المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الصلح: التَّوْفِيقُ وَالسَّلْمُ ويَكُونُ بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَأَهْلِ حَرْبٍ وبَيْنَ أَهْلِ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٢

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌باب الصلح: التَّوْفِيقُ وَالسَّلْمُ ويَكُونُ بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَأَهْلِ حَرْبٍ وبَيْنَ أَهْلِ

‌باب

الصلح:

التَّوْفِيقُ وَالسَّلْمُ ويَكُونُ بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَأَهْلِ حَرْبٍ وبَيْنَ أَهْلِ عَدْلٍ وَبَغْيٍ وبَيْنَ زَوْجَيْنِ خِيفَ شِقَاقُ بَيْنِهِمَا أَوْ خَافَتْ إعْرَاضُهُ وبَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ فِي غَيْرِ مَالٍ وَهُوَ فِيهِ مُعَاقَدَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مُوَافَقَةٍ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُوَ قِسْمَانِ

باب الصلح

لغة: (التوفيق) إلى آخره. قوله: (والسلم) أي: قطع المنازعة، وأقسامه خمسة. قوله:(وأهل حرب) وتقدم في الجهاد أنه يكون بعقد ذمة أو هدنة أو أمانٍ. قوله: (أهل عدل وبغي) ويأتي في باب قتال أهل البغي. قوله: (خيف شقاق بينهما) يأتي في عشرة النساء. قوله: (في غير مال) وهذا مذكور في مواضع متعددة متفرقة، كأقوالهم في اللقيط، وفي الجلوس في الطريق، وغير ذلك. ومنه ما يأتي في هذا الباب عند قوله: (فصل ويصح صلح مع إقرار وإنكار

إلخ) وليس هذا النوع باب يخصه. كما في "شرح الإقناع". فتدبر.

قوله: (وهو فيه

إلخ) أي: شرعاً. قوله: (بين مختلفين) أي: متخاصمين.

وهذا النوع الخامس من المبوب له. ولا يقع غالبا إلا عن انحطاط من رتبة إلى ما دونها على سبيل المداراة لبلوغ بعض الغرض، وهو من أكبر العقود فائدة، ولذلك حسن -أي أبيح- فيه الكذب. قوله:(وهو) أي: الصلح في الأموال.

ص: 447

الأول: عَلَى إقْرَارٍ وَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ عَلَى جِنْسِ الْحَقِّ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَيْنٍ فَيَضَعَ أَوْ يَهَبُ الْبَعْضَ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ فَيَصِحُّ لَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ

قوله: (على جنس الحق) أي: المقر به. قوله: (مثل أن يقر له

إلخ) أي: رشيد. قوله: (فيضع) أي: يسقط المقر له عن المقر بعض الدين. قوله: (أو يهب البعض) أي: من العين المقر بها للمقر. "شرحه". قوله: (فيصح) لأن الأول إبراء، والثاني هبة، يعتبر له شروط الهبة من كونه جائز التصرف، والعلم بالموهوب ونحوه. وبالجملة: فقد منع الخرقي وابن أبي موسى الصلح على الإقرار، وأباه الأكثرون. قاله في "شرح الإقناع". فتدبر. فعلى الأول إن وفاه من جنس حقه، فوفاء، أو من غير جنسه، فمعاوضة، أو أبرأه من بعضه، فإسقاط، أو هبة له، فهبة، ولا يسمى صلحاً. فالخلاف في التسمية قاله في "المغني" و "الشرح" وأما المعنى، فمتفق عليه. تدبر.

ص: 448

أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْبَاقِي أَوْ يَمْنَعَهُ حَقَّهُ بِدُونِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَمُكَاتَبٍ ومَأْذُونٍ لَهُ وَوَلِيِّ إلَّا إنْ أَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَيَصِحُّ عَمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَى مُوَلِّيهِ وَبِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مُؤَجَّلٍ بِبَعْضِهِ حَالًّا إلَّا فِي كِتَابَةٍ وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ حَالٍّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الْوَضْعُ لَا التَّأْجِيلُ

قوله: (أو بشرط

إلخ) بأن يقول: أبرأتك، أو وهبتك على أن تعطيني الباقي، لما يأتي أن الهبة لا يصح تعليقها، ولا تعليق الإبراء بشرط، أي: إذا وضع بعض دين، أو وهب بعض عين لمن أقر، بشرط أن يدفع الباقي، لم يصح ذلك. قوله: (ولا ممن لا يصح تبرعه كمكاتب

