إن لم تنفق، لقلة الرغبات. قوله:(أو كسدت) أي: بلا منع السلطان. قوله: (فإن أعوز) أي: عجز، مجرده: عوز كفرح: قل فلم يوجد. قوله: (يوم إعوازه) لأنه وقت ثبوتها في الذمة.

قوله: (غيرهما) أي: المكيل والموزون. قوله: (ونحوه) أي: مما لا ينضبط.

قوله: (بأنبوبة) في "المصباح": الأنبوب: ما بين الكعبين من القصب والقناة.

ص: 399

وزَمَنٍ مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِهِ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ مِنْ نَوْبَتِهِ وخُبْزٍ وَخَمِيرٍ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ وَيَثْبُتُ الْبَدَلُ حَالًّا وَلَوْ مَعَ تَأْجِيلِهِ وَكَذَا كُلُّ حَالٍّ أَوْ حَلَّ وَيَجُوزُ شَرْطُ رَهْنٍ فِيهِ ولَا تَأْجِيلِ أَوْ نَقْصٍ فِي وَفَاءٍ أَوْ جَرِّ نَفْعًا كَأَنْ يُسْكِنَهُ دَارِهِ أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ أَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ وَإِنْ فَعَلَهُ بِلَا شَرْطٍ أَوْ أَهْدَى لَهُ بَعْدَ الْوَفَاءِ أَوْ قَضَى مُقْتَرِضٌ خَيْرًا مِنْهُ بِلَا مُوَاطَأَةٍ أَوْ عُلِمَتْ زِيَادَتُهُ لِشُهْرَةِ سَخَائِهِ جَازَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ وَقَالَ: خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً»

قوله: (رهن فيه، وضمين) ينبغي تقييدهما بمعينين، كما في البيع. قوله:(لا تأجيل) أي: لا يجوز شرط التأجيل، أي: لا يجوز الإلزام به. قوله: (خيرا منه) أي: في الصفة، كصحاح عن مكسرة. قوله:(أو ببلد آخر) يعني: ولحمله مؤونة، وإلا جاز، كما صححه في "المغني". ولا يفسد القرض بفساد الشرط. قوله:(وإن فعله) أي: ما يحرم اشتراطه، كأن أسكنه داره بعد الوفاء، أو قضاه ببلد آخر بعد الوفاء. "شرحه" قوله:(سخائه) وكرمه. قوله: (بكرا) أي: فتي من الإبل. قوله: (خيرا منه) أي:

ص: 400

وَإِنْ فَعَلَ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَلَمْ يَنْوِ احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ مُكَافَأَتَهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنَّ جَرَتْ عَادَةٌ بَيْنَهُمَا بِهِ قَبْلَ قَرْضٍ وَكَذَا كُلُّ غَرِيمٍ فَإِنْ اسْتَضَافَهُ حَسَبَ لَهُ مَا أَكَلَ وَمَنْ طُولِبَ بِبَدَلِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ بِبَلَدٍ آخَرَ لَزِمَهُ إلَّا مَا

رباعية، كثمانية: السن التي بين الثنية والناب.

قوله: (فإن استضافه، لا في دعوة عامة. قوله: (ما أكل) أي: إلا إن جرت عادة بينهما بذلك قبل القرض، كما في "شرح الإقناع".

قوله: (ومن طولب ببدل

إلخ) اعلم: أن البدل المطلوب بغير بلد القرض، إما أن يكون لحمله مؤنة، أو لا، وعلى كلا التقديرين، إما أن تكون قيمة البدل ببلد -نحو القرض- أزيد، أو أنقص، أو مساوية لقيمة ببلد الطلب، فهذه ست صور، يلزم بذل البدل ببلد الطلب في خمس صور منها، وهي: ما إذا لم يكن لحمل البدل مؤنة بصوره الثلاث، أو كان له مؤنة، لكن قيمته ببلد -نحو القرض- أزيد أو مساوية، ويلزم بذل قيمة البدل ببلد الطلب في صورة واحدة، وهي: ما إذا كان لحمله مؤنة، وقيمته ببلد -نحو القرض- أنقص، فتلزم قيمته نحو القرض حتى مع وجود المثل ببلد الطلب. ويعايا بها، فيقال لنا: مثلي وجب فيه رد القيمة؟ ! قوله

ص: 401

لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَتُهُ بِهَا وَلَوْ بَذَلَهُ الْمُقْتَرِضُ أَوْ الْغَاصِبُ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ لَزِمَ قَبُولُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ

أيضا على قوله: (ببدل قرض) قلت: ومثله ثمن في ذمة، ونحوه. منصور البهوتي.

قوله: (بها) أي: بلد القرض. قوله: (ولو بذله) أي: بذل ما في ذمته من مثل، أو قيمة، بخلاف ما إذا كان المغصوب باقيا، فلا يجبر ربه على قبول بدل بحال، لا مع المؤنة، ولا مع عدمها، ولا مع الأمن أو الخوف، كما في "الإقناع". فتدبر. قوله أيضا على قوله:(ولو بذله) فيه الصور الست السابقة، فيلزم قبول البدل في ثلاث منها، بشرط، وهي: ما إذا لم يكن لحمل البدل مؤنة، سواء كانت قيمته ببلد -نحو القرض- أزيد أو أنقص أو مساوية. والشرط أمن بلد البذل، والطريق، ولا يلزم القبول في الثلاث الباقية، أعني: ما لحمل البدل فيها مؤنة، سواء كانت قيمته ببلد -نحو القرض- أزيد أو أنقص، أو مساوية. قوله:(لزم قبوله) من اقترض من رجل دراهم، وابتاع منه بها شيئا، فخرجت زيوفاً، فالبيع جائز، ولا يرجع عليه بشيء، نصاً.

ص: 402