إلخ) وناظر وقف، ووكيل في استيفاء حقوق. قوله: (ويصح

إلخ) أي: ويجوز أيضاً. لكن ينبغي أن يقيد بما سيأتي من كونه لا يعلم الولي كذب نفسه فإن لم تكن بينة لم يصالح. وظاهره ولو علمه الولي. قوله: (ببعضه حالاً) أي: لأنه كبيع مؤجل كثير بمعجل قليل، وذلك باطل. قوله:(إلا في كتابة) لأن الربا لا يجري بينهما في ذلك، فيصح أن يعجل المكاتب بعض ما في ذمته لسيده ويبرئه من الباقي. قوله:(صح الوضع) لأنه برضاه. قوله: (لا التأجيل) لأنه وعد، وكذا لو صالح بخمسين مكسرة عن مئة صحاح، كان إبراء من الخمسين، ووعدا في الأخرى.

ص: 449

وَلَا يَصِحُّ عَنْ حَقٍّ كَدِيَةٍ خَطَأٍ أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنْ جِنْسِهِ وَيَصِحُّ عَنْ مُتْلَفٍ مِثْلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وبِعَرْضِ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ فِيهِمَا وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ بَيْتٍ أَقَرَّ بِهِ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ سُكْنَاهُ مُدَّة أَوْ بِنَاءِ غُرْفَةٍ لَهُ فَوْقَهُ أَوْ ادَّعَى رِقَّ مُكَلَّفٍ أَوْ زَوْجِيَّةَ مُكَلَّفَةٍ فَأَقَرَّا لَهُ بِعِوَضٍ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ بَذَلَا مَالًا صُلْحًا عَنْ دَعْوَاهُ أَوْ لِمُبِينِهَا لِيُقِرَّ بِبَيْنُونَتِهَا صَحَّ وأَقِرَّ لِي بِدَيْنِي وَأُعْطِيكَ أَوْ وَخُذْ مِنْهُ مِائَةً فَفَعَلَ لَزِمَهُ وَلَمْ يَصِحَّ الصلح

قوله: (من جنسه) لأنه ربا، قوله:(فيهما) أي: الدية وقيمة غير مثلي. قوله: (لم يصح) أي: صلح ولا إقرار.

ص: 450

النَّوْعُ الثَّانِي: عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ فبِنَقْدٍ عَنْ نَقْدٍ صَرْفٌ وبِعَرْضٍ أَوْ عَنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ بَيْعٌ وبِمَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى وَخِدْمَةِ مُعَيَّنَيْنِ إجَارَةً وعَنْ دَيْنٍ يَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا لَا بِجِنْسِهِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ وبِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ وَيَحْرُمُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةُ مَنْ وُصِيَّ لَهُ بِخِدْمَةِ أَوْ سُكْنَى أَوْ حَمْلِ أَمَةٍ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ لَا بَيْعًا

قوله: (النوع الثاني

إلخ) هذا النوع قال في "الإقناع": هو معاوضة، أي: بيع. انتهى.

ثم قسمه كالمصنف إلى ثلاثة أقسام: بيع، وصرف، وإجارة. وهذا الصنيع مع ما تقدم في البيع من أنه مبادلة

إلخ يقتضي إطلاق البيع على مبادلة العين والمنفعة إلى آخر الحد، وإطلاقه أيضا على خصوص مبادلة عين بعين، إحداهما غير نقد. قوله:(على سبيل المعاوضة) فإن كان بأقل على سبيل الإبراء، صح، لا بلفظ صلح. قوله:(وبشيء في الذمة) أي: والصلح عن دين بشيء في الذمة. قوله: (لا بيعا) لعدم العلم بالمبيع.

ص: 451

وَمَنْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ بِشَيْءٍ رَجَعَ بِهِ إنْ بَانَ عَدَمُهُ أَوْ زَالَ سَرِيعًا وَتَرْجِعُ امْرَأَةٌ صَالَحَتْ عَنْهُ بِتَزْوِيجِهَا بِأَرْشِهِ وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَمَّا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ بمَعْلُومِ نَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ فَكَبَرَاءَةٍ مِنْ مَجْهُولٍ الْقِسْمُ الثَّانِي عَلَى إنْكَارٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا فَيُنْكِرَ أَوْ يَسْكُتَ وَهُوَ يَجْهَلُهُ ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ

قوله: (بشيء) يعني: من عين أو منفعة، وليس من الأرش في شيء.

قوله: (رجع به إن بان عدمه) كنفاخ بطن ظنه حملا، ثم ظهر الحال، لتبين عدم استحقاقه. قوله:(سريعاً) كمزوجة بانت. قوله: (بمعلوم نقد) أي: حال، قوله:(من مجهول) أي: فيصح على المشهور. وفي "الإقناع": لا يصح الصلح. وما ذكره المصنف أولى؛ لأن الصلح أوسع من البيع.

فتدبر. قوله: (على إنكار) أي: واقع على إنكار

إلخ. قوله: (أو يسكت) أي: المدعى عليه. قوله: (وهو يجهله) سيأتي محترز هذا في قوله: (ومن علم بكذب نفسه

إلخ). قوله: (على نقد) أي: حال. قوله: (أو نسيئة

إلخ) ومن هنا يؤخذ مع ما تقدم: أن الصلح عن الدين بدين غير مقبوض، يصح في موضعين.

ص: 452

إبْرَاءِ في حَقِّهِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ لِعَيْبٍ شَيْئًا وبَيْعًا فِي حَقِّ مُدَّعٍ فَلَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَفُسِخَ الصُّلْحُ وَيَثْبُتُ فِي مَشْفُوعٍ الشُّفْعَةُ إلَّا إذَا صَالَحَ بِبَعْضِ عَيْنٍ مُدَّعًى بِهَا فَهُوَ فِيهِ كَالْمُنْكِرِ

أحدهما: في صلح الإقرار، وهو ما إذا كان الدين المصالح عنه مجهولا، تعذر علمه أو لا.

وثانيهما: في صلح الإنكار مطلقاً.

قوله: (في حقه) أي: المدعى عليه. قوله: (لا شفعة فيه) أي: المصالح عنه. قوله: (ولا يستحق

إلخ) أي: مدعى عليه. قوله: (وبيعا في حق مدع) لأنه يعتقده عوضا عن حقه، فيلزمه حكم اعتقاده. قوله: (ويثبت في مشفوع

إلخ) صولح به، كشقص من دار، فلشريك المدعي أخذه.

تنبيه: إذا اختلف المتصالحان في قدر الصلح، ولا بينة، بطل وعاد إلى أصل الخصومة. قاله في "المستوعب". منصور البهوتي. قوله: (إلا إذا صالح

إلخ) أي: المدعى عليه المدعي. قوله: (ببعض عين) يعني: او بكلها كما في "الإقناع". قوله: (فهو) أي: المدعي. قوله: (فيه) أي: في الصلح المذكور.

قوله: (كالمنكر) يعني: إن وقع على عينه، وإلا طالب ببدله المدعى عليه. وله

ص: 453

وَمَنْ عَلِمَ بِكَذِبِ نَفْسِهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِ وَمَا أَخَذَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَنْ قَالَ صَالِحْنِي عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي تَدَّعِيهِ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِهِ وَإِنْ صَالَحَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مُنْكِرٍ لِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ بِإِذْنِهِ أَوْ دُونِهِ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ وَكَّلَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِدُونِ إذْنِهِ

الإمساك مع الأرش.

قوله: (ومن علم بكذب نفسه

إلخ) أي: من مدع ومدعى عليه. أفاد المصنف رحمه الله بهذا كغيره من الأصحاب: أن شرط صحة صلح الإنكار أن يعتقد المدعي حقيقة ما ادعاه، والمدعى عليه عكسه، فتنبه. قوله: (وما أخذه

إلخ) مدع مما صولح به، أو مدعى عليه مما انتقصه من الحق بجحده. قوله: (ومن قال

إلخ) من زوائده على "الإقناع". أي: ومن ادعي عليه بحق، فأنكره، ثم قال: صالحني

إلخ. قوله: (وإن صالح عن منكر

إلخ) اعلم: أن هذه المسألة تشتمل على ست عشرة صورة؛ لأنه تارة يكون عن دين، وتارة عن عين، وفي كل منهما: إما بإذن المنكر أو دونه، وعلى التقارير الأربعة: إما أن يعترف الأجنبي بصحة الدعوى أو لا، وعلى الثمانية: إما أن يذكر أنه وكله المنكر أولا. قوله: (صح) سواء اعترف الأجنبي للمدعي بصحة دعواه، أو لم يعترف. قوله:(إنه وكله) أي: في صلح.

قوله: (بدون إذنه) أي: في الصلح أو الدفع. فإن أذن في أحدهما رجع بالنية.

ص: 454

وَإِنْ صَالَحَ لِنَفْسِهِ لِيَكُونَ الطَّلَبُ لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى أَوْ أَقَرَّ وَالْمُدَّعَى دَيْنٌ أَوْ هُوَ عَيْنٌ وَعَلِمَ عَجْزَهُ عَنْ اسْتِنْقَاذِهَا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ أَوْ عَدَمَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَتْ صَحَّ ثُمَّ إنْ عَجَزَ خُيِّرَ بَيْنَ فَسْخِ وإمْضَاءِ

فصل

وَيَصِحُّ صُلْحٌ مَعَ إقْرَارٍ وإنْكَارٍ عَنْ قَوَدٍ وسُكْنَى وعَيْبٍ

قوله: (وإن صالح لنفسه) أي: أجنبي مدعيا.

اعلم: أن الأجنبي إذا صالح المدعي ليكون الطلب له، ففي ذلك صور، منها غير صحيحة، وهي: ما إذا كان الأجنبي منكرا لصحة الدعوى، والمدعى دين أو عين. أو معترفا بصحة الدعوى، والمدعى دين أو عين، علم بعجزه عن استنقاذها أو لا، ثم تبين عجزه. وصحيحة، وهي: ما إذا كان الأجنبي مقرا بصحة الدعوى، والمدعى به عين، علم أو ظن القدرة على استنقاذها، أو علم أو ظن عدمها، ثم تبينت القدرة. قوله:(وقد أنكر المدعى) دينا أو عينا.

فصل في الصلح عما ليس بمال

قوله: (عن قود) أي: في نفس أو دونها.

ص: 455

بفوق دِيَةً وبِمَا يَثْبُتُ مَهْرًا حَالًّا وَمُؤَجَّلًا لَا بِعِوَضٍ عَنْ خِيَارٍ أَوْ شُفْعَةٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ وَيَسْقُطُ جَمِيعُهَا وَلَا سَارِقًا أَوْ شَارِبًا لِيُطْلِقَهُ أَوْ شَاهِدًا لِيَكْتُمَ شَهَادَتَهُ وَمَنْ صَالَحَ عَنْ دَارٍ وَنَحْوِهَا فَبَانَ الْعِوَضُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ بِهَا

قوله: (بفوق دية) قال في "المصباح": فوق: نقيض تحت، وهو ظرف مكان، يقال: زيد فوق السطح. وقد استعير للاستعلاء الحكمي، ومعناه: الزيادة والفضل، فقيل: العشرة فوق التسعة، أي: تعلو، والمعنى: تزيد عليها. وهذا فوق ذاك، أي: أفضل، وقوله تعالى:(فما فوقها)[البقرة: 26] أي: فما زاد عليها في الصغر والكبر. ومنه قوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين)[النساء: 11] أي: زائدات

إلخ، فعلم من هذا: أن ما هنا من الاستعمال المجازي، بزائد على قدر الدية. ولا تخرج في الحالين عن الظرفية. غاية الأمر أنها حقيقة تارة، ومجاز أخرى.

قوله: (وبما يثبت مهرا) وهو أقل متمول من نقد أو عوض. قوله: (عن خيار

إلخ) أي: خيار بيع أو إجارة. قوله: (وتسقط) أي: هذه المذكورات. فقوله: (جميعها) تأكيد للضمير المستتر، لا أنه فاعل، وإلا لذكر الفعل. قوله:(أو نحوها) كحيوان وكتاب. قوله: (مستحقا) أي: أو حراً. قوله: (رجع بها) أي: الدار ونحوها.

ص: 456

مَعَ إقْرَارِ وبِالدَّعْوَى وَفِي الرِّعَايَةِ: أَوْ قِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ مَعَ إنْكَارٍ وعَنْ قَوَدٍ بِقِيمَةِ عِوَضٍ وَإِنْ عَلِمَاهُ فَبِالدِّيَةِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُجْرِيَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ سَطْحِهِ مَاءً بِلَا إذْنِهِ وَيَصِحُّ صُلْحُهُ عَلَى ذَلِكَ بِعِوَضٍ فمَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ إجَارَةٌ وَإِلَّا فبَيْعٌ وَيُعْتَبَرُ عِلْمُ قَدْرِ الْمَاءِ بِسَاقِيَتِهِ

قوله: (مع إقرار وبالدعوى) هذا المذهب. قوله: (وفي الرعاية

إلخ) ذكره؛ لانفراد صاحب "الرعاية" به. قوله: (وإن علماه) أي: علم المتصالحان كونه مستحقا حال الصلح، أو كونه حرا. قوله:(فبالدية) ظاهره مع إقرار أو إنكار، والأظهر: الأول فقط. قوله: (ويعتبر علم قدر الماء بساقيته) يعني: أنه يعلم تقدير الماء بتقدير الساقية، أي: عرضا، ولا بد من معرفة طولها، وبيان موضعها في البيع، والإجارة. قوله:(وتقدير ما يجري فيه الماء) كأنه بيان لما أراده من قوله: (بساقيته) فتدبر. قوله أيضا على قوله: (ويعتبر علم

إلخ) أي: في الأولى، أي: بعلم ساقيته، أي: محل خروج الماء إلى السطح أو الأرض بأنبوبة أو نحوها، ولا بد من معرفة موضعها.

قوله: (بساقيته) أي: برؤية ساقيته. ولا بد من ذكر عرضها وطولها، كما أشار إليه فيما يأتي بقوله: (وتقدير ما يجري فيه الماء

إلخ).

ص: 457

ومَاءِ مَطَرٍ بِرُؤْيَةِ مَا يَزُولُ عَنْهُ أَوْ مِسَاحَتِهِ وَتَقْدِيرُ مَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا عُمْقِهِ وَلَا مُدَّتِهِ لِلْحَاجَةِ كَنِكَاحٍ وَلِمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ الصُّلْحُ عَلَى سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ لَا عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ مَطَرٍ عَلَى سَطْحٍ أَوْ أَرْضٍ ومَوْقُوفَةٍ كَمُؤَجَّرَةٍ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى سَقْيِ أَرْضِهِ مِنْ نَهْرِهِ أَوْ عَيْنِهِ مُدَّةً وَلَوْ مُعَيَّنَةً حرم

قوله: (لا عمقه) خلافاً "للإقناع" في الإجارة. قوله: (ولا مدته) خلافاً له أيضاً فيها. قوله: (على ساقية محفورة) أي: مدة لا تزيد على مدة الإجارة.

وأما المستعير، ففيه نظر ظاهر. قوله:(وموقوفة) أي: على معين أو غيره.

قوله: (كمؤجرة) أي: فيجوز في محفورة. قوله: (وإن صالحه على سقي أرضه

إلخ) أي: لأن الماء العد لا يملك بملك الأرض، فإن صالحه على سهم من النهر، أو العين، أو البئر كثلث ونحوه، جاز وكان بيعا للقرار، والماء تابع له. قاله في "الإقناع". قوله:(حرم) ولم يصح.

ص: 458

وَيَصِحُّ شِرَاءُ مَمَرٍّ فِي دَارٍ ومَوْضِعٍ بِحَائِطٍ يُفْتَحُ بَابًا بُقْعَةٍ تُحْفَرُ بِئْرًا وعُلُوِّ بَيْتٍ وَلَوْ لَمْ يُبْنَ إذَا وُصِفَ لِيَبْنِيَ أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ خَشَبًا مَوْصُوفَيْنِ وَمَعَ زَوَالِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بمُدَّتِهِ وإعَادَتُهُ مُطْلَقًا والصُّلْحُ عَلَى عَدَمِهَا كَعَلَى زَوَالِهِ وفِعْلُهُ صُلْحًا أَبَدًا أَوْ إجَارَةً مُدَّة مُعِينَةً وَإِذَا مَضَتْ بَقِيَ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ

قوله: (في دار) نص عليها لغلبتها لا لخصوصها. قوله: (يفتح بابا) أي: يدخل منه الغير. قوله: (موصوفين) أي: معلومين. قوله: (ومع زواله) أي: ما على العلو من بنيان أو خشب. قوله: (له الرجوع) أي: لرب البناء والخشب. قوله: (بمدته) قيده في "المغني" بما إذا كان في مدة الإجارة، وكان سقوطها لا يعود. قال في "شرح الإقناع": وعلى مقتضى ما في الإجارة: إنما يرجع إذا كان من فعل رب البيت، أو من غير فعلهما، أما إن كان من قبل المستأجر وحده، فلا رجوع له، انتهى كلامه رحمه الله. وهو الظاهر. قوله:(مطلقا) أي: سواء زال سقوطه، أو سقوط ما تحته، أو لهدمه، أو غيره. قوله:(على عدمها) أي: الإعادة. قوله: (وفعله) أي: ما تقدم من الممر، وفتح الباب بالحائط، وحفر البقعة بالأرض بئرا، ووضع البناء والخشب على علو غيره. "شرحه". قوله:(أبداً) أي: مؤبداً وهو في معنى البيع. قوله: (وإذا مضت .... إلخ) من زوائده على "الإقناع".

ص: 459

فصل في حكم الجوار

إذَا حَصَلَ فِي هَوَائِهِ أَوْ أَرْضِهِ غُصْنُ شَجَرِ غَيْرِهِ أَوْ عِرْقُهُ لَزِمَهُ إزَالَتُهُ وَضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ بَعْدَ طَلَبٍ فَلَهُ قَطْعُهُ لَا صُلْحُهُ وَلَا مَنْ مَالَ حَائِطُهُ أَوْ زَلَقَ خَشَبُهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ

قوله: (في هوائه) أي: المملوك له، هو أو منفعته. قوله:(أو أرضه) التي يملك عينها أو نفعها. قوله: (غصن) راجع إلى الهواء. قوله: (إو عرقه) راجع إلى الأرض، ففيه لف ونشر مرتب. قوله:(لزمه) أي: رب غضن أو عرق إزالته وإن لم يحصل به ضرر. قوله: (بعد طلب) قطع به في "التنقيح" خلافاً لما في "الإنصاف" وقد تبع المصنف لما في "التنقيح" كـ "الإقناع". قوله: (فإن أبى) أي: رب غصن، أو عرق، إزالته، لم يجبر؛ لأن حصوله ليس من فعله. قوله:(فله قطعه) إن لم يزل إلا به، فإن أمكن أزالتها، أي: الأغصان بلا إتلاف، ولا قطع من غير مشقة، ولا غرامة، مثل أن يلويها ونحوه، لم يجز له إتلافها، فإن فعل إذن ضمن، قاله في "الإقناع".

ص: 460

عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ وإن اتفقا أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُ أَوْ بَيْنَهُمَا جَازَ وَلَمْ يَلْزَمْ وَحَرُمَ إخْرَاجُ دُكَّانٍ ودَكَّةٍ بنَافِذٍ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ وَكَذَا جَنَاحٌ

قوله: (عن ذلك) أي: بقائه كذلك، قوله:(بعوض) لأن شغله لملك الآخر لا ينضبط. قوله: (ولم يلزم) أي: فلكل منهما فسخه متى شاء، وصحة الصلح هنا مع جهالة العوض وهو الثمرة، خلاف القياس، لخبر مكحول يرفعه:"أيما شجرة ظللت على قوم، فهم بالخيار من قطع ما ظلل، أو أكل من ثمرها"، فإن مضت مدة ثم امتنع رب الشجرة من دفع ما صالح به من الثمرة، فعليه أجرة المثل، هذا في الأغصان، وأما العروق، فإنها لا ثمر لها، لكن إن اتفقا على أن ما نبت من عروقها لصاحب الأرض، أو جزءا معلوما منه، صح جائزاً لا لازما، كما في "الإقناع". قوله:(وكذا جناح) ويقال له الروشن: بناء يوضع على أطراف خشب أو حجر مدفون في الحائط. والساباط، هو: سقيفة بين حائطين تحتها طريق. والدكان والدكة بفتح دالها وضم داله: بناء يسطح أعلاه للجلوس عليه، كما في "القاموس"،

ص: 461

وسَابَاطٌ وَمِيزَابٌ إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ بِلَا ضَرَرٍ بِأَنْ يُمْكِنَ عُبُورُ مَحْمَلٍ

ولذا قال في "الإقناع": الدكان: هو الدكة. وفي"القاموس" في محل آخر: الدكان، كرمان: الحانوت.

قوله: (إلا بإذن إمام أو نائبه) أي: في الثلاثة، ولذلك فصلها بقوله:(وكذا). قوله: (بأن يمكن

إلخ) أي: انتفاء الضررفي ثلاثة؛ بأن يمكن

إلخ، ولو كان الطريق منخفضا وقت وضع الساباط، بحيث لا ضرر فيه إذ ذاك، ثم ارتفع الطريق على طول الزمان، وجب على ربه إزالته إذا حصل منه ضرر. قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى. قال: ومن كانت له ساحة يلقى فيها التراب والحيوان الميت، وتضرر الجيران بذلك، فإنه يجب على صاحبها أن يدفع ضرر الجيران، إما بعمارتها، أو بإعطائها لمن يعمرها، أو بأن يمنع أن يلقى فيها ما يضر بالجيران، وقال: لا يجوز لأحد أن يخرج في طريق المسلمين شيئا من أجزاء االبناء، حتى إنه ينهى عن تجصيص الحائط إلا أن يدخل في حده بقدر غلظ الجص. انتهى. نقله في "الإقناع"، ومتى وجد خشبه، أو بناءه، أو مسيل مائه ونحوه من جناح، وساباط في حق غيره، ولم يعلم سببه، فهو له؛ لأن الظاهر وضعه بحق، فإن اختلفا، فقول صاحب نحو الخشب؛ أنه وضعه بحق من يمينه. "إقناع". قوله:(محمل) كمجلس ومقود.

ص: 462

وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ هَوَائِهِ أَوْ دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ وفَتْحِ بَابٍ فِي ظَهْرِ دَارٍ فِيهِ لِاسْتِطْرَاقٍ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَوْ أَهْلِهِ وَيَجُوزُ لِغَيْرِ اسْتِطْرَاقٍ وفِي نَافِذٍ وصُلْحٌ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ ونَقْلُ بَابٍ فِي غَيْرِ نَافِذٍ إلَى أَوَّلِهِ بِلَا ضَرَرٍ كَمُقَابَلَةِ بَابِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ لَا إلَى دَاخِلٍ إنْ لَمْ يَأْذَنْ مَنْ فَوْقَهُ ويَكُونُ إعَارَةً وَمَنْ خَرَقَ بَيْنَ دَارَيْنِ لَهُ مُتَلَاصِقَيْنِ بَابَاهُمَا فِي دَرْبَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ وَاسْتَطْرَقَ إلَى كُلٍّ مِنْ الْأُخْرَى جَازَ وَحَرُمَ أَنْ يُحْدِثَ بِمِلْكِهِ

قوله: (ويحرم ذلك

إلخ) أي: إخراج المذكورات. قوله: (عن ذلك) أي: المذكور من الخمسة في ملك غيره، ومن الاستطراق في غير نافذ. قوله:(في غير نافذ) أي: في درب غير نافذ. قوله: (إلى أوله) أي: الدرب. قوله: (ونحوه) كفتحه عاليا يصعد إليه بسلم، يشرف منه على دار جاره. قوله:(ويكون إعارة) أي: لازمة بعد فتحه ما دام مفتوحاً. قوله: (وحرم أن يحدث

إلخ) علم منه: أنه لو كان هذا الذي حصل منه الضرر سابقا على ملك الجار، مثل من له في ملكه مدبغة ونحوها، فأحيا إنسان إلى جانبه مواتاً، أو بنى جانبه داراً قال في "شرح الإقناع" قلت: أو اشترى

ص: 463

مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ كَحَمَّامٍ وَكَنِيفٍ وَرَحًى وَتَنُّورٍ وَلَهُ مَنْعُهُ إنْ فَعَلَ كَابْتِدَاءِ إحْيَائِهِ

دارًا بجانبه، بحيث يتضرر صاحب الملك المحدث بذلك المذكور من نحو المدبغة، لم يلزمه إزالة الضرر، صرح به في "الإقناع"، قال: وليس له منعه من تعلية داره، ولو أفضى إلى سد الفضاء عنه، أو خاف نقص اجرة داره، وإن حفر بئرا في ملكه، فانقطع ماء بئر جاره، أمر بسدها، فإن عاد ماء الأولى، وإلا كلف ربها بحفر الثانية، ولو ادعى أن بئره فسدت من خلاء جاره، أو بالوعته، والبئر أقدم منهما، طرح فيهما نفط، فإن ظهر في البئر طعمه أو ريحه، كلف تحويلهما إن لم يكن إصلاحهما بنحو بناء يمنع وصوله إلى البئر، وإلا فلا.

قوله: (ما يضر

إلخ) بضم الياء، قال في "المصباح": ضره يضره، من باب قتل: إذا فعل به مكروها، وأضر به، يتعدى بنفسه ثلاثيا وبالياء رباعيا. انتهى. قوله:(كحمام) يتأذى بدخانه. قوله: (وكنيف) أي: يتأذى بريحه. قوله: (ورحى) أي: يهتز بها حيطانه. قوله: (وتنور) أي: يتعدى دخانه إليه، ودخان حدادة. قوله:(إن فعل) ويضمن من أحدث بملكه ما يضره بجاره ما تلف به؛ لتعديه. قال في "الإقناع". قوله: (كابتداء) أي: كما له منعه من ابتداء إحياء ما بجواره: لتعلق مصالحه به.

ص: 464

وَكدَقٍّ وَسَقْيٍ يَتَعَدَّى بِخِلَافِ طَبْخٍ وَخَبْزٍ فِيهِ وَمَنْ لَهُ حَقُّ مَاءٍ يَجْرِي عَلَى سَطْحِ جَارِهِ لَمْ يَجُزْ لِجَارِهِ تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ لِيَمْنَعَ الْمَاءَ أَوْ ل يَكْثُرَ ضَرَرُهُ وَيَحْرُمُ تَصَرُّفٌ فِي جِدَارِ جَارٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ بِفَتْحِ رَوْزَنَةٍ أَوْ طَاقٍ أَوْ ضَرْبِ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ إلَّا بِإِذْنِ وَكَذَا وَضْعُ خَشَبٍ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفٌ إلَّا بِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَيُجْبَرُ إنْ أَبَى وَجِدَارُ مَسْجِدٍ كدَارٍ

قوله: (وكدق) كقصارة. قوله: (ليمنع الماء) أي جريانه. قوله: (روزنة) الروزنة: الكوة، كما في "القاموس". والكوة تضم وتفتح: الثقبة في الحائط، وجمع المفتوح على لفظه: كوات كحبة وحبات، وكواء أيضاً، مثل ظبية وظباء، وركوة وركاء، وجمع المضموم كوى، مثل مدية ومدى، وعينها واو، وأما لامها، فقيل: واو وقيل: ياء، والكو لغة أيضا. قاله في "المصباح".

قوله: (وكذا وضع خشب) أي: فلا يجوز بغير إذن، وبه تصير لازمة.

قوله: (ويجبر إن أبى) ولو كان الحائط لنحو يتيم. وإن صالحه عنه بشيء،

ص: 465

وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ ويُسْنِدَ قُمَاشَهُ وَجُلُوسَهُ فِي ظِلِّهِ ونَظَرُهُ فِي ضَوْءِ سِرَاجِ غَيْرِهِ وَإِنْ طَلَبَ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ أَوْ سَقْفٍ انْهَدَمَ شَرِيكَهُ أُجْبِرَ كَنَقْضِهِ عِنْدَ خَوْفِ سُقُوطِ أَخَذَ حَاكِمٌ مِنْ مَالِهِ أَوْ بَاعَ عَرْضَهُ وَأَنْفَقَ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَنَاهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ حَاكِمٍ أَوْ لِيَرْجِعَ شَرِكَةً رَجَعَ ولِنَفْسِهِ بِآلَتِهِ فشَرِكَةٌ وبِغَيْرِهَا فلَهُ وَلَهُ نَقْضُهُ لَا إنْ دَفَعَ شَرِيكُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ

جاز حتى في الحالة التي يجب فيها التمكين.

قوله: (وإن طلب شريك) يعني: في طلق أو وقف. "شرح". قوله: (كنقض عند خوف سقوط) أي: فيجبر الممتنع من النقض. قوله: (ليرجع شركة) يعني: إذا بنى أحد الشريكين بدون إذن الحاكم والشريك مع امتناع الشريك وتعذر إجباره، أو أخذ شيء من ماله، ونوى الرجوع، فإنه يرجع إذن. نقله في الحاشية عن "تصحيح الفروع". قوله:(وله) أي: الباني لا شريكه.

ص: 466

وَكَذَا إنْ احْتَاجَ لِعِمَارَةِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ نَاعُورَةٍ أَوْ قَنَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ وَلَا يُمْنَعُ شَرِيكٌ مِنْ عِمَارَةِ فَالْمَاءُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ بَنَيَا مَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالنَّفَقَةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْمِلُهُ مَا احْتَاجَ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ وَصَفَا الْحَمْلَ وَإِنْ عَجَزَ قَوْمٌ عَنْ عِمَارَةِ قَنَاتِهِمْ أَوْ نَحْوِهَا فَأَعْطَوْهَا لِمَنْ يُعَمِّرُهَا وَيَكُونُ مِنْهَا جُزْءٌ مَعْلُومٌ صَحَّ

قوله: (أو دولاب

إلخ) قال في "المصباح": الدولاب: المنجنون التي تديرها الدابة، فارسي معرب، وقيل: عربي، وفتح الدال أفصح من الضم، ولهذا اقتصر عليه جماعة، والناعورة: المنجنون التي يديرها الماء، سمي بذلك لنعيره، والجمع نواعير، وهو من نعرت الدابة تنعر -من باب قتل- نعيراً: صوتت. انتهى. فقد علمت أن المنجنون يشمل النوعين. فتدبر. قوله: (على الشركة) وفي الرجوع بالنفقة ما سبق من التفصيل. قوله: (كذلك) أي: نصفان. قوله: (لم يصح) أي: الصلح في المسألتين، أما في الأولى، فلأنه يصالح عن بعض ملكه ببعض، وأما في الثانية، فلجهالة الحمل، وكونه لا ينضبط.

ص: 467

وَمَنْ لَهُ عُلُوٌّ أَوْ طَبَقَةٌ ثَالِثَةٌ لَمْ يُشَارِكْ فِي بِنَاءِ مَا انْهَدَمَ تَحْتَهُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ مَالِكُهُ وَيَلْزَمُ الْأَعْلَى سُتْرَةٍ تَمْنَعُ مُشَارَفَةَ الْأَسْفَلِ اشْتَرَكَا وَمَنْ هَدَمَ بِنَاءً لَهُ فِيهِ جُزْءٌ إنْ خِيفَ سُقُوطُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ إعَادَتُهُ

قوله: (تحته) لعدم ملكه لشيء منه. قوله: (مالكه) أي: ليتمكن رب العلو من انتفاعه به. قوله: (فلا شيء عليه) بل له الرجوع بأجرة مثل النقص، إن نوى الرجوع.

قوله: (وإلا لزمته إعادته) مقتضى القواعد: أنه يضمن أرش نقص حصة شريكه. قاله في "شرح الإقناع"، لكن ما ذكره المصنف كـ "الإقناع"، هو ما جرى عليه الأصحاب.

ص: 